تفسير وسبب نزول: لا إكراه في الدين

تفسير وسبب نزول: لا إكراه في الدين، قد ورد قوله تعالى (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرشْد مِنَ الْغَيِّ) في القرآن الكريم فذكرت تلك الآية في سورة البقرة، سيكون حديثنا اليوم عن تفسير وسبب نزول: لا إكراه في الدين، وسوف نتعرف عبر موقع maqall.net على الكثير من التفاسير لكبار العلماء والفقهاء في الدين.

سبب نزول آية لا إكراه في الدين

  • قال الله -تعالى- في كتابه العزيز: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرشْد مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفرْ بِالطَّاغوتِ وَيؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعرْوَةِ الْوثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
  • وقد ورد أن سبب نزول الآية هن نساء الأنصار، فإذا مات لهن ولد، يحلفن بالله أن يجعلوا ذلك الولد يهودياً إذا كتبت له الحياة.
  • فحينما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم يهود بنو النضير على المدينة كان بينهم رجال من أبناء الأنصار من الذين أصبحوا على ديانة اليهود.
  • فنزل قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، وتعني كما قال سعيد بن جبير أنّ من أراد من هؤلاء الرجال الدخول في الإسلام دخل فيه، ومن أراد منهم أن يخرج مع اليهود ذهب معهم.
  • وقال مجاهد أن سبب نزول الآية هو رجل من الأنصار كان يجبر غلاماً على الدخول في الإسلام.
  • وقال السَّديّ ومسروق أنها نزلت على رجل وكنيته أبي الحصين، حاول أن يجبر أبناه على العودة إلى دين الإسلام، بعدما تنصروا لقاء مقابلتهم لتجار نصارى من الشام.
  • وعندما عَلِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أبي الحصين عن ذلك، ونزل فيهم قول الله تعالى (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ).
  • وقال مجاهد أيضاً أن الآية نزلت في أبناء الأنصار الذين استرضعوا من قبل عند اليهود، وأرادوا الخروج معهم عندما أجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن المدينة.

اقرأ أيضا: تفسير آية (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءاً منثوراً)

تفسير : لا إكراه في الدين

  • قال الإمام ابن كثير في تفسيره لآية لا إكراه في الدين، أنها توضح عدم إجبار أحد على الدخول في الإسلام، فطريق الإسلام واضح لمن شرح الله صدره له.
  • ومن أعمى الله قلبه وبصره عن الإسلام، فلن يفيد أبداً دخوله مجبراً مكرهاً على الدين.
  • وهناك إثبات في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ أنه أخذ الجزية من مجوس هجر، أما الكفرة والمشركين فهناك وجوب دعوتهم إلى الإسلام فإن دخلوا دين الإسلام فلله الحمد.
  • وإن أعرضوا عنه وجب جهادهم حتى يدخلوا في الإسلام، ولا تؤخذ منهم الجزية؛ لأن النبي ﷺ لم يطالب كفار العرب بها، ولم يأخذها منهم.
  • وأصحاب النبي لما جاهدوا الكفار بعد وفاته ﷺ لم يأخذوا الجزية إلا من أهل الكتاب والمجوس.
  • والدليل على ذلك قوله سبحانه وتعالى: “فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم فَاقْتلوا الْمشْرِكِينَ حَيْث وَجَدْتموهمْ وَخذوهمْ وَاحْصروهمْ وَاقْعدوا لَهمْ كلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابوا وَأَقَاموا الصَّلاةَ وَآتَوا الزَّكَاةَ فَخَلّوا سَبِيلَهمْ إِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحِيمٌ” في سورة التوبة.
  • فلم يتركهم الله يختارون بين البقاء على دينهم أو الدخول في الإسلام، ولم يأخذ منهم الجزية، بل أمر الله بقتالهم حتى يتوبوا من ضلالهم ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة.
  • لذلك فإلا يقبل من جميع الكفار إلا الإسلام، فيما عدا أهل الكتاب والمجوس.
  • وهناك أحاديث صحيحة عن رسول الله ﷺ تدل على المعنى السابق ذكره، ومنها قول النبي ﷺ: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل” متفق عليه.

تفسير الآية لابن كثير

  • يقول الله تعالى: (لا إكراه في الدين) أي: لا تجبروا أحداً على الدخول في الإسلام فإن طريقه واضح، وقد ذكر أن سبب نزول تلك الآية في مجموعة من الأنصار، بالإضافة إلى أن حكمها عاما.
  • وقال ابن أبي حاتم في سبب نزول الآية: حدثنا أبى حدثنا عمرو بن عوف أخبرنا شريك عن أبى هلال عن أسق قال: كنت في دينهم مملوكا نصرانيا لعمر بن الخطاب فكان يعرض على الإسلام فآبى فيقول: (لا إكراه في الدين) ويقول: يا أسق لو أسلمت استعنت بك على بعض أمور المسلمين.

