آداب النصيحة في الإسلام
النصيحة في الإسلام تعدُّ من القيم الأساسية التي تُحث عليها الدين، وتحتل مكانة مهمة في السلوك الإسلامي والتعاون الاجتماعي. تمثِّل النصيحة الإسلامية مفهومًا شاملاً يشمل الصدق والإخلاص في النية، وتقديم الدعم والمساعدة للآخرين، وتوجيههم نحو الخير والسلوك الصالح، وفي هذا المقال سنذكر آداب النصيحة في الإسلام.
محتويات المقال
النصيحة في الإسلام
جعل الإسلام النصيحة من حق المسلم على أخيه، وخصصها في مكانة رفيعة، ورتبت الشريعة لها الأجر والثواب، وأكدت النصوص الشرعية والسنة على وجوب نصح المسلمين والتعاون بينهم.
فالنصيحة لها ضوابط وآداب ينبغي مراعاتها، ولها آثار إيجابية أيضاً على كلاً من الناصح والمنصوح، فما هي آداب النصيحة في الإسلام؟ وهو ما سنتعرف عليه في السطور القادمة.
آداب النصيحة في الإسلام
للنصيحة آداب كثيرة وضحها ديننا الإسلامي وسنعرضها لكم كالاتي:
الإخلاص في النية
- يجب على كل مسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولكل فرد له مكانة في المجتمع، فعليه أن يغير الشر الذي يراه.
- ومن أهم الطرق التي تؤدي إلى هذا الغرض وهو منهج النصيحة بأن يفعله الفرد تجاه الآخرين.
- يجب على كل ناصح أن يمتلك آداب النصيحة، لذلك يجب أن يكون الهدف من نصيحته هدفاً سليماً، من حيث تنقية القلب والنية، فالنية وإخلاصها يكون لله ورسوله.
- إنّ الدين الذي رضيّ به الله ورسوله لنا هو النصيحة فقد قال عليه السلام: (إنَّما الدِّينُ النَّصيحةُ، ثلاثًا، إنَّما الدِّينُ النَّصيحةُ، إنَّما الدِّينُ النَّصيحةُ، قيلَ: لِمَنْ؟ قال: للهِ، ولرَسولِهِ، ولكِتابِهِ، ولأئِمَّةِ المُسلِمينَ وعامَّتِهم).
- يجب أن تكون النصيحة جيدة وطيبة وميسرة، حتى يتأثر بها الناصح ويقبل النصيحة، وقال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
كما أدعوك للتعرف على: الأمانة في الإسلام وأثرها في المجتمع
عدم التعيير
- إظهار المعايرة في النصيحة من أبشع الآثام التي يرتكبها المسلم على نفسه وعلى غيره.
- النصيحة التي تكمن في باطنها التشهير بفرد ما والاستهزاء به ووضعه في قالب القذف والإيذاء، والتقليل من منزلته الواجبة.
- التظاهر بأن القصد من ذلك كان النصيحة، ويدعي بأنه كان يريد فقط النصيحة الحسنة، فهو منافق سواء كانت النصيحة في العلن أو بينه وبين المنصوح.
- في الحالتين يحمل الناصح صفة المنافق، وقد ذكر القرآن هؤلاء المنافقين ووصفهم بأوصاف ضارة.
الحكمة والأسلوب الجيد
- إن الطريقة الحسنة في النصيحة هي ما يدعو إليه الإسلام، ويجب على المسلم أن يستخدم طرق الدعوة إلى الله بما يؤكد مصلحة الفرد ويحث المسلمين على الاستعانة بها في النصيحة.
- يجب على كل مسلم التمتع باللين والرفق في أفعاله وكلامه، فإذا كان ما يريد النصح به صحيحاً، فعليه أن يكون أسلوبه جيد بطريقة تقبلها النفس البشرية عند النصح.
- يجب على المرء أن يوظف نيته الصادقة في الخير عن طريق الكلمة الطيبة من أجل تحقيق الهدف.
- إن الإنسان بطبيعته متعجرف لا يقبل النصيحة إلا النادر منها فيبتعد عن النصيحة المقدمة له بطريقة خاطئة حتى لو كانت النصيحة صحيحة.
العلم والحجة
- المعرفة والأدلة من أهم الأشياء التي تستند إليها النصيحة، فبدون علم لا يتحقق هدف الناصح، ولا يملك القدرة على تغيير من ينصحه بالشيء الذي ينصح به.
- يجب على المسلم أن ينعم بالنصيحة بعلمه، وكلما افتقد لأمر وعلم صاحب المعلومة أفضل منه، أرسل مستقبل النصيحة إليه، أو حدث هذا العالم أكثر منه ليلعب دور النصيحة بدلاً منه.
- النصيحة عندما لا تكون من أهل العلم والحجة قد تنهى عن الخير وتأمر بالشر.
- النصيحة لها قيمتها إذا كانت مبنية على الدليل والحجة، فالناس الواعيين لا يقبلون النصيحة بغير دليل، فعلى أي أساس يقبل نصيحة ما ويرفض الأخرى.
