ملكوت الله
يقصد بملكوت الله العديد من المعاني لتعدد آراء العلماء في مفهومهم عن ملكوت الله فمن هذه الآراء أن المقصود به عالم الغيب الخاص بالعجائب والأرواح والنفوس لقوله تعالى: (أَوَلَم يَنظروا في ملكوت السَّماواتِ وَالأَرضِ وَما خَلَقَ اللَّـه مِن شَيءٍ وَأَن عَسى أَن يَكونَ قَدِ اقتَرَبَ أَجَلهم فَبِأَيِّ حَديثٍ بَعدَه يؤمِنونَ).
محتويات المقال
تعريف ملكوت الله
- هو ملك الله بمعنى عظمته وسلطانه خاصة، وهو قدرته على كل شيء قال تعالى: (فَسبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكوت كلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ ترْجَعونَ).
- روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أن المقصود بملك الله: خلقه للسماوات والأرض.
- رأي أخر قال: أن الملكوت معناه الملك وقيل: هو آيات الله في السماوات والأرض.
- نبي الله إبراهيم عليه السلام هو من رأى ملكوت الله من الأنبياء قال تعالى: (وَكَذلِكَ نري إِبراهيمَ ملكوت السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلِيَكونَ مِنَ الموقِنينَ)، فالله عز وجل رفعه وأراه ملكوت السماوات، كما أنه نظر إلى أهل الأرض ورأى الفجور والمعاصي فيهم.
- قيل في أحد التفسيرات أن الله تعالى جعل إبراهيم يرى ضلال أبيه وقومه وذلك قبل أن أراه ملكوت السماوات والأرض لقوله تعالى: (وَإِذ قالَ إِبراهيم لِأَبيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذ أَصنامًا آلِهَةً إِنّي أَراكَ وَقَومَكَ في ضَلالٍ مبينٍ).
اقرأ أيضا: اللهم اني اعوذ بك من قهر الرجال
مظاهر ملكوت الله
- تعددت المظاهر الدالة على عظمة ملكوت الله عز وجل نذكر منها: خلقه للشمس والقمر وسخرهما لخدمة الإنسان ورفعه للسماء بغير عمد ومد له الأرض وجعل فيها الجبال والأنهار وخلق له العديد من الثمرات متاعًا للإنسان قال تعالى:
- (اللَّه الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مسَمًّى يدَبِّر الْأَمْرَ يفَصِّل الْآياتِ لَعَلَّكمْ بِلِقاءِ رَبِّكمْ توقِنونَ* وَهوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ).
- خلق الله الجنات بها الأعناب مختلفة ألوانه وجعل للزيتون أنواعًا متعددة وأيضا في اختلاف أنواع الفاكهة الواحدة في الطعم والشكل واللون مع أنهم جميعًا يسقوا من ماء واحد.
- خلق الله طبائع مختلفة مثل ذلك خلقه للبشر والملائكة كلاهما له طبيعة مختلفة في خلقه وخلقه.
- خلق الله العديد من الأنعام والدواب وسخرهم للإنسان.
- المتأمل في آيات الله وملكه يجد عظمة الخالق وقدرته سبحانه وتعالى في تعدد مظاهر ملكوته وعظمته.
- خلق الله الشمس والقمر متعاقبان لتوازن حياة الإنسان وجعل الشمس تخرج من المشرق سبحانه هو القادر على ذلك.
- الأنهار والبحار كلاهما ماء ولكن سبحان الخالق أحدهما صالح ليشرب منه الإنسان وكيف جعل بينهما برزخ لا يبغيان على بعضهما.
- بسط الله الأرض للإنسان ومهدها لتكون صالحة للعيش عليها وخلق فيها الجبال الشامخة لتثبتها عند دورانها فلا تشعر بدورانها حول نفسها أو حول الشمس، كما خلق فيها جاذبية لنستطيع العيش وإقامة حياة عليها.
- نرى عظمة الخالق وقدرته في جميع خلقه كما نرى في أنفسنا والمتدبر في النفس البشرية يرى تنوع للطبائع واختلافات شتى تجعل كل إنسان متفرد في خلقه وطبائعها وأبسطها هو تفرد كل إنسان ببصمة أصابع خاصة لا تشبه بصمة غيره من البشر.
- ملكوت الله عز وجل واسع لا حدود له ويوجب علينا التأمل فيه.
كما يمكنكم الاطلاع على: اللهم اني احببت عبدا من عبادك
التأمل في ملكوت الله
- تعد عبادة التأمل في خلق الله أحد العبادات التي شرعها الله سبحانه وتعالى للمسلمين.
- العبادات ليست كلها عبادات فعلية بدنية أو بالقول الظاهر ولكن منها العبادة باطنية قلبية وذلك التنوع في العبادات تنمي الشوق والرغبة للتعبد.
- عبادة التأمل من تلك العبادات الصامتة النابعة من القلب وهي عبادة للتفكر والتدبر في خلق الله سبحانه وتعالى وقدرته في عظمة خلقه.
