تفسير: إنا فتحنا لك فتحا مبينا
آية إنا فتحنا لك فتحا مبينا هي واحدة من أكثر آيات القرآن الكريم شيوعًا، وهي آية كريمة تقع في مطلع سورة عظيمة من سور القرآن المجيد وهي سورة الفتح، ولها مناسبة وسبب نزول، فضلاً عن معانيها القيمة.
وتبشير النبي –صلى الله عليه وسلم- بالفتح العظيم لمكة، بعد أن رد عنها بعد صلح الحديبية، وفي هذا المقال سنتحدث عن معنى قوله تعالى “إنا فتحنا ك فتحًا مبينًا”.
محتويات المقال
تفسير “إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا”
- جاء في تفسير “إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا” عند القرطبي: أنه في سنة ست للهجرة قصد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه نحو ألف وأربعمائة من الصحابة مكة المكرمة في زيارة سلمية دينية خالصة، الغرض منها أداء شعائر العمرة، كما كانت تفعل العرب.
- إلا أن قريشًا وقفت ضد ذلك، وتناقشت مع المسلمين على أن يكون هناك اتفاق يقضي بعودتهم هذا العام إلى ديارهم على أن يكون موعد زيارتهم للعمرة في العام القادم.
- وقد تم إبرام الاتفاق على ذلك بالرغم من اعتراض بعض كبار الصحابة، وعلى رأسهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
- ولكن الله تعالى أراد أن يخفف من حزن المؤمنين الذي شعروا بالغلبة والانكسار بسبب قبول النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الاتفاق.
- فأنزل الله تعالى قوله: “إنا فتحنا لك فتحا مبينا. لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا”.
- فكان في تلك الآيات الكثير من التسرية للمسلمين والتخفيف عنهم، وإشعارهم بالقوة.
- وخاصة أن قريش هي التي شعرت بالانكسار بعد تخليهم عن صلفهم وجبروتهم.
- وقبولهم للتفاهم مع المسلمين، وهم الذين طالما كانوا ينظرون إليهم نظرة دونية.
نبذة عن سورة الفتح
- قبل الدخول إلى تفسير: إنا فتحنا لك فتحا مبينا، نود أن نذكر نبذة عن سورة الفتح.
- فهي من السور المدنية بالإجماع، ولم يثل أحد بمكيتها.
- عدد آياتها تسع وعشرون آية، وقد نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم.
- ليلاً بين مكة والمدينة وكان نزولها في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها كما قال زهري.
- وهي من أفضل السور القرآنية كما جاء في الصحيحين واللفظ للبخاري أنه لما نزلت تلك السورة على النبي قال: لقد أنزلت على الليلة سورة لهى أحب إلى مما طلعت عليه الشمس، ثم قرأ قوله -تعالى-: إنا فتحنا لك فتحا مبينا”
شاهد أيضًا: تفسير: ما لكم لا ترجون لله وقارًا
فضل سورة الفتح
- ورد في الصحيحين عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- كان يسير في بعض أسفاره، وعمر بن الخطاب يسير معه ليلًا.
- فسأله عمر عن شيء، فلم يجبه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه.
- فقال عمر بن الخطاب: ثكلت أم عمر، نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لم يجبك.
- فقال عمر: فحركت بعيرى ثم تقدمت أمام الناس وخشيت أن ينزل في قرآن.
- فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي.
- فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن، فجئت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فسلمت عليه، فقال: لقد أنزلت على الليلة سورة لهى أحب إلى مما طلعت عليه الشمس، ثم قرأ قوله -تعالى-: “إنا فتحنا لك فتحا مبينا”، لفظ البخاري.
سبب نزول سورة الفتح
- نزلت هذه السورة الكريمة عندما عاد النبي – صلى الله عليه وسلم – من الحديبية في ذي القعدة من السنة السادسة من الهجرة، وذلك عندما رده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام لأداء سنة العمرة؛ ومنعوه من ذلك، واقترحوا المصالحة والمهادنة.
- وتم الاتفاق على أن يرجع عامه هذا، ثم يأتي في العام التالي؛ فوافق النبي بالرغم من امتعاض بعض الصحابة، ومنهم عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – وعندما نحر هديه حيث أحصر، وعاد، أنزل الله –تعالى- تلك السورة فيما كان من شأنه –صلى الله عليه وسلم- وشأنهم.
- واعبر الله تعالى هذا الصلح فتحا باعتبار ما فيه من المصلحة.
- وما خلص إليه الأمر بالنهاية، وقد صرح عبد الله بن مسعود رضى الله عنه وغيره.
- بذلك فقال: (إنكم تعدون الفتح فتح مكة، ونحن نعد الفتح صلح الحديبية).
