تفسير: وعنت الوجوه للحي القيوم
نتحدث اليوم من خلال هذا المقال عن تفسير: وعنت الوجوه للحي القيوم وهي الآية الكريمة التي أتت في أواخر آيات سورة طه، وقد يرغب الكثير من الأشخاص في معرفة معنى هذه الآية الكريمة.
ومن خلال هذا المقال سوف نذكر لكم تفسير: وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلمًا، كما سوف نذكر لكم أهم فوائد هذه الآية العظيمة.
محتويات المقال
سورة طه
تعد سورة طه من السور المكية العظيمة التي أنزلت على الرسول صل الله عليه وسلم قبل هجرته إلى المدينة.
وكانت السورة رقم 45، وورد عن فضل سورة طه الكثير من الأحاديث الشريفة.
حيث يقول رسول الله: “إن الله تبارك وتعالى قرأ طه ويس قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام.
فلما سمعت الملائكة القرآن قالت طوبي لأمة ينزل عليها هذا”.
ترتيب سورة طه في القرآن الكريم هو 20، وتقع سورة طه في المصحف الشريف بين سورة مريم وسورة الأنبياء.
تحديداً في الجزء السادس عشر، وأنزلت سورة طه لتبين الكثير من الدلالات.
لذلك سوف نتعرف أكثر على معنى آية وعنت الوجوه للحي القيوم.
اقرأ أيضًا: تفسير إلا من أتى الله بقلب سليم
تفسير: وعنت الوجوه للحي القيوم
تأتي في سورة طه آية قرآنية يقول فيها الله تعالى: “وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلمًا”، وفيما يلي إليكم تفسير: وعنت الوجوه للحي القيوم.
- يقول أهل التفسير أن المقصود بقوله تعالى: “وعنت الوجوه”.
- أن الوجوه سوف تستسلم وتذل لله عز وجل.
- وقال ابن عباس رضي الله عنه: المقصود من هذه الكلمة.
- الذل وأن يخضع فلان لله عز وجل، ويمكن أن تأتي هذه الجملة بمعنى ذل الأسر.
- يقول أحد السلفيين أن المقصود بكلمة عنت الوجوه، هو الخشوع.
- وهذا القول هو قول مجاهد بن جبر التابعي.
- كما ذهب بعض السلف أيضًا إلى أن معنى هذه الآية السجود لله سبحانه وتعالى.
- وإظهار الخشوع والذل عند السجود على الركبتين والقدمين والجبهة والأنف.
- وذلك قول بن الحبيب التابعي.
- للعلماء والفقهاء تأويل أخر عن معنى عنت الوجوه، ويوجد مذهبان.
- الأول ويرى العلماء في المذهب الأول المقصود من هذه الآية خشوع وذل العبد لله سبحانه وتعالى في يوم القيامة.
- ويرى العلماء في المذهب الثاني ظهور هذا الذل في الدنيا على وجوه البشر.
- وذلك لأن معالم الذل تظهر على وجوه البشر.
- أما بالنسبة لكلمة القيوم فيوجد ثلاث مذاهب، ويرى بعض العلماء في المذهب الأول.
- القيوم يأتي بمعنى القائم بتدبير الخلق، ويأتي المذهب الثاني بمعنى.
- القائم على كل نفس بما كسبت، أم المذهب الثالث والأخير.
- يقول أنه الدائم الذي لا يزول ولا يبيد.
- أما بالنسبة لتفسير قوله تعالى: “وقد خاب من حمل ظلمًا” ويرى العلماء أن ظلمًا هنا تأتي بمعنى الكفر أو الشرك بالله.
- وأن العبد الكافر سيخسر الخسران المبين إذا أشرك بالله سبحانه وتعالى.
التفسير الميسر:
“وعنت الوجوه للحي القيوم”: خضعت وجوه الخلائق، وذلت لخالقها، الذي له جميع معاني الحياة الكاملة كما يليق بجلاله الذي لا يموت، القائم على تدبير كل شيء، المستغني عمَّن سواه.
“وقد خاب من حمل”: وقد خسر يوم القيامة مَن أشرك مع الله أحدًا من خلقه.
المختصر في التفسير:
“وعنت الوجوه”: ذلت وجوه العباد واستكانت للحي الذي لا يموت، القائم بأمور عباده بتدبيرها وتصريفها، “وقد خاب من حمل إثمًا”: بالإثم إيراد نفسه موارد الهلاك.
تفسير الجلالين:
“وعنت الوجوه”: خضعت “للحي القيوم”: أي لله “وقد خاب”: خسر “من حمل ظلما”: أي شركًا.
تفسير السعدي:
تشير الآيات من 110 إلى 112 إلى أن الناس ينقسمون في ذلك الموقف إلى قسمين:
- ظالمين: بكفرهم وشرهم، وهؤلاء لا ينالهم إلا الخيبة والعذاب الأليم في جهنم.
