قرآن الذين آمنوا وَتَطمَئِنُّ قُلُوبُهُم بذكر الله

يرشد الله العباد إلى منهج صلاح الحال وطمأنينة القلب في هذه الآية، حيث تبين الآية العلاقة الوطيدة بين طمأنينة وأمان القلب وبين ذكر الله.

وهناك أقوال متعددة في تفسير آية “الذين آمنوا وَتَطمَئِنُّ قُلُوبُهُم بذكر الله” وتوضح سر هذه العلاقة، نعرض هذه الأقوال بشيء من التفصيل في المقال، ونتعمق في تدبر الآية لكي نوضح الدروس المستفادة منها للمسلمين.

تفسير: الذين آمنوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بذكر الله

إن الله أنزل الكتاب على النبي من خلال الوحي، لكي يدعم المسلمين بالإرشادات حول المنهج السليم الذي يمنحهم حياة أفضل، وحول قرآن الذين آمنوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بذكر الله نسرد ما يلي:

  • ورد الآية في آيات سورة الرعد، تحديدًا رقم 28.
    • وترشد الآية المسلمين إلى مسار أمان وطمأنينة القلب.
    • وهو المداومة على ذكر الله، تبعًا لآراء بعض المفسرين.
  • ويرى البعض أن المسار هو ذكر النعم التي تفضل الله بها على المسلمين.
    • وآخرين يرون أن المسار هو تلاوة آيات القرآن.
  • ويرى البعض إن الآية تدل على أن ذكر رحمة وفضل الله والقيام بالطاعات وتنفيذ أوامر الله.
    • هو المسار لتحقيق سكينة القلب وأمانه.

تفسير السعدي

  • عن السعدي، إن المقصود بالذكر هنا هو الحلف بالله.
    • أي إذا حلف الخصم أمام المسلم بالله، فإن قلبه يهدأ ويطمئن حول مصداقية الحديث والكلام.
  • عن السعدي، إن المقصود من الآية هو إرشاد المؤمنين إلى علامة زوال قلق واضطراب القلب.
    • وعلامة الشعور باللذة والفرح، وذلك من خلال تلاوة القرآن والمداومة على ذكر الله والشكر على مختلف النعم.
  • عن أهل اللغة العربية، إن اللفظ تطمئن، فعل مضارع يدل على تجديد الطمأنينة واستمراريتها.
    • ومن هذا المنطلق، تفسر الآية على أن قلوب المسلمين تتوقف عن الاضطراب والتوتر.
    • وكذلك القلق والتقلب وتأنس من خلال ترديد ذكر الله وتلاوة آيات القرآن.
  • ومن قرآن الذين آمنوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بذكر الله، يتضح أن القلب الخالي من ترديد وسماع ذكر الله من تسبيح واستغفار وتلاوة قرآن.
    • لا يشعر باللذة الناتجة عن السكن والطمأنينة، التي لا تتأثر ولا تتبدل بتغير أمور الدنيا من وظيفة أو زواج أو دراسة أو غيره.
    • سكينة تستمر وتلازم حياة القلب الغني والمليء بذكر الله.

شاهد من هنا: فضل سورة الفتح للزواج

تفسير الوسيط

كتب المفسر محمد طنطاوي كتاب بعنوان التفسير الوسيط، وفيما يلي نقتبس قرآن الذين آمنوا وَتَطْمَئِن قلوبهم بذكر الله من هذا الكتاب:

