تفسير: ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك مكتوبة
ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك مكتوبة، موقع مقال دوت كوم maqall.net يحدثكم اليوم عنه، حيث أن هذه الآية هي مطلع سورة الشرح وهي سورة عظيمة تمثل بلسما لكل من قرأها وتدبر معناها.
محتويات المقال
ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك مكتوبة
سورة الشرح تتكون من ثمان آيات، قال تعالى:
- “أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴿١﴾ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ﴿٢﴾ الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ ﴿٣﴾ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴿٤﴾
- فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٥﴾ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٦﴾ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ ﴿٧﴾ وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب ﴿٨﴾”.
ولا يفوتك قراءة مقالنا عن: سورة لإزالة الهم والحزن
أسماء سورة الشرح
- لسورة الشرح عدة أسماء يذكرها أهل العلم بالتفسير، فمنها وهو الغالب في كتبهم أنها تسمى سورة ألم نشرح.
- وبعض العلماء يسمونها سورة الشرح كما هو مكتوب في المصاحف الآن، وهناك من يسميها أيضا سورة الانشراح.
سبب نزول سورة الشرح
- جاء في كتاب لباب النقول في أسباب النزول للإمام السيوطي رحمه الله أن سبب نزول سورة الشرح هو التعيير بالفقر.
- حيث أن المشركين عيروا المسلمين بفقرهم، فأنزل الله عز وجل السورة تسلية لهم وتبكيتا لأهل الكفر والشرك.
- وأخص آية في تسليتهم هي الآية الخامسة والتي تليها حيث يقول تعالى فيهما ” فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا”.
- فبشرهم بشرى عظيمة بأن العسر واحد لكن اليسر يسرين ولن يغلب عسر يسرين بإذن الله تعالى.
- وفي مضمون هذه البشرى بشرى بنصرهم على أهل الكفر وغلبتهم عليهم والتمكين في الأرض لهم.
تفسير ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك
- يذكِّر الله عز وجه نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بالنعم العظيمة والآلاء التي أنعمها عليه، ويحثه على شكرها والتحديث بها.
- ففي قوله تعالى ” أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ” يذكره بنعمة عظيمة جدا وهي فتح قلبه وشرحه لتقبل الهدى والحق من معرفة بالله وإيمان به.
- وهذا الإيمان هو خير نعمة ينعم الله بها على عبد من عباده، فهي سبب للسعادة في الدارين الدنيا والآخرة.
- ثم قال “وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ” أي يذكره بأنه سبحانه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهذه من أجل النعم.
- “الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ” أي أن هذه الذنوب التي غفرها الله لك كانت تؤرقك وتثقل ظهرك وتحزنك.
- وأما قوله “وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ” فهو تذكير للنبي صلى الله عليه وسلم بأن الله عز وجل رفع ذكره فجعله مقترنا بذكر الله تعالى.
- حيث أنه في الشهادتين لا إله إلا الله تقترن دائما بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وقوله ” فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” أي أن العسر الذي يلاقيه النبي والمؤمنون من جهاد للكفار وغيره سيأتي بعده يسر.
- والمقصود باليسر التمكين لأهل الإسلام وفتحهم لبلاد كثيرة، وخسارة الكافرين في الدنيا والآخرة.
- ثم بعد ذلك قال تعالى “فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ” أي شكرا لله على النعم التي ذكّرك بها الجأ إليه واستغاث به.
- أي إن انتهيت من صلاتك المكتوبة فأدعو الله وتضرع واطلب حاجاتك منه فهو مجيب الداعين سبحانه.
- وقد جاء الحث على الدعاء أيضا في قوله تعالى ” وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ” غافر-60.
- ثم قال سبحانه “وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب” تأكيدا على أهمية الدعاء والرغبة إلى الله”، فيجب أن يتذلل العبد بين يدي ربه.
اقرأ من هنا عن: سورة الفاتحة للزواج من شخص معين
فوائد سورة الشرح
أما عن فوائد من سورة الشرح فهي:
أولا
- هناك جملة من الفوائد يمكن أن نستفيدها من سورة الشرح؛ أولها أن نعلم أن انشراح الصدر من الله عز وجل.
- حيث أنه شيء قلبي يعطيه الله لأهل الإيمان والصبر، وأهل الإيمان يجعلهم هذا الانشراح في تسليم دائم لله.
- فهم يعلمون أن السراء خير والضراء خير، ويتذكرون قول النبي صلى الله عليه وسلم “عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ،”
- ثم قال “وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له.” صحيح مسلم
- وكذلك أن للذنوب ثقل وضيق في القلب لا يزول إلا بالإقلاع عن الذنب والتوبة منه.
- ولهذا نجد أصحاب الذنوب والكبائر وإن أبدوا أنهم متمتعون بحياتهم؛ لكنهم في الحقيقة يشعرون بضيق يثقلهم.
- ولهذا نجد أكبر نسب في الانتحار في العالم بين أصحاب الكفر والفسوق وكبائر الذنوب لأنهم مهما نعّموا أجسادهم يحسون بنقص.
- وهذا النقص سببه أرواحهم الخاوية من نور الإيمان، ولو لمسوا نور الإيمان لارتاحوا وتنعمت أرواحهم وما اهتموا بنعيم الجسد.
ثانيا
- أهمية الذكر والثناء الحسن بين الناس وخصوصا أهل الإيمان منهم والداعية إلى الله أحوج الناس إلى ذلك.
- وبهذا دعا سيدنا إبراهيم عليه السلام كما ذكر الله تعالى قوله “وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ” الشعراء-84.
- وكذلك أشار إلى أهميته نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث جاء عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أنهم مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا،
- فقال النبي صلى الله عليه وسلم “وجبت”، ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا، فقال “وجبت”، فقالوا ما وجبت؟
- قال “هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض” صحيح البخاري
- وكذلك أهمية ترتيب الأولويات عند المسلم، وأن تكون حياته منظمة ليست عشوائية وهمجية.
- فإذا فرغ وانتهى من الأهم بدأ بما يليه في الأهمية، وهذا مسلك كل عاقل محافظ على وقته، وأولى الناس بهذا هم أهل الإيمان.
- وكذلك أهمية الالتجاء إلى الله في كل كبيرة وصغيرة، فالإنسان بدون ربه ضعيف ذليل لا يملك مثقال ذرة.
- كما أنه لا يستطيع أن يخطو خطوة إلا بإذن الله وتوفيقه فيجب أن يستحضر ذلك ليعيش حالة الافتقار إلى الله.
الإعجاز البياني في ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك
- أهم وأعظم صور الإعجاز في القرآن الكريم عموما وفي سورة الشرح خصوصا هو إعجاز البيان والنظم البديع.
- وهذا النظم في هذه السورة يجعل الإنسان بعدما يقرأ السورة يشعر في نفسه بشعورين ممتزجين.
- شعور العظمة والإجلال لله الودود الذي لا يترك حبيبه ونبيه إلا ويسلي روحه ويخفف عنه بخير الكلام.
- وشعور بالعطف واللين تجاه نبينا صلى الله عليه وسلم الذي عانى كل المعاناة في سبيل وصول دين الله تعالى إلينا.
- حيث أن معاناته كانت عظيمة بالقدر الذي استلزم ود الودود سبحانه فأنزل عليه هذه السورة تسلية لروحه وتفريجا عن كربه.
اقرأ أيضًا: سورة الانشراح للزواج من شخص معين
وبهذا تكون ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك مكتوبة في المصاحف محفورة في قلوب كل من قرأها واستشعر معناها.