تفسير: قد نرى تقلب وجهك في السماء

تفسير: قد نرى تقلب وجهك في السماء، الآية مائة وأربع وأربعون من سورة البقرة، يرغب العديد في تفسيرها، ومعرفة سبب نزولها والهدف منها.

فمع نزولها تغيرت قبلة المسلمين في الصلاة ليومنا هذا، وفسرها العديد من المفسرين، وسنتناول اليوم تفسيراتهم بالتفصيل.

تفسير: قد نرى تقلب وجهك في السماء

(قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام) مرفق تفسير الآية الكريمة فيما يلي:

  • كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يصلي باتجاه الكعبة عندما كان في مكة المكرمة.
    • ولكن عندما هاجر هو وأصحابه للمدينة المنورة، أصبح يصلي باتجاه بيت المقدس.
    • فأصبح اليهود يرددون، أن رسول الله يخالفهم عقيدتهم، فكيف يتشاطر معهم قبلتهم.
  • فقد كان بيت المقدس في ذلك الوقت هو قبلة اليهود في الصلاة، وذكر ذلك الكلام لرسول الله، والذي كان سبب صلاته بنفس قبلة اليهود، هو رغبته في تلين قلوبهم للإسلام.
    • لمعرفته بوجوده في كتاب الديني التوراة، فهم متأكدين أنه نبي الله، فحاول التقرب منهم بمشاركة القبلة حتى يستجيبوا للإسلام.
  • لكن عندما قيل ذلك وأضيف له، بأن الرسول لم يكن على علم بمكان القبلة حتى رأى اليهود يصلون فغيرها، فبغض الرسول ذلك بشدة، وأتمنى تحويل القبلة للمسجد الحرام.
    • وذلك في الآية، (قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ)، بمعني أن رسول الله كان ينظر للسماء ويقلب بصره بها يدعو، ويتمنى يرغب بتحويل القبلة.
    • فرد عليه الله تعالي (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا)، أي سأحول القبلة تتمناها وتحبها بشدة.
    • ثم أتبع الله عز وجل قوله، (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام)، كما رغبت قد رزقت.
    • فأبلغه الله بمكان قبلته، وهي أن يتوجه في صلاته للمسجد الحرام، وأكد على جميع المسلمين، أن يتبعوا جميعهم تلك القبلة، (وَحَيْثُ ما كُنتمْ فَوَلٌّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).
    • وبذلك أتي أمر الله في قراّنه، لرسوله وجميع المسلمين بتحويل القبلة للمسجد الحرام.

شاهد أيضًا: تفسير: والله غالب على أمرة ولكن اكثر الناس لا يعلمون

تفسير الجلالين

تفسير الجلالين المفسرين جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي، من كبار المفسرين الذين

يمتاز تفسيرهم بالبساطة وسهولة التعبير، وسيتم تفسير مفردات الآية فيما يلي:

  • قدموا في تفسيره معاني المفردات للآية الكريمة، لتيسير فهم تفسيرها على الباحث.
  • ذكر أن (قد)، جاءت للتحقيق، (نَرَىٰ تَقَلُّبَ) بمعنى تصرف، (وَجْهِكَ فِي) جهة أو ناحية.
    • (السَّمَاء)، تَطلع للوحي متمني، متشوق، لاستقبال بيت الله الحرام، قبلة سيدنا إبراهيم.
    • (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ) نحولك أو تغير اتجاهك، (قِبْلَةً تَرْضَاهَا) قبلة تحبها وتتمناها.
    • (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام)، اتجه في صلاتك نحو المسجد الحرام أو الكعبة.
    • (وَحَيْثُ ما كُنتمْ فَوَلٌّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)، ثم أعقب الله تعالى قوله بخطاب المسلمين بأن يستقبلوا ويتولوا للمسجد الحرام أو الكعبة في صلاتهم.
  • ثم أكد على أن الاتجاه الجديد للقبلة هو الحق في قوله تعالى، (وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِّن رَّبّهِمُ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ).
  • جاءت تلك الآية لتأكيد أن ذلك ذكر في كتب اليهود ولكنهم يجهلون، وينكرون الحق.
    • وذلك رغم يقينهم أن محمد هو رسول الله، وأن أمر تغيير القبلة هو أمر من الله تعالى.

