اتهام الشخص بتهمة لم يرتكبها

اتهام الشخص بتهمة لم يرتكبها، يعد اتهام الشخص بتهمة لم يرتكبها هو اتهام بالباطل، ويعتبر ظلم واعتداء على الناس يحاسب عليه الإنسان أمام الله سبحانه وتعالى، لذا يجب أن يكون المسلم حريصاً على عدم تجاوز حقوقه والتعدي على الآخرين، لأن ذلك يضعه تحت كفارة الظلم.

اتهام الشخص بتهمة لم يرتكبها

1- اتهام الناس بالباطل

  • يجب أن نعرف أن كل ما للإنسان المسلم معصوم، أي محرم الاعتداء عليه سواء في الأنفس، أو الأموال، أو الأعراض.
  • حرص الرسول الكريم على ترسيخ هذا المفهوم، وقام بالوصاية عليه في حجة الوداع.
    • حين خطب بالناس قائلاً (فإنَّ اللَّهَ حَرَّمَ علَيْكُم دِمَاءَكُمْ، وأَمْوَالَكُمْ، وأَعْرَاضَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا).
  • بعد أن قام الرسول بتوصيتهم، أشهد الناس على هذه الوصية، وأمرهم أن يعلم الحاضر منهم الغائب.
  • من اعتدى على الناس باتهامه بالباطل فقد ظلمه، وهذه المظلمة متعلقة بالعباد لذلك فإن إثمها عظيم.
  • وقد أوضح الله عز وجل سوء هذا الذنب حيث قال (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ).
  • وقال تعالي في اتهام المؤمنين بالباطل، والتسبب في الأذى لهم (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا).

ولا يفوتك قراءة مقالنا عن: أسباب بطلان شهادة الشهود

2- اتهام الأشخاص في أعراضهم

  • أنزل الله سبحانه وتعالى الآيات التي تدل على عقوبة من يقوم بقذف النّساء المُحصنات، والعفيفات.
  • قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
  • لعن الله سبحانه وتعالى من يرتكب هذا الذنب من الناس، وتوعدهم بأن يصيبهم العذاب الشديد في الدنيا وفي الآخرة.
  • ووضع الله عز وجل عقوبة اتهام الأنثى في عرضها بالباطل في الدنيا، وهي أن يجلد ثمانين جلدة، وأيضاً لا تقبل له أي شهادة.
  • وأيضاً تحدث الرسول الكريم عن هذه الجريمة وعدها من السبع الموبقات.
    • حيث قال (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ فأجاب وقال منهنّ وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ).

 3- اتهام الناس في نواياهم

  • من أكثر آفات اللسان سوءاً اتهام الناس بالباطل في نواياهم، وتحليل مقاصدهم وأفكارهم ومرادهم.
  • لا يتوقف الأمر على ذلك، ولكن يصل إلى تصنيف الناس، ووضعهم في فئات لا ينتمون لها.
    • تحدث الرسول الكريم عن ذلك حيث قال (إنِّي لَمْ أُومَرْ أنْ أنْقُبَ عن قُلُوبِ النَّاسِ ولَا أشُقَّ بُطُونَهُمْ).
  • قال الله عز وجل محذراً من اتهام الناس في نواياهم (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ ألقى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).
  • لذا طالما لم يفصح الشخص عن مراده، فيكون الحكم على نواياه هو اتهام له فيها.

4- حكم اتهام الناس بالباطل

  • حرم الله سبحانه وتعالى التحدث عن الناس بما يسئ إليهم في غيابهم.
    • كما حرم تحدث الإنسان بما يضر الآخر حتى لو كان بينه وبين نفسه فقط.
  • ورد الكثير من الآيات الدالة على ذلك النهي، حيث قال سبحانه وتعالى (اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ).
  • وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه أبو هريرة عن النبي حيث قال (إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ).
  • يقصد النبي بذلك الظن الذي يستقر في النفس، ولكن حديث النفس أو ما يسمي بالخاطر، فلا إثم عليه باتفاق أهل العلم.

5- الكذب والافتراء الباطل الذي يُتحيَّر منه

هذا ما يسمي بالبهتان، فعلى المسلم أن يتحقق من الأخبار التي تصله، خاصة إن كانت قد وصلته من فاسق، فإذا صدقها ثم قام بنقلها يكون قد كذب هو أيضاً ويندم بعد ذلك:

  • قال المناوي رحمه الله (البُهتان هو كذبٌ يَبهتُ سامعه ويدهشه ويحيره لفظاعته، وسُمِّيَ بذلك لأنه يبهَتُ: أي يُسْكِتُ لتخَيُّل صحته، ثم يَنكشف عند التأمُّل).
  • وقال الكوفي رحمه الله (البهتان هو الكذب الذي يبهت سامعه أي: يَدْهَشُ له ويتَحَيَّرُ، وهو أفحشُ مِن الكذب، وإذا كان بحضرة المقول فيه كان افتراء).
  • وعد بعض الفقهاء هذا البهتان أكبر الذنوب، وأنه أعظم من الغيبة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خمسٌ ليس لهنَّ كفَّارةٌ: الشِّركُ باللهِ، وقتلُ النَّفسِ بغيرِ حقٍّ وبهْتُ مؤمنٍ والفِرارُ من الزَّحفِ ويمينٌ صابرةٌ يقتِطعُ بها مالًا بغيرِ حقٍّ).
  • قال السمرقندي عن البهتان (لا شيء من الذنوب أعظم منه، كما أنّ الله قرن بينه وبين الكفر فقال تعالى (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).
  • قال النووي (البهت حرام)، وعده الهيثمي من كبائر الذنوب.