- مؤمنين: من آمن وعمل صالحًا، وهؤلاء لا يخافون ظلمًا أو نقصًا من حسناتهم، بل تُضاعف حسناتهم ويؤتوا من لدنه أجرًا عظيمًا.
تفسير البغوي:
“وعنت الوجوه للحي القيوم”: ذلت وخضعت. “وقد خاب من حمل ظلما”: خسر من أشرك بالله، والظلم هو الشرك.
التفسير الوسيط:
تؤكد الآية على خشوع الأصوات يوم القيامة، حيث ذلت وجوه الناس لله، “للحي القيوم”: الذي له الحياة الدائمة. الوجوه خضعت لله، وهذه الحالة تشمل الجميع، مؤمنين وكافرين، “وقد خاب من حمل ظلما”: أي خسر من ارتكب الظلم والشرك.
تفسير ابن كثير:
تقول الآية: “وعنت الوجوه للحي القيوم”: ذلت واستسلمت الخلائق لله، “وقد خاب من حمل ظلما”: يوم القيامة، حيث سيؤدي الله كل حق إلى صاحبه.
تفسير القرطبي:
“وعنت الوجوه”: ذلت وخضعت، والمراد أن الوجوه تظهر عليها آثار الذل والخضوع لله، “وقد خاب من حمل ظلما”: أي خسر من أشرك بالله أو فسق.
تفسير الماوردي:
يظهر الفارق بين الذل والخشوع. “وعنت الوجوه”: تشير إلى ذل الخلائق وخضوعها لله، و”الحي القيوم” تعني القائم على كل شيء.
معاني المفردات في آية وعنت الوجوه للحي القيوم
بعد أن تعرفنا على تفسير: وعنت الوجوه للحي القيوم فلابد من أن نتعرف أيضًا على معاني مفردات هذه الآية العظيمة لتوضيح وشرح أكثر للآية كالآتي:
- عنت: يأتي معنى كلمة عنت في اللغة العربية بمعنى الذل.
- على سبيل المثال: فلان يعنوا عنوًا، أي بمعنى استكان وخضع وذل.
- القيوم: كلمة القيوم واحد من أسماء الله الحسنى.
- وقد يميل بعض العلماء أن هذه الكلمة مشتقه من القيام بالأمور.
- ويأتي معنى القيوم بأنه القائم بتدبير أمور العباد.
- وتأتي هذه الكلمة في بعض لغات العرب بمعني القيام.
- وذلك في حديث للرسول عليه الصلاة والسلام أي يقول: “اللهم لك الحمد.
- أنت نور السموات والأرض ولك الحمد، أنت قيام السموات والأرض.
- ولك الحمد، أنت رب السموات والأرض ومن فيهن ..”.
- خاب: وتأتي هذه الكلمة بمعنى الخيبة والخسران في اللغة العربية.
- حيث قال الله تعالى: “واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد” من سورة إبراهيم، وذلك بمعنى أي خاب وخسر سعيه.
- ظلمًا: تأتي هذه الكلمة من فعل ظلم، وهي بمعنى العدول عن الحق.
- ووضع الشيء في مكان غير موضعه، ويقصد بهذه الكلمة الظلم الجور.
- ومن المعاني المتفق عليها الأخرى، الشرك والكفر بالله.
- وذلك في قوله تعالى من سورة الأنعام حيث قال تعالى: “الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون”.
- وتوصل أهل العلم والكثير من المذاهب المختلفة إلا أن تأتي كلمة ظلمًا بمعنى الشرك بالله وعدم الأيمان والله أعلم.
اقرأ أيضًا: تفسير: وتوكل على الحي الذي لا يموت
الدروس المستفادة من آية وعنت الوجوه للحي القيوم
قراءة وتلاوة القرآن الكريم تكسب المسلم الكثير من الفوائد والفضل العظيم، وأما عن فوائد آية وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلمًا فهي كالآتي:
- من أهم الدروس المستفادة من آية وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلمًا.
- هو يقين المسلم وأيمانه بعقاب الله سبحانه وتعالى للظالم والكافر في يوم القيامة.
- يوم الساعة هو اليوم الذي سوف يذل فيه العباد إلى الله سبحانه وتعالى ويخشع فيه الخلق لله.
- وسيلقى المشرك والظالم جزاءه.
- ابتعاد البشر عن ارتكاب الخطايا والظلم والشرك بالله سبحانه وتعالى.
- وعن أبو ذر الغفاري رضي الله عنه قال، أن رسول الله صل الله عليه وسلم روى عن الله تعالى في حديثه القدسي.
- وقال: “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا”.
- نهى الله عن الظلم بين الناس، وأن الظلم خيبة وجزاء الظالم يوم القيامة عظيم.
- خاصة إذا كان هذا الظلم شرك بالله تعالى.
- ومن أهم الدروس المستفادة من تفسير هذه الآية العظيمة، أن الظلم ليس فقط الشرط بالله والكفر.
