الهجرة إلى الله
الهجرة إلى الله، من بين أحد المفاهيم الرائدة في الفكر الإسلامي والتي تعني بالإنابة وترك شواغل الدنيا، فتبدأ مقتضيات الهجرة بنوع من التأمل واعتزال الناس بهدف تصفية القلب وملئها بحب الله.
فهذا المصطلح غني بالمضامين التي تشتمل على مسببات ومسارات عديدة يجب أن يلمس المسلم جوهرها لتحقيق معناه الحقيقي بشكل صحيح.
محتويات المقال
الهجرة إلى الله
عرف ابن القيم الجوزية معنى الهجرة إلى الله بأنها هجرة محبة غير الله لحب الله ورسوله، وهي أيضا هجرة الاستعانة واللجوء للعباد إلى الاعتماد على الله وحده، ومن بين الركائز الأساسية لتلك النوعية من الهجرة ما يلي:
- أن يبدأ المسلم بوضع خطة إخلاء لقلبه وجوارحه للمنهيات التي اعتاد عليها، والاجتهاد بالطاعات حتى تصبح عادة يومية سواء كان يتعلق ذلك بالذكر أو المحافظة على الصلاة في وقتها وغيرها من العبادات.
- يجب أن يفهم المسلم المعنى الحقيقي للحياة وأن مصيرها الفناء، وذلك حتى تهون عليه المصائب مهما عظمت ولا يغتر بالسعادة الوقتية التي يحرزها، فالذي يسير على نهج الله يستشعر الزهد في كل شيء فيتمسك بحقيقة المعنى والقرب من الله.
- عندما يهاجر المسلم إلى الله يأتمر بالطاعات فيخضع قلبه لوحدة ميزان وقياس يحكمها الرضا واليقين اللذان يمسكان بتلابيب الدنيا، فتأتي الدنيا راغمه تحت قدميه ويستجمع شمله.
- كذلك الاستقرار والتعقل الوجداني من أهم المعينات التي تدفع نحو تلك الهجرة، فغلق باب الشهوات والشبهات لن يتأتى سوى بفتح باب الطاعات والعبادات.
- السقوط في فخاخ المعصية لا يجب أن يسد طريق المسلم عن السير إلى الله، فعندما يقع الإنسان في مغبات المعاصي يجب أن يهرول سريعا نحو النهوض، حتى لا تأسره مكايد الشيطان.
اقرأ أيضا: خطبة عن الهجرة إلى الحبشة
أنواع الهجرة إلى الله
تتنوع الهجرة إلى الله لتتألف من عدة أشكال يمكننا أن نؤصلها تبعا لعمق العلاقة الربانية التي تبنى بقلوب المسلمين، وهي تقسم على النحو الآتي:
- هجرة صغائر المعاصي التي تعتمل بالقلب من خلال مجاهدة النفس للوصول إلى الكمالية الإنسانية، فتلك الصغائر قد تدمر خشوع القلب لتنطلق نحو ارتكاب الكبائر.
- كما أن هناك نوع ثان من الهجرة، وهي هجرة الكبائر والتي يستشعر معها المسلم بحالة من التيه الذهني والعقلي، فالتماس هذا الطريق لن يكون سهلا سوى بصحبة الأخيار والقدوة الصالحة.
- بينما الهجرة من مكة إلى المدينة كانت هجرة أفئدة بنيت على قواعد إيمانية راسخة، فقطعت أشواطا جغرافية هائلة لضرب مثل عميق جعلت النبي يصفها بقوله لا هجرة بعد الفتح أي فتح مكة.
- فالهجرة من مكة للمدينة كان أجرها عظيم وعواقب فشلها إن حدثت وخيمة، ومن ثم لم يدخر المسلمون جهدا في تحمل مشاقها التي كانت مرهونة بذلك لتوقيت امتثالا للأمر النبوي.
- بينما الهجرة الأكبر هي جهاد النفس التي جاءت بحديث النبي عندما قال -صلى الله عليه وسلم- عودنا من الجهاد الأصغر أي الحرب إلى الجهاد الأكبر، أي مجاهدة النفس وتحقيق الثبات والإيمان.
كما يمكنكم التعرف على: موضوع عن الهجرة النبوية
ثمرات الهجرة إلى الله
- ومن بين ثمرات التقرب من الله كسب معيته في السراء والضراء، والتي تجعل هذا المريد في أمان نفسي ضد نوائب الدنيا فلا تهتز أركانه ولا تفتر قواه وإيمانه.
- الاستسلام والانقياد لله في كل الأحوال مما تبعث الطمأنينة في النفوس والصفاء النفسي الذي يرغبه القلب ويتمناه.
- نور البصيرة التي تلازم صاحبه تجاه كافة الدسائس التي تحاك له من قبل حاقدين، مما يجعله مستشعرا للثقة وعدم الخوف، بل يكون مصدرا للمهابة والاحترام من قبل من يرونه.
كما يمكنكم الاطلاع على: كلمة عن الهجرة النبوية
كيفية الهجرة إلى الله
الهجرة إلى الله تعني السعي للتقرب من الله والاقتراب منه بشكل أعمق وأصدق في حياتنا. إليك بعض الطرق التي يمكن من خلالها الهجرة إلى الله:
- العبادة الصادقة: قم بأداء العبادات المختلفة مثل الصلاة والصيام والذكر بصدق وتفانٍ، واجعلها جزءًا لا يتجزأ من حياتك اليومية.
- التوبة والاستغفار: توب إلى الله واستغفره عن كل ذنب، وحاول التخلص من السلوكيات السلبية والمعاصي التي تبعدك عنه.
- الاستماع والتفكر في القرآن الكريم: اقرأ وتدبر آيات الله في القرآن الكريم، وحاول تطبيق تعاليمه في حياتك اليومية.
- الدعاء والابتهال: تحدث إلى الله بصدق واستمع لقلبك ودعائك يتدفق بصدق وإيمان، وثق بأن الله يسمع دعاءك ويجيبه.
- خدمة الآخرين: ساعد الناس في الحاجات المختلفة، وكن محسنًا وعطوفًا ومتعاطفًا معهم، فالخدمة الإنسانية من أفضل الطرق للتقرب من الله.
- الابتعاد عن المعاصي والذنوب: حاول الابتعاد عن كل ما يغضب الله ويبعدك عن رضاه، واجتنب المعاصي والأمور السلبية التي تعيق رحلتك نحو الله.
- الشكر والتقدير: كن شاكرًا لله على كل نعمه التي يمن عليك بها، ولا تنسى أن تقدر وتعبر عن شكرك بصدق وتواضع.