الدولة عند ابن خلدون
الدولة عند ابن خلدون، نتعرف على مفهومها عبر موقع مقال maqall.net، فقد وضع ابن خلدون مفهوم ذو طابع خاص للدولة ينم على فكره وفلسفته الفذة، فهو أبرز الشخصيات الإسلامية التي لمعت في العصور الوسطى بالمجال الثقافي والفكري، وأيضًا الجانب السياسي.
حيث اتسم بالنظريات الممتدة ذات الطابع المناسب لكافة الأماكن والأزمنة، وذلك لكونها ترتكز على المناهج القرآنية، لذلك نبدأ جولتنا البحثية خلال الفقرات اللاحقة.
محتويات المقال
الدولة عند ابن خلدون
وضع العلامة ابن خلدون نظريات في كافة المجالات من “سياسية، اقتصادية، اجتماعية، التربية، وغيرها”، مما يوفر لدينا طريقة للاستدلال عن طرق الإصلاح في تلك المجالات، مما يدعم تطور الدولة وبنائها، ونتعرف على تفسيره للدولة على النحو التالي:
- قدم ابن خلدون مفهومًا للدولة من خلال نظرته الفلسفية المبنية على التاريخ البيئي، فهو تعريف اجتماعي للدولة.
- كما شبه الدولة وكأنها كائن حي يعيش ويحيى، ثم يهرم ويفنى، وقد حدد للدولة عمرًا محددًا أقصاه 120 عامًا، وأوضح أنه من الدول مما يتعدى ذلك العمر.
- وذلك في حالة ما قدم من عروض فقدم للمطالب وقد استشهد بالآية رقم 34 من سورة الأعراف لقوله تعالى: “وَلِكلِّ أمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلهمْ لَا يَسْتَأْخِرونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمونَ”.
- علاوة على توضيحه أن الدولة تتمثل في 3 أجيال، وكل جيل فترته 40 عامًا، وقرر تلك المدة بالاستشهاد بالآية رقم 15 من سورة الأحقاف.
- “حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشدَّه وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً”، وهو العمر الذي يبلغ الشخص فيه كامل نضجه.
- فقد دون ابن خلدون مفهومه للدولة من خلال كتاب “تاريخ ابن خلدون”، والذي ارتكز على البنية التاريخية لكل دولة، وليس على تنبؤ وبقاء الأنظمة السائدة.
- حيث حذر من تبديل الحقائق عبر العصور وبالتحديد التاريخية، حيث أشار العلامة أن دولة مجموعة من البنيات المتفاعلة.
- كما قصد المؤرخ أن الدولة تعني تجسيد شريعة الله –عز وجل- على الأرض.
اقرأ أيضا: بماذا اشتهر ابن خلدون
ضرورة الدولة عند ابن خلدون
في إطار التعرف على مفهوم الدولة عند ابن خلدون، نتعرف على ما يلي:
- أشار العلامة أن احتياجات الإنسان الأساسية من “مأكل، ملبس، مسكن، الحماية”، هو ما يدفعه للانتظام والاندماج داخل المجتمع.
- حيث إن الإنسان لا يستطيع العيش والبقاء بشكل منفرد، ولن يستطيع الحصول على غاياته، فلابد من الاندماج والتفاعل وسط الجماعة.
- كما أوضح أن الإنسان محاط بعدة مخاطر، ولا تقتصر المخاطر من جانب الحيوانات المفترسة فقط، بل من الأشخاص الآخرين أيضًا.
- لذا أوجب ضرورة وجود وفرض سلطة تحول دون تعرض الناس لبعضهم البعض بالأذية والاعتداء، وقد أطلق المؤرخ على ذلك لقب “الوازع” وقد عبر عنها أحد المستشرقين “أرين روزنتال” بلقب “السلطة الرادعة”.
- فتلك السلطة هي المانعة الرادعة للأشخاص المسيئين، ويجب أن تكون بيد السلطان أو الحاكم.
أسس الدولة عند ابن خلدون
في ضوء رؤية ابن خلدون للدولة، فقد حدد أنها لا تقوم إلا من خلال أسس وهي:
الأول: الشوكة والعصبية المعبر عنهما بالجند
- ذكر المؤرخ أن العصبية لا تتضمن أبناء العائلة الواحدة، بل تمتد لأكثر من ذلك لتشمل أهل الحلف والولاء.
