ما هي مسؤولية الإنسان في الكون؟
ما هي مسؤولية الإنسان في الكون، تتحدد بالنظر لقدرات الفرد وكفاءته، فهي ليست قاصرة على الأشخاص الكبار دون الصغار أو لأصحاب المكانة العالية دون غيرهم فالمسؤولية لم تخلق هباءً وإنما خلق الإنسان لها.
محتويات المقال
ما هي مسؤولية الإنسان في الكون؟
- من بداية الكون مكّن الله الإنسان من طريقة مناسبة للتعايش مع البيئة الكونية المحيطة به، بحيث تتوافق أفكاره ومعتقداته مع المزايا الكونية ومنافعها.
- ولقد وضع الله الإنسان تحت مسؤولية كبيرة منذ هبط إلى الأرض، بحيث تتحدد تلك المسؤولية على حسب تلك الأفكار والمعتقدات.
- وبهذا يمكن تعريف المسؤولية على أنها تكليف الفرد بأداء عملٍ ما، بشرط أن كل ما يترتب على هذا العمل يكون من ضمن مسؤوليته أيضًا.
- بمعنى إذا كان الإنسان مسؤولًا عن تعليم فرقة دراسية معينة، نجد أن المسؤولية العامة له هي تعليمهم بينما يكون هذا الإنسان مكلف أيضًا بنواتج هذا التعليم.
- حدد الدين الإسلامي ما هي مسؤولية الإنسان في الكون بأنها ليست قاصرة على الفعل فقط، بل إن الكلمة التي ينطق بها تعتبر مسؤولية كما قال تعالى (وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)
- فالإنسان قادر على السيطرة على كلمته ما لم تخرج من فمه، فعليه قبل أن يخرجها أن يفكر بها ويعرف ما إذا كان تأثيرها سلبي أم إيجابي في نفس المخاطب.
اقرأ من هنا عن: موضوع تعبير عن الحرية والمسؤولية بالعناصر والافكار
الإنسان بين مسؤولية التسخير وأمانة الخلافة
- أراد الله للإنسان أن يتأمل في مخلوقاته ليعرف ماهية الكون ويتوصل إلى قوانينه التي تجعله على دراية بكافة الموجودات ليسخر كل شيء لمنفعته، وهذا ما تعنيه مسؤولية التسخير.
- ولذلك نرى أن مسؤولية التسخير قد وقعت على عاتق الإنسان منذ الأزل عندما وافق على التكليف بمسؤولية الأمانة التي لم ترتضي السماوات والأرض والجبال أن تحملها.
- وبالتالي سوف يحاسب الإنسان على تلك المسؤولية وسيتم سؤاله عن تلك الموجودات لأنه تميز عنها وصارت تحت سلطته ويسخرها بإرادته فصار على استحقاق بحمل أمانة الخلافة.
- ومع ذلك لا يمكن القول إن علم الإنسان وإدراكه هو الذي جعل الكون مسخرًا له، ولكن المشيئة الإلهية هي التي تدخلت لأن الكون من مخلوقات الله، ولأن الله أراد الإنسان أن يكون سببًا في إعماره.
مسؤولية الإنسان الأولى
- منذ بدء الخليقة وقع على عاتق الإنسان مسؤولية كبيرة متمثلة في تعمير الأرض والمحافظة عليها حسب المشيئة الإلهية.
- ولقد كرّم الله الإنسان ووهبه عقلًا يستطيع به إدراك مسؤولياته واختيار العمل بها أو تركها، ويترتب على هذا الاختيار عواقب المكسب أو الخسارة.
- يعتبر الإنسان مسؤولًا طوال فترة حياته، حيث تتمثل تلك المسؤولية في عمله الدنيوي الذي سيجني ثماره يوم المحشر كما قال الله تعالى (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ)
- وقول الله تعالى (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا) تأكيد على مسؤولية الإنسان الأولى تجاه الكون، فهو مؤتمن بشكل عام على إصلاح وتعمير الكرة الأرضية، ولاستبعاد فكرة تحمل المسؤولية لفرد دون الآخر.
كلكم راعٍ وكلكم مسؤول
- في هذا الحديث الشريف يؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم على أهمية اتباع المسؤولية عندما جمع بين كلمتيّ الرعاية والمسؤولية.
- كما أكد رسول الله على عدم استثناء أحد من تلك المسؤولية بتكرار كلمة كلكم، فلا يستطيع أحد التنصل من تلك المسؤولية إلا لوجود أسباب اضطرارية.
- وهكذا تم نفي الفكرة الشائعة لدى البعض أن الرئيس فقط هو المسؤول أو أن تلك المسؤولية لا تنطبق على الصغار، فالكل عليه مسؤولية ملائمة لقدرته ومكانته ومهارته.
- كذلك يجب على الجميع أن يكونوا على يقين ما هي مسؤولية الإنسان في الكون وأنه بدون تحديد مسؤولية كل فرد سوف يتهرب الجميع من أداء تلك المسؤولية ويعتمدون على غيرهم.
