تفسير: ونزعنا ما في صدورهم من غل
تفسير: ونزعنا ما في صدورهم من غل، موقع مقال maqall.net يقدم لكم هذا الموضوع، حيث أن هذه آية من كتاب الله العزيز نتعرف في هذا المقال على مواضع ذكرها وتفسيرها وما يتعلق بها.
محتويات المقال
ونزعنا ما في صدورهم من غل
- ذكر قوله عز وجل “ونزعنا ما في صدورهم من غل” مرتين في كتاب الله؛ مرة في سورة الأعراف والأخرى في سورة الحجر.
- فأما آية الأعراف فيقول الله تعالى فيها “وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ
- وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” الأعراف
- وأما آية الحجر فيقول الله تعالى فيها “وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ” الحجر
اقرأ أيضا: ما هي الآية التي ذكرت فيها أليس الله بكاف عبده ؟
سبب نزول: ونزعنا ما في صدورهم من غل
- يقول أهل العلم بالتفسير أن هذه الآية نزلت بسبب أبي بكر الصديق وعلي ابن أبي طالب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين.
- حيث كان بين هؤلاء الثلاثة غل وبغض في الجاهلية.
- وهذا الغل سببه خلاف بين القبائل التي ينتمون لها بني هاشم وعدي وبني تميم.
- فلما أسلم أبو بكر وعلي وعمر أصبحوا إخوانا وأحباء وزال هذا الغل من قلوبهم بفضل من الله تعالى.
- حتى أن أبا بكر رضي الله عنه لما أخذته الخاصرة.
- كان علي رضي الله عنه يسخن يديه ليكوي بها خاصرته.
- فانتقلوا من شدة الغل بسبب العصبية القبلية إلى أوثق عرى الإسلام
- وهي الحب في الله والبغض في الله فرضي الله عنهم أجمعين.
تفسير: ونزعنا ما في صدورهم من غل في سورة الأعراف
- يخبر الله تعالى أنه أخرج الغل من قلوب المذكورين في الآيات وهم أهل الجنة، فلم يبق في قلوبهم حقدا ولا غلا ولا بغضا ولا حسدا.
- وكل ذلك لا ينبغي أن يكون بين المؤمنين فأخرجه الله من قلوبهم في الدنيا عندما أسلموا ثم يوم القيامة يأتون بقلوب سليمة صافية.
- ولهذا كان قول أهل الإيمان في كل وقت “رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا” الحشر
- ثم قال تعالى “تجري من تحتهم الأنهار” أي لما كانوا مجتمعين ومتآلفين تمتعوا بنعيم الجنة وأنهارها وهي تجري من تحتهم.
- ثم قال تعالى “وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله”.
- أي أنهم لما رأوا ما هم فيه من نعيم ذكرهم ذلك بتفضل الله عليهم.
- فبالغوا في الثناء عليه وشكره على منحهم ثواب هدايتهم في الآخرة.
- وعلى تيسير الهداية لهم في الدنيا فمنحهم بذلك كل أنواع الهدايات.
- والهداية أربعة أنواع؛ هداية عامة يهدي الله عز وجل بها كل مخلوق من المخلوقات إلى ما فيه نفع له.
- وذلك كالتقام الرضيع لثدي أمه قال تعالى “قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أعطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى” طه 50، وقال “وَالّذِي قَدَّرَ فَهَدَى” الأعلى
- وهداية إرشاد ودلالة وهذه كفلها الله عز وجل لعباده بأن أرسل لهم رسلا توضح لهم كيف يتعبدون إلى الله ليفوزوا بجنته.
- وأنزل عليهم الكتب التي يحفظ فيها العلم وأحكامه، قال تعالى “إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” الرعد
- وهداية التوفيق والعون من الله للعبد الذي استجاب للرسل وصدق.
- وهي التي نطلبها من الله عز وجل في كل صلاة “اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ” الفاتحة
- ومن هدايتهم في الآخرة أن يعرفهم الله عز وجل منازلهم في الجنة.
- قال تعالى ” وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ” محمد.
- وقال صلى الله عليه وسلم “فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ بمَسْكَنِهِ في الجَنَّةِ أدَلُّ بمَنْزِلِهِ كانَ في الدُّنْيَا” صحيح البخاري
- ثم قال تعالى في آية الأعراف “لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون”
- أي أن أهل الجنة لما رأوا وعاينوا النعيم علموا وترقوا في مراتب.
