هل يجوز التراجع عن الحلف
هل يجوز التراجع عن الحلف؟، موقع maqall.net يقدمه لكم، حيث أنه سؤال يطرحه الكثير ممن يحلفون على فعل شيء ما، ومن ثم يجدوا الخير في عدم فعله أو في فعل غيره.
فيتراجعون عنه بنيتهم، ولكن يبقى السؤال أمام الله، هل يجوز هذا الأمر، أم لا يقبل ذلك؟
محتويات المقال
هل يجوز التراجع عن الحلف؟
- القسم والحلف من وسائل إثبات صحة الكلام لدى المتحدث، سواء بالكتابة أو النطق، لذلك يعتبر الحلف الجزء الأساسي في المحاكم القانونية قبل الأخذ بأقوال أي من أطرافها.
- أقسم الله في كتابه الكريم الكثير من المرات بكثير من الأشياء، حيث أقسم بالنهار والشمس والليل والضحى.
- كما أقسم بالتين وبالزيتون، كذلك أقسم حتى بحرف من حروف اللغة، في قوله “ن” كما أقسم بالقلم في نفس السورة.
- وعلى الرغم من كل تلك الأشياء التي مجدها الله بقسمه بها، إلا أنه لا يجوز للمسلم القسم بغير الله.
- لذلك يعد القسم بالكعبة وبالحياة وبالرحمة وبغيرها من الأشياء التي يتلفظ بها المسلم في قسمه، تعتبر إثم.
ولا يفوتك قراءة مقالنا عن: الحلف بغير الله في القرآن
التراجع عن الحلف في سنة الرسول
- على الرغم من قيمة القسم وعظمته، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أباح لنا الرجوع عنه.
- وما أعظم تلك إجابة عن سؤال هل يجوز التراجع عن الحلف.
- حيث أنه في حديث الرسول، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- “مَن حَلَفَ علَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَها خَيْرًا مِنْها، فَلْيَأْتِ الذي هو خَيْرٌ، ولْيُكَفِّرْ عنيَمِينِهِ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- ويظهر لنا في هذا الحديث إباحة الرسول الكريم التراجع عن الحلف عن شيء ما، إذا رأى الخير في غيره من الأفعال.
- كما أوضحت لجنة الفتوى بمركز البحوث الإسلامية.
- أن الرجوع في اليمين يكون بوجود الخير في جهة نظر عامة، لا من وجهة نظر الشخص فقط.
- فإذا حلف أحدهم مثلاً على عدم الزواج من امرأة معينة، ثم رأى فيها الخير فتزوجها، فهذا جائز ويجب عليه الكفارة عن يمينه فقط.
- إما إذا كان اليمين على عدم فعل شيء حرام وفعله، فهذا باطل ولا يصح الرجوع في هذا الحلف.
- وعلى الشخص أن يكون حريص على عدم إصدار أي حلفان لن يلتزم به.
- وفي حال أقسم المرء على المعصية بمختلف صورها، فهذا يسمى يمين الفاجرة، ولا يجب على المسلم تنفيذه.
- إضافةً لذلك، فوجب على المسلم الذي أقسم بمثل هذا القسم، أن يكفر عن هذا القسم ويتبرأ منه، فالقسم لا يجوز إلا على فعل الخير.
- كما أكد الدكتور عثمان عويضة أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إجازة الرجوع في الحلف بشرط التكفير عنه كما حدد الشرع.
صحة الاستثناء في اليمين وشروطه
- الاستثناء في اليمين أمر من الأمور الفقهية التي يهتم بها كل مسلم في حلفه الكثير في معظم الجمل الحوارية المتداولة بين الناس.
- لذلك يتساءل الناس هل يجوز التراجع عن الحلف، وما صحة الاستثناء في اليمين، وهذا ما سوف يذكر في هذا المقال.
- واجب على كل مسلم ومسلمة حفظ ألسنتهم من كثرة الحلف بداعي ومن دون داعي.
- كما قال تعالى “وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”.
- لذلك وجب على كل مسلم ومؤمن أن يكون حالماً مفكراً قبل أن يتكلم، ويزن الكلام جيداً قبل خروجه من فمه.
- عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ.
- لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وإن أهم شرط لاستثناء اليمين، هو أن يكون متصلاً اتصالاً مباشراً باليمين، أو أن يكون مفصولاً عنه.
- جاء أهل العلم بأربعة أشكال للشروط، جاءت في فتح الدردير، ومختصر الخليل المالكي، جواباً عن سؤال يجوز التراجع عن الحلف أم لا.
- تعد أهم الشروط هي نية الشخص الذي يحلف، فإن لم يكن عن قصده القسم، فصح عليه الاستثناء.
- وفي حال كان المستثنى يتصل بالاستثناء، أو حال بينهما قاطع، مثل السعال والكحة، أو التثاوب، فعليه الاستثناء.