- عند النظر إلى اشتمال المسؤولية للجميع، نجد أن تلك المسؤولية تنقسم إلى جماعية أو عامة وفردية، فالمسؤولية العامة يكلف بها الجميع فإذا قام بها البعض تسقط عن الباقين.
- في حين أنه إذا أهمل الجميع في أدائها أو لم يتم إنجازها كما ينبغي فالجميع يحاسب عليها، والغرض من ذلك هو قضاء الاحتياجات الضرورية للجميع دون تجاهل من أحد.
- أما المسؤولية الفردية في الإسلام مخصصة لكل شخص بمفرده ولا يقوم أحد بها نيابةً عنه، فيجب أن يكون على دراية بكل المسؤوليات الملقاة عليه ويقوم بتنفيذها.
أدعوك للتعرف على: تعريف المسؤولية الجنائية في القانون المصري
مسؤولية الإنسان تجاه الدين
- مسؤولية الإنسان أمام ربه تأتي في المقام الأول وهي أساس التفكير في ما هي مسؤولية الإنسان في الكون، فكل مسؤولية واجبة على الإنسان في دنياه هدفها رضا الله عز وجل.
- أما المسلم الحق عليه مسؤوليات تجاه دينه، فهو دين قول لا فعل، وتؤكد الأحاديث الشريفة على أهمية الالتزام بكافة مسؤوليات الإسلام حتى لا يتبرأ من الشخص المتواكل الذي يتنصل من مسؤوليته.
- وعلى هذا يجب على المسلم السعي في معرفة الأحكام الفقهية من أهل الفقه والعلم، وعدم الخضوع في شيء دون تأكيد جوازه أو تحريمه فتلك مسؤولية تجاه الأحكام الشرعية.
المسؤولية الشخصية للإنسان
- من حق الإنسان على نفسه أن يسخر عمره في قضاء الأعمال النافعة التي سوف يسأل عنها أمام الله، فإن العمر عطاء من الله ومسؤولية فيجب ألا يتم إهداره فيما لا يفيد.
- وفي هذا الجانب نرى أن عمل الفرد مرتبط بقوله، فلا ينبغي أن ينطق بما لا يطيق تحمل مسؤوليته فمن الأولى أن يثبت كلامه بالعمل الدؤوب ليؤثر بهذا العمل بالإيجاب على الآخرين.
- في المسؤولية الشخصية أيضًا نجد أن الفرد ملتزم بقضاء حوائجه بحكمة دون إسراف أو تبذير، فتلك مسؤولية اقتصادية تجعل الفرد ينفر من استهلاك الأموال فيما لا ينفع.
- يمكن للفرد أن يستلهم خبراته ومنفعته من الماضي، فعند التدقيق في مجريات الأمور السابقة قد يتم الترتيب للمستقبل بشكل صحيح، فهذه مسؤولية تاريخية تفيد الفرد في حاضره ومستقبله.
مسؤولية الإنسان تجاه مجتمعه
- وإذا فكرنا ما هي مسؤولية الإنسان في الكون نجد أنها تتركز في واجبات الفرد تجاه مجتمعه، وتعد أهم تلك المسؤوليات نقل العلم النافع لمن هم بحاجة إليه.
- فلقد ورد تحذير من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن يحتكرون علمهم ولا يوصلونه للمستحقين، فقال في الحديث الشريف (كاتم العلم يلعنه كل شيء حتى الحوت في البحر والطير في السماء)
- أما المسؤولية الأخلاقية فهي تجمع بين مسؤولية الفرد تجاه مجتمعه ودينه، فعند تطبيقها يكون على خطى الدين الصحيح وكذلك يفيد بها مجتمعه عندما يقوم بنشر الصالحات وتثبيط المنكرات.
- وهناك مسؤولية أدبية أيضًا تدعو الفرد للتمسك بمبادئه وعدم اتباع الأساليب المستحدثة التي قد تجعله يتخلى عن عاداته ومبادئه الإسلامية.
- وتعتبر المسؤولية الاجتماعية هي الأساس فيما هي مسؤولية الإنسان في الكون، حيث يجب عليه التواصل مع أقربائه وزيادة المودة بينه وبين عموم الناس.
- يمكن أن تتسع المسؤولية لتقع على كاهل الإنسان مسؤولية سياسية وإعلامية، حيث يمكن تطبيقها عند محاربة الإعلام الفاسد وكذلك عند المشاركة في الأحداث السياسية العالمية وليست المحلية فقط.
ولا يفوتك قراءة مقالنا عن: مقدمة إذاعة مدرسية عن تحمل المسؤولية
وهكذا فإنه باعتبار الإنسان أشرف المخلوقات نرى أن لم يخلق هباءً وإنما وهبه الله عقلًا يجعله مهيأ لمعرفة ما هي مسؤولية الإنسان في الكون لحمل مسؤوليات متنوعة يحاسب عليها بالثواب والعقاب في الآخرة.