تفسير الآية للبغوي

  • وقال مجاهد: كان أناس من الأوس مسترضعين في اليهود، فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بخروج بني النضير عن المدينة قال الذين كانوا مسترضعين فيهم: لنذهبن معهم ولندين بدينهم، فمنعهم أهلوهم، فنزلت (لا إكراه في الدين).
  • وقال مسروق: كان لرجل من الأنصار من بنى سالم بن عوف ابنان فتنصرا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدما المدينة في نفر من النصارى يحملون الطعام فلزمهما أبوهما وقال: لا أدعكم حتى تسلما فتخاصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    • فقال: يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر فأنزل الله تعالى (لا إكراه في الدين) فخلى سبيلهما.

تفسير الآية للطبري

  • قال بعض أهل التأويل في سبب نزول الآية: أنها نزلت في مجموعة من الأنصار كان لهم أولاد قد هودوهم.
    • أو نصروهم، فلما جاء الله بالإسلام أرادوا إكراههم عليه، فنهى الله تعالى عن ذلك.
  • وقال آخرون: لا يكره أهل الكتاب على الدين إذا قدموا الجزية، ولكنهم يقرون على دينهم. وقالوا: الآية تخص الكفار.
  • حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: “لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي”.
    • قال: أكره عليه هذا الحي من العرب، لأنهم كانوا أمة أميه ليس لهم كتاب يعرفونه، فلم يقبل منهم غير الإسلام.
    • ولا يكره عليه أهل الكتاب إذا أقروا بالجزية أو بالخراج، ولم يفتنوا عن دينهم، فخلى عنهم.
  • حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا سليمان قال: حدثنا أبو هلال، قال: حدثنا قتادة في قوله:” لا إكراه في الدين “.
    • قال: هو هذا الحي من العرب، أكرهوا على الدين، لم يقبل منهم إلا القتل أو الإسلام.
    • وأهل الكتاب قبلت معهم الجزية، ولم يقتلوا.

تفسير الآية للجلالين

  • (لا إكراه في الدين) أي على الدخول في دين الإسلام، (قد تبين الرشد من الغي).
    • أي أن الدين ظهر بالعلامات الواضحة، بأن الإيمان طريق الحق والكفر ضلال.
  • وقد نزلت الآية في الأنصاري الذي أراد أن يكره أولاده على الإسلام.
  • (فمن يكفر بالطاغوت) والطاغوت هو كل ما يصرف عن طريق الخير، تطلق على المفرد والجمع.
  • (ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى) أي تمسك بالإسلام، (لا انفصام لها والله سميع عليم).
    • أي لا انقطاع بهذا الإيمان وأن الله سبحانه وتعالى سميع لما يقال وعليم بما يفعل.

كما يمكنكم التعرف على: تفسير آية (إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون)

تفسير الآية للشعراوي

  • أن الله سبحانه وتعالى يبين لنا أنه: “لاَ إِكْرَاهَ في الدين”.
    • والإكراه هنا أن تحمل غيرك على أفعال لا يرى الشخص المكرَه فيه خيراً حتى يفعله.
  • لكن هناك العديد من أشياء قد نفعلها مع غيرنا من أجلهم، فمثلاً نجبر أبنائنا على المذاكرة.
    • وهذا أمر جيد لهم، وأن نجبر المريض على أخذ العقار.
  • فهذه الأمثلة ليس بها إكراهاً، بل أنها من الأمور التي نفعلها من أجل من حولنا؛ لأن أحداً لا يسعده أن يبقى مريضاً.
  • إن الإكراه هو أن تجبر غيرك على فعل من الأفعال لا يرى فيه من وجهة نظره خيراً.
    • فيقول الله سبحانه وتعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدين)، أي أن الله لم يكره عباده على الدين وهو خالقهم.
  • ويقول الحق سبحانه: (لَّوْ يَشَآء الله لَهَدَى الناس جَمِيعاً)، أي أنه من الممكن أن يخلق عباده جميعاً ويجبرهم إن شاء على الدين.
  • لكن الله جل وعلا يريد أن من يأتيه يأتي محباً له وليس مجبراً.
    • ففي اَية لا إِكْرَاهَ فِي الدين تثبت أن الله لم يضع مبدأ الإكراه، ولو شاء الله لآمن من في الأرض كلهم جميعاً.
  • يقول الله عز وجل: (وَلَوْ شَآءَ رَبّكَ لآمَنَ مَن فِي الأرض كلّهمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تكْرِه الناس حتى يَكونواْ مؤْمِنِينَ).

تفسير الآية للقرطبي

اختلف الفقهاء على هذه الآية وجمعت الآراء فيما يلي:

أولاً قيل إنها منسوخة

  • لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أجبر العرب على دين الإسلام وقاتلهم ولم يقبل منهم إلا الإسلام، قاله سليمان بن موسى، قال: نسختها يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين، وروي هذا عن ابن مسعود وكثير من المفسرين.

