التواضع بين المدح والذم
من أجمل الصفات على الإطلاق التي قد تتواجد في شخص هي التواضع والتعاون وأن يكون الإنسان هين لين مع مما حوله من الناس.
ولكن التواضع له حدود فهناك مواضع لا يحبذ فيها التواضع ويفضل الابتعاد عنه، وسنعرف اليوم عبر موقع مقال maqall.net التواضع بين المدح والذم ومتي نتحلى به.
محتويات المقال
التواضع بين المدح والذم
- لابد أولًا من تعريف التواضع وتوضيحه حتى نعرف التواضع ما بين المدح والذم فالتواضع هو عدم التعالي والتكبر على الناس، لكن على المسلم أن يحترم الجميع مهما كانت أحوالهم أغنياء أو فقراء أو ضعفاء أو حتى إذا كان أقل منزلة منه.
- قد أمرنا الله تعالى بالتواضع حيث قال الله تعالى: “وأخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين”، أي يجب على النبي التواضع لجميع الناس، وأيضا قال الله تعالى: “تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين”.
- وعندما سئل الفضيل بن عياض عن التواضع فقال: “أن تخضع للحق وتنقاد إليه ولو سمعته من صبي قبلته ولو سمعته من أجهل الناس قبلته”.
- وقال أبو بكر رضى الله عنه عن التواضع: “لا يحقرن أحدا أحدا من المسلمين فإن صغير المسلمين عند الله كبير”، وأيضا قيل عن التواضع: “تاج المرء التواضع”.
- فالتواضع من أبرز وأهم أخلاق سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهناك نماذج ومواقف كثيرة تدل على تواضعه منها أن السيدة عائشة رضي الله عنها سئلت: ما كان النبي يصنع مع أهله؟ فأجابت: “كان في مهنة أهله أي يساعدهم فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة”.
- وقالت أيضا: “كان يحلب الشاه، ويخيط النعل، ويرقع الثوب، ويأكل مع خادمه، ويشتري الشيء من السوق بنفسه ويحمله بيديه، ويبدأ من يقابله بالسلام ويصافحه ولا يفرق في ذلك بين صغير أو كبير أو أسود أو أحمر أو حر أو عبد وكان لا يتميز على أصحابه، بل يشاركهم العمل ما قل منه وما كثر”.
- عندما قام النبي صلى الله عليه وسلم بفتح مكة، دخلها سيدنا النبي وهو رافع رأسه وذلك تواضعا لله رب العالمين، حتى إن رأسه كانت تمس ظهر ناقته وعفا سيدنا النبي عن أهل مكة وسامحهم وقال لهم: “أذهبوا فأنتم الطلقاء”.
- فالتواضع صفة محمودة تدل على طهارة النفس وفيها دعوة إلى المحبة والمودة والمساواة والعدل بين الناس وأيضا يساعد التواضع في نشر الترابط بينهم ويزيل الحسد والكره والبغض من قلوب الناس.
- إن التواضع يؤدي في نهاية الطريق إلى رضا المولى عز وجل حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما نقص مال من صدقة وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه”.
- وقال أيضا: “من تواضع لله رفعه”.
- وقال الشاعر في التواضع:
إذا شئت أن تزداد قدرا ورفعة فلِن وتواضع واترك الكبر والعجب.
كما يمكنك التعرف على: آيات قرآنية عن التواضع
المواقف المستحب فيها التواضع
التواضع لله
- التواضع لله وذلك من أفضل المواضع التي يستحب فيها التواضع حيث يتواضع العبد لله سبحانه وتعالى خالقه وأن يتذلل له وذلك يعد امتثال لأوامر الله عز وجل وتجنب نواهيه وعدم التكبر عن دعاء الله وذكر عظمة وقدرة الله.
- يكون التواضع لله عن طريق الانكسار العبد بين يدي خالقه عز وجل والطلب منه والدعاء والتضرع إليه والاحتياج الدائم لله عز وجل فتبقى نفس المسلم ذليلة بين يدي خالقها مهما تغيرت الأحوال
التواضع للوالدين
- من أجمل الصور للتواضع ويكون تواضعا محمودا هو التواضع للوالدين وعدم التكبر والتعالي عليهما في أي أمر حيث قال الله تعالى: “واخفض لهما جناح الذل من الرحمة”.
- والمعنى من الآية الكريمة هو بذل المجهود في التواضع والذلل بين يدي الوالدين وعدم إهانتهم أو التكبير عليهم سواء كان ذلك بالفعل أو حتى القول حت الأمور الصغيرة لابد الحرص فيها على التواضع معهم.
التواضع مع المؤمنين
- من أبهى وأفضل صورة للتواضع هي أن يتواضع المؤمن مع إخوته من المؤمنين، ولا يتعالى على أحد منهم سواء كان في الفعل أو حتى القول ومهما بلغت مكانته في المجتمع ومنزلته وما وصل إليهم من علم أو علم أو سلطان أو حتى كثرة مال.
- قد حث الله تعالى على التواضع مع المؤمنين حيث قال تعالى: “واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين”، فهذا التواضع بين المؤمنين له الأثر الطيب بينهم وأيضا له الأثر على المجتمع فيذيب الفروقات بين الناس ويساعد على انتشار المحبة والمودة.
