الفرق بين الغيبة والنميمة والبهتان
قد تختلط علينا كثيراً بعض المفاهيم اللغوية ولا نستطيع التمييز بينها بصورة متقنة، حيث يكون الاختلاف بين المصطلحات من الناحية اللغوية والبعض منها من الناحية الدينية، لذلك سنتحدث اليوم عبر موقع مقال maqall.net من خلال هذا المقال عن الفرق بين الغيبة والنميمة والبهتان.
محتويات المقال
الفرق بين الغيبة والبهتان
- الغيبة: هي ذكر الشخص في مجلسك بالصفات السيئة التي به من خلال لفظ أو إشارة أو محاكاة سواء في نفسه أو ماله أو لبسه أو مسكنه وهي صفات نهى عنها الدين الإسلامي الحنيف.
- البهتان: وهو لفظ يقال عند ذكر سيرة المسلم بما ليس فيه والكذب في وصفه للإساءة إليه، مثل أن يكون سليماً معافى ويطلق عليه الأعرج أو أنه يتميز بالكرم ويقال إليه بخيل، كما أنه أعظم عند الله من الغيبة لأنه عبارة عن كذب وافتراء بالباطل.
- ولقد أوضح النبي -صلى الله عليه وسلم-الفرق بين الغيبة والبهتان، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: (أَتَدْرونَ ما الغِيبَة؟ قالوا: اللَّه ورَسوله أعْلَم، قالَ: ذِكْركَ أخاكَ بما يَكْرَه قيلَ أفَرَأَيْتَ إنْ كانَ في أخِي ما أقول؟ قالَ: إنْ كانَ فيه ما تَقول، فَقَدِ اغْتَبْتَه، وإنْ لَمْ يَكنْ فيه فقَدْ بَهَتَّه).
- ولذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن قالَ في مؤمنٍ ما ليسَ فيهِ أسكنَه اللَّه رَدغةَ الخبالِ حتَّى يخرجَ مِمَّا قالَ)، والمقصود به أنَّ الله يعذِّبه بعصارةِ أهل النَّار وصَديدِهم، حتى يتوب عمن قيل فيه هذا البهتان والغيبة.
- كما قال الحسن: (الغِيبة ثلاثة أوجه -كلها في كتاب الله تعالى-: الغيبة، والإفك، والبهتان.
- فأمَّا الغيبة، فهو أن تقول في أخيك ما هو فيه وأما الإفك، فأن تقول فيه ما بلغك عنه وأما البهتان، فأن تقول فيه ما ليس فيه) وأيضاً قال الجرجاني: (الغِيبة ذكر مساوئ الإنسان التي فيه في غِيبة، والبهتان ذكر مساوئ الإنسان، وهي ليست فيه).
اقرأ أيضا: حقائق عن الغيبة والنميمة
الفرق بين الغيبة والنميمة
- الغيبة هي أن أشهر الصفات السيئة في أخيك المسلم والتي يكرهها ولا يحبذ إظهارها وذلك يكون في غيابه مثل قول إنه قصير أو أنه غبي فمثل هذه الصفات لا يحبذ المسلم أن يشتهر بها.
- وقد عرَّفها النبي -صلى الله عليه وسلم-فقال لأصحابه: (أَتَدْرونَ ما الغِيبَة؟ قالوا: اللَّه ورَسوله أعْلَم، قالَ: ذِكْركَ أخاكَ بما يَكْرَه قيلَ أفَرَأَيْتَ إنْ كانَ في أخِي ما أقول؟ قالَ: إنْ كانَ فيه ما تَقول، فَقَدِ اغْتَبْتَه، وإنْ لَمْ يَكنْ فيه فقَدْ بَهَتَّه).
- بينما النميمة وهي مصطلح يقال عندما يوجد شخص ينقل بين طرفي الكلام الموجه لكلا منهما للأخر، أي تعني تداول الكلام بين الناس بقصد تخريب العلاقات بينهم.
- كما أن النميمة أشد خطراً وسوءاً من الغيبة وذلك لأن النميمة تسبب مشاكل بين الناس تملأها العداوة والبغضاء كما أنها تكون سبباً قوياً في قطع صلة الأرحام مما يعكر صفو المجتمعات.