- المتعبد بالتأمل يتعبد بقلبه دون استخدام جوارحه أو أقواله ويمتدح الله عز وجل في القرآن الكريم من يحي عبادة التأمل قال تعالى: (وَيَتَفَكَّرونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
- التفكر يقصد به في اصطلاح الشرع: إعمال العقل وإطلاقه في التأمل بآيات الله في الكون والشرع عن طريق الملاحظة الدقيقة والتدبر في جمال وعظمة سنن الله سبحانه وتعالى في الكون لالتماس العظة والعبرة من ذلك.
- دعا الله عز وجل الكافرين في القرآن الكريم للتفكر في أسرار الكون حولهم لعل ذلك يعظهم ويردهم عن الشرك بالله عز وجل، قال تعالى: (أَوَلَمْ يَنْظروا فِي مَلَكوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّه مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلهمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَه يؤْمِنونَ).
كما أدعوك للتعرف على: اللهم أغننا بحلالك عن حرامك
ثمرات التأمل في ملكوت الله
تعود عبادة التأمل في ملكوت الله عز وجل بالعديد من الثمرات النافعة للإنسان نذكر بعض منها:
- يورث التأمل في ملكوت الله الحكمة للإنسان كما أنه يزرع خشية الله في قلبه وتعظيمه ويعين التأمل صاحبه على معرفة عيوبه ومميزاته لتدبره في ذاته ويحيي قلبه بالمعاني السامية.
- يقوي التأمل إيمان الإنسان ويزيد معنى التوحيد في قلبه ويسلم أموره لله عز وجل لما رأى من عظمته في خلقه فهو القادر على الخلق والتدبير لعباده.
- يفتح التأمل في الملكوت أبواب العلم والمعرفة للإنسان فالتدبر يكسب الإنسان المعارف والعلوم الجديدة مما يعود بالنفع على حياته.
- تساعد عبادة التأمل على حسن الخشوع وحسن الخضوع لله تعالى.
- السلف الصالح ضرب لنا العديد من الأمثلة في حرصهم على التأمل والتدبر في خلق الله وملكوته سبحانه وتعالى ومما وردنا عنهم:
- قال أبو سليمان الداراني رحمه الله: (إنّي لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلّا رأيت لله عليّ فيه نعمة، ولي فيه عبرة).
- كان ابن عبّاس -رضي الله عنهما- يقول إنّ تأمّل ساعة في خلق الله عز وجل وسننه في الكون والشرع خير من قيام ليلةٍ كاملةٍ.
- كان بِشر الحافي يقول إنّ الناس لو تفكّروا وتأملوا في عظمة الله سبحانه وتعالى لم يعصوه.
- كان عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-يرى أنّ التفكّر والتأمّل في نِعم الله على العبد من أفضل أنواع العبادات.
- قيل بكى عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-مرةً فرآه أصحابه وسألوه عن سبب بكائه، فقال: (فكّرت في الدنيا ولذاتها وشهواتها فاعتبرت منها بها، ما تكاد شهواتها تنقضي حتى تكدرها مرارتها، ولئن لم يكن فيها عبرةٌ لمن اعتبر إنّ فيها مواعظ لمن ادّكر).
النبي الذي رأى ملكوت الله
رأي النبي إبراهيم عليه السلام ملكوت الله عندما رفعه إليه، وتمكن من رؤية الناس على الأرض وكم ذنوبهم وفجورهم، والدليل على ذلك قول الله تعالى: (وَكَذلِكَ نُري إِبراهيمَ مَلَكوتَ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلِيَكونَ مِنَ الموقِنينَ).
أسئلة شائعة حول ملكوت الله
ما هو ملكوت الله؟
ملكوت الله هو السلطان والسيادة الكاملة التي يمتلكها الله على كل شيء في الكون، وهو القادر على فعل ما يشاء وإرادته تسود كل شيء.
ما الذي يشمله ملكوت الله؟
يشمل ملكوت الله كل شيء في السماوات والأرض، بما في ذلك الكائنات الحية والغير حية، وأفعال البشر وقراراتهم.
ما الفرق بين ملكوت الله وملكوت السماوات والأرض؟
ملكوت الله يشير إلى السلطان الكامل والسيادة التي يمتلكها الله، بينما ملكوت السماوات والأرض يشير إلى الجانب الظاهر من سلطان الله وسيادته التي تظهر في خلقه وإدارته للكون.
ما هي أهمية ملكوت الله في الإسلام؟
تؤكد مفاهيم ملكوت الله في الإسلام على العظمة والقدرة اللامحدودة لله، وتذكر المؤمنين بأن الله هو المسؤول الوحيد عن كل شيء في الكون، مما يعزز الإيمان والتوكل على الله والتفويض إليه.
هل يمكن للإنسان الوصول إلى ملكوت الله؟
في الإسلام، يُؤمن بأن الإنسان لا يمكنه الوصول إلى ملكوت الله في الدنيا، ولكنه يتوجب عليه أن يعرف ويعترف بسيادة الله ويعيش وفقًا لتوجيهاته وأوامره.