- بل يمكن أن يكون الظلم هو الظلم الذي يمارسه العبد في الدنيا مثل عدم إعطاء الناس الحقوق، أو ظلم أهل البيت، أو الظلم في العمل.
- يجب على المؤمن أن يجتنب الفساد في الأرض والظلم.
- وقد يكون الفساد أيضًا هو فساد القلب وظهور العداوة والكره بين البشر.
- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال أن رسول الله قال: “اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة”.
- وذلك يدل على أن الظالم سوف يرى الكثير من العذاب والهول أكثر من غيره يوم القيامة.
فضل سورة طه
بعد أن ذكرنا لكم تفسير: وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلمًا وأهم الدروس المستفادة، نذكر لكم أيضًا فضل سورة طه التي تضم هذه الآية الكريمة:
- يقال أن لسورة طه فضل عظيم.
- فهي السورة التي كانت السبب الرئيسي لدخول عمر بن الخطاب رضي الله عنه الإسلام.
- وذلك حين دخل على أخته وزوج أخته، ووجدهم يتلون أوائل آيات سورة طه فأسلم.
- اشتملت سورة طه على اسم الله الأعظم، فقد أخبرنا رسول الله صل الله عليه وسلم أن اسم الله الأعظم جاء في ثلاث سور.
- وهما: سورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة طه.
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “تعلمت من القرآن كله بأسرها طه.
- وكنت إذا قرأتها عند الرسول صل الله عليه وسلم فقلت ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى.
- فقال لها لا شقيت يا عائشة.
شاهد من هنا: تفسير: الطيبون للطيبات والخبيثون للخبيثات
التفسير الإجمالي للآية
- تتحدث هذه الآية عن موقف يوم القيامة، حيث تخضع وجوه الخلائق وتذل أمام الله سبحانه وتعالى، الذي هو الحي القيوم، بمعنى أنه دائم الحياة والقيام على كل شيء.
- يُظهر هذا المشهد عظمة الله وجلاله، وكيف ستُظهر الخلائق كل ذل وخشوع أمام خالقها. كما تشير الآية إلى أن من ارتكب الظلم، سواء كان شركًا أو معاصٍ، سيخسر في هذا اليوم، حيث لا ينفعه شيء من أفعاله السيئة، ويتلقى العقوبة المناسبة لما فعل.
التفسير التحليلي للآية
“وَعَنَتِ الْوُجُوهُ”:
- المعنى: “عنت” تعني خضعت وذلت. يُستخدم الفعل للإشارة إلى حالة الخضوع التام لله، حيث تبرز آثار الذل على الوجوه.
- دلالة: تعكس الآية شعور جميع الناس بالخوف والهيبة في هذا الموقف العظيم، حيث ينكشف الحق وتظهر الأمور على حقيقتها.
“لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ”:
- “الحي”: يُشير إلى أن الله هو الذي له الحياة الأبدية، الذي لا يموت ولا يزول.
- “القيوم”: يعني أنه القائم على كل شيء، المدبر لأمور خلقه، ويمتلك السيطرة المطلقة على جميع الكائنات.
- الرسالة: التركيز على صفات الله يعطي للآية طابع الهيبة والقدرة، مما يجعل الناس ينحنون خضوعًا أمام عظمة خالقهم.
“وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا”:
- “خاب”: تشير إلى الخسارة والفشل.
- “مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا”: الظلم هنا يُفهم على أنه الشرك والمعاصي. يعبر عن الشخص الذي يعيش حياته في كفر أو معصية، دون توبة أو استغفار.
- الدلالة: تؤكد الآية أن الذين ارتكبوا الظلم في الدنيا، لن يجنوا سوى الخيبة يوم القيامة، حيث سيتلقون جزاء أفعالهم.
ما ترشدنا إليه آية: وعنت الوجوه للحي القيوم
- الخشوع لله: تدل الآية على أهمية الخشوع لله والخضوع لعظمته، حيث يظهر كل الناس ذلاً وخضوعًا في يوم القيامة أمام الله سبحانه وتعالى.
- عظمة الله: تعكس الآية صفات الله العظيمة، مثل كونه “الحي” الذي لا يموت و”القيوم” الذي يقوم على تدبير شؤون الخلق. تذكرنا هذه الصفات بعظمة الله وجلاله.
- التحذير من الظلم: تشير الآية إلى عواقب الظلم والشرك، حيث توضح أن من يحمل الظلم سيخسر يوم القيامة. هذا يُعتبر تحذيرًا للمسلمين بضرورة تجنب الظلم والعودة إلى الله بالتوبة.
- النتائج في الآخرة: تبرز الآية أهمية الأعمال في الدنيا وتأثيرها على مصير الإنسان في الآخرة، مما يحث المؤمنين على العمل الصالح والابتعاد عن المعاصي.