- يمكن للناصح أن يستند علمه على القرآن، والسنة، وأحاديث الصحابة، والعلماء وغيرها من الأساليب التي تبني جوهر المعرفة التي يمكن من خلالها النصح بالصواب.
السرية
- الهدف الأساسي من النصيحة هو تغيير الحالة التي عُرف أنها سيئة إلى حالة جيدة وفق الأدلة والمعايير الخاصة بهذا القياس.
- من الخطأ أن يشوه الناصح سمعة من يُنصحه، فيجب عليه أن يقوم بالنصيحة في الخفاء ولا يعلم عنها أحد.
- لا يجوز الإطراء بالنصيحة أو تحملها بعبء قول الخطأ المزخرف في لباس النصيحة.
- النصائح العامة لا تؤتي ثمارها، بل هي على شكل استفزاز، وتشهير، وخفض قيمة الشخص المنصوح.
- يجب على الناصح تعديل سلوك الأفراد وتصحيحه، وليس نشر الأفعال السيئة فقال الإمام الشافعي: (مَنْ وَعَظَ أخَاهُ سِرًّا فقد نَصَحَه وزَانَه، ومَنْ وَعَظَهُ عَلانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وشَانَه)، كما قال أيضاً:
تغمَّدني بنُصحِك في انفرادٍ وجنِّبنِي النَّصيحَة في الجماعة.
فإنَّ النصح بين النَّاس نوعٌ من التَّوبيخ لا أرضَى استمَاعَهْ.
كما يمكنكم الاطلاع على: احترام الآخرين في الإسلام
الصبر على المنصوح
- الصبر من الصفات التي يجب أن يتحلى بها الناصح، فلابد أن يكون طويل البال، ولديه القدرة على الجدال والنقاش مع من ينصحه.
- لابد أن يستخدم الناصح جميع الأساليب التي يمكن أن تؤدي إلى الهدف المطلوب، وهو قبول النصيحة.
- يفضل أن يقوم الناصح بدعوة المنصوح والتحدث معه برفق وحكمة، ويشرح الأحكام بطريقة سلسة وواضحة لا تثير الشكوك.
- أما المنصوح فيجب عليه أن يتقبل النصيحة ولا يغضب ولا يتصرف بسلوك لا يليق بأدب هذه النصيحة، وبالمثل بالنسبة للناصح يجب أن يكون أكثر هدوءً.
- قد يتعرض الناصح إلى الأذى وعدم تقبل النصيحة من قبل المنصوح فعليه أن يصبر.
- فقال لقمان لابنه وهو يحذره: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ)
التحقق من حالة الشخص الذي يتم إخطاره قبل تقديم النصيحة
- يجب على الناصح مراعاة حالة من ينصحه عند النصح، فلا يجوز له أن يسيء إليه، أو يتكلم معه بفظاظة، أو التحدث معه في وقت يكون فيه مزاجه سيء أو يعاني من نوع من الضيق والمشكلة.
- على الناصح أن يرحم المنصوح ويتحدث إليه بحكمة ووعظ طيب، فقال تعالى: (ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة)
- الغرض من البشر هو تعمير الأرض، فإننا خلفاء فيها، وأن الله خلق كل واحد بهدف محدد وهو ملء الأرض والسعي فيها، فإذا أحسن الفرد أحسنت الأمة كلها.
العمل بالنصيحة
- من أهم الأمور التي يجب أن تتوفر لدى الناصح قبل أن يعطي النصيحة أنه يقوم بنفس العمل الذي نصح به.
- لا يعني هذا أن الناصح لا يذنب أو يخطئ، بل يجب عليه أن يطبق على نفسه ما يقوله وينهى عنه فلا يحل له أن ينصح الناس بالنور وهو في الظلمة.
- قال الله تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)
- وقال الله على لسان شعيب: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ)
عدم الإطالة في النصيحة
- لا تسهب في النصيحة، لأن أفضل الكلام هو ما قل ودل، فإن إطالة الكلام في النصح وتكراره قد يؤدي إلى ملل الشخص المنصوح.
- عن عبد الله بن مسعود قال: (كانَ عبدُ اللَّهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ في كُلِّ خَمِيسٍ فقالَ له رَجُلٌ: يا أبا عبدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أنَّكَ ذَكَّرْتَنا كُلَّ يَومٍ؟ قالَ: أما إنَّه يَمْنَعُنِي مِن ذلكَ أنِّي أكْرَهُ أنْ أُمِلَّكُمْ، وإنِّي أتَخَوَّلُكُمْ بالمَوْعِظَةِ، كما كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَخَوَّلُنا بها، مَخافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنا)
خيرية النصيحة
- على المسلم الناصح أن يقوم بالدعوة الصالحة التي تؤدي إلى صلاح المجتمع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما حرمه الله، ودفع الناس إلى الصبر.
- فيجب على كل من رأى المنكر أن يغيره، سواء كان ذلك من التشجيع على الصلاة أو الصوم، أو الرغبة في تحقيق الخشوع في الصلاة، أو تحقيق ركن الطمأنينة.
اقرأ أيضا: مقال عن جبر الخواطر في الإسلام