- وإذا كانت نية المرء ألا يحلف، ونسي هذا، وذل لسانه وحلف بالخطأ، فعليه أيضاً الاستثناء.
- أما عن نية المرء في القسم لتدارك موقف ما، ثم الرجوع عن الحلف، فهو آثم، وعليه أن يكفر عن الحلف.
- حيث قال الله تعالى: “لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ “.
ولا تتردد في زيارة مقالنا عن: الكبائر السبع المذكورة في القراّن والسنة
رأي ابن الباز فيمن يتراجع عن قسمه
- أجاب الشيخ ابن الباز المفتي الأسبق للديار السعودية عن سؤال هل يجوز التراجع عن الحلف، في إجابتين محددتين.
- الأولى أوضحنا ابن الباز أنها حالة الغضب، إذا حلف المسلم وهو غاضب، فلا يقع قسمه ولا يؤخذ به.
- ولكن هذا في حالات الغضب الشديد ما يسميه الأطباء بالهياج، وليس في كل حالات الغضب على اختلاف مستوياتها.
- لذلك يفسر عدم وقوع يمين الطلاق على الزوجة إن كان الزوج حلف يمين الطلاق في وقت خناق أو غضب.
- وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “مَن حَلَفَ علَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَها خَيْرًا مِنْها، فَلْيَأْتِ الذي هو خَيْرٌ، ولْيُكَفِّرْ عنيَمِينِهِ”.
- أما عن الجانب الحالة الثانية، فهي الرجوع عن اليمين دون وجود استثناء من السابق ذكرهم.
- فعليه التكفير عن يمينه بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة أو صوم ثلاثة أيام.
القسم الحرام الحلف به وكفارته وعقابه
- الحلف بغير الله حرام، كما ذكرنا له من أمثال، فالحلف بالنبي أو الكعبة أو غيرها من مخلوقات “من حَلَف بغيرِ اللهِ كَفَر” حديث صحيح كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه المستدرك بالإجماع.
- ذكر الله تعالى كفارة القسم في كتابه الكريم حيث قال تعالى في سورة المائدة: “لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ”.
- واختلفت الفقهاء في التخيير أو التتابع بين الفقرات، فمنهم من رأى ضرورة لمن قادر على إطعام.
- أو كساء عشرة مساكين أن يفعل ذلك دون اللجوء للصيام.
- ومنهم من رأى التخيير على الحانث في حلفه بأن يطعم المساكين أو كسوتهم.
- أو الصيام حتى وإن كان مقتدر على ما قبله.
- ومن لا يقوم بالتكفير عن حلفه فهو مرتكب لإثم، ولا يقع ذلك الإثم مهما مر الزمن عليه، كما أنه يعد كبيرة من الكبائر.
- أما عن عقاب المتعمد بعدم التكفير عن حلفه، أن يغمس في النار، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص.
- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الكَبائِرُ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعقُوقُ الوالِدَيْنِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ”
كفارة حنث اليمين عدة مرات
- أوضح الشيخ أمين عثمان أمين الفتوى بدار الإفتاء أن كفارة عدة أيمان متتالية تعد وكأنها واحدة، إذا كان الموضوع واحد.
- أما إذا كان الحلف على عدة مواضيع مختلفة، فلكل حلف منهم كفارته ولا يكفر عنه بالطبع مرة واحدة.
- كذلك أكد الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر، على اختلاف العلماء في تلك المسألة.
- حيث يرى البعض أن حتى ولو كان الموضوع واحد ولكن لكل يمين كفارته.
- فيما رأى آخرون كما ذكرنا أنها كفارة واحدة مادام الموضوع واحد.
- كما أضاف تأييده للرأي الأول أكثر؛ حتى يكف لسان المسلم عن الحلف المتكرر، فتكون كفارة كل يمين على حدي، حتى وإن كان الموضوع واحد.
ولا يفوتك قراءة مقالنا عن: ما هي كفارة القسم بالله عند الغضب؟
حكم حنث اليمين على المصحف
- قال محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الحلف على المصحف خطأ أو كذب، له كفارته مثل القسم العادي.
- كما أضاف شلبي ضرورة إمساك لسان المسلم عن القسم المتكرر والدائم.
- أما عن الحلف بالمصحف، فأجاز به؛ حيث أنه كلام الله تعالى، أي صفته، فلا حرج عليه في ذلك.
- ومقارنه مثل كفارة اليمين العادي سواء بالتتابع أو التخيير فيما بين إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون.
- أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، أو صيام ثلاث أيام.
وبذلك نكون قد أجبنا عن سؤال هل يجوز التراجع عن الحلف، وذكرنا آراء الفقهاء والعلماء في ذلك، كما تم الاستدلال من بعض الآيات والأحاديث، وتعميم الإجابة عن هل يجوز التراجع عن الحلف بالإيجاب، بوجوب الكفارة، ووجود الاستثناءات، والله أعلى وأعلم.