كما يمكنكم الاطلاع على: كيف أتجنب الغيبة والنميمة
ذم النميمة في السنة النبوية
- لقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على تجنب النميمة على خلق الله حيث: يقول حذيفة رضي الله عنه: قال رسول الله ﷺ: ((لا يدخل الجنة نمَّام))، وفي رواية ((قتَّات))، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إنَّ محمدًا ﷺ قال:((ألا أنبئكم ما العضة؟ هي النَّمِيمَة القالة بين النَّاس)).
- يقول عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما: (مرَّ النَّبي ﷺ بقبرين، فقال: إنَّهما ليعذَّبان، وما يعذَّبان في كبير أمَّا أحدهما: فكان لا يستتر من البول، وأمَّا الآخر: فكان يمشي بالنَّمِيمَة فأخذ جريدة رطبة، فشقَّها نصفين، فغرز في كلِّ قبر واحدة فقالوا: يا رسول الله، لم فعلت هذا؟ قال: لعلَّه يخفِّف عنهما ما لم ييبسا).
كما أدعوك للتعرف على: الفرق بين الغيبة والنميمة
ذم النميمة في كتب العلماء
- حتى أن ورثة الأنبياء تناولوا الحديث عن النميمة ونهوا عنها مثل قول العلماء في: قال رجل لعمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: (يا أمير المؤمنين، احذر قاتل الثَّلاثة، قال: ويلك، من قاتل الثَّلاثة؟ قال: الرَّجل يأتي الإمام بالحديث الكذب، فيقتل الإمام ذلك الرَّجل بحديث هذا الكذَّاب، ليكون قد قتل نفسه، وصاحبه، وإمامه).
- وكما روي أنَّ سليمان بن عبد الملك كان جالسًا وعنده الزهري، فجاءه رجل فقال له سليمان: بلغني أنَّك وقعت فيَّ، وقلت كذا وكذا، فقال الرجل: ما فعلت ولا قلت، فقال سليمان: إن الذي أخبرني صادق، فقال له الزهري: لا يكون النَّمام صادقًا. فقال سليمان: صدقت، ثمَّ قال للرجل: اذهب بسلام
الغيبة في الإسلام
- لقد نهى الإسلام بصورة مباشرة من الغيبة وذلك من خلال ذكره عز وجل إياها في آيات المصحف الشريف وذلك في قوله تعالى: يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنوا اجْتَنِبوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضكمْ بَعْضًا أَيحِب أَحَدكمْ أَنْ يَأْكلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتموه وَاتَّقوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيم) -سورة الحجرات:12.
- كما حثنا نبينا الكريم في السنة النبوية عن اجتناب الغيبة والبعد عنها لما لها من إثم عظيم وذلك في قوله:
- وعن النبي ﷺ: «يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عورات المسلمين يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه وهو في بيته».
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: «قلت للنبيِّ ﷺ حسبك من صفيةَ كذا وكذا، قال: غير مسَدِّدٍ تعني قصيرةً.
- فقال: لقد قلتِ كلِمَةً لو مزِجت بماءِ البحرِ لمزجته قالت: وحكيْت له إنسانًا، فقال: ما أحِب أني حَكيْت إنسانًا وأن لي كذا وكذا.
- وذكر أيضاً عن أنس عن النبي ﷺ أنه قال: «َلَمَّا عرِجَ بِي مَرَرْت بِقَوْمٍ لَهمْ أَظْفَارٌ مِنْ نحَاسٍ يَخْمِشونَ وجوهَهمْ وَصدورَهمْ، فَقلْت: «مَنْ هَؤلاَءِ يَا جِبْرِيل؟» قَالَ: «هَؤلاَءِ الَّذِينَ يَأْكلونَ لحومَ النَّاسِ وَيَقَعونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ»».
- والقائل والمستمع أيضا للغيبة سواء، قال عتبة بن أبي سفيان لابنه عمرو: «يا بني نزِّه نفسك عن الخنا، كما تنزه لسانك عن البذا، فإن المستمع شريك القائل».
أسباب الوقوع في الغيبة
إن للوقوع في الغيبة الكثير من الأسباب والتي أهمها:
- شعور المغتاب بالغيظ من شخص آخر مما يدفعه لتشويه صورته بذكر مساوئ هذا الشخص.
- ويعود ذلك لقلة إيمان الشخص المغتاب وضعف تدينه.
- عدم إدراك المغتاب بشكل عام الحكم الشرعي للغيبة بجانب أيضا ما ينتج عنها من إثم عظيم.