- اليقين من علم اليقين إلى عين اليقين بأن رسلهم جاءوهم بالحق.
- فكما صدقوهم واتبعوهم ونصروهم في الدنيا ها هم نالوا ما وعدوا به في الآخرة من أنواع النعيم.
تفسير “ونزعنا ما في صدورهم من غل” في سورة الحجر
- كما في آية الأعراف يخبرنا تعالى بنزع الحقد والغل والحسد من قلوب أهل الإيمان تجاه بعضهم البعض.
- ثم قال بعد ذلك “إخوانًا على سرر متقابلين” فأضاف تعالى لهم.
- وصف الأخوة لأنه لما زال الغل من صدورهم صاروا كالإخوة بل أشد.
- وهؤلاء الإخوة تكون منازلهم في الجنة عالية ويجعل الله لهم من النعيم الاجتماعي ما يجمعهم ببعض على سرر متقابلة.
- حيث يحادث بعضهم بعضا، وهذه المجالس تكون من أشد أنواع النعيم حلاوة ففيها يأنس بعضهم ببعض.
- كما أنهم يرون كم كانت سلامة قلوبهم في الدنيا التي هي بفضل الله وكرمه عليهم سبب نعيم كبير في الآخرة.
كما يمكنكم التعرف على: تفسير: ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك مكتوبة
فوائد من “ونزعنا ما في صدورهم من غل”
- أول فائدة أن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء سبحانه فلو لم ينزع الله الغل من صدورهم ما كان أحد يستطيع فعل ذلك.
- وقد امتن الله على المؤمنين بذلك، قال تعالى “وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا” آل عمران
- كما نستفيد أيضا أن صفاء القلب من نعيم الجنة وقد يثاب العبد بتعجيله له في الدنيا لكن هذا يحتاج إلى مجاهدة وصبر.
- ومن الفوائد أن يتعلم المسلم الدعاء بسلامة الصدر تجاه إخوانه المؤمنين.
- فلا يحمل غلا لأحد منهم بل يحسن الظن بهم.
- كما أنه يتجاوز عن بعض سيئاتهم في حقه رجاء ما عندهم من خير.
- وإيمان ورجاء ما عند الله من نعيم لذوي القلب السليم.
وقفات تدبرية مع “ونزعنا ما في صدورهم من غل”
- من تدبر الآية نجد أن الله تعالى قال “ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا”.
- وهذا يشير إلى العلاقة بين صفاء القلب والأخوة.
- حيث أنه كلما زاد صفاء القلب وسلامته كلما زادت عرى الأخوة وزاد عمقها وتجذرت أواصرها في القلوب.
- ومن الوقفات أيضا مع هذه الآية أن الله عز وجل جعل سلامة الصدر من نعيم الجنة في الآخرة،
- فنستنبط أن من كان صدره سليما في الدنيا فهو في نعيم يشبه نعيم أهل الجنة وعجل له شيء من النعيم في دنياه.
- كما أن هذه الآية دليل للمصلحين عندما يختلفون في الفكر مع غيرهم من المسلمين.
- فيحاولون التقريب والتواد ليكونوا من أهل هذه الآية.
- ولا يعادون أحدا من أهل الإيمان بل يأخذون ما اشترك بينهم وهو الأغلب والأعم ويتركون مواضع الخلاف.
- ومن تدبر الآية أيضا في قوله “ونزعنا” أن الحقد يشبه السم إذا دخل الجسد لا يخرج منه بسهولة.
- فيحتاج الاستعانة بالله القوي سبحانه.
- وفي قوله “الذي هدانا لهذا” جرب أن تحلق بقلبك وتخيل عندما تكون في الجنة.
- لتشير إلى ملكك ومنزلك وتقول عنه “هذا”.
- وفي قوله “وقالوا الحمد لله” إشارة إلى أهمية حمد الله عز وجل باللسان، فالحمد يكون بالقلب واللسان والجوارح.
كما يمكنكم الاطلاع على: سبب نزول سورة الحشر وسبب تسميتها
وهكذا طفنا في رحاب “ونزعنا ما في صدورهم من غل” مواضعها وتفسيرها فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل سلامة الصدر وصفاء القلب.