معنى: ولا غالب إلا الله
لعل كل من يقرأ عبارة لا غالب إلا الله لا يتوقع أن لهذه العبارة تاريخ قديم محفور في جدران وصخور قصر الحمراء في الأندلس، لم تكن هذه العبارة كغيرها من العبارات.
بل كانت ملهم ومحفز لأهل غرناطة خاصة ولكل المسلمين عامة أن هم حكموا بلاد الأندلس لقرون، ولذلك سنقوم في هذا المقال بشرح معنى: ولا غالب إلا الله.
محتويات المقال
قصة عبارة لا غالب إلا الله
تتلخص القصة التاريخية لعبارة لا غالب إلا الله بالنقاط التالية:
- لقد انتشرت هذه العبارة بصورة كبيرة بين المسلمين.
- حيث وجدت عبارة لا غالب إلا الله محفورةً على صخور وجدران البيوت والأسواق والأسوار في الأندلس.
- كما نقشت على أعمدة وقباب وأبواب قصر الحمراء في مدينة غرناطة كي تبقى شاهدةً على مرور الحضارة العربية الإسلامية من بلاد الإسبان وبقائها قرابة ثمان مئة سنة.
- إن هذه العبارة تخلد ذكرى إمبراطورية عظيمة وشعوبٍ عريقة وحضارةٍ سائدة.
- تخلد ذكرى انتصارات طارق بن زياد وموسى بن نصير وعبد الرحمن الداخل وعبد الرحمن الناصر ويوسف بن تاشفين.
- هذه العبارة تخبرنا أن هناك شهداء سالت دماؤهم على هذه الأرض لتصنع جسرًا يعبر عليه الإسلام إلى هذه البلاد.
- يرى المؤرخون الذين بحثوا سبب كثرة وجود عبارة لا غالب إلا الله على الجدران في غرناطة أن هناك روايتين:
- الرواية الأولى تقول: إن أمير غرناطة أبو عبد الله محمد الأحمر قد نشب صراع بينه وبين أمراء ما تبقى من الأقاليم التي بيد المسلمين وخصوصًا إشبيلية.
- حيث يقال أن سبب الخلاف من أجل الجزية، كما يقال أن السبب الحقيقي هو العداوة والحقد بينهم.
- مما دفع أبو عبد الله الأحمر إلى الاستعانة بملك قشتالة الإسباني على أبناء دينه وجلدته حيث أصبح يدفع الجزية لملك قشتالة مقابل أن يتعهد بحمايته من المسلمين.
- وعندما عاد إلى غرناطة استقبله الناس بلقب (الغالب)، ظنًا منهم أنه انتصر وعندها أدرك خيانته لدينه وقال لهم لا غالب إلا الله وقام بنقشها على جميع الجدران في قصر الحمراء.
- كما نقشها حتى على أبواب المنازل في غرناطة كي تبقى شاهدةً على تخاذله واستسلامه للأعداء.
شاهد أيضًا: تفسير: والله غالب على أمرة ولكن اكثر الناس لا يعلمون
الرواية الأخرى لكثرة نقش عبارة لا غالب إلا الله
أما الرواية الأخرى لكثرة وجود هذه العبارة هي أن أهل الأندلس في غرناطة وإشبيلية عندما شاهدوا كثرة الصراعات بين أمرائهم وما هم عليه من تناحر وتباغض.
وعندما رأوا غروب شمس قوتهم ومجدهم عندها أدركوا أن دولتهم لابد زائلة.
وأن مجدهم لا محالة زائل وأن شمس الإسلام التي سطعت على هذه البلاد قرابة ثمانية قرون سوف تغرب وينطفئ نورها.
عندها قاموا بنقش عبارة لا غالب إلا الله على جميع الجدران والأسوار والأبواب في المنازل والأسواق والقصور.
كي تبقى شاهدةً على مجدٍ وحضارة وملكٍ عظيم أضاعوه بالتخاذل والخيانة.
معنى: ولا غالب إلا الله
عند البحث في معنى: ولا غالب إلا الله تبين أنه يتلخص في النقاط التالية:
- تعني هذه العبارة في معاجم اللغة العربية أنه لا قاهر إلا الله ولا منتصر إلا الله ولا باقي إلا الله، فمعنى كلمة غالب هو المنتصر والقاهر.
- وتدل هذه الكلمة في معاني اللغة العربية على صفة الدوام والاستمرارية.
- وبما أن الله عزّ وجل هو الخالد وهو الباقي وهو الأول الذي لا أحد قبله.
- وهو الآخر الذي لا شيء بعده، فعندها يكون المعنى أن الله الذي له صفة البقاء السرمدي هو المنتصر والغالب مهما تجبر الطغاة وتسلطوا.
