نبذة مختصرة عن الفرزدق
نبذة مختصرة عن الفرزدق، تطور في العصر الأموي فن النقائض بشكل كبير، مما جعل الباحثون يقصرون مصطلح النقائض على الهجاء.
وعكس فن النقائض جانبًا من الصراع السياسي وخلافات الأحزاب في ذلك الوقت، فأصبح مصطلح النقائض يدل على السخرية والفكاهة والهجاء، من رواد فن النقائض ثلاث هم ( جرير والفرزدق والأخطل).
فكانوا أشهر شعراء هذا النوع، وساعدتهم قدرتهم على الحوار والنقاش والجدال، وبحكم اطلاعهم على الكثير من العلوم مثل الفقه وتاريخ الأيام والنظر في الماضي الآخرين.
ومعرفة كل تفاصيل حياتهم مهما كانت صغيرة، فتمكنوا من هذا الفن الصعب، ونخص في هذا المقال الفرزدق، وسوف نتعرف على شخصيته، وحياته، وأدبه.
محتويات المقال
نبذة مختصرة عن الفرزدق
- الفرزدق هو همام بن غالب صعصعة التميمي الدارمي، وكنيته أبو فراس.
- أمه هي ليلي بنت حابس أخت الأقرع بن حابس، ولد الفرزدق في السنة العشرين من الهجرة، وتوفي في بادية البصرة في عمر بقارب الـ 100، كان يكنى بأبو مكية في مرحلة الشباب.
- لقب الفرزدق أطلق عليه لأن ملامح وجهه كلها جهامة.
- هو شاعر نبيل، له أثر عظيم في اللغة، وهو من أهل مدينة البصرة بالعراق، ويقال عنه: فلولا شعره لضاع ثلث لغة العرب، ولولا شعر الفرزدق لما وصلتنا نصف أخبار ناس هذا الزمان.
- يشبه الفرزدق بزهير بن أبي سلمي، لزهير في الطبقة الأولى من الشعراء الجاهليين، والفرزدق في الطبقة الأولى من الشعراء الإسلاميين.
- نقائض الفرزدق مع جرير والأخطل من أعظم ما اشتهروا به في الشعر العربي، وللفرزدق أخبار كثيرة مع جرير.
- كان الفرزدق خصم صعب لأنه عزيز الجانب، وهو من أشراف قومه، من يستنجد به يحميه كما كان أبوه وأجداده من أشراف القوم.
- يعرف الفرزدق بنسبه الرفيق؛ لأن قبيلته كانت بدوية، وهي قبيلة (دارم) وتتميز بمكانتها المرموقة، وعرفت بقوة سطوتها بين القبائل.
- اشتهر والد الفرزدق بالكرم والعزة، وجده صعصعة كان سيدًا، فقد أشترى 400 مؤودة وأكثر لينقذهم من الموت، فاشتهر بهذا الطريق الكريم الذي سلكه.
- تأثر شعر الفرزدق بحب نجدة الآخرين، التي ورثها من جده.
- كان الفرزدق يتميز بطباع أهل البادية فكان طبعه حادًا، يمتلك لغة صحراوية صعبة؛ لذاك كان صاحب طباع لا تتغير.
- أكثر زيجات الفرزدق شهرة، هي النوار(النوارة) بنت مجاشع ابنة عمه، وأنجب أولاده جميعًا منها، وحين طلق النوار ندم بشدة على ذلك، ونظم قصيدة فيها.
كما يمكنك التعرف على: الفرزدق والإمام زين العابدي
الجانب السياسي في حياة الفرزدق
- عاش الفرزدق يتنقل بين الخلفاء والولاة، يمدح أحدهم تارة، ويهجو الأخر تارة.
- عرف الفرزدق بولائه لآل البيت، فكان يمدحهم في شعره ويجاهر بهذا الحب، ويدافع عنهم لا يخاف أحدًا في دفاعه، وخير دليل قصيدته المشهورة(الميمية)، التي مدح فيها زين العابدين.
- رغم هذا الحب فالفرزدق تقرب للأمويين مادحًا، وخاصة في عصر الخليفة عبد الملك بن مروان وأبنائه.
- رحل الفرزدق إلى المدينة عندما تولى زياد بن أبيه الحكم على العراق عام 669 ميلاديًا.
- وعاش في المدينة عدة سنوات، ولن يعد إلى البصرة إلا حين مات زياد، وحصل على دعم عبيد الله بن زياد ومدحه، وكذلك تقرب ومدح الحجاج عندما ولي حكم العراق عام 694 ميلاديًا.
الفرزدق شاعرًا
- عاصر الفرزدق الكثير من الشعراء في حياته وأشهرهم: جرير، والأخطل، والأحوص، وكعب بن جعيل، وكثير.
- دام الهواء بين الفرزدق وجرير أربعة عقود انقسم فيهم الناس إلى فريقين متخاصمين؛ فريق جرير، وفريق الفرزدق.
- لم يتمكن الفرزدق من القدرة على صنع صورة حسنة المظهر، وبالرغم من ذلك كان يعتد بنفسه، حريصًا على هندامه، ولباسه كان مصنوع من الديباج والخز، ومظهره الخاجي.
- كان الفرزدق فصيحًا سريع الجواب وذكيًا، يشعر بالفخر، كثير الزهو بنفسه وبقومه.