  • يرى طنطاوي أن القرآن رسم صورة تشرق قلب المرء المؤمن من خلال هذه الآية.
    • كونها تشير إلى الجزاء والأجر الذي يحصل عليه المؤمن الحق بالله وآياته ورسله أجمعين.
  • ويتمثل الجزاء من خلال معنى الآية في الحصول على طمأنينة وهدوء القلب.
    • بالرغم من الأمور التي يتعرض لها والتي يمكن أن تقضي على راحة القلب تمامًا في حالة البعد عن الله وعن ذكره.
  • ويشير طنطاوي إلى أن طمأنينة واستقرار القلوب تأتي من تدبر كلام الله في كتاب القرآن
    • وتأمل المعجزات التي وردت في آياته.
  • وأكد على أن الذكر المقصود هو القرآن، وأثبت دلالة ذلك من آيات قرآنية أخرى.
    • مثل “وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ”، “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ”.
  • كما وضح أن القرآن الكريم هو المقصود الملائم.
    • كون الآية تحمل رد على المشركين بالله والذين ضلوا عن مسار التوحيد والحق.
    • كونهم لم يكتفوا بالقرآن كعلامة ودلالة على صدق النبي.
  • كما قارن في تفسير هذه الآية، بين الآية ودلالتها وبين الآية من سورة الأنفال.
    • “إِنَّمَا الْمؤْمِنونَ الَّذِينَ إِذا ذكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قلوبهمْ”، موضحًا أن الآيات تحمل الدلالة نفسها.
    • وأن وجل المؤمنين في الآية الثانية يدل على تذكرهم للعقاب في حالة البعد عن الله.
    • وذلك من هيبته، وهذا لا ينافي سكون القلب عند تذكر الثواب والأجر العظيم في الآخرة.
  • ومن خلال هذا التفسير، فإن الآية تحث كل مؤمن على ضرورة الاستمرار على تلاوة آيات القرآن.
    • وذلك من خلال تخصيص وقت يومي لقراءة ورد من القرآن.

تفسير القرطبي

في الآية “الذين آمنوا” يُشير إلى الذين يهدهم الله بسبب إيمانهم. هناك عدة تفسيرات لكون قلوب المؤمنين تطمئن بذكر الله:

  • تفسير عام: تطمئن القلوب بذكر الله، أي تسكن وتستأنس بتوحيد الله.
  • تفسيرات محددة:
    • القرآن: كما قال مجاهد وقتادة، يُشير إلى الاطمئنان بذكر القرآن.
    • أمر الله: حسب سفيان بن عيينة، يُشير إلى الاطمئنان بأمر الله.
    • وعد الله: وفقًا لمقاتل، يُشير إلى الاطمئنان بوعد الله.
    • ذكر فضله: كما قال ابن عباس، يُشير إلى الاطمئنان بفضل الله وإنعامه.
    • ذكر قدرته: قيل أيضًا أن الاطمئنان يأتي من التأمل في آيات الله وقدرته.

إعراب: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم

يعد الإعراب من الأشكال التي توضح معنى وقرآن الذين آمنوا وَتَطْمَئِن قلوبهم بذكر الله، وفيما يلي نتعمق في إعراب الجملة وإعراب كل لفظ على حدى:

  • الذين: اسم موصول، في محل نصب بدل.
    • حيث تم تبديل الاسم الموصول “من” من الآية الكريمة رقم 27 “وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ” بالاسم الموصول “الذين”.
  • آمنوا: فعل ماض، كونه متصل بواو الجماعة، يبنى على الضم.
    • وتمثل واو الجماعة الضمير المتصل في محل رفع الفاعل.
  • وتطمئن: الواو هنا هي حرف من حروف العطف.
    • تطمئن من الأفعال المضارعة التي تشير إلى التجدد.
    • وهي مسألة وأسلوب بلاغي يفسر استمرار سكينة القلب.
  • قلوبهم: قلوب بمفردها فاعل، واللفظ هم مضاف إليه.
  • الجملة بشكل عام تعتبر استئناف اعتراضي، يشير إلى أن حال المؤمنين مختلف ويضاد حال الذين ضلوا عن مسار الحق وسبيل التوحيد بالله.
    • ويشير إلى أن حال الذين ضلوا هو عدم السكون وعدم الطمأنينة.
  • وجاء اللفظ تطمئن هنا بدلالة على يقين سكون القلب واستقراره.
    • على عكس ما جاء في سورة البقرة في الآية 260، ولكن ليطمئن، التي تحمل دلالة على الشك.
  • ولغويًا إن الآية تشير إلى كون سكون القلب يأتي من خشية الله وامتثال ما أمر الله به وتفادي ما نهى عنه.
    • أو يأتي من ترديد آيات الله بالقرآن، أو يأتي من ترديد ذكر الله عبر اللسان فقط، كونه ينبه ويوجه القلب إلى خشية الله.