التفسير الميسر:

  • يرى الله تقلب وجه النبي محمد صلى الله عليه وسلم في السماء، انتظارًا لوحي الله الذي سيأمره بتوجيه القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة.
  • الله وعد بتحويل القبلة إلى ما يرضاه النبي ويحب، وهو الكعبة في مكة. ولهذا، يجب على المسلمين أن يوجهوا وجوههم نحو المسجد الحرام عند الصلاة، وأهل الكتاب يعرفون أن هذا التحويل هو الحق الموصوف في كتبهم. والله ليس بغافل عن أعمالهم وسيحاسبهم عليها.

التفسير المختصر

  • الله يرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم يترقب ويأمل في تحويل القبلة إلى الكعبة. الله وعد بتوجيه النبي إلى قبلة يحبها، وهي الكعبة، فوجه وجهك نحوها.
  • وكل المسلمين، أينما كانوا، يجب عليهم أن يتوجهوا نحو الكعبة عند أداء الصلاة. أهل الكتاب يعلمون أن تحويل القبلة هو الحق، ولكنهم يعارضون ذلك عنادًا. والله ليس بغافل عن أفعالهم وسيحاسبهم عليها.

تفسير السعدي:

  • الله يعلم أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يتطلع إلى السماء متمنيًا نزول الوحي بتحويل القبلة إلى الكعبة.
  • الله وعد بتحويل القبلة إلى الكعبة، وهي القبلة التي يحبها النبي. لذلك، يجب على المسلمين، أينما كانوا، أن يتوجهوا إلى الكعبة عند الصلاة.
  • أهل الكتاب يعلمون أن هذا التحويل هو الحق، ولكنهم ينكرون ذلك عنادًا. الله ليس بغافل عن أفعالهم وسينتقم منهم.

تفسير البغوي:

  • في البداية، كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه يصلون نحو بيت المقدس بعد هجرته إلى المدينة.
  • كان النبي يفضل التوجه نحو الكعبة. الله استجاب لدعائه وأمره بتحويل القبلة إلى الكعبة، فوجه المسلمين نحوها في الصلاة. في حال الصلاة، يجب على المسلمين أن يتوجهوا نحو الكعبة.
  • أهل الكتاب يعرفون أن هذا التحويل هو الحق وفقًا لكتبهم، ولكنهم ينكرونه عنادًا، والله ليس بغافل عن أفعالهم وسينتقم منهم.

التفسير الوسيط:

  • الله شاهد تحركات وجه النبي محمد صلى الله عليه وسلم نحو السماء، متطلعًا إلى نزول الوحي لتحويل القبلة إلى الكعبة.
  • الله وعد بتحويل القبلة إلى الكعبة، وهي القبلة التي يحبها النبي. على المسلمين في كل مكان، سواء في البر أو البحر، أن يتوجهوا نحو الكعبة أثناء الصلاة.
  • أهل الكتاب يعلمون أن تحويل القبلة هو الحق، لكنهم يعارضونه عنادًا. الله ليس بغافل عن أفعالهم وسيحاسبهم عليها.

أهداف آية قد نرى تقلب وجهك في السماء

لا يوجد آية قرآنية لا يوجد هدف لها أو درس قد نتعلمه من ذكرها، ولمعرفة الدروس المستفادة من تلك الآية مرفق الآتي:

  • أدب النبي الجم عليه الصلاة والسلام، وحرجه من طلب ما يتمناه ويريده ويشتاق له.
    • وهو تحويل القبلة، فقد أكتفي بتقليب نظره للسماء، دون أن يستطع طلب ذلك من الله.
  • حب الله عز وجل للرسول، فقد وهبه ما يشاء دون أن يطلبه، بل جعلها قبلة للجميع.
  • خطابه لليهود، وتهديدهم، للجدال والإنكار، وهم على يقين إنه الرسول المذكور في كتبهم.
  • حرص في خطابه على تأكيد أن من يتبع الحق يجزي بالخير، ومن يتبع الباطل سيجزي عليه أيضاً، فهو الله القادر على كل شيء، وغير غافل عما يفعلون.

