تفسير: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد
تفسير: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد الآية رقم 15 من السورة الكريمة إبراهيم نستعرضه اليوم، وذلك من أقوال علماء الدين والتفسير، كونها تفسر الآيات بالشكل الصحيح.
كما نتطرق إلى تدبر المقاصد والتأثيرات الإيجابية التي تحملها الآية للعباد المسلمين، وأيضا إلى إعراب الكلمات بالآية كونها تساهم في تعلم طريقة النطق بشكل سليم.
محتويات المقال
تفسير: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد
إن تفسير الآيات القرآنية لا يجب أن يتبع هوى كل شخص في التفسير وفهم المعاني بذاته، بل يجب أخذ التفسير من أفواه العلماء، وذلك إما من خلال الاستماع إلى الشيوخ أو قراءة كتب التفسير:
- قال أبو جعفر في تفسير الآية الكريمة، أن اللفظ استفتحوا يشير إلى استنصار الرسل والأنبياء بالله على القوم الذين يدعوهم إلى الدين وعبادة الله.
- وأن اللفظ خاب يأتي بمعنى هلك، والألفاظ جبار.
- وعنيد تشير إلى الأشخاص المتكبرين والذين يحيدون عن الإقرار بالله والتوحيد به.
- كما ورد عن محمد بن عمرو أن استفتحوا تأتي بمعنى استنصروا.
- وهي عائدة على كافة الأنبياء وليس النبي محمد فقط.
- وأن عنيد تأتي بمعنى الشخص الذي يعاند الحق ويتجنبه.
- كما ورد عن محمد بن سعد أن قوم الكافرين كانوا يستضعفون الأنبياء والذين يؤمنون معهم.
- ويكذبون بما يقولون، ويقهرونهم ويدعونهم إلى العودة إلى الكفر.
- لذا يرسل الله لهم تبشير في هذه الآية بالاستنصار به للفوز على القوم.
- وأن نهاية كل جبار هي الهلاك.
- كما ورد عن قتادة أن لفظ جبار عنيد يطلق على الشخص الذي يأبي أن يقول لا إله إلا الله، أي الذي يكفر بالله.
تفسير السعدي
- ورد في تفسير السعدي أن الضمير في استفتحوا يعود على الكافرين.
- ويفسر الآية على أن الكافرين هم الذين استعجلوا الفرقان بين أولياء الله وأعدائهم.
- واستعجلوا العقوبة والعذاب.
- ويوضح أن عاقبة الكافرين من خلال الآية هي الخسارة في الحياة الدنيا ويوم الحساب.
شاهد أيضا: فوائد سورة النور للشفاء
تفسير البغوي:
من علماء التفسير الأكثر شهرة البغوي، وقد فسر الآيات بشكل مفصل في كتاب معالم التنزيل، وننقل تفسير: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من هذا الكتاب في النقاط التالية:
- يفسر البغوي لفظ واستفتحوا والذي يعني استنصروا.
- أن الكافرين كانوا يدعون إن كان حديث وكلام الأنبياء صادق أن يرسل الله عليهم العذاب في صور مختلفة.
- وأن الضمير في استفتحوا يعود على الأنبياء كونهم يئسوا من إيمان هؤلاء الكافرين بالله.
- وأنهم يطلبون من الله النصر من خلال الدعاء على القوم بالعذاب.
- وقد طلب الأنبياء أن يعذب الله الكافرين في آيات قرآنية متعددة، مثل الآية الكريمة في سورة نوح رقم 26.
- والتي دعا خلالها النبي نوح بأن يظهر الله الأرض تمامًا من كل كافر.
- مثل الآية الكريمة في سورة يونس رقم 88.
- والتي دعا خلالها النبي موسى بأن يطمس الله على أموال الكافرين ويشدد على قلوبهم.
- ويفسر البغوي لفظ خاب بكونه يحمل معنى خسر أو هلك، أما لفظ جبار فسره على كونه يحمل معنى الفرد الذي لا يرى أحد أعلى منه أو فوقه.
- وأن الجبرية تكمن في طلب العلو إلى مكانة بدون هدف أو غاية.
- والذي يجبر الأفراد على مراده فقط، وقد أوضح في تفسيره أن هذه الصفة مخصصة لله فقط.
- ويفسر البغوي لفظ عنيد كونه يحمل معنى الفرد المعاند للحق والذي يتجنبه ويعرض عنه.
- وهو الفرد الذي يتعالى عن قول لا إله إلا الله، ويرفض توحيد الله.
