هل يجوز الصيام عن الميت؟
هل يجوز الصيام عن الميت؟ ينقطع كل عمل ابن آدم بعد موته، فقط حساب عما بدر من العبد؛ سواء سيئات أو حسنات، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :” لا تأتي الحياة على المؤمن إلا بخير” فعند الموت ينقطع كل ذلك، وفي هذا المقال سنتحدث عن جواز الصيام عن الميت.
محتويات المقال
صيام الحي نيابة عن الميت
- هل يستطيع الأحياء إمداد أمواتهم بفيض من الحسنات قد توقفت عنهم لموتهم؟ وإسقاط ذنوب عنهم عند عذابهم؟
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
- “ما أنقطع عمل ابن آدم إلا من ثلاث : صدقة جارية، أو علمًا ينتفع به أو ولداً صالحً يدعو له.
- ومن الأحاديث الدالة على جواز صيام الحي عن الميت الكثير والكثير ونذكر منها تلك القصة.
- فقد جاء رجل إلى رسول الله يقول له: “إن أمي قد آرمت (ماتت) وعليها صيام فهل أصوم عنها.
- فقال له رسول الله :
- أولو كان عليها ديناً أما كنت توفه؟ قال نعم، قال رسول الله:”فدين الله أحق أن يوفى”
- إذن فقد أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصيام عن الميت الذي عليه أيام صيام لم يصومها في الدنيا.
- بالإضافة إلى إنه أعتبر هذه الأيام ديناً عليه؛ يجب أن يؤدى، فالصيام عن الميت رخصة رخصها لنا رسول الله.
- إذ أن غرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمة بعباد الله، ورفقاً بهم من العذاب.
فالصيام من أهم العبادات بعد الفروض التي فرضها الله علينا وجعلها إحدى ما بني عليه الإسلام.
- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
- (بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت من أستطاع إليه سبيلاً).
- وعلى ذلك فيكون الصيام رابع أمر ذكره رسول الله.
- وأيضاً قال الله سبحانه وتعالى في حديثه القدسي:
- (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به).
تابع صيام الحي نيابة عن الميت
- فالصيام من العبادات المجهولة الأجر، والتي جعلها الله مفاجئة عظيمة أعدها ربنا تبارك وتعالى لعباده في الآخرة.
- وبناءً على ما تقدم فللصيام ثواب عظيم وشأن كبير عند الله؛ لذلك أباح الله الصيام عن الميت.
- رأفة بالميت، ولعدم حرمانه من هذا الثواب العظيم؛ لكي لا يفوت على العبد صيام يوماً واحدً.
- ولله المثل الأعلى؛ فإن علمت أن أحد ملوك الدنيا قد وعد أحد رعاياه بهدية عظيمة إن فعل شيء ما.
- وقام هذا الشخص بفعلها، فما ظنك بملك متوج يمنح أحد محبيه هدية أو عطية فبالتأكيد ستكون كبيرة.
- ولله المثل الأعلى ولرسوله والمؤمنون، فما بالك بأجر أخفاه ملك الملوك عن عباده الصالحين، والمقصود هنا أجر الصيام.
- فإن الله لا يحب أن يعذب عباده أو يحرمهم أجر، فأباح للأحياء الصيام عن الأموات.
قد يهمك: دعاء خامس ليلة في القبر .. اللهم افسح له
فضل الصيام عن الميت
- فعند موت الإنسان ينتقل العبد من حياة الدنيا إلى حياة البرزخ، وهي حياة القبور.
- فإذا صام عن الميت أحد من أهله، أو أحبته يوماً في سبيل الله، ووهب له الأجر فقد أهداه هدية كبيره.
- إذ ينادي الملك علي المتوفي في قبره ويقول له :(يا فلان ابن فلان، لك هدية فتعالى لتتسلمها.
- فيقول المتوفي : لي أنا، ممن؟ فيقول له الملك: من فلان والذي لا زال من أهل الأحياء.
- فيغلف صيام هذا اليوم بالنور، ويوضع على آنية من نور، ويذهب الميت للملك ليتسلمها وهو في أشد الفرح والسعادة.
- فيغبطونه الأموات على هذه الهدية، وقد يكون وقتها هذا الميت يعذب، أو في كرب شديد فيأتيه صيام هذا اليوم.
- ويبدل الله قبره من عذاب إلى نعيم بفضل هذا العمل الصالح.
- ولكن كما أنه للصيام أجر عظيم وقد أخفاه الله، فإن عقابه أيضًا عظيم.
- ويكفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا؛ أن فطر يوم واحد من أيام رمضان بلا عذر لا كفارة له.
- بالإضافة إلى ذلك فإنه إذا صام الحي عن الميت وأقرن ذلك بالدعاء للميت فإن هذا الدعاء أقرب للقبول بسبب الصيام.
- فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر.
- ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام.
- وتفتح له أبواب السماء ويقول الرب عز وجل وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين.
اخترنا لك أيضا: هل يجوز قراءة القران على الميت بعد الدفن
رأي دار الإفتاء في صيام الحي عن الميت
- جاء رأي دار الإفتاء يقول: أنه إذا قام الصائم بالإفطار، وله عذره كالمرض مثلاً، ولازمه هذا العذر حتى موته.
- فقد جاء بالاتفاق بين العلماء أنه لا صيام عنه وليس له فدية أيضًا لأنه لم يسقط فريضة الصيام متعمداً.
- وبالتالي لا يكون إثم عليه؛ لأنه فرض لم يستطع القيام به إلى موته؛ فيسقط عنه كفريضة الحج.
- ومن جهة أخرى إذا انتهى عذره وأصبح عليه الاستطاعة لقضاء الفرض ولكنه تكاسل عنه حتى أتاه الموت فيوجد فيه رأيين.
- الرأي الأول ويتبع مذهب أبي حنيفة، وأحمد ابن مالك، وأحمد ابن حنبل، والشافعي فيرون أنه لا صيام عن الميت.
- إذ إنه هو الأحق بالصيام إن سقط عنه العذر، ولكن يتم الإطعام عنه عن كل يوم صيام.
- لأن فريضة الصوم للشخص القادر لا ينوب فيها عنه أحد بعد الموت كالصلاة تماماً.
- ومن ناحية أخرى فإن أصحاب الحديث والسلف كأمثال الحسن البصري، وطاووس، وقتاده، والزهري، والإمام الشافعي، وأبو ثور، والإمام النووي، يجيزونه.
- فيقرون أنه يجوز الإنابة عنه في الصيام بعد موته من وليه، وأضاف الشافعية أن ذلك يجزى به عن الإطعام عنه.
- وهكذا يكون قد تم قضاء فرض الصيام عن المتوفي، ولكن ليس لزاماً على وليه الصوم عنه بل ذلك باختياره.
- بل يمكن لوليه أن يطعم عنه إذا وجد مشقة في الصيام، أو عند مرضه، ولكن الصيام أولى وأنفع.
تابع رأي دار الإفتاء في صيام الحي عن الميت
- فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)
- ويوجد رأي ثالث يتناول عدم جواز الصيام عن الميت سواء كان في حياته سليماً أو به علة.
- فيري أبو عبيد والإمام أحمد وإسحاق بأنه لا صوم عن الميت؛ إلا ما نذره الميت في حياته.
- إذ أن ذلك استناداً لحديث السيدة عائشة عن حديث ابن عباس؛ الذي وضحت رواياته أنه صوماً للنذر فقط.
- بعبارة أخرى صوم النذر يعني أن يقوم الشخص بنذر صومً لله في حياته شكراً على نعمة قد رزقه الله بها.
- الأشخاص المنوط بهم الصوم عن المتوفي هم أقربائه، أو الشخص الولي عنه، ويجوز للغريب عن الميت الصوم عنه بإذن الولي عنه.
ما يعود على الصائم الحي من صومه لأخيه الميت
- من عظم جود الملك في علاه؛ أن من صام يوماً ووهب أجره لأخيه الميت فإن له من الأجر مثله.
- وكذلك لا ينقص ذلك من أجره شيء، فهما في الأجر سواء وهذا ليس للصيام فقط بل، للحج أيضاً.
- وكذلك قراءة القرآن، وسائر الصالحات.
- فمن شأن ذلك الأمر نشر التواد والتراحم بيننا.
- فربنا رباً غني جواد كريم يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء.
شاهد أيضا: ما هي أركان الصيام ومبطلاته
وفي ختام مقالنا الذي تحدثنا فيه عن جواز صيام الحي عن الميت، وكذلك فضل صيام الحي عن الميت، وأيضًا رأي دار الإفتاء في جواز صيام الحي عن الميت.
بالإضافة إلى ما يعود على الصائم الحي من صومه لأخيه الميت، فنرجو أن نكون قد قدمنا محتوى هادف مفيد ونتمنى منكم نشر المقال على وسائل التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.