اقرأ أيضًا: فضل قراءة سورة يس بعد صلاة الفجر

سبب العلاقة بين الطمأنينة وذكر الله

مما ورد من آراء المفسرين حول قرآن الذين آمنوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بذكر الله، هناك سبب يربط بين طمأنينة وهدوء القلب وبين ذكر الله، نوضح السبب فيما يلي:

  • يكمن السبب في أن ذكر الله له فضائل كثيرة، تظهر بوضوح على حياة عباد الله الذاكرين.
    • مثلًا في الآية 152 من سورة البقرة “فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ” هناك دلالة على أن الله يذكر العبد الذي يذكره وهذا شأن عظيم.
  • كما أن الذكر يكشف الهم عن المرء، مثل ما كشف غم سيدنا يونس عندما كان داخل بطن الحوت.
    • وذلك من خلال ترديد ذكر لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
  • كما أن الآية تتضمن الجملة “أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”.
    • وهي علامة على كون القلب يطمئن ويستقر بترديد ذكر الله.
    • ويذهب عنه الاضطراب، ولا يبالي بتقلب الأمور من الابتلاءات التي تصيبه والمصائب التي يقع فيها.
  • ويجدر الإشارة إلى أن الآية لم تحث على ترديد ذكر محدد دونًا عن أذكار أخرى.
    • بل إن الآية تشير إلى كون متنوع الأذكار تجلب سكينة وهدوء القلب.
    • بدايًة من ذكر الاستغفار إلى ذكر الصلاة على النبي.
  • يشترط فقط أن يتم استحضار معنى الذكر واستشعار قدرة وعظمة الله خلال ترديده.
    • واليقين بأن الذكر سبب في زوال الخوف والقلق ومختلف الاضطرابات من القلب.

شاهد أيضًا: تفسير سورة المسد للأطفال

معاني مفردات آية الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله

الذين آمنوا:

  • الذين: في هذا السياق تعني “الأشخاص” أو “الذين”.
  • آمنوا: تعني “صدّقوا” أو “أقرّوا” بالإيمان بالله، واتباع دينه.

تطمئن:

  • تعني “تستقر” أو “تسكن”. في هذا السياق، يشير إلى الشعور بالهدوء والراحة النفسية التي يشعر بها المؤمنون.

قلوبهم:

  • تعني “مشاعرهم” أو “أعماقهم”. هنا، “القلوب” تشير إلى الحالة النفسية والعاطفية للمؤمنين.

بذكر الله:

  • بذكر: تعني “من خلال تذكر” أو “بفضل ذكر”.
  • الله: يشير إلى الله سبحانه وتعالى، خالق الكون والمعبود.

أسئلة شائعة حول الذين آمنوا تطمئن قلوبهم بذكر الله

ما معنى (الذين آمنوا) في الآية؟

الذين آمنوا تعني الأشخاص الذين صدقوا بالله واتباع دينه، وهم المؤمنون الذين يعترفون بالإيمان والحقائق الدينية.

كيف تطمئن القلوب بذكر الله؟

القلوب تطمئن بذكر الله من خلال الشعور بالراحة والهدوء النفسي الذي يأتي نتيجة لتذكر الله والتفكر في قدرته ورحمته، مما يعزز الاستقرار الداخلي والسكينة.

هل يمكن تفسير (بذكر الله) بشكل محدد؟

نعم، (بذكر الله) يمكن تفسيره بعدة طرق: قد يشير إلى قراءة القرآن، ذكر الله بالأذكار، التأمل في نعم الله، أو التعرف على قدرته وكماله.

هل هناك تفسير مختلف لكون القلوب تطمئن بذكر الله؟

نعم، بعض المفسرين فسروا (بذكر الله) بأنه يشمل الحلف باسم الله، أو الطاعة لشرع الله، أو الاطمئنان بوعد الله، أو بفضل الله وعطاياه.

ما علاقة الآية بمكانة المؤمنين؟

الآية تشير إلى أن المؤمنين يتمتعون بحالة من الاطمئنان الداخلي والثبات النفسي بفضل إيمانهم وذكرهم لله، مما يعكس مكانتهم العالية في نظر الله.

مقالات ذات صلة