هل يوجد ليل ونهار في عالم البرزخ؟
هل يوجد ليل ونهار في عالم البرزخ؟ القبر أول منازل الأخرة، وما منا من أحد رجل أو امرأة أو طفل يموت إلا وهو ذائقه، وقد سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستعاذة منه دبر صلاة بعد التشهد وقبل التسليم.
وسنجيب في هذا المقال عن السؤال التالي؛ وهو هل يوجد ليل أو نهار في عالم البرزخ.
محتويات المقال
الإيمان بعذاب القبر ونعيمه
أن يؤمن العبد بالقبر وبعذابه ونعيمه هو واجب عليه، وفرض، ومن أنكره من العباد كفره العلماء.
ومنهم من فسقوه، وهذا مذهب أهل السنة، والجماعة، وأهل الملة، فإن الله يحيي الميت في قبره.
ويرد إليه روحه وعقله؛ ليعقل ما يُسأل ويعقل الجواب.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
(لما أخبر النبي بذلك و فتنة القبر وسؤال الملكين، فقال له سيدنا عمر:
يا رسول الله، أيرجع لى عقلي؟ قال: نعم كهيئاتكم اليوم.
قد يهمك: حياة البرزخ وأسراره
رحمة الله بعبده إذا دخل قبره
قال عطاء الخرساني:
(أرحم ما يكون الرب بعبده إذا دخل قبره، وتفرق عنه الناس، وغادره أهله) رواه ابن عباس.
فإن الله ينظر إلى عبده فيري ما وصل إليه عبده من ضعف ووحدة، وخوف، فيكون سبحانه وتعالى أشد رحمة بعبده.
هل يوجد في القبر ليل أو نهار؟
عندما يموت الإنسان ينتهي الوقت، والزمن، وحساب الأيام، فلا ليل ولا نهار ولا صيفاً ولا شتاءاً.
إما نعيم مقيم، حتى قيام الساعة، أو ما شاء الله، وإما عذاب مقيم حتى قيام الساعة، أو ما شاء الله.
لكن للوقت حساب في عالم البرزخ بخصوص أمر واحد.
فلو أن عبداً مات ودفن وعليه ذنوب يعذب بها.
فإن أستوفى عذابه في قبره، وانتهت ذنوبه بما يحكم الله عليه، تحول عذابه نعيماً.
لأن عذاب القبر مكفر للذنوب، التي لم يستغفر عنها الإنسان في الدنيا، ولم يتوب عنها، ولم تكفرها ابتلاءات الدنيا.
ولا سكرات الموت، فمرض الموت وسكرات الموت، من مكفرات الذنوب أيضاً.
فإن بقي عليه ذنوب؛ كفرها عذاب القبر فإن أستوفى حقها استحال عذابه نعيماً بإذن الله.
أول الملائكة التقاء بالميت
روي عن ابن مسعود رضي الله عنه:
(أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أول ما يلقي الميت إذا دخل قبره؟) قال:
يا ابن مسعود ما سألني عنه أحد إلا أنت، فأول ما يلقى هو ملك أسمه رومان.
يجوس خلال المقابر، ويقول يا عبد الله أكتب عملك، فيقول ليس معي دواه ولا قرطاس.
فيقول: كفنك قرطاس، وريقك مدادك، وقلمك إصبعك، فيقطع له قطعة من كفنه.
ثم يجعل العبد يكتب، وإن كان غير كاتب في الدنيا، فيذكر حينئذ حسناته وسيئاته كيوم واحد.
ثم يطوي الملك القطعة، ويعلقها في عنقه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوله تعالى:
(وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه).(الإسراء١٣).
وصف الملكين منكر ونكير
إذا فرغ الميت من الملك رومان، دخل فتاَنا القبر، منكر ونكير وهما ملكان أسودان يخرقان الأرض بأنيابهما.
لهما شعور مسدوله يجرونها على الأرض، كلامهما كالرعد القاصف، وأعينهما كالبرق الخاطف، وأنفاسهما كالريح العاصف.
بيد كل واحد منهما مقمع من حديد، لو أجتمع عليه الثقلان ما رفعاه، ولو ضرب به أعظم جبل لجعله دكاً.
فإن أبصرتهما النفس، أرتعدت وولت هاربة، فتدخل في منخار الميت، فيحيى الميت من الصدر.
وتكون كهيئته عند الغرغرة، ولا يقدر على الحراك، غير أنه يسمع وينظر، فيقعدانه، ويبتدانه بعنف، وينهرانه بجفاء.
سؤال الملكين منكر ونكير
عندما يدخلان على الميت في قبره يقولان له من ربك؟ وما دينك؟ وماذا تقول في الرجل الذي بعث فيكم؟ وما قبلتك؟
فمن ثبته الله قال: ربي الله؛ وديني الإسلام، ورسولي هو محمد صلى الله عليه وسلم، وقبلتي هي الكعبة.
فيقول أحدهما للأخر: صدق صدق وكُفى شرنا، ثم يوسعا له في قبره، ويجعلون على قبره كالقبة العظيمة.
ويفتحان له باباً إلى الجنة من تلقاء يمينه، ثم يفترشان له من حريرها وريحانها.
ويدخل عليه من نسيمها وروحها، ويأتيه رجل حسن المنظر على صورة أحب الأشخاص إليه.
يؤنسه، ويحدثه، ويملأ قبره نوراً، فلا يزال في فرح، وسرور حتى قيام الساعة.
ولا يكون شيئاً أحب إليه من قيام الساعة، فيقول ربي أقم الساعة، ربي أقم الساعة.
فيقال له: نم كنومة العروس في خدرها.