التفسير الميسر:
- لجأ الرسل إلى ربهم وسألوه النصر على أعدائهم والحكم بينهم، فاستجاب لهم، وهلك كل متكبر لا يقبل الحق ولا يُذْعن له، ولا يقر بتوحيد الله وإخلاص العبادة له.
المختصر في التفسير:
- طلب الرسلُ من ربِّهم أن ينصرهم على أعدائهم، وخسر كل متكبر معاند للحق، لا يتبعه مع ظهوره له.
تفسير الجلالين:
- “واستفتحوا” استنصر الرسل بالله على قومهم. “وخاب” خسر “كل جبار” متكبر عن طاعة الله “عنيد” معاند للحق.
التفسير الوسيط:
- “واستفتحوا” بمعنى الاستنصار، أي: طلب النصر من الله-تبارك وتعالى- على الأعداء. “خاب” أي: خسر، و”كل جبار عنيد” هو الإنسان المتكبر المغرور المعاند للحق.
تفسير ابن كثير:
- “واستفتحوا” أي: استنصرت الرسل ربها على قومها. و”خاب” أي: خسر كل متكبر معاند للحق، كما قال تعالى في مواضع أخرى.
تفسير القرطبي:
- “واستفتحوا” أي واستنصروا، أي أذن للرسل في الاستفتاح على قومهم والدعاء بهلاكهم. و”خاب كل جبار عنيد” الجبار هو المتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقا، والعنيد المعاند للحق والمجانب له.
تفسير واستفتحوا
نتطرق في النقاط التالية إلى التعمق في تفسير: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد، وذلك من خلال التعمق في فهم معنى الاستفتاح:
- إن لفظ الاستفتاح الذي أمر الله به الأنبياء في هذه الآية الكريمة يشير إلى طلب النصر من الله.
- والضمير في لفظ استفتحوا عائد على الأنبياء جميعهم.
- وتحمل الكلمة بشرى ووعد من الله لكافة الأنبياء بأنه سوف يهلك الظالمين والكافرين.
- وتظهر دلالة الاستفتاح هنا في ظن الكافرين والظالمين أن ما يدعو إليه الأنبياء ليس حق.
- نظرًا لأن الله أمهلهم ولم يعذبهم، وتمادوا في السخرية من المسلمين وأذيتهم.
- ويفسر كتابة اللفظ استفتحوا بدلًا من فاستفتحوا على سرعة إجابة الله للأنبياء ودعائهم بالنصر.
- وذلك بمجرد الانتهاء من الدعاء، حيث أن النتيجة ظهرت على الفور في سياق الآية.
- وهي هلاك كل كافر جبار عنيد.
تفسير وخاب كل جبار عنيد
نتطرق إلى فهم المقاصد والمعاني من الجزء الثاني من تفسير: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد، من خلال التعمق في معنى لفظ جبار، ولفظ عنيد، وفهم عاقبة المتجبرين في الدين:
- يقصد بالإنسان الجبار الفرد الذي يتعالى ويتفاخر ويتصف بالكبر.
- وهو الفرد الذي يجبر ويكمل النقص الموجود فيه بالتعالي وإدعاء منزلة عالية لا يستحقها.
- وهي صفة ذميمة.
- ويقصد بالإنسان العنيد الفرد الذي يخالف ويعاند مسار الحق، وهي صفة ذميمة أيضا.
- ويقصد باللفظ خاب الخيبة، والتي تعني مطلق الهلاك والحرمان.
- وهذا اللفظ يعمم الخيبة على كافة الكافرين والظالمين.
- ويوضح أن عاقبتهم في الدنيا هي الخيبة والهلاك مهما طال ظلمهم.
اقرأ أيضًا: فوائد سورة الواقعة للرزق
إعراب: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد
فهم الأسلوب البلاغي ومعرفة إعراب الكلمات يساهم في تفسير: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد، كما يساهم في تعلم الطريقة الصحيحة في نطق الآية القرآنية خلال التلاوة:
- اللفظ واستفتحوا معطوف على جملة “فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ” من الآية رقم 13 في السورة.
- أو يعتبر لفظ معترض بين جملة “وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ” من الآية رقم 14 في السورة.
- وبين جملة “وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ”، والضمير يعود على الأنبياء.
- وأن جملة “وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ” عطف على جملة “فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ”.
- ويشير الأسلوب إلى استعجال الأنبياء للنصر، وعاقبة الخيبة لكل من كفر.
- وعدم تنفيذ توعدهم للأنبياء بأنهم سوف يخرجون الأنبياء من الأرض إن لم يعودوا إلى ملة الكفر.
