كيف يكون التوكل على الله

كيف يكون التوكل على الله؟ إجابة هذا السؤال تكمن في معرفة شروط التوكل، والسعي والعمل الصالح، ومعرفة الفرق بين التوكل والتواكل، فالتوكل هو فعل ما عليك مع اليقين التام أن الله تعالى سيجازيك بعملك إحسانًا، وإن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا العاملين.

فالتوكل هو صفة من صفات المؤمنين الذين يعتمدون على الله جل وعلا في كل أمورهم الدينية والدنيوية، وفي السطور القادمة سنتعرف على معنى التوكل على الله وكيف يكون وشروط تحقيقه.

تعريف التوكل على الله

التوكل على الله هو أحد واجبات الإيمان به – سبحانه وتعالى – فلا يصح إيمان المسلم باعتقاده أنه يوجد أي شيء مهما كان صغيرًا أو كبيرًا يستطيع إنجازه بمفرده دون إرادة الله تعالى، مهما بلغ ذكائه أو سطوته أو قدرته ومنصبه.

فكل شيء في هذا الكون يجري بتصريف من الله تعالى وبإرادته وحده، فمهما كانت قوتك يجب عليك أن تتوكل على الله، وتطلب منه المعونة، وأن تسعى لما تريد مع التوكل واليقين بالله، وأن هذا الأمر لن يتم إلا بمشيئة الله تعالى.

هو وحده القادر على منحك وسلبك أي شيء، وهو القادر على تحقيق ما تراه مستحيلًا، وهو القادر على عدم تحقيق أي شيء لك مهما كنت تراه بسيطًا وسهلًا، فالتوكل على الله من واجبات وكمال الإيمان.

كما يمكنك التعرف على: عبارات عن التوكل على الله

كيف يكون التوكل على الله

لكي يحقق المسلم التوكل على الله كاملًا، لابد من اليقين بالله تعالى، والسعي الصالح، كما ينبغي على كل مسلم ما يلي:

  • عبادة الله وحده لا شريك الله، والإخلاص له دون شريك أو ند.
  • التخلص من جميع أدران الشرك.
  • الإيمان بالله تعالى وكامل ربوبيته واليقين بأن كل شيء يجري بإرادة الله وحده.
  • يجب على المسلم دائما أن يحسن الظن بالله.
  • استشعار قوة الله وضعف العبد وجميع المخلوقات أمامه، واستشعار الفرد وحاجة العبد الدائمة إلى ربه.
  • الأخذ بجميع الأسباب بجانب التوكل، ولكن لا يجب الاعتماد على الأسباب وحدها فهذا موقعة في الشرك.
  • الثقة بالله وبالتوكل عليه والتأمل في فضل ذلك وأثره العظيم على العبد.
  • التفكير دائمًا في قدرة الله وعلمه وإنه محيط بكل شيء.

حقيقة التوكل على الله

  • أمرنا الله – سبحانه وتعالى – بالتوكل عليه وحده فقد قال في كتابه العزيز: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ۚ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا)، (سورة الفرقان، الآية رقم 58).
  • وقال تعالى أيضًا: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ)، (سورة الشعراء، الآية رقم 217)، وقد تكررت آية (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) سبع مرات في القرآن الكريم.
  • فالتوكل هو أن يترك العبد كل أموره إلى الله تعالى مع الثقة التامة واليقين به سبحانه، إنه مدبر الأمور ومصرفها الوحيد، فهو وحده القادر على تدبير جميع شئون عباده، ورد المظالم ورفع الظلم عنهم، وقضاء حوائجهم، فكل شيء يسير في هذه الدنيا بمشيئة الله وإرادته.
  • فالله جل في علاه هو الموكل بكل شيء وهو بيده صحة الإنسان، وعمره، ورزقه، وسعادته، وراحة باله، وجميع أمور دنياه، كذلك هو وحده القادر على منح عباده المخلصين عبادة الصبر على الطاعة والعبادة ومشاق الحياة، ونوائبها.
  • فالتوكل على الله يكون بأداء العبادات المفروضة والطاعات والبعد عن المعاصي، والثقة واليقين بالله مع الأخذ بالأسباب، فعلى سبيل المثال إذا كنت تبحث عن عمل، فأنت تثق بالله إنه سيلهمك ذلك ولكن عليك السعي والبحث هذا هو معنى التوكل العمل مع اليقين بالله.
    • أما التواكل فهو أن لا تفعل أي شيء وتنتظر الفرج من الله، وهذا ينافي التوكل الذي يجب أن يكون عليه المؤمن.