ويفتح له باباً إلى النار، فيرى فيه شرها، وحرها، وعذابها، وأغلالها، فيقال له:
(أنظر هذا كان سيكون مقامك لولا أن ثبتك الله فيغلق.
ويقولان له: لا عليك قد أبدلك الله بموضع كهذا في الجنة، نم سعيداً.
فلم يدري ما مر به من شهور، وأعوام، ودهور، وهذا دليل على إنه لا ليل ولا نهار في عالم البرزخ.
حساب الملكين للكافر
فإن كان الميت له عقيدة التوحيد فعند سؤاله من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ وما قبلتك؟
يقول: (لا أدرى)، فيضرب ضربة يشتعل منها قبره ويصرخ صرخة يسمعها كل خلق الله إلا الثقلين الجن والإنس.
ثم تُطفئ النار، ثم يضرب مرة أخرى فيشتعل القبر ناراً، ويصرخ ويظل في عذاب حتى قيام الساعة.
اقرأ أيضا: حقائق غريبة عن حياة البرزخ
حال العصاة من الموحدين
من الناس من كان يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وهو يقرأ القرآن، لكنه لا يأتي أوامره، ولا ينتهي بنواهيه.
ومنهم من ينطق الشهادتين، ولا يقرأ القرآن، ولا يأتي من أركان الإسلام إلا الشهادتين.
فما حال هؤلاء، فإنهم لعلي خطر عظيم، وينتظرهم أهوال لا قبل لهم بها أعاننا الله وإياكم.
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أكثر عذاب القبر في البول)، فقد مر صلى الله عليه وسلم بقبرين.
فقال: (إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستبرئ من بوله).
وعن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مر على قبرين، وقال: (إنهما يعذبان، ولا يعذبان في كبيرة.
أما أحدهما فكان يأكل لحوم الناس، والآخر صاحب نميمة، ثم أمر بغصن شجرة.
ثم شق الغصين إلى شطرين، وقال عسى أن يخفف عنهما ماداما رطبتين).
وعن ابن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
أُمر بعبد من عباد الله أن يضرب بقبره مئة جلدة فلم يزل يسأل الله تعالى ويدعوه حتى صارت جلدة واحدة،
فأمتلأ قبره ناراً بسببها، فلما رفع عنه وأفاق، قال: (لما جلدتموني؟ قيل إنك صليت صلاة واحدة بغير طهور.
ومررت بمظلوم فلم تنصره)، فما من عمل إلا وله أثر في القبر، إن كان خيراً فهو خير.
وإن كان شراً فهو شر، وعلى الله قصد السبيل، والله المغيث من شر أعمالنا.
ما ينجي المؤمن من عذاب القبر
عن سلمان، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه. وإن مات جرى عليه عمله، وجري عليه رزقه، وعصم من الفتان، أي من فتنة القبر.
وعن فضاله بن عبيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطاً في سبيل الله فهو يمد له في عمله ويعصم من فتنة القبر).
وعن المقدام بن معدي قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(للشهيد ست خصال، يغفر له مع أول قطرة من دمه، ويرى مقعده من الجنة.
ويجار من عذاب القبر، ويعصم من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار.
ويتزوج من اثنان وسبعون زوجة من الحور، ويشفع في سبعين من أقاربه).
وعن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(من قرأ سورة الملك كل ليلة جاءت تجادل عن صاحبها، في القبر فهي الواقية، و المنجية من عذاب القبر).
وقال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وددت لو إنها في قلب كل إنسان من أمتى).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر) ضعيف الإسناد.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من مات مريضاً مات شهيدا، ووقي من فتنة القبر).
وقوله صلى الله عليه وسلم عن أن من مات مريضاً فهو شهيد فقد فسره العلماء أنه يشمل جميع الأمراض.
ومن العلماء من خصص هذا الحديث بداء البطن، وذلك لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (من مات مبطوناً فهو شهيد).
وعن خيثمة ابن عبد الرحمن عن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من وافق موته عند انقضاء رمضان دخل الجنة، ومن وافق موته عند انقضاء عرفة دخل الجنة.
ومن وافق موته عند انقضاء صدقته دخل الجنة)، ضعيف الإسناد.
تابع ما ينجي المؤمن من عذاب القبر
وعن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة.
وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة).
يزيد المؤمن سعادة فوق سعادته والكافر تعاسة فوق تعاسته.
اخترنا لك أيضا: موضوع عن الحياة البرزخية
وفي نهاية مقالنا الذي تحدثنا فيه عن هل يوجد ليل ونهار في عالم البرزخ، وتناولنا فيه الإيمان بعذاب القبر ونعيمه، وكذلك رحمة الله بالعبد إذا دخل قبره.
وأيضًا ما ينجي المؤمن من عذاب القبر، بالإضافة إلى أول الملائكة التقاء بالميت وكذلك هل يوجد في القبر ليل أو نهار.
وأيضًا سؤال الملكين منكر ونكير، بالإضافة إلى حال العصاة من الموحدين، وأخيراً حساب الملكين للكافر.
ونذكر أنفسنا وإخواننا القراء بالإستعاذات الخمس التي سنهم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دبر كل صلاة بعد التشهد، وقبل التسليم.
( اللهم إني أعوذ من عذاب في القبر ومن عذاب في النار ومن فتنة المحيا وفتنة الممات وفتنة المسيح الدجال).
أعاذنا الله وإياكم منها ونرجو أن نكون قد قدمنا لكم محتوى مفيد وهادف، ونتمنى منكم نشر المقال على وسائل التواصل الاجتماعي؛ لتعم الفائدة.