كما يمكنك الاطلاع على: حكم وأقوال مأثورة عن التواضع بين الناس
المواقف التي لا يحبذ فيها التواضع
التواضع مع الظلم وأهل الدنيا
- لا يحبذ أبدا التواضع لأصحاب الدنيا لا يجوز للمسلم الحق أن يتواضع لأصحاب الدنيا طمعا فيما معهم وفيما يملكون مثل تواضع الناس لأصحاب الأموال والتذلل لهم أو أصحاب سلطة معينة.
- لا يُتسحب أبدا التواضع ولا يكون محمودا في هذا الموضع بل يكون مذموما إذا كان العبد منكسر أمام عبد أخر ويتواضع أمام البشر المتغطرسين الظالمين.
التواضع مع المتكبرين
- لقد ذم الإسلام التكبر ومن يتكبرون ويعود ذلك لأن المتكبر يسعى إلى الاتصاف بصفة تفرد الله عز وجل بها لنفسه فهذا الشخص المتكبر لا يجب للإنسان المسلم أن يتواضع أمامه أو أن يتذلل إليه أبدا.
- يكون التواضع في هذه الحالة مذموما إلى أقصى درجة، ولا يجب على العبد أن يقابله بشيء من الذل بل يجب عليه أن يقابله العبد بالعزة والكرامة بل وأحيانا الأنفة، قال الإمام الشافعي: “تكبر على المتكبر مرتين”.
التواضع في أرض القتال
لقد أجاز الإسلام وأباح للمحاربين التكبر على أعدائهم من الكفار في أثناء الحرب بل أيضا أجاز الإسلام للمسلم أن يختال على أعدائه وذم التواضع في هذا الموضع وذلك من أجل بث الرهبة والرعب والخوف في قلوبهم وكسر شوكة الأعداء.
مواقف عن التواضع
- يحكى أن رجلا من بلاد الفرس جاء برسالة من كسري ملك الفرس إلى الخليفة عمر بن الخطاب، وعندما دخل المدينة فسأل عن قصر الخليفة فأخبروه، أنه ليس له قصر فتعجب الرجل حينها مما سمع وخرج ومعه المسلمين ليرشدوه إلى مكان خليفتهم.
- وفي يظل بحثهم عن خليفتهم في أرجاء المدينة وجدوا رجلا نائما تحت شجرة فقال المسلم لرسول كسرى: هذا هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فازداد الرجل تعجبا ودهشة من خليفة المسلمين الذي يخضع له كل ملوك الفرس والروم ثم قال: حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر.
- في يوم جلست قريش تتفاخر يوما في حضور سلمان الفارسي وكان وقتها أميرا على المدائن، فأخذ كل رجل منهم يذكر ما عنده من أموال وحسب ونسب أو جاه وسلطان فقال لهم سلمان: أما أنا فأولى نطفة قذرة ثم أصير جيفة منتنة ثم آتي الميزان فإن ثقل فأنا كريم وإن خف فأنا لئيم.
ما الفرق بين التواضع والذل؟
- إن مفهوم التواضع لا يعني أبدا الذل فالتواضع نابع من الإيمان وتحديدا إيمان المرء بالله تعالى وأن يخلص له فيتولد تلقائيا عنده هذا الشعور الذي يجعله منكسر بين يدي الله عز وجل.
- بينما الذل ما هو إلا شعور المهانة النابع نتيجة انقياد العبد وراء شهواته والركض خلف الدنيا وأهل الدنيا، وعلى هذا فإن المؤمن يكون متواضعا ولا يكون ذليلا أبدا إلا لخالقه عز وجل وبتالي لا يتعالى أو يتكبر على الناس من حوليه أو يأكل حقوقهم.
- فالإنسان المتواضع على اشد دراية بأن الله هو القوي وهو المتحكم في كل شيء وهو الذي بيده شئون عباده فيتواضع لله ويتواضع مع الناس أيضا.
اقرأ أيضا: اجمل ما قيل عن التواضع
دور التعليم في تعزيز التواضع بين المدح والذم
التواضع هو صفة إنسانية مهمة تعكس انخراط الفرد في المجتمع بروح التواصل والتعاون، وتعزيزها يتطلب جهودًا مستمرة من قبل التعليم والثقافة. هناك دور كبير يلعبه التعليم في تعزيز التواضع بين المدح والذم، وذلك عبر عدة آليات:
- التربية على القيم: يجب أن يكون التعليم مركزًا على تنمية القيم الأخلاقية مثل التواضع، وذلك من خلال إدراج مواد تعليمية وأنشطة تربوية تشجع على التواضع وتعززه كجزء من شخصية الفرد.
- التوجيه والإرشاد: يمكن للتعليم أن يوجه الفرد إلى فهم أهمية التواضع وأثره الإيجابي على العلاقات الاجتماعية والنجاح الشخصي، ويقدم النصائح والإرشادات لتطبيق هذه القيم في الحياة اليومية.
- المثالية: يلعب المعلمون والقادة دورًا مهمًا في تعزيز التواضع من خلال أن يكونوا مثالًا يحتذى به في سلوكهم وتعاملهم مع الآخرين، فالمثالية في القيادة تلهم الآخرين على اعتماد سلوكيات تواضعية.
- تقدير الجهود: يجب على نظام التعليم تقدير الجهود بغض النظر عن نتائجها، وهذا يعني أنه يجب أن يتم تشجيع الطلاب على العمل بجد والتفاني في مجالاتهم دون أن يكونوا متعالين أو متكبرين.
- التواصل الاجتماعي: يمكن للمدارس والجامعات تنظيم أنشطة اجتماعية تشجع على التواصل والتعاون بين الطلاب، مما يساهم في تعزيز التواضع وفهم أهمية العمل الجماعي.