احترام المعلم في الإسلام
يعتبر احترام المعلم في الإسلام واجب ديني يقع على عاتق الطلاب، فمن حق المعلم عليهم أن يحترموه ويقدروه ويطيعوه، فللعلم والعلماء قيمة عظيمة في الإسلام تتجلي فيهم دلالات كثيرة في كتاب الله عز وجل وفي سنة نبيه –عليه الصلاة والسلام-.
محتويات المقال
دلائل علي فضل المعلم في الإسلام
عظم الإسلام من شأن ومقام المعلم، وبرز ذلك في عدة دلالات ذكرها الله عز وجل في آيات قرآنه الكريم، ودلالات أخرى ذكرت في الأحاديث الشريفة عن نبي الله – صلي الله عليه وسلم -ومن أمثلة ذلك:
- قول الله تعالي في سورة المجادلة “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ”.
- وقوله أيضا –عز وجل – في سورة الزمر “قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ”
- المتحدث الهيثمي حديث عن احترام المعلم، حيق قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم – “ليس من أمَّتي مَن لم يُجِلَّ كبيرَنا ويرحَمْ صغيرَنا ويعرِفْ لعالِمِنا حقَّه”.
- وأيضا عن المتحدث الألباني قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم -” فضلُ العالمِ على العابِدِ، كفَضْلِي علَى أدناكم، إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وملائِكتَهُ، وأهلَ السمواتِ والأرضِ، حتى النملةَ في جُحْرِها، وحتى الحوتَ، ليُصَلُّونَ على معلِّمِ الناسِ الخيرَ”.
اقر أيضا: من هو صاحب لقب المعلم الأول
نماذج عن احترام المعلم في الإسلام
يعتبر أول من طبق فكرة احترام المعلم في الإسلام هم الصحابة -رضوان الله عليهم- وقد تجلى ذلك في احترامهم وتبجيلهم لمعلمهم آنذاك.
وهو سيدنا محمد -صلي الله عليه وسلم-، الأمر الذي كان يبهر أعداء المسلمين حيث أنهم إذا قاموا بالدخول علي رسول الله –صلي الله عليه وسلم-وهو وسط أصحابه ينبهروا من شدة تبجيل الصحابة له.
ولم يقتصر الاحترام والتقدير في الإسلام علي شخص سيدنا محمد –صلي الله عليه وسلم- فقط بل اتسع ليشمل علماء وفقهاء الإسلام الذين لاقوا احتراما شديدا أيضا من طلابهم، ومن أمثلة ذلك:
- قول الربيع بن سليمان عن نفسه “والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له”.
- وقول ابن عباس “ذللت طالبا فعززت مطلوبا” ويقصد بذلك أن التواضع للمعلم واحترامه يشجعه على إعطاءك كل ما عنده فيحتاج الناس إليك ولو بعد حين.
- كما يحكي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه بعد أن حضر جنازة وهم بالانصراف أخذ عبد الله بن عباس بركاب زيد (وهو الحديدة التي يضع فيها قدمه ليركب الدابة) فقال له زيد: أتمسك لي وأنت ابن عم رسول الله؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنا هكذا نصنع بعلمائنا.
- ويذكر عن الإمام أبو حنيفة بانه كان لا يمد رجليه ناحية بيت معلمه حماد احتراما له، بالرغم من المسافة الطويلة بين بيت أبي حنيفة وبيت معلمه.
- أما الإمام الشافعي فكان إذا جلس في مجلس معلمه الإمام مالك يقوم بتقليب الأوراق برفق شديد حتى لا يزعج معلمه الإمام مالك.
- وعن هارون الرشيد يذكر أنه طلب من الإمام الأصمعي تعليم ولده، وفي ذات يوم رأي هارون الرشيد الأصمعي يقوم بغسل قدميه ومن يصب الماء له هو ابنه، فقال له هارون الرشيد ” إنما دفعت به إليك لتعلمه وتؤدبه أفلا طلبت منه أن يصب الماء بإحدى يديه وأن يغسل قدمك باليد الأخرى”.
- ومثله مثل الخليفة المأمون الذي طلب من الفراء تعليم ولديه النحو، وفي يوم من الأيام هم الفراء على القيام من مجلسه فتسابق ولدي المأمون إلى نعل الفراء واختلفا من يقدمه له، إلى أن اتفقا أن يقوم كلا منهما بتقديم واحدة للفراء.
- الأمر الذي وصل إلى الخليفة المأمون، فقام باستدعاء الفراء وسأله “من أعز الناس” فرد الفراء “لا أعلم أعز من أمير المؤمنين”، فقال المأمون” بلى، إن أعز الناس من إذا نهض من مجلسه تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين، حتى رضي كل منهما أن يقدم له فردا”.
- وقد ظن الفراء أن ذلك الموقف قد أغضب الخليفة المأمون فاعتذر منه موضحا أنه حاول منعهما ولكنهما رفضا، فرد المأمون “لو منعتهما لعاتبتك، وما وضع ما فعلاه من شرفهما بل رفع من قدرهما”.
واجبات الطالب تجاه معلمه
توجد الكثير من الواجبات التي علي الطالب تقديمها لمعلمه ومنها:
- أن يحسن الطالب تعامله مع معلمه ويقدم له التقدير والاحترام ويستمع إليه دون أن يقاطعه.
- مناقشة المعلم بأسلوب مهذب وصوت منخفض دون مجادلة.
- وأن يتخذ الطالب معلمه قدوة له في أخلاقه الحميدة وفي كل شيء.
- على الطالب ألا يغتاب معلمه أي يتجنب التحدث عنه مع أصدقائه بأمور سيئة، بل عليه أن يحاول دائما الدفاع عنه أمام من يغتابه.
- كما يجب على الطالب فهم أنه لا يوجد إنسان خالي من العيوب ولذلك عليه تقبل عيوب معلمه والتغاضي عن أخطائه إن وجد.
- فإن المعلم بشر يمكن أن يخطئ ويمكن أن يصيب، لذا يجب على الطالب تقبل عيوبه وأن يحاول دائما أن يرفع من شأن ومنزلة معلمه ويقدره حق قدره.
- وكذلك على الطالب أن يجتهد ويستفيد من كل الإرشادات والنصائح التي يقدمها له معلمه قدر المستطاع.
- ويجب على الطالب أن يدرك إدراك تام لقيمة المعلم وقدره وفضله على الطالب حيث أن المعلم يقوم بتقديم كل ما يقدر عليه من نصائح ومعلومات للطالب.
- وعلى الطالب ألا يتدخل في حياة المعلم الشخصية ويسأله عن أمور خاصة.
- كما عليه دائما الدعاء لمعمله بظهر الغيب تقديرا لمساعدته له.
كما أدعوك للتعرف على: يوم المعلم العالمي
دور الأهل في احترام الطالب لمعلمه
يقع على عاتق الأهل دورًا كبيرا في جعل الطالب يحترم ويقدر معلمه:
- فعليهم تقديم الاحترام والتقدير للمعلم أمام أبنائهم، وهذا لأن الأبناء يتخذوا أهلهم قدوة لهم في كل شيء ويقومون بتقليدهم في كل تصرفاتهم.
- على الأهل أيضا تجنب الاختلاف مع المعلم أمام الأبناء فإذا وجد اختلاف في وجهة النظر بين الأهل والمعلم فعليهم معالجة الموضوع بذكاء وهدوء ويفضل ألا يكون حوارهم أمام الطالب.
- يجب على الأهل مراعاة عدم التذمر من المعلم أو الشكوى منه أمام أبنائهم.
- وإذا وجد الأهل ابنهم يشعر بالملل من الدراسة فيجب عليهم الموازنة العقلية بين نفسية الطالب وبين متطلبات المعلم.
- كما يفضل مراعاة احترام المعلم حتى في مناداته أمام أبنائهم فيفضل وضع لقب قبل اسم المعلم، وهذا لرفع مقامه ومكانته عند الطالب.
حق الطالب على المعلم
كما يتواجد واجبات يجب علي الطالب تقديمها لمعمله، كذلك يتواجد حقوق تقع على عاتق المعلم تجاه طالبه الذي يراه قدوة له، حيث يجب علي المعلم مراعاة بعض الفضائل والصفات حتى يتمكن من نقل رسالته التعليمية إلى طالبه بطريقة مميزة:
- يجب علي المعلم أن يتحلى بالحكمة والعدل في التعامل مع كل الطلاب.
- وبما أن الطلاب يأخذون المعلم كقدوة يحتذوا بها، فيجب عليه أن يقدم مثال جيد للقدوة الحسنة في التصرف وفي اللباقة في الحديث وفي أسلوب التفكير وفي كل شيء.
- علي المعلم محاولة استكشاف قدرات طلابه ومواهبهم وتشجيعهم ومساعدتهم على تنميتها وأبرزها وهذا مع مراعاة الفروق الفردية بين قدرات الطلاب.
- مراقبة أحوال الطالب دائما فإذا لاحظ المعلم وجود أي خلل في نفسية طالبه فيجب عليه التدخل لتقويمه باستخدام اللين معه هذا مع مراعاة أي ظروف نفسية يمر بها الطالب.
- يجب على المعلم التحلي بالرحمة والصبر في التعامل مع الطلاب.
- وأن يضع المعلم مصلحة الطالب نصب عينه.
- المساواة بين جميع الطلاب وهذا الأمر سيساعد على خلق روح الأخوة بينهم.
- كما يجب علي المعلم ألا يبخل بعلمه على طالبه بل يحاول دائما تقديم كافة المساعدات له.
كما يمكنكم الاطلاع على: كتب عن المشكلات التي تواجه المعلم
فضل المعلم في الإسلام
فضل المعلم في الإسلام له أصوله في القرآن والسنة، وهو موضوع مهم يشير إلى القدرة العظيمة التي تحملها المعرفة والتعليم في الدين الإسلامي. إليك بعض الجوانب التي تبرز فضل المعلم في الإسلام:
علو المكانة
- يحظى المعلم بمكانة عالية في الإسلام، حيث يعتبر تعليم العلم ونقله جزءًا من العبادة. يقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: “من دل على خير فله مثل أجر فاعله”، والمعلم الذي يعلم الخير ويوجه الناس إليه يحصل على أجر مثل أجر العامل به.
- ويقول الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
العلماء ورثة الأنبياء
يُعتبر المعلم في الإسلام وريثًا للأنبياء، حيث يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر”، مما يبرز أهمية العلماء والمعلمين في نقل العلم والتوجيه الديني للناس.
الأفضلية على العالمين
- يُعتبر المعلم في الإسلام أحد أفضل الناس، حيث يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”، مما يشير إلى أن العلم وتعليمه من أفضل الأعمال وأعظم النجاحات في الدين الإسلامي.
- ويقول نبي الله أيضا: (فضلُ العالمِ على العابدِ كفضلي على أدناكم).
محاربة الشيطان
يعتبر نشر العلم وتعليمه واجبًا في الإسلام، حيث يساهم في محاربة الجهل والظلم والفساد في المجتمع، وبالتالي يحول دون تأثير شيطان الإنسان وتضليله، فالعلم هو السلاح الأقوى في هذا الصراع.
أهمية العلم في الإسلام
العلم له أهمية كبيرة في الإسلام، ويعتبر واحدًا من أساسيات الدين ومبادئه. إليك بعض النقاط التي تبرز أهمية العلم في الإسلام:
- وصية العلم: من أوائل الأوامر التي أُمر بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم للمسلمين كانت وصية بالعلم، حيث قال: “طلب العلم فريضة على كل مسلم”، مما يشير إلى أن السعي وراء العلم واجب شرعي على كل مسلم.
- التشريع الإسلامي: يستند القانون الإسلامي إلى العلم والفهم العميق للنصوص الشرعية، حيث يتطلب فهمًا دقيقًا للكتاب والسنة لتطبيق الشريعة الإسلامية بشكل صحيح وعادل.
- تحقيق الازدهار: يؤمن الإسلام بأن العلم هو مفتاح الرخاء والتقدم، وأن الأمم التي تسعى للعلم والمعرفة تنعم بالتقدم والتطور في جميع المجالات.
- التحرر من الجهل: يعتبر الجهل في الإسلام من أكبر الآفات التي يمكن أن تؤثر على المجتمع، والعلم هو السلاح الأقوى لمحاربة الجهل وتحقيق التقدم والتطور.
- القضاء على الظلم والاستبداد: يؤمن الإسلام بأن العلم يُمكن الفرد والمجتمع من التحلي بالعدل ومحاربة الظلم والاستبداد، وهو أساس لبناء مجتمع عادل ومتقدم.
أهمية احترام المعلم
احترام المعلم له أهمية كبيرة في الحياة الفردية والمجتمعية، وذلك لعدة أسباب:
- تعزيز العلم والتعلم: يشجع احترام المعلم على التعلم الفعّال والمستمر، حيث يشعر الطلاب بالراحة والثقة ليطرحوا الأسئلة ويستفيدوا من المعلومات بشكل أفضل.
- بناء العلاقات الإيجابية: يساهم احترام المعلم في بناء علاقة إيجابية بين الطلاب والمعلم، مما يعزز من مستوى التفاهم والتعاون في الفصل الدراسي.
- تحفيز الطلاب: يعمل الاحترام على تحفيز الطلاب للانخراط بنشاط في الفصل الدراسي، وبذل مزيد من الجهد لتحقيق النجاح في الدراسة.
- تطوير الشخصية: يساهم احترام المعلم في تطوير شخصية الطلاب، حيث يتعلمون قيمة الاحترام والتقدير تجاه الآخرين، وهو مهارة مهمة في الحياة اليومية.
- نقل القيم والأخلاق: يمثل المعلم نموذجًا للقيم والأخلاق الإيجابية، ومن خلال احترامه وتقديره يمكنه نقل هذه القيم والأخلاق إلى الطلاب وتشجيعهم على اعتمادها في حياتهم.
قصص السلف في احترام المعلم
كان زيد بن ثابت رضي الله عنه من كتبة الوحي وفقيه كبير، وفي يوم ما قام بالركوب على الدابة الخاصة به فقابله ابن عباس رضي الله عنه وقام بالإمسام بذمامها حتى يقودها له كتقدير لزيد بن ثابتًا وإعزازًا به، فقال له زيد لا تفعل يا بن عم نبي الله، فقال له ابن عباس: “هكذا أمرنا ان نفعل بعلمائنا”.