- كان يتمتع الفرزدق بمنزلة عالية في الحياة الأدبية، والسياسية، والاجتماعية، فقد كان الفرزدق سيدًا في قومه، فهو من فحول الشعراء في زمانه، فالفرزدق وثق أحداث عصره، التي مرت على العرب.
- ترك الفرزدق أثره في الشعر، فله ديوان مليء بفنون الشعر المختلفة، وتميز في شعر المديح.
- الفرزدق شاعرًا متمكنًا له أشعار في أغراض الشعر مثل الغزل، والهجاء.
- كان شعر الغزل عند الفرزدق قليل بالمقارنة مع شعر الغزل عند جرير، ولكن الفرزدق كان صاحب باع طويل في الفخر.
- طبع شعر النقائض بين جرير والفرزدق في مجلدين كبيرين، ونلاحظ في قصائد الفرزدق أنها قصيرة؛ لسهولة حفظها وسرعة انتشارها وتداولها في المجالس.
أراء الشعراء والأدباء في شعر الفرزدق
وتحدث العديد من الشعراء والأدباء عن شعر الفرزدق، ونذكر بعض آراءهم فيما يلي:
- ابن سلام: يعد الفرزدق في الطبقة الأولى من شعراء الإسلام، وفضله على جرير والأخطل.
- أبو عبيدة: شبه الفرزدق في قوة شعره بزهير بن أبي سلمى، فلولا شعر الفرزدق لضاع ثلث العربية.
- جرير: مدح الفرزدق بأنه قال أجود الشعر، وشبهه بالنبعة أي أن شعره يشبه شجرة النبعة في جودتها وصلابتها.
- أبو فرج الأصفهاني: وصف الفرزدق، وجرير، والأخطل أفضل الشعراء في العصر الإسلامي.
- للفرزدق قصائد في الرثاء ومنهم قصيدة رثى نفسه بها: ” أنا مدينة الشعراء”، والقليل من شعر الرجز، والغزل.
- أشعار الفرزدق تتميز بقوة ألفاظها، ورصانة تراكيبها، واستخدم الفرزدق الغريب من الألفاظ والتراكيب.
- يعد المؤرخون الفرزدق أكثر الشعراء في نظم شعر الفخر؛ لتوفر بواعث الفخر لديه، فهو من قبيلة صاحبة نسب رفيع بين القبائل، وللفرزدق عزيمة قوية برزت في شعره.
كما يمكنك الاطلاع على: معلومات عامه عن الفرزدق
أغراض الشعر عند الفرزدق
- الهجاء: للفرزدق طابع فريد لا يشبه غيره من الشعراء العرب، فهو يزهو بنفسه ويفتخر بقبيلته، ثم يقارن بين انتصاراتهم وهزائم أوهيني القبيلة التي يهجوها، يستخدم الفرزدق لسانه الحاد في الهجاء، حتى إنه هجا إبليس.
- المدح: تميزت قصائد المدح بالطابع الجاهلي في الشكل والمضمون عند الفرزدق، فيبدأ القصيدة بالغزل، ثم الوقوف عند ديار المحبوبة، وذكر الناقة والرحلة إلى الممدوح، ثم البدء بالمدح، ويطلب العطاء من الممدوح.
- الفخر: ورث الفرزدق المجد والشرف من قبيلته، لمكانتها العالية في الجاهلية والإسلام، فكان جده صعصعة، وخاله العلاء ينظمون الشعر، فتعددت مفاخر الفرزدق لبراعته في شعر الفخر؛ لإحساسه بالتباهي.
- الرثاء: كان رثاء الفرزدق قليلًا، وهو نوعان: النوع الصادر عن وجدانه، وذلك النوع ينشده عن وفاة المقربين منه، كرثاء أبناؤه، ونوع أخر يؤبن فيه المتوفي بذكر صفاته الحسنة، ومدح أخلاقه الحميدة.
- الغزل: يخلو الغزل عند الفرزدق من المعاني العذبة، والعاطفة الرقيقة، فنجد غزله يشبه رثائه، حين يعدد محاسن النساء.
وفاة الفرزدق
- أصيب الفرزدق بالدبيلة (وهو تجمع قيحي في الجوف) قبل وفاته، وانتقل إلى البصرة للعلاج من هذا المرض، ولكنه توفي بالبصرة عن عمر تجاوز المائة، في فترة خلافة هشام بن عبد الملك، وتوفي بعده جرير بفترة قصيرة.
- سبب تأخر التدوين عند العرب إلى اختلاف المؤرخون في تحديد السنة التي توفي فيها الفرزدق، فتتراوح أقوالهم بين عام 110 وعام 114 للهجرة، وربط بعض المؤرخين بين وفاة الفرزدق وجرير، فجعلوا وفاتهم في عام واحد.
- يرجع هذا الاعتقاد إلى أن المنافسات الشعرية بين جرير والفرزدق تداولت فترة طويلة، بالإضافة إلى تميزهم ومكانتهم الشعرية بين الشعراء.
اقرأ أيضا: أشعار الشوق والحب
وفي ختام الحديث عبر موقع مقال maqall.net عن شاعرًا في قدرة ومكانة الفرزدق، ندرك مكانة هذا الفن الذي أبدع وتميز به، وهو فن النقائض، وأثره في عصره.
وخبرته الناتجة عن طول عمره، وكثرة تجاربه في الحياة، فنحن أمام شاعر عربي معتز بنفسه وقومه، محطمًا لخصومه، رافعًا من شأن ممدوحه.