- وفي بعض كتاباته ضم المرتزقة والرق، كما أشار إلى أن النسب، ربما يعبر عن أمر وهمي مهامه الترابط الذي يحدثه.
الثاني: المال الذي هو قوام أولئك الجند، وإقامة ما يحتاج إليه الملك من الأحوال
- يرى ابن خلدون أن الدولة في بدايتها تنشأ بدوية الأصل، حيث تعتمد على إنفاق معقول، وكل شخص يمعن في إسرافه ويحرص على ما لديه.
- بعد ذلك عند تزايد المال فإن ذلك يستدعي انتشار الترف مما يسبب بشكل قطعي لا ريبة فيه انهيار تدريجي للدولة.
- حيث إن نفقات السلطة وأصحاب النفوذ ومن لهم الأمر تتضاعف بشكل مبالغ فيه، وهنا ينتشر حالة من الإسراف والبذخ بين الرعايا وقد تمتد أيديهم لممتلكات الدولة، وبذلك قد يتسلل الجند للتجاسر حول السلطة.
- كأحد ردود الأفعال الطبيعية للحاكم في ذلك الوقت، لزيادة النفقات فسوف يقوم برفع الضرائب المفروضة على الشعب، ولكنه لن يستطيع سد العجز عن نقطة محددة.
- لذلك قد يلجأ إلى الاستغناء عن بعض الجند، وبناءًا على ذلك تضعف حمايته، وتبدأ الدول المجاورة المحتفظة بعصبيتها في التجاسر حول الدولة.
كما يمكنكم التعرف على: مفهوم الحضارة عند ابن خلدون
أنظمة الحكم عند ابن خلدون
لابد من العلم أن ابن خلدون يمثل أبرز نقاط التحول بكتابة التاريخ الإنساني، حيث أثر بالفكر الإنساني على المستوى العالمي لوضعه نظرة وثقافة لم تكن موجودة من قبل، ونتعرف على رؤيته لتقسيم أنظمة الحكم فيما يلي:
- حكم يرتكز إلى مرجعية إسلامية وهو ما يستند بشريعة الله –سبحانه وتعالى- “الخلافة”.
- سياسة تعتمد على العقل فقط، وهي ما تهتم بمصالح الدنيا دون غيرها، وأوضح مثال على ذلك “حكومة الفرس”.
- سياسة مدنية، وهي من المفترضات المثالية لدى الفلاسفة، والتي تعد بعيدة الحدوث.
الخلافة عند ابن خلدون
استكمالًا لرحلة البحث حول الدولة عند ابن خلدون، نتعرف على الخلافة عند ابن خلدون، خلال السطور التالية:
- أقر ابن خلدون بشكل واضح وصريح أن الحكومة الإسلامية هي من تحافظ على مصالح الأفراد بدنياهم وكذلك ضمان سلامة مصيرهم عند آخرتهم.
- وقد أوضح أن الخلافة هي النظر للمصالح الدنيوية والأخروية للكافة، حيث ترتبط الأحوال الدنيوية بمصالح الآخرة، والتي تمثل خلافة لصاحب الشرع لحراسة الدين وسياسة الدنيا.
- كما بين العلامة أن الخلافة وظيفة دينية سياسية اجتماعية، واستنكر الخليفة الذي يعتمد على العصبية فقط لكونه يسبب نوع من القهر.
- وكذلك رفض من يرتكز على السياسة فقط لكونه أصبح مجرد من الطابع الديني الذي ينشر السلام والأمن بأرض الله.
- علاوة على استشهاد العلامة ببعض آيات القرآن الكريم في قوله تعالى “وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّه لَه نورًا فَمَا لَه مِنْ نورٍ” الآية 40 من سورة النور.
- وأشار ابن خلدون أن الخلافة ترجع تسميتها لكون الإنسان خليفة الله في الأرض، طبقًا لقوله تعالى: “إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً” الآية 30 من سورة البقرة.
- وقد ذكر أن الله –عز وجل-، جعل نائبًا عنه للقيام بشئون العباد على الأرض ليعظهم للمصلحة ويردهم عن الضرر.
- وطبقًا لما ورد خلال رؤية العلامة ابن خلدون للخلافة، فذلك ينطبق عنا ورد عن الإمام الماوردي خلال توصيف الخلافة.
كما يمكنكم الاطلاع على: مؤلفات ابن خلدون