- ووصف الكافرين على أنهم جبابرة معاندين للحق.
- ويجوز أيضا أن يكون اللفظ واستفتحوا معطوف على جملة ” وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ” من الآية رقم 13 في السورة.
- وأن يكون الضمير وفقًا لذلك عائد على الكافرين.
- كونهم يطلبون النصر على الأنبياء، ولكنهم خابوا في تحقيق ذلك.
تدبر: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد
نستمد الدروس التي تؤثر على إيمان المسلم ويقينه بالله من خلال فهم تفسير: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد، والتي تظهر في النقاط التالية:
- إن الآية الكريمة والتي تليها في سورة إبراهيم تصف عاقبة العذاب الشديد التي ينالها كل فرد جبار وعنيد في الدنيا وكذلك في الآخرة.
- ويقال أنها من أشد آيات وصف العذاب في سور القرآن.
- وتحمل الآيات درس هام لكل مسلم، ألا وهو اليقين في الله أن لكل ظالم عاقبة عذاب شديد.
- وتوصي العباد المؤمنين بضرورة الاستعانة بالله من خلال الدعاء على الظالمين.
- وطلب النصر من الله وعونه في الفوز عليهم.
شاهد من هنا: فضل سورة النحل
التفسير الإجمالي للآية
هذه الآية الكريمة تأتي في سياق الحديث عن الكافرين والمكذبين بأنبياء الله، حيث تُشير إلى دعاء المؤمنين في مواجهة ظلم الكافرين، وتُظهر أن هؤلاء الكافرين، مهما كانت قوتهم وطغيانهم، سيكون مصيرهم الفشل والخسران.
التفسير التحليلي للآية
- “واستفتحوا”:
- تعني أن المؤمنين طلبوا الفتح والنصر من الله ضد أعدائهم، وهو دعاء يشير إلى طلب العون والنجاح في المعارك أو في مواجهة الظلم. هذه الكلمة تُعبر عن الإلحاح في الدعاء وطلب الإغاثة.
- “وخاب كل جبار عنيد”:
- “خاب”: تعني فقد الأمل أو خاب أمله، وهذا يُظهر أن الطغاة الذين يعاندون الحق ويقفون في وجه الدعوة الإلهية سيُحرمون من النجاح والكرامة.
- “كل جبار عنيد”: الجبار يُشير إلى الشخص المتعجرف أو الظالم، والـ “عنيد” تعني الذي يصر على معاندته ورفضه للحق. هذه الصفات تُعبر عن مدى الظلم والاستكبار الذي يمارسه هؤلاء.
ما ترشدنا إليه آية: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد
- الاعتماد على الله: تؤكد الآية على أهمية الدعاء والتوجه إلى الله في الأوقات العصيبة، وأن النصر من عند الله وحده.
- حتمية الفشل للظالمين: تُشير إلى أن كل شخص يتصف بالظلم والاستبداد سيكون له مصير الفشل، مهما كانت قوته الظاهرة.
- دعوة للتواضع والإيمان بالحق: تُذكّرنا بأن التكبر والعناد أمام الحق لن يُحقق أي نجاح، وأن التواضع والقبول بالحق هو الطريق إلى النجاح.
- التأكيد على النصر في النهاية: الآية تُبشر المؤمنين بأن النصر سيأتي في النهاية، وأن الله سيقضي على الظالمين.
معاني مفردات الآية: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد
إليك معاني مفردات الآية الكريمة “وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ” من سورة إبراهيم (الآية 15):
- واستفتحوا:
- الاستفتاح: يأتي بمعنى الاستنصار أو طلب النصر. في هذا السياق، يشير إلى أن الرسل أو الأمم طلبوا من الله فتحًا، أي نصرًا وتفريقًا بين الحق والباطل.
- بعض المفسرين يرون أن الاستفتاح هنا هو استدعاء للعذاب على الكفار.
- خاب:
- خاب: يعني خسر أو فقد. يُستخدم للدلالة على الهزيمة أو الفشل، وهو في هذه الآية يدل على خيبة الأمل التي حلت بمن كان متكبرًا معاندًا للحق.
- كل:
- كل: تعني جميع أو كل واحد، وتستخدم للإشارة إلى العموم.
- جبار:
- جبار: يُشير إلى الشخص المتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقًا، والذي يُظهر قوةً زائفة أو قهرًا. من الألفاظ التي تدل على العلو والجبروت.
- عنيد:
- عنيد: يعني المعاند أو المتعصب للباطل. يُستخدم للدلالة على من يبتعد عن الحق ويعاند الرسل أو آيات الله.