- كما أنها قد تكون إلى البيئة والنشأة الخاصة بالمغتاب فقد تكون طبيعة الثقافة التي نشأ عليها سيئة وغير متمسكة بتعاليم الدين.
- كما يرجع لأسباب الغيبة أن تكون الصحبة سيئة ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الرجل على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدكم من يخالِل).
- وقد يكون المغتاب يشعر بنقص وقصور في جانب معين في عوض ذلك بالتنقيص من شخص أخر وذلك لرفعة النفس لديه.
- كذلك سوء الظن يجعل الإنسان يغتاب غيره في نفسه ثم لسانه.
- الغيبة صفة سيئة ولكنها مرتبطة لدى كثير من الموظفين وذلك للتقرب من المسؤولين، وأصحاب الأعمال فيقوم المغتاب بذكر مساوئ غيره وذلك للارتقاء في وظيفته.
- وإذا كان الشخص حاسد وحاقد على زميل له فذلك يدفعه إلى ذكر عيوبه.
كفارة الغيبة
- الغيبة تعد واحدة من الكبائر في الدين الإسلامي والكفارة لها التوبة والندم، والاعتبار من الشخص الذي اغتبته، وقال ابن تيمية:
- «ومَن ظلم إنساناً فقذفه أو اغتابه أو شتمه ثم تاب قبِل الله توبته، لكن إن عرف المظلوم مكَّنه من أخذ حقه، وإن قذفه أو اغتابه ولم يبلغه ففيه قولان للعلماء هما روايتان عن أحمد: أصحها أنه لا يعلمه أني اغتبتك، وقد قيل: بل يحسن إليه في غيبته كما أساء إليه في غيبته؛ كما قال الحسن البصري: كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته»
مواضع يباح فيها الغيبة
- الغيبة جرم عظيم في تعاليم الدين الإسلامي ولكن هناك بعض الأبواب التي يباح فيها الغيبة ولا تعد إثمًا يعاقب عليه العبد حيث يقول النووي:
- اعلم أنَّ الغِيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها وهو ستة أبواب: الأول: التظلم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما مما له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه، فيقول: ظلمني فلان كذا.
- الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر ورد المعاصي إلى الصواب، فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا، فازجره عنه.
- الثالث: الاستفتاء، فيقول: للمفتي: ظلمني أبي، أو أخي، أو زوجي، أو فلان بكذا.
- الرابع: تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم.
- الخامس: أن يكون مجاهرًا بفسقه أو بدعته، كالمجاهر بشرب الخمر ومصادرة الناس وأخذ المكس وغيرها.
- السادس: التعريف، فإذا كان الإنسان معروفًا بلقب الأعمش، والأعرج والأصم، والأعمى والأحول، وغيرهم جاز تعريفهم بذلك.
- جمعها ابن الأمير الصنعاني في بيتين:
الذَّم ليس بغِيبةٍ في سِتَّةٍ متَظَلِّمٍ ومعَرِّفٍ ومحَذِّرِ.
ولمظْهِرٍ فِسْقًا ومسْتَفْتٍ ومَنْ طَلَبَ الإعانة في إزالة منْكَرِ.
حكم سامع الغيبة
لقد حث الإسلام السامع لمن يغتاب أن ينكرها ولا يستمع لها وذلك وفقاً لقول رسول الله:
- عن النبي قال: «مَن ذبَّ عن عِرضِ أخيهِ بالغيبةِ، كانَ حقًّا علَى اللَّهِ أن يعْتِقَه منَ النَّارِ»
- قال النووي في الأذكار: «اعلم أن الغيبة كما يحرم على المغتابِ ذكرها، يَحرم على السامعِ استماعها وإقرارها، فيجب على من سمع إنساناً يبتدئ بغيبةٍ محرمةٍ أن ينهاه إن لم يَخَفْ ضرراً ظاهراً، فإن خافه وجب عليه الإنكار بقلبه، ومفارقة ذلك المجلس إن تمكن من مفارقته، فإن قدرَ على الإِنكار بلسانه، أو على قطع الغيبة بكلامٍ آخر لزمه ذلك، فإن لم يفعل عصى»
حكم الغيبة والنميمة
- حرم الله تعالى في القرآن الكريم الغيبة والنميمة حيث قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ).
- وقد نهانا نبينا الكريم أيضا عن الغيبة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (رأيت اسري بي رجالاً لهم أظفار من نحاس يخدشون بها، وجوههم وصدروهم، فقلت من هؤلاء؟ قيل له: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم).