أسرار وأفوض أمري إلى الله
أسرار وأفوض أمري إلى الله، موقع مقال دوت كوم maqall.net يحدثكم اليوم عنه، حيث أن التوكل على الله دأب الصالحين وحال المؤمنين مع ربهم، وتفويض الأمر إلى الله له ثمرات وأسرار؛ فما هي أسرار وأفوض أمري إلى الله؟
محتويات المقال
وأفوض أمري إلى الله في القرآن
- جاء تفويض الأمر إلى الله في القرآن في سورة غافر على لسان مؤمن آل فرعون لما كان يحاجج قومه.
- حيث أنه قال لهم لما دعوه للكفر وهو يدعوهم للإيمان “فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ” غافر
- فصدع لهم بكلمة الحق واثقًا بها متوكلًا على الله عز وجل حق التوكل بقوله وأفوض أمري إلى الله.
ومن هنا يمكنكم التعرف على: وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير
معنى وأفوض أمري إلى الله؟
- يقول أهل العلم بالتفسير في معنى قوله تعالى “وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ” أي أترك أمري وشأني كله لله وحده يتصرف فيه كيف شاء.
- كما تعني تسليم الأمور بعواقبها ونتائجها له وحده سبحانه.
- فمؤمن آل فرعون قام بما عليه من دعوة قومه وإرشادهم لطريق الحق.
- ولكنهم لما عصوه ودعوه للكفر ذكرهم أن أمره وأمرهم بيد الله
- وقد فوض الأمر إليه فهو قادر على رد كفرهم وطغيانهم سبحانه وتعالى.
- وفي رده هذا غاية التوكل على الله واليقين بكفايته لعباده كما قال تعالى تقريرا “أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ” الزمر
- كما أن في قصة مؤمن آل فرعون من أسرار وأفوض أمري إلى الله الشيء الكثير الذي يرفع إيمان العبد ويزيده.
مواطن تتأكد فيها أسرار وأفوض أمري إلى الله
- هناك بعض المواطن التي أمر الشرع بتفويض الأمر إلى الله والتوكل عليه فيها ورغم أن الاعتماد على الله يتأكد في كل وقت.
- إلا أن الأمر بهذه المواطن يؤكد تجلي أسرار وأفوض أمري إلى الله فيها وأن هناك حِكَما من ورائها.
- ومن هذه المواطن عند الذهاب للنوم فالنوم هو الموتة الصغرى فيتأكد على العبد تفويض أمره إلى الله.
- فإن قبضت روحه كان على عبادة قلبية عظيمة وهي تفويض الأمر إلى الله سبحانه وتعالى.
- وقد جاء ذلك في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إذا أتيْتَ مَضجَعَكَ، فتوضَّأْ وُضوءَكَ للصلاةِ، ثمَّ اضْطجِعْ على شِقِّكَ الأيْمَنِ، ثمَّ قلْ اللهُمَّ أسلَمْتُ وجْهِيَ إليْكَ، وفوَّضتُ أمْرِي إليْكَ، وألجأْتُ ظهْرِي إليكَ، رغبةً ورهبةً إليْكَ، لا مَلجأَ ولا مَنْجا مِنكَ إلَّا إليْكَ، آمنتُ بِكتابِكَ الَّذي أنزلْتَ وبِنبيِّكَ الَّذي أرسلْتَ. فإنْ مِتَّ من ليلتِكَ فأنتَ على الفِطرةِ، واجعلْهُنَّ آخِرَ ما تَتكلَّمُ بهِ” صحيح الجامع
- ومن المواطن أيضا عند حلول الفقر والفاقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ” جامع الترمذي.
- ومعنى أنزلها بالله أي فوض أمره فيها إلى الله وحده.
- ومن المواطن أيضا عند الوقوع في مصيبة أو كرب شديد فيكون العبد موقنا.
- أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
- قال تعالى “قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” التوبة
- ومن المواطن كذلك عند خروج العبد من منزله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا خرَجَ الرَّجُلُ من بَيتِه، فقال باسمِ اللهِ، تَوكَّلتُ على اللهِ، لا حَولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ، قال يقالُ حينئذٍ هُديتَ، وكُفيتَ، ووقيتَ” تخريج سنن أبي داوود
تفويض الأمر إلى الله والأخذ بالأسباب
- بعض الناس يظن أن تفويض الأمر إلى الله والتوكل عليه يتعارض مع الأخذ بالأسباب وهذا غير صحيح.
- فالمتوكل على الله حق التوكل الذي يفوض أمره إلى الله هو أكثر من يجد ويجتهد في تحصيل الأسباب.
- والأخذ بالأسباب مأمور به فعن أنس رضي الله عنه أنه قال قال رجل يا رسول اللّه أعقلها وأتوكّل
- أو أطلقها وأتوكّل؟ -لناقته- فقال صلى الله عليه وسلم “أعقلها وتوكّل” سنن الترمذي 2517.
- كما أن العبد يجب أن يأخذ بالأسباب حتى وإن كانت ضعيفة في نظره.
- فالله عز وجل لما أمر مريم بهز جذع النخلة.
- قال لها ” وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا” مريم 25.
- ومعلوم أن هزها للنخلة في حالها تلك من أضعف الأسباب.
- لكن الله عز وجل أمرها به تأكيدًا لمبدأ الأخذ بالأسباب مع ضعفها.
- وذلك لأن اعتماد القلب ووجهته تكون لله وحده.
- فحتى إن كان السبب قويا فالله قادر على إبطال تأثيره، كما أعمل تأثير السبب الضعيف.
ولا تتردد في قراءة مقالنا عن: تجربتي مع دعاء وأفوض أمري إلى الله
أسرار وأفوض أمري إلى الله
- لتفويض الأمر إلى الله ثمرات كثيرة تبين عظم هذه العبادة كما تتجلى فيها أسرار أفوض أمري إلى الله.
- وأول هذه الثمرات أن الذي يفوض أمره إلى الله يضمن الله عز وجل له الوقاية والحماية.
- كما أنه يرد عنه كيد عدوه له.
- قال تعالى عن مؤمن آل فرعون لما قال وأفوض أمري إلى الله “فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ” غافر
- والثمرة الثانية من ثمرات تفويض الأمر إلى الله هي النصر على الأعداء والتمكين.
- والنصر إما أن يكون نصرا ماديا في الدنيا أو بتعذيبهم في الآخرة.
- كما قال تعالى “إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” آل عمران
- والثمرة الثالثة هي أن من فوض أمره إلى الله أحبه الله فقد قال تعالى “إِنَّ اللَّهَ يحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” آل عمران
- كما أنه ينال جنة الله عز وجل التي عرضها السموات والأرض وهذه هي الثمرة الرابعة.
- قال تعالى “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ” العنكبوت 58،
نماذج من تفويض الأنبياء أمورهم إلى الله
- نبدأ برسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لما كان مع أصحابه بحمراء الأسد وجمع لهم أبو سفيان.
- قال تعالى عنهم “الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ” آل عمران 173،
- وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال “حَسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ، قالَهَا إبْرَاهِيمُ عليه السَّلَامُ حِينَ ألْقِيَ في النَّارِ، وقالَهَا مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حِينَ قالوا إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ آل عمران 173” صحيح البخاري
- كما قص الله عز وجل علينا عن هود عليه السلام لما عصاه قومه.
- ولم يؤمنوا به بل سبوه وأهانوه واتهموه بتهم باطلة.
- قال تعالى “قالُوا يا هودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مسْتَقِيمٍ” هود 53-56.
- كما قال عن نوح عليه السلام “وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ” يونس
نماذج من تفويض الصالحين أمورهم إلى الله
- ذكر الله عز وجل قصة مؤمن آل فرعون الداعية إلى الله الذي ذكرنا.
- في قصته بعض أسرار وأفوض أمري إلى الله.
- وأيضا ذكر في كتاب الله قصة أم موسى التي لما فوضت أمرها إلى الله.
- ليرعى ابنها موسى حفظه الله عز وجل.
- قال تعالى “وَأَوْحَيْنَا إِلَى أمِّ موسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ”.
اقرأ أيضًا للتعرف على: فوائد فوضت أمري الى الله
وهكذا تعرفنا على بعض أسرار وأفوض أمري إلى الله، فلابد لنا من التوكل الصادق واليقين بالله كي ننال بعض هذه الأسرار.