شاهد أيضًا: تفسير: قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا

سورة البقرة آية قد نرى تقلب وجهك في السماء

سورة البقرة، بها مائتين وستة وثمانين آية، تلي سورة الفاتحة في المصحف الشريف، فهي ثاني سورة به، مرفق باقي تفاصيلها فيما يلي:

  • من أطول سور القراّن، فهي تخطت الجزئيين، ذكرت في الجزء الثالث ببعض الآيات.
  • نزلت في المدينة على الرسول، وبها آخر آية تم نزولها من السماء يوم النحر حجة الوداع بمنى هي، (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ).
    • بها بعض من آيات الربا، التي خالفت باقي السورة الكريمة نزلت أول القراّن.
  • تحتوي على أعظم آية في القرآن الكريم هي آية الكرسي، وقيل عن أبي هريرة إنها أعظم آيات القرآن، فقال (وكلني رسول الله بحفظ زكاة رمضان فأَتاني آت فجعل يحثو من الطعامِ فأَخذته فقلت لأَرفعنك إِلى رسول الله فقص الحديث فقال إِذا أَويت إِلى فراشك فاقرأ آية الكرسيِ لن يزال معك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبِح وقال النبِي: صدقك وهو كذوب ذاك شيطان).
  • يوجد بها أطول آيات القراّن، وهي آية المداينة.
  • لقبت بعدة أسماء أخرى، الفسطاط، سنام القراّن، والكرسي، بل لذكر قصص بني إسرائيل بها، لقبت أيضا بذلك، والزهراء.

ما هو سبب تسميتها بالبقرة؟ وأهم ما ذكر بها؟

ذكر في سورة البقرة العديد من القصص، من أهمها المعجزة التي من أجلها سميت بذلك الاسم، وشرحها تفصيلي مرفق الآتي:

  • سميت بسورة البقرة، بسبب قصة سيدنا موسى عليه السلام، حينما طلب منه الله تعالي.
    • بذبح بقرة ورميها على القتيل الذي يرغب قوم موسى، في معرفة من قام بقتله.
    •  فيقوم القتيل ويخبرهم بذلك، والتشكك أهل موسي في أن الله يسخر منهم، بالغوا في طلب أوصاف البقرة، ولكن نبي الله أخبرهم بكل ما كانوا يطلبوا، ولم يجدوا إلا واحدة.
    • أتعبوا أنفسهم كثيراً ليجلبوا، ثم قتلوها ورموها على المقتول، وبالفعل تحقق وعد الله.
    • أفيق القتيل وبرأ من اتهموا بالقتل، عندما أشار على من قتله وهو أبن أخ القتيل.
    • ولتحقيق ذلك، تحققت معجزة من معجزات، عدة نزلت على بني إسرائيل لعلهم يؤمنون.
  • وتلك القصة من أهم ما ذكر في سورة البقرة، بالإضافة لقصص بني إسرائيل العديدة بها.
  • كما ذكر في سورة البقرة، القوانين التي يجب على المسلمين اتباعها لتستقيم حياتهم.
  • حرصت على تعزيز إيمان المسلمين بالله ورسله وقراّنه.
  • كما ذكر في السورة الكريمة، خصائص المسلمين والكفار والمنافقين بها.
  • ذكر فيها قصة سيدنا آدم عليه السلام كاملة في الجنة ومع إبليس، وقصة نبي الله جالوت.

شاهد أيضًا: تفسير: حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج

مزايا سماع سورة البقرة خاصة في المنزل

نبهنا رسولنا الكريم لفوائد سورة البقرة في طرد الشياطين من البيت وفوائدها العديدة، لذلك أحرص على تشغليها في المنزل وسماعها دائمًا، وتلك فوائدها الأخرى التالية:

  • عند قراءتها وسماعها، تحيط الملائكة بالمنزل ويهرب منه الشياطين وشرهم.
  • تحمي المسلم من الحسد والسحر والعين، وتحفظه من الشر المحيط به إذا وجد في منزله.
  • تجلب الرزق للمنزل ومن يسكنونه، وتجعل البيت عامر بالراحة النفسية والأمان.
  • تشفي من الأمراض، وتمنح ساكني المنزل التركيز في حياتهم، ولا تدعهم يلهون.
  • تحمي الأبناء أثناء النهار ومن فالمنزل من إثارة المشاكل فيما بينهم، وفى الليل تحفظهم.
  • تشفع سورة البقرة لمن يقرأها يوم القيامة، وفي الدنيا تقضى له حاجته وتعطه البركة.

معاني مفردات آية: قد نرى تقلب وجهك في السماء

“قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ”

  • نَرَىٰ: نلاحظ أو نشاهد.
  • تَقَلُّبَ وَجْهِكَ: تحريك وجهك وتوجيهه.
  • فِي السَّمَاءِ: نحو السماء طلبًا للوحي والقبلة التي ترضى بها.

“فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا”

  • نُوَلِّيَنَّكَ: نوجهك أو نغير قبلتك.
  • قِبْلَةً: الجهة التي تُصلَّى إليها.
  • تَرْضَاهَا: ترضى بها أو تحبها، وهي الكعبة المشرفة.

“فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ”

  • فَوَلِّ: وجه أو أدر.
  • وَجْهَكَ: وجهك في الصلاة.
  • شَطْرَ: باتجاه.
  • الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: الكعبة المشرفة في مكة.

“وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ”

  • حَيْثُ مَا كُنتُمْ: أينما كنتم في أي مكان.
  • فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ: وجهوا وجوهكم في الصلاة.
  • شَطْرَهُ: باتجاهه، أي نحو المسجد الحرام (الكعبة).

أسئلة شائعة حول تفسير الآية

ما سبب تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة؟

تحويل القبلة كان امتحانًا للناس ولإظهار الفرق بين الإيمان الحقيقي والعناد. كما أن الكعبة هي القبلة الأصلية التي كانت قبلة إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل، ولهذا كان من المهم إعادتها كقبلة للمسلمين.

ما هي دلالة تقلب وجه النبي صلى الله عليه وسلم في السماء؟

تقلب وجه النبي صلى الله عليه وسلم في السماء كان تعبيرًا عن تطلعه وترقبه لوحي الله الذي سيأمر بتحويل القبلة. كان النبي يتمنى أن يتحقق هذا التغيير، وأظهر انتظاره وإيمانه بالوحي.

كيف كان استقبال المسلمين لتحويل القبلة؟

بعض المسلمين استقبلوا تحويل القبلة بترحيب، بينما كان هناك بعض الذين واجهوا صعوبة في التكيف مع هذا التغيير، وخاصة الذين كانوا متابعين للقبلة السابقة. كان التغيير اختبارًا لإيمانهم وطاعتهم لأوامر الله.

لماذا كان تحويل القبلة في بداية الإسلام مهمًا؟

تحويل القبلة كان جزءًا من تثبيت هوية الأمة الإسلامية وتعزيز ارتباطها بمكة والكعبة، وهي مكان فريد له رمزية دينية هامة. كما كان ذلك لتأكيد استمرارية الرسالة التي بدأت مع إبراهيم عليه السلام.

كيف يؤثر هذا التغيير على المسلم اليوم؟

المسلمون اليوم يتبعون القبلة التي حددها الله في مكة المكرمة، وهي الكعبة. هذا التغيير يعزز الوحدة بين المسلمين حول قبلة واحدة ويذكرهم بأهمية الطاعة والاتباع لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

C
مقالات ذات صلة