- وقد ورد في القرآن الكريم في الآية مئة وستون من سورة آل عمران ما يشير إلى هذه العبارة (إِن یَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن یَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِی یَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُون)، حيث تشير الآية إلى أن الله هو القاهر فوق عبادة وأن الأمر كله بيده.
- كما أن معنى: لا غالب إلا الله ينطوي كذلك على أنه على العبد المسلم أن يعلم أن النصر كله بيد الله.
- ولذلك يجب علينا ألا نتكل على قوتنا أو عددنا أو عدتنا فكل ذلك هي أسباب مأمورين أن نأخذ بها.
- ولكن يجب أن نوقن أن النصر هو من عند الله فإذا أراد الله أن ينصرنا فليس هناك قوةٌ في الأرض تستطيع هزيمتنا.
- وإذا لم يقدِّر الله لنا النصر فلا يمكن أن نحقق النصر أبدًا.
- كما ينطوي معنى هذه العبارة على أن إرادة الله لابد نافذة.
- وأن ما قدره الله حتمًا سيقع شاء من شاء وأبا من أبا، فالله إرادته فوق إرادة المخلوقات.
اقرأ أيضًا: اختصار صلى الله عليه وسلم
قصة سقوط الأندلس
ويمكن أن نجمل قصة سقوط الأندلس بالنقاط التالية:
- إن الدولة الإسلامية في بلاد الأندلس مرت في مراحل مختلفة خلال حكمها حيث بدأ الوجود الإسلامي على أراضي إسبانيا.
- منذ أن انتصر طارق بن زياد في أولى معاركه عام اثنان وتسعون للهجرة في عهد الخلافة الأموية في فترة حكم الخليفة الوليد بن عبد الملك.
- حيث كان فتح طارق بن زياد لبلاد الأندلس بشكل متسارع.
- وذلك بسبب حالة الضعف التي كانت تعيشها بلاد الإسبان.
- والظلم والاستبداد التي كان يرضخ السكان تحته.
- هذا كله سهل على المسلمين دخول المدن بشكل سريع.
- بعد ذلك هاجر عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس بعد صعود العباسيين إلى الحكم وأسس الخلافة الأموية في الأندلس على أرضية صلبة.
- كما كان أوج قوة الدولة الإسلامية في الأندلس في عهد الخليفة عبد الرحمن الناصر.
- بعد ذلك ومع تدفق الأموال والخيرات على خزائن الدولة وانشغال الحكام بحياة الترف والبذخ.
- وابتعاد العلماء عن واجبهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- وعدم حث الناس على الجهاد في سبيل الله بدأت الدولة بالضعف.
- وبدأت الخلافات تنشب بين الأمراء والقادة.
- ونتيجة هذه الخلافات بدأ الأمراء بالاستقلال عن جسد الخلافة الإسلامية في الأندلس.
- وبدأ كل منهم يستنصر بالأعداء ضد أبناء دينه وجلدته حتى أخذت المدن والحصون تسقط واحد تلو الآخر بيد الإسبان.
- حيث أن دولة الخلافة بعد أن كانت جسدًا واحدًا مترامي الأطراف أصبح عبارة عن بعض الأقاليم المفككة المتفرقة التي يسهل على العدو اقتناصها.
- وهذا ما حدث بالفعل حيث سقطت جميع المدن في الشرق والغرب والشمال.
- ولم يبقى سوى غرناطة صامدة محاصرة تشهد على مجدٍ تليد حان زواله.
سقوط إشبيلية وغرناطة
بقيت غرناطة صامدة عصية على الأعداء حوالي قرنين ونصف من الزمن تشهد على حضارة المسلمين في الأندلس.
إلى أن جاء آخر أمراء غرناطة أبو عبد الله وأسمه محمد الصغير ولقبه الأحمر حيث شهد منذ صغره الخلافات والمكائد على حكم غرناطة.
وبدل أن يسعى لوحدة الصف قام بعملية خيانة عظمى.
حيث عقد اتفاق مع أمير قشتالة أن تصبح غرناطة تحت وصايته وحمايته مقابل أن تدفع غرناطة الجزية لملك قشتالة.
كما قام محمد الأحمر بمساعدة أمير قشتالة على محاصرة المسلمين في إشبيلية.
كما كان له دور في إقناع أهل إشبيلية بتسليم الحصون دون قتال.
ولكن وبعد سقوط إشبيلية لم تدم غرناطة سوى وقت قصير.
حيث دخل أمير قشتالة غرناطة وخرج محمد الأحمر منها.
وهو يبكي زوال دولة عمرها أكثر من ثماني قرون.
شاهد من هنا: رمز صلى الله عليه وسلم