تفسير ذلك ومن يعظم شعائر الله
آية: “ذلك ومن يعظم شعائر الله” نزلت في سورة الحج في سياق الحديث عن شعائر الحج وتقديسه وتعظيمه.
وإن كانت تتحدث عن هذه الشعيرة العظيمة؛ وهي الحج والتي جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أركان الاسلام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( بني الإسلام على خمس…..)، وجعل حج البيت من أستطاع إليه سبيلاً، من ضمن الأركان، إلا أنها قد أشارت إلى أهم ما في عقيدتنا، وهي تقوى القلوب فالإيمان هو ما استقر في القلب وصدقه العمل.
محتويات المقال
سبب نزول آية: ذلك ومن يعظم شعائر الله
يقول الله سبحانه وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم؛
(وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّور)،(الحج٢٧-٣٠)
وفي الآيات أمر من الله سبحانه وتعالى؛ رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بأمر المؤمنين بالحج.
وما يقتضيه من طواف، وسعي، ونحر، وايفاء بالنذور، إعمالاً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فيقول الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم: ( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ).
ثم يختم رب العزة تفسير المؤمنين؛ أنه من أجتنب ما أمر الله به بإجتنابه في حال إحرامه تعظيماً لحدود الله سبحانه وتعالى.
فإن الله يبشره بالخير الجزيل منه سبحانه، ثم يضيف رب العزة لمن يعظم حرمات الله؛ بوصفه بالحنفاء فيقول الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم؛ (حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق).
وحنفاء لله أي مستقيمين له سبحانه؛ على الإخلاص والتوحيد له عز وجل، ويعد المشركين بالهلاك، وسحقهم في نار جهنم.
بسم الله الرحمن الرحيم؛ (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).
أي أن يعظم ما أمره الله به، وينتهي عما نهاه سبحانه، إذ أن ذلك دليل على صلاح قلبه وتقى قلبه، وفي صلاح وتقوى القلوب تفصيل
قد يهمك: هل يجوز تفسير فويل للمصلين مقطوعه عن سياق الآية؟
صلاح القلوب
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)، متفق عليه.
- والقلب جعله خالقه سبحانه سيداً على جميع الأعضاء والجوارح، فإن صلح السيد صلحت رعيته.
- إذ أن القلب محل الإيمان، بل ومحل الكفر أيضاً، وعلى قدر الإيمان كانت التقوى.
- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، وأشار إلى قلبه ثلاث مرات)، متفق عليه صحيح البخاري.
- وافساد القلوب يكون بالمعاصي والذنوب، ولا تنزع عنه إلا بالتوبة والاستغفار.
- فالاستعفار ينزع النقطة السوداء عن القلوب، والتوبة تثقلها.
- فكلما لزم الإنسان الاستغفار تطهر القلب، وتخلص من هذه النقطة السوداء.
- وإن لهي عن الاستغفار، وأصر على الذنوب لتحولت هذه النقطة السوداء إلى ران على القلوب والعياذ بالله.
تقوى القلوب
- جعل الله سبحانه وتعالى القلب سيداً وملكاً على جميع الجوارح، وجعلها كالجنود.
- فإن صلح القائد صلحت جنوده، لقوله صلى الله عليه وسلم:
- (إن في الجسد مضغة فإن صلحت صلح الجسد كله وان فسدت فسد الجسد كله وهي القلب)، متفق عليه.
- والقلب محله الإيمان والتقوى، ومحل القلب أيضاً الكفر، والنفاق، والشرك بالله.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التقوى هاهنا التقوي هاهنا، ويشير إلى قلبه).
- والإيمان في الأصل اعتقاد يقع في القلب ويصدقه العمل، فالقلب إذا استقر على الإيمان تحرر اللسان وعملت الجوارح.
- فالقلب يؤمن ويصدق، فينتج عنه أن اللسان ينطق أشهد أن لا اله إلا الله واشهد أن محمد رسول الله.
- وما كان للسان أن يتحرك إلا باطمئنان القلب بإيمانه، ثم يعود القلب عمله مرة أخرى في حب، وخوف ورجاء.
- فعندها يتحرك اللسان ذكراً لله تعالى، وقراءة للقران، وذكراً لله سبحانه وتعالى، وتسبيحاً، وتهليلاً، وتكبيراً، وتمجيدً لسيده ومولاه.