6- إشاعة الكذب على الأبرياء

أصبح سوء الظن منتشراً بين الناس، وهذا بسبب انتشار الشرور في المجتمع، ولكن هذا ليس مبرراً لسوء الظن، أو افتراض الإنسان بإخوانه الشر من الأساس:

  • يجب التحقق عند سماع الكذب على الأبرياء، لأنه قد يكون مبالغاً فيه.
    • أو يكون الراوي قد سمع جزءاً من الرواية ولم يسمع الباقي، أو سمع من أحد الأطراف فقط.
  • كما قال الله عز وجل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا).
  • وقال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين).
  • وهذا دليل على أهمية التأكد من الأخبار، واستقصاء الأمر، والبحث عن طرفي القصة والتأكد من أصلها.

7- الظلم

  • يعد إيقاع الظلم على الناس من الكبائر العظيمة التي تؤدي إلى هلاك صاحبها، وتؤدي إلى إشاعة الفتن والبغضاء بين الأفراد:
    • قال تعالى (والَّذِينَ يؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بهْتَانًا وَإِثْمًا مبِينًا).
  • أعدَّ الله تعالى أكبر العقوبات على من يظلم الناس ويقوم بالافتراء عليهم.
    • لذلك يجب توضيح عقوبة الاتهام الباطل، وتوضيح معنى البهتان، وأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته.

8- الاتهام الباطل في القانون

لا يجوز لأحد أن يسئ الظن بالآخرين مهما كانت مرتبته، لأن إساءة الظن هو أمر محرم وغير أخلاقي:

  • قال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثم).
  • لذا لا يحل لأي أحد أن ينسب تهمة للآخرين قبل أن يثبت من ذلك ويكون متأكدا منه على وجه اليقين
    • وقد جاء الوعيد على من يقوم بذلك الفعل.
  • أما في القانون فقد تقوم الدولة بمعاقبة الشخص الذي يقوم باتهام الآخرين بالباطل بنفس التهمه.
  • وتتجه بعض الدول لحبس هذا الشخص لمدة قد تزيد عن خمس سنوات.
    • وهذا يدل على سوء هذه التهمه، لذا يجب على من وقع في هذا الذنب أن يبدأ بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى.

كما يمكنك التعرف على: شروط دعوى تعويض عن ضرر

مبدأ المتهم بريء حتى تثبت إدانته

البراءة هي الأصل في الإنسان، ومعنى ذلك أن كل من يكون متهماً بارتكاب جريمة، مهما كانت خطورتها أن يعامل على أنه برئ حتى تثبت الإدانة:

  • عند ثبوت الإدانة بحكم قضائي، تسقط عندها قرينة البراءة، ويكون المتهم مداناً ومستحقاً للعقوبة التي يحددها القانون للجريمة التي قام بارتكابها.
  • هذا المبدأ يعتبر من المبادئ التي تحمي المتهم من أي إجراء يتخذ ضده.
    • ويحرمه من حريته التي كفلها له الدستور، حيث تحرص تلك الدساتير على الحفاظ على حريات الأشخاص وحماية حقوقهم.
  • عندما أوجد القانون تلك القاعدة كان الهدف منها إثبات أن الإنسان بريء.
    • ولكن القانون غير مكلف بإثبات تلك البراءة.
    • لذلك من يدعي عكس تلك البراءة المفترضة من القانون، أن يقوم بوضع الدليل وإثبات اتهامه.
  • القانون مكلف بحماية الظاهر، ومن يدعي عكس ذلك الظاهر يكلف بمشقة الإثبات.
    • لذا طالما كان الإنسان بريئاً يمنع المساس بحريته، إلا تحت ضرورات التحقيق، ووفقاً لمل ينصه القانون.

اقرأ من هنا عن: هل الاستئناف يوقف تنفيذ الحكم؟

وبهذا نكون قد انتهينا عبر موقع maqall.net من توضيح أسباب وعقوبة اتهام الشخص بتهمة لم يرتكبها، وأن الأديان السماوية وأيضاً القانون يرفض اتهام الناس بالباطل، وأن الأصل في الإنسان الصدق والبراءة، وكيف أن عقوبة من يتهم الناس بالباطل هو العذاب في الدنيا والآخرة.

مقالات ذات صلة