كما يمكنك الاطلاع على: فوائد حسن الظن بالله والتوكل عليه

أمور تنافي التوكل

بعد أن عرفنا كيف يكون التوكل على الله فهناك أمور تنافي هذا التوكل وتعيق تحقيقه، يحب الإلمام بها، وهي كما يلي:

  • الاعتماد على الناس فقط والظن إنهم قادرين على ذلك، دون اللجوء إلى الله تعالى، على سبيل المثال في العمل واعتقاد البعض أن الرزق بيد صاحب العمل، أو الاعتماد على أحد الأشخاص ذو المناصب العالية لتحقيق حاجة معينة، دون الاعتماد والتوكل على الله.
  • الغرق في الشهوات والمحرمات وارتكاب المعاصي والذنوب والآثام.
  • ضعف الإيمان وعدم طاعة المولى – سبحانه وتعالى-.
  • الجهل بعلم الله وقدرته، ومعاني أسمائه وصفاته، وأن الله محيط بكل شيء.
  • اغترار الإنسان بمنصبه أو ماله أو بما يملكه واتكاله على نفسه فقط في تحقيق ما يرغب به، دون التوكل على الله وتقديم مشيئته.
  • الاعتماد على الأسباب بشكل كلي على اعتقاد إنها ستوصله إلى ما يريد دون توكل على الله.
  • أفعال محرمة يقع فيها الكثير من الناس مثل الاعتماد على الغائبين أو الأموات.

ثمرات التوكل على الله

التوكل على الله من العبادات التي يؤجر ويثاب عليها العبد، كما إنه من أعمال القلب الصالحة، كما إنه من أسباب زيادة الإيمان والتقوى لدى العبد، وأحد صفات المؤمنين الطائعين.

والدليل على ذلك قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)، (سورة الأنفال، الآية رقم 2)، وللتوكل ثمرات تعود على المؤمن، منها ما يلي:

  • حماية الله سبحانه وتعالى وكفايته لمن يتوكل عليه، والدليل على ذلك قوله تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)، (سورة الطلاق، الآية رقم 3).
  • الشعور بطمأنينة في النفس.
  • من أسباب دفع الضرر وجلن المنافع.
  • التوكل على الله سبب من أسباب حب الله لعبده، والدليل على ذلك قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، (سورة آل عمران، الآية رقم 159).
  • الحماية من كيد الشيطان ووساوسه.
  • الشعور بقوة في الروح والقلب.
  • شجاعة النفس.
  • حماية الإنسان ووقايته من التعرض للأمراض القلبية كالكبر، والعجب، والتشاؤم وغيرها.
  • الثقة واليقين بالله وعدم الشعور باليأس.
  • الإيمان بالله والرضا بقضائه.
  • أول من يدخل الجنة هم المتوكلين على الله، ويأتون يوم القيامة بوجوه مستنيرة ومضيئة، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين على آثارهم كأحسن كوكب ذري في السماء إضاءة). رواه البخاري.

اقرأ أيضا: دعاء التوكل على الله وطلب العون منه

نماذج في التوكل على الله

تتعدد نماذج التوكل على الله في الإسلام، ومن هذه النماذج ما يلي:

  • عندما هم قوم النبي إبراهيم عليه السلام على إحراقه فتوكل على الله فنجاه الله عز وجل منها.
  • عندما حاول فروع وجنوده اللحاق بسيدنا موسى عليه السلام ومن معه فقال لهم النبي: إن معي ربي سيهدين، فكان ذلك كما التوكل على الله، فما كان من الله إلا أنه نجاه من فرعون وأغرقه وهو مجنوده.

أقسام التوكل على الله

التوكل على الله هو الاعتماد والاستناد الكامل على الله في جميع الأمور، سواء كانت دينية أو دنيوية، وهو مفهوم مهم في الإسلام. يمكن تقسيم التوكل على الله إلى عدة أقسام:

  • التوكل على الله في العبادات: يشمل هذا النوع من التوكل الاعتماد الكامل على الله في أداء العبادات مثل الصلاة، والصيام، والحج، والصدقة، وغيرها من الأعمال الدينية المطلوبة من المسلمين.
  • التوكل على الله في الأمور الدنيوية: يشمل هذا النوع من التوكل الثقة بأن الله سيقوم بتوفير الرزق والمعونة في الحياة اليومية، ويعني الاعتماد على الله في العمل والكسب والشؤون المالية والأمور العائلية والصحية وغيرها.
  • التوكل على الله في الأمور الشخصية: يشمل هذا النوع من التوكل الثقة بأن الله سيوفر الحماية والدعم في الأوقات الصعبة وأثناء مواجهة التحديات الشخصية مثل الاختبارات، والمحن، والأمراض، والفقدان، وغيرها.
  • التوكل على الله في العلاقات الاجتماعية: يشمل هذا النوع من التوكل الثقة بأن الله سيقوم بتوفير النصائح والمساعدة في بناء والحفاظ على العلاقات الإنسانية، ويتضمن الاعتماد على الله في التعامل مع الآخرين وحل النزاعات والصراعات بطرق سلمية.

وهناك أقسام من الناس في التوكل على الله أيضا، وهم:

  • قسم يتوكل على الله ولا يعمل بالأسباب، وفاعله مذموم لأن ذلك يسمى التواكل وليس التوكل على الله.
  • قسم يعمل بالأسباب ولا يتوكل على الله وفاعله مذموم أيضا.
  • قسم يتوكل على الله ويعمل بالأسباب، وهو أفضل قسم في أقسام التوكل على الله.

دعاء الأستخارة والتوكل على الله

  • إذا كنت تتوكل على الله فعليك أن تستخيره في جميع الأمور المهمة لديك، فثبت عن جابر بن عبدالله أنه قال: (كانَ الرسول صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ:
    • إذَا هَمَّ بالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ
    • اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لِي، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي به، ويُسَمِّي حَاجَتَهُ).

الإيمان بالقدر خيره وشره والتوكل على الله

الإيمان بالقدر خيره وشره هو مفهوم أساسي في الإسلام يعبر عن الثقة الكاملة بقضاء الله وقدره، سواء كانت تلك القضايا تبدو لنا جيدة أو سيئة في الوقت الحالي. يشير هذا المفهوم إلى القناعة بأن الله وحده يعلم ما هو خير لنا ويضع لنا الأمور بالشكل الذي يخدم مصلحتنا الأبدية.

يُعتبر الإيمان بالقدر خيره وشره أحد الأسس الرئيسية للتوكل على الله، حيث يساعد المؤمن على قبول القضاء الإلهي والاعتماد على الله في جميع الظروف، سواء كانت جيدة أو سيئة. ومن خلال الإيمان بهذا المفهوم، يتم تخفيف القلق والتوتر وتعزيز السلام الداخلي والرضا بقضاء الله.

تعتمد أهمية الإيمان بالقدر على تعليمات الدين الإسلامي، حيث يُحث المسلمون على الاعتماد الكامل على الله وقبول القضاء والقدر بصبر ورضا. فالمؤمن يعتبر أن كل ما يحدث في الحياة هو بحكمة الله وأن الله يعلم ما هو الأفضل لعباده، وبالتالي فإنه يستقبل الاختبارات والتحديات بروحية إيمانية قوية ورضا بقدر الله.

وبالتالي، فإن الإيمان بالقدر خيره وشره هو عنصر أساسي في بناء الثقة بالله وتحقيق التوكل على الله في كل جوانب الحياة.

أسئلة شائعة حول التوكل على الله

س: ما معنى التوكل على الله؟

ج: التوكل على الله هو الاعتماد والثقة الكاملة على الله في جميع الأمور، والاستناد إليه في تدبير شؤون الحياة.

س: هل التوكل يعني التخلي عن الجهد والعمل؟

ج: لا، التوكل لا يعني التخلي عن الجهد والعمل، بل يعني العمل بجد وثقة بأن الله سيقوم بتوفير النجاح والمساعدة.

س: ما هي علاقة التوكل بالقضاء والقدر؟

ج: التوكل يعني القبول الكامل لقضاء الله وقدره، والثقة بأن كل ما يحدث لنا هو بمشيئته، وأن الله يعلم ما هو الأفضل لنا.

س: كيف يمكننا أن نزيد من قدرتنا على التوكل على الله؟

ج: يمكن زيادة الثقة والتوكل على الله من خلال تعزيز العلاقة بالله، والاستغفار والدعاء، والعمل بالقوانين الإسلامية، والتفكير الإيجابي.

س: ما هي فوائد التوكل على الله؟

ج: من فوائد التوكل على الله السلام النفسي، والراحة القلبية، والثقة بالنفس، والتخفيف من القلق والتوتر، والتوجه نحو الهدف الحقيقي في الحياة.

مقالات ذات صلة