- فيتحرك الجسد كله صلاة، وسجود، ووركوعاً وصياماً.
تابع تقوى القلوب
- فيحرم الجوارح راضيةً مستكينةً تمنع عن نفسها طعامها، وشرابها، وشهوتها، وما أحل الله لها.
- وما تفعله لا يكون إلا عن إيمان قد وقر في القلب، وصدقه العمل.
- وفعل الصالحات تقر في القلب، وآياتها الجسد، لكن القلب هو محركها ومفعلها، ومنشطها.
- فلا يستقر في القلب شيء إلا ظهر أثره، ومقتضاه على البدن، بل وظهر تعبيرات ما وقر في القلب على الوجه.
- فعبادة القلب هي أهم، وأكبر، وأجل، من عبادة البدن،
- والجوارح فالأعمال يكون محلها القلب وترتبط به وأعظمها الإيمان بالله سبحانه وتعالى.
تابع تقوى القلوب
- وكذا التصديق والاستسلام الكامل والانقياد لله ورسوله.
- هذا بالإضافة إلى ما يقر في القلب من حب، وخوف، ورجاء، وإيمان، وتوكل، وصبر، ويقين، وخشوع لله سبحانه وتعالى.
- وكل هذه الأعمال من أعمال القلوب، وهي دليل على صلاح القلب.
- وكمال إيمانه، وإذ حدث ضد ما سبق ذكره فإن القلب يكون مريض.
- فالإيمان عكس الكفر، والإخلاص، عكس الرياء وهو مرض أساء للقلب وأصابه.
- واليقين معناه أن القلب سليم، والشك معناه أن القلب قد مرض، ويجب علينا كلنا العمل على صلاح قلوبنا وتطهيرها من الذنوب.
- إذ إنها قد تهلكنا إن غفلنا عنها، ولم نثقل قلوبنا بالاستغفار والتوبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- (إن العبد إذا أخطأ خطيئة نقط في قلبه نقطة سوداء، فإن هو رجع وأستغفر وتاب ثقلت.
- ثم عاد ولهى عن هذه النقطة السوداء فأصبح كالران). فيقول الله سبحانه وتعالى:
- بسم الله الرحمن الرحيم؛ (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون).
- وقال صلى الله عليه وسلم: (تعرض الفتن على القلوب كالحصيرة عودا عودا فأي قلب أشربها نقط فيه نقطة سوداء.
- وأي قلب أنكرها نقط فيه نقطة بيضاء حتى تصير على قلبين قلب أبيض مثل الصفاء لا تضره فتنة.
- ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود كالكور لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكر إلا ما أشرب من هواه) رواه مسلم.
شاهد أيضا: تفسير حلم قراءة آية الكرسي بصوت عالي
تفسير ذلك ومن يعظم شعائر الله
التفسير الميسر:
- الآية تشير إلى ما أمر الله به من توحيده وإخلاص العبادة له. ومن يعظم معالم الدين (كالحج والذبائح) إنما يعكس تقوى قلبه.
المختصر في التفسير:
- تعظم معالم الدين، ومنها الهدي ومناسك الحج، يمثل تقوى القلوب لربها.
تفسير الجلالين:
- “ذلك” يُعبر عن الأمر المتعلق بشعائر الله. وتعظيم الشعائر هو تقدير البدن الذي يُهدي للحرم، وهو من تقوى القلوب.
تفسير السعدي:
- يعبر عن تعظيم شعائر الله (المناسك والذبائح) كعلامات للدين، وتعتبر هذه الأفعال دليلاً على تقوى القلب وإجلال الله.
تفسير البغوي:
- يتحدث عن تعظيم شعائر الله كأعلام الدين، ويشير إلى أن ذلك يعكس تقوى القلوب.
التفسير الوسيط:
- يوضح أهمية تعظيم شعائر الله، كالهدي والعبادات، ويعتبر ذلك دليلاً على تقوى القلب وصلة العبد بالله.
تفسير ابن كثير:
- يشرح تعظيم شعائر الله كأوامر الله، ويعتبر تعظيمها (كالهدايا والبدن) دليلاً على تقوى القلب.
تفسير القرطبي:
- يشرح أن “شعائر الله” تشمل أعلام الدين، ويشير إلى أهمية الاهتمام بالبدن والهدايا في إظهار التقوى.