ثانيا قيل إنها ليست منسوخة

  • فهي نزلت وخص بها أهل الكتاب، وأنهم لا يجبرون على الإسلام إذا قدموا الجزية، والذين يكرهون الكفار الوثنيين فلا يرضى منهم سوى الإسلام.
  • وأولئك من نزل فيهم آية “يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين”، هذا قول الشعبي وقتادة والحسن والضحاك.
  • والدليل على هذا القول ما رواه زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب.
    • يقول لعجوز نصرانية: أسلمي أيتها العجوز تسلمي، إن الله بعث محمدا بالحق.
    • قالت: أنا عجوز كبيرة والموت إلى قريب، فقال عمر: اللهم اشهد، وتلا لا إكراه في الدين.

ثالثا

  • قيل إنها تعني لا تقولوا لمن أسلم تحت السيف مجبرا ومكرها.

رابعا

  • قيل هو أنها وردت في السبي متى كانوا من أهل الكتاب لم يجبروا إذا كانوا كبارا.
    • وإن كانوا مجوسا صغارا أو كبارا أو وثنيين فإنهم يجبرون على الإسلام.
  • لأن لا نفع بهم مع كونهم وثنيين، ألا ترى أنه لا تأكل ذبائحهم ولا تتزوج نساؤهم.
    • ويتناولون الميتة والنجاسات، ويستقذرهم من سباهم ويتعذر عليه الانتفاع بهم فجاز له الإجبار.
  • وعلى هذا روى ابن القاسم عن مالك، وأما أشهب فإنه قال: هم على دين من سباهم.
    • فإذا امتنعوا أكرهوا على الدين، والصغار يجبرون على الدخول في دين الإسلام حتى لا يذهبوا إلى دين باطل.

خامسا

  • أما باقي أنواع الكفر متى قدموا الجزية لم يكرهوا على الدين سواء كانوا من العرب أم من عجم قريش أو غيرهم.
  • قوله تعالى: “فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله” فهو جزم بالشرط، فقيل طاغوت هو الكاهن والشيطان، وكل رأس بها ضلال.
  • (ويؤمن بالله) عطف، (فقد استمسك بالعروة الوثقى) جواب الشرط، وهذه الآية تشبيه. واختلفت مجموعة المفسرين في المشبه به، فقال مجاهد: العروة هي الإيمان.
  • كذلك قال السدي أن العروة هي الإسلام. وقال ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك أنها قول لا إله إلا الله، وهذا كله له معنى واحد.
  • ثم قال الله تعالى (لا انفصام لها) قال مجاهد: أي لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، أي لا يزيل عنهم الإيمان حتى يكفروا.

كما يمكنكم الاطلاع على: تفسير: ما ننسخ من آية او ننسها

نسخ آية لا إكراه في الدين

  • قال أحد الأئمة أن هذه الأية قد تم نسخها بقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)، واستدل على ذلك بقتال الرسول صلى الله عليه وسلم للمشركين بمكة ولم يقبل منهم إلا الدخول في الدين الإسلامي.
  • لكن يرى البعض الأخر كالشعري والضحاك أنها لم يتم نسخها، فهي تخص أهل الكتاب لانه لا يجوز إدخالهم في الدين الإسلامي بالإكراه في حالة تأديتهم للجزية.

أسئلة شائعة حول تفسير لا إكراه في الدين

ما معنى (لا إكراه في الدين)؟

تعني الآية أنه لا يجوز إجبار أي شخص على الدخول في الإسلام أو اعتناق الدين بالقوة. الدين يجب أن يكون عن قناعة وإيمان شخصي، وليس نتيجة للضغط أو الإكراه.

هل هناك حالات يُسمح فيها بالإكراه في الدين؟

الآية تعبر عن القاعدة العامة وهي عدم الإكراه في الدين. لكن هناك استثناءات تتعلق بالظروف الاجتماعية والسياسية المعقدة، مثل حماية المجتمع من الفتنة أو الحفاظ على النظام العام. ومع ذلك، يجب أن يكون الإكراه في هذه الحالات محدوداً ووفقاً لمبادئ الشريعة.

كيف يُفهم قوله (قد تبين الرشد من الغي)؟

تعني أن الحق والباطل واضحين، وقد أُظهِر الصراط المستقيم (الرشد) والطرق المضللة (الغي) بوضوح. ومن ثم، فإن الناس يجب أن يختاروا دينهم بناءً على إدراكهم لما هو صواب.

ما هو المقصود بـ(الطاغوت) في الآية؟

الطاغوت هو كل ما يُعبد من دون الله أو يُتجاوز به حدوده، ويمكن أن يشمل الأصنام والأوثان والأنظمة السياسية التي تعارض تعاليم الله.

ما معنى (استمسك بالعروة الوثقى) في الآية؟

العروة الوثقى تشير إلى العهد الثابت والموثوق، وهو هنا إيمان المؤمن بالله وتعاليمه. يعني أن من يختار الإيمان بالله ويكفر بالطاغوت، فقد تمسك بأقوى العهود وأثبتها.

مقالات ذات صلة