الشعر العربي القديم والحديث
الشعر العربي القديم والحديث، في زمنٍ بعيدٍ كان هناك بوادر لظهور فن من أروع الفنون الأدبية على الإطلاق، ألا وهو: الشِعْر العربي، فهذا الفن بعد ظهورِه أصبح له مكانة ثابتة لا تتزعزع ولا تضاهيها مكانة على مر الزمان، فقد بدا وكأنه شكل من أشكال الحياة.
التي حرص فيها الأديب أو الشاعر أن يعبّر فيها عن أفكارِه التي تدور بذهنه، وعواطفه، ومشاعره، وأحاسيسه التي يكنها بداخله.
فينتج لنا روائع خالدة من الكلمات الجميلة المتسقة التي ترتاح وتطرب لها الآذان، وفي هذا المقال سنحاول جاهدين أن نرد على كل الأسئلة التي تتعلق بهذا الفن قديمًا وحديثًا.
محتويات المقال
ما هو الشعر العربي؟
- يحظى الشعر العربي بمكانة مهمة في التاريخ الأدبي، فهو من الفنون الأدبية ذات الأهمية الخاصة عند العرب.
- ومنذ أن بدأ ظهورِه في العصر الجاهلي مرورًا بكل تلك العصور (عصر صدر الإسلام، العصر الأموي، العصر العباسي، عصر الانحطاط، عصر النهضة، وحتى العصر الحديث).
فقد تم تعريفه من قِبَلْ شُعرَاء عِدَّة، وكلٌّ حسب رؤيتِه:
شاهد أيضًا: أحد أشكال الشعر وأنواعه في اللغة العربية
ابن سيرين:
- إن مفهوم الشِعر عند ابن سيرين هو ذلك الكلام الذي يقوم الشاعرُ بعَقدِه بالقافية.
الجاحظ:
- فقد كان الشعر العربي من أهم دواوين العرب قديمًا، حيث ارتكز في العصر الجاهلي على الشعر الموزون والكلام ذات القافيّة المُوحدة.
ابن طَباَطَبَا العلوىّ:
- فالشعر بالنسبة لابن طَبَاطَبَا، هو ذلك الكلام المنظوم والذي يختلف كُل الاختلاف عن الكلام المنثور.
الرماني:
- فقد قال الرماني أن الشعر يجب أن تكون كلماتُه موزونة، وذات قافيّة شعرية مُتجانسة ومُتناغمة، ومع ذلك فقد صرَّحَ أيضًا أن غياب كلٍ من (الوزن، والقافية) يُفقِد للشِعر رونقُه.
أبو العلاء المعري:
- اتفق أيضًا المعري مع من سبقه من الشعراء، والأدباء، فالشعر بالنسبةِ له هو ذلك الكلام الموزون، وفي أغلب الأحيان محبب للنفوس وتتقبله غريزة الإنسان.
التبريزي:
- بالنسبةِ للتبريزي فالشِعرُ ما هو إلا عبارات منظومة، تسوق الكاتب أو السامع إلى ألفاظ ذات معاني واضحة ومفهومة.
أبو الحسن العامري الفيلسوف:
- فقد عُرِفَ مفهوم الشِعر عند العامري بتلك الكلمات التي تتركب من الحروف، والتي لابد وأن تكون ساكنة أو متحركة.
- وعبارات وتراكيب ذات قوافي تسيرُ على نهجٍ واحد؛ مما تُعطي معاني مميزة ومتجانسة تقع لآذان السامع وكأنها إيقاع موسيقي.
ابن رشيق:
- يقول ابن رشيق بأن الشعر قائم على أساسات أربع وهي (اللفظ، الوزن، المعنى، القافية)، إذا تحققت هذه الأركان الأربعة صار هذا النص نصٌّ شِعرِّي.
ومما سبق فقد لمسنا تعدُد مفاهيم الشِعر العربي عند الكثيرِ من الشُعراء العرب، ولكن جميعهم اتفقوا على وجود الأساسات الأربعة (اللفظ، الوزن، المعنى، القافية)، والتي يجب أن تتوافى في النص الشعري.
اخترنا لك: كم عدد بحور الشعر العربي ومن واضعها
الشعر العربي القديم
- مُنْذُّ العصور القديمة، وقد كان ارتباط الشعر العربي بالأعمال الجماعية مثل (رحلات الصيد، التقاط الثمار…إلخ.).
- فأدت هذه التجمعات إلى ظهور الأغاني البدائية، وكانت الإيقاعات الشعرية المُنظمة نابعة من العمل الجماعي.
- والذي يستلزمُ إيقاعًا محددًا وأصواتًا وعبارات تعملُ على تنظيم وحدة العمل.
تعريف الشعر العربي القديم
- يمكننا تعريف الشعر القديم بأنه أول النصوص الأدبية الشعرية، التي تمت كتابتها باللغة العربية وحدث ذلك في العصر الجاهلي ومن بعده العصور الإسلامية.
- وقد ذكر فقدان (عدم تواجد) معظم الأشعار التي تمت كتابتها في تلك الآونة.
- ففي تلك الفترة كان أكثر تركيزهم على الحفظ لا على التدوين، إلا أن النصوص الشعرية.
- التي تم العثور عليها كانت تعد أبلغ وأرقى قيمةً من الشِعر الذي كتب بعد ذلك.
- والجدير بالذكر أن الشعر العربي كان مصدرًا أساسيًا؛ لاستنباط القواعد النحوية والتراكيب والعبارات البلاغية، وذلك بالطبع بعد القرآن الكريم.
خصائص الشعر العربي
- توحيد وتجانس وتناغم الوزن والقافية.
- استعمال العبارات والتراكيب القوية.
- احتواء النصوص على التعابير المترابطة المتينة.
- وجود أنواع مختلفة من البديع كالمجاز والاستعارات بأنواعها.
- شيوع مواضيع الوعظ والحكمة.
- ميل المواضيع الشعرية إلى البساطة والبُعد عن الغموض.
ومن أشهر الشعراء الذين كانوا لهم باعًا كبيرًا في الشعر العربي القديم (إمرؤ القيس، زُهير بن أبي سلمى، الأعشى، النابغة الذبياني، عمرو بن كلثوم).
وأيُّ شيءٍ لا يعتريه التغيير، فكان ولا بُدَّ أن ينال هذا الفن نصيبه من التغيير والتطوير، الذي يحدُث لأي شيّءٍ على مر الزمان.
فهذا الفن من الفنون التي تتسم بالمرونة، وقابليّته للتكيُّف مع تطورات الحضارات فهو ليس بالفن الجامد الذي لا يتغير، بل تطرأ له الكثيرُ من التطورات؛ وذلك بتغيُّر الشعراء وثقافاتِهم وبيئاتِهم وشخصياتِهم.
شاهد أيضًا: أفضل ما قاله الشعراء عن المملكه العربيه السعوديه بالفصحي
الشعر العربي الحديث
- لا شك أن فصاحة اللسان هي الصفة الطاغية على شعراء العرب منذ القِدَم، فقد تميز هؤلاء الشعراء بقدرتهم الفريدة على التصوير التعبيري المميز.
- والذي لا يوجد عند غيرهم من الشعراء، مما ساهم هذا في استمرار وتطور هذا الفن من العصر الجاهلي وحتى العصور الحديثة.
- ففي العصر الحديث اختلفت بعض معايير وأساسيات النصوص الشعرية، والتي سنتطرق لها في الفقرة القادمة.
خصائص الشعر العربي الحديث
في النصفِ الثاني من القرن التاسع عشر بدأت النهضة الفعلية للشعر العربي، وذلك بعد فترة من الركود أصابته، فظهر لنا بعضُ السمات والخصائص الجديدة مثل:
- الإقلال من المواضيع التي تتسم بالتفاخُر الشخصي.
- الاعتماد على الكلمة ودورها في نهضة البلاد، حيث زادت المواضيع التي تتحدث عن الثقة بالنفس، وآمال وتطلعات الإنسان العربي.
- عدم الالتزام بالقافية الموحدة.
- الاعتماد على الخيال بشكلٍ كبيرٍ.
- ظهور خصيصة جديدة في هذا الشعر تعتمد على “الرمز”.
- بدا وكأنه وسيلة لتعبير الإنسان عن أفكاره، ومشاعره بدقة.
- طغت ظاهرة التنوع على الشعر العربي الحديث، فقد زادت فنونه، وألوانه، وأغراضه.
تطور الشعر العربي
- تلت فترة الركود التي أصابت الشعر العربي، عملية إحياء وبَعث من جديد كانت بمثابة حبوب اليقظة لإحياء التراث والثقافات مرة أخرى.
- فقد كانت هذه الحركة على يد كلٍ من (جميل صدقي الزهاوي، ابن عثيمين، جبران خليل جبران، مطران خليل، حافظ إبراهيم، أحمد شوقي، معروف الرصافي، محمود سامي البارودي، وغيرهم الكثير).
ومن أهم الأسباب التي دعتهم للتغيير والتطوير هي:
- اليقظة الفكرية: وساعد في ذلك وجود التعليم في أغلب المدن آنذاك.
- العودة إلى التُراث.
- الاطلاع على الثقافات الغربية.
- التواصل مع الغرب من أجل عملية الترجمة والنشر، مما ساهم هذا في تبادل الثقافات والخبرات.
- مواجهة الاستعمار.
وكان يتم تصنيف الشعر الحديث إلى صنفين هما:
- حسب الأسلوب: وذلك مثل الشعر الحر، والشعر المرسل، وشعر الحداثة.
- حسب الاجيال: وذلك مثل (شعر التسعينات، شعر الثمانينات، إلخ…).
ومع كل هذه التطورات والتغييرات التي طرأت على الشعر العربي ظهرت العديد من المدارس، كل شاعر حسب المنهج الذي سلكه مثل:
مدرسة الإحياء:
- فقد كان محمود سامي البارودي أحد روادها.
مدرسة التجديد:
- حيث كان الأديب محمود العقاد أحد روادها، وعاب العقاد على مدرسة الإحياء بسبب تكلفها الزائد في الألفاظ الشعرية.
مدرسة أبوللو:
- فقد سلكت هذه المدرسة الاتجاه الرومانسي الذي يَغلُب عليه نزعة التشاؤم والحزن، ومن أهم رواد هذه المدرسة أحمد زكي أبو شادي.
شاهد أيضًا: موضوع تعبير عن الشعر العربي
مدرسة الشعر الحر:
- فقد تحررت هذه المدرسة من جميع القيود التي وضعتها كل المدارس السابقة.
- فقد تناولت الشعر بلا وزن ولا قافية لذا في بداية الأمر واجهت العديد من الانتقادات الأدبية السلبية.
- ولكن بعد ذلك أصبح شعرها أكثر أنواع الشعر العربي تداولًا.
- هكذا تعددت أغراض الشعر قديمًا وحديثًا، ومن أغراضه (الهجاء، المديح، الفخر، الرثاء).
- بالإضافة إلى استحداث بعض الفنون الشعرية مثل: (الموشح، الدوبيت، المواليا، الزجل، علم العروض).
- حقًا إن أمتنا ولغتنا العربية مصدر فخرٍ لنا جميعًا نحن العرب، فالشعر العربي يعد ديوانا بل موروثًا غنيًا لكل عربي، فعلينا أن نتباهى بتلك اللغة لغة الضاد لما فيها من عبارات جزلة وتراكيب لغوية متينة ورصينة.
- ولكن ها هنا نحن أهملنا كل تلك الغنائم اللغوية وأصبحنا نلهث وراء تلك الكلمات المشتتة، والتي باتت تفقدنا هويتنا اللغوية، ولا تحترم آذان السامعين وعقولهم.
- هكذا نأمل أن نعود إلى ضوابط لغتنا الجميلة، وأن نلتزم بقوانين القصيدة العربية حتى نعيد إحياء تراثنا الغني مرةً أخرى.