شاهد أيضًا: تفسير: ومن الناس من يشتري لهو الحديث
الخلاف في معنى الفتح الوارد في الآية
- جاء في تفسير “إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا” أن هناك اختلافًا ورد السلف في معنى وتفسير الفتح الوارد في قوله تعالى: “إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا”.
- روى البخاري عن محمد بن بشار قال حدثنا غندر قال حدثنا شعبة قال سمعت قتادة أنس بن مالك رضي الله عنها قال: “إنا فتحنا لك فتحا مبينا” المقصود بالفتح الوارد فيها: صلح الحديبية.
- وروى البخاري كذلك عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال: ما كنا نعد فتح مكة إلا يوم الحديبية.
- وكان الفراء يقول: تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية.
- وكنا نعد مع النبي – صلى الله عليه وسلم – أربع عشرة مائة، والحديبية بئر
- وقال الضحاك هو فتح مكة، وسمى فتحًا مبينًا؛ لأنه تم للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين من غير قتال، ثم قال: وكان الصلح من الفتح.
- بينما رأي بعض المتأخرين من السلف أن المقصود بالفتح الوارد في تلك الآية هو فتح مكة.
- وأن الآية كانت تبشر النبي والمسلمين بما سيكون من أمر الفتح المبين الظاهر الذي لا لبس فيه ولا شك، وأنه حادث وكائن لا محالة.
شاهد أيضًا: تفسير: فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم
أهمية الفتح المبين (صلح الحديبية)
تكمن أهمية الفتح المبين الوارد في تفسير “إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا” في عدة نقاط، أهمها:
- أن صلح الحديبية جعل الدعوة الإسلامية تنطلق لمخاطبة العقول وملامسة القلوب.
- وعزز صف المؤمنين، وكان الصلح نصرًا؛ لأنه أزال الخوف والوهن من القلوب.
- كما أن الصلح ساهم في دخول الكثيرين إلى الإسلام.
- فقذ ذكرت بعض كتب التاريخ أن عدد الذين دخلوا الإسلام بعد إبرام الصلح.
- وخلال عام واحد كان أكثر من الذين دخلوه منذ البعثة النبوية، وبذلك كان فتحًا عزيزًا للنبي وللمسلمين.
- ولاشك أن دخول خالد بن الوليد وعمر بن العاص كان فتحًا مبينًا.
- وكان إسلامهما نتاجًا لصلح الحديبية، وقد صارا بعد ذلك من أعمدة الإسلام ومن أسباب قوته وعنفوانه.
- كما كان في صلح الحديبية تقتيد لعضد المنافقين في المدينة ومن حولها بعد أن تآمروا مع المشركين والحاقدين من أهل الكتاب ولاسيما اليهود لإضعاف الإسلام والقضاء عليه.
- كانت الأجواء التي رسمها صلح الحديبية أجواء تتسم بالحوار الهادئ.
- بعيدًا عن التشنج والتعصب، وكان الحوار الذي أداره المصطفى –صلى الله عليه وسلم- أساسه الحجة والإقناع، وهو الذي ساعد على فتح القلوب للإسلام.
أسئلة شائعة حول آية إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا
ما هو تفسير الآية (إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا)؟
الآية تشير إلى الفتح الكبير الذي تحقق للنبي محمد ﷺ وللمسلمين. يُفَسَّر هذا الفتح بأنه فتح مكة في السنة 8 هـ، والذي كان نصراً عظيماً للمسلمين، ويُعتبر حدثًا تاريخيًا بارزًا في تاريخ الإسلام.
لماذا سُميت هذه الآية بـ (الفتح المبين)؟
سُميت بـ (الفتح المبين) لأنها تتعلق بالنصر الكبير والواضح الذي تحقق للمسلمين، حيث كانت النتيجة واضحة وصريحة في انتصارهم على مكة وفتحها دون قتال كبير.
ما هو السياق التاريخي للآية؟
نزلت هذه الآية في سياق الحديث عن صلح الحديبية، والذي كان فيه الكثير من الصعوبات والمشاكل، ولكن بعده جاء الفتح الكبير. فتح مكة كان بمثابة تتويج لجهود النبي ﷺ والمسلمين في تحقيق النصر والعدل.
ما هي دلالات الآية في سياق الدعوة الإسلامية؟
الآية تدل على أن الله قد يضع النصر في غير توقُّعات الناس، وتُظهر كيف أن الصبر والإصرار في الدعوة الإسلامية يؤديان إلى النصر الكبير. كما تبرز أهمية الالتزام بأوامر الله والنبي ﷺ لتحقيق الأهداف الإلهية.