مفهوم السبب في الفقه الإسلامي

مفهوم السبب في الفقه الإسلامي يبحث عنه الكثير من الناس، وذلك لأن هذا المصطلح من أشهر المصطلحات التي تواجه كل دارس لعلوم الفقه والشريعة سواء بمفرده أو في جامعة مهتمة بتدريس هذه المادة.

وقد أشار علماء أصول الفقه إلى تعريف هذا المفهوم باستفاضة، ونوضح ما قالوه عنه على موقع maqall.net.

مفهوم السبب في الفقه الإسلامي

يرى علماء الفقه وأصول الدين أن لهذا المفهوم تعريف معين اجتمعوا عليه جميعهم، وهذا التعريف يتمثل في:

  • نتبين من قراءتنا لأقوال علماء الفقه عن هذا المفهوم أن السبب يصف شيء ما، وهذا الشيء الموصوف يكون الطريق الذي نتبعه نحن كمسلمين من أجل الوصول إلى الحكم الشرعي المكلفين باتباعه طوال حياتنا.
  • ويكون طريق معرفة الحكم الشرعي التكليفي بدون تأثير ولا توقف للحكم عليه كما قال جميع العلماء في هذه المسألة.
  • نجد أيضًا أن التعريف الحرفي لهذا المفهوم عند الأصوليين يتمثل في أن السبب هو “الوصف الظاهر المنضبط الذي يدل الدليل السمعي على أنه معرف لحكم شرعي”.
  • وفيما يأتي شرح التعريف بشكل أكثر سهولة:

شاهد أيضا: بحث عن علم الفقه الإسلامي وأصوله

الوصف الظاهر

هناك وصف بسيط لأقوال العلماء حول الوصف الظاهر الموجود في تعريف السبب في الفقه، ويتمثل هذا الوصف في الآتي:

  • يعني الوصف الظاهر كل شيء معلوم أي غير مجهول، فيمكننا رؤيته ولا يمكنه أن يختفي عن عامة الناس العارفين به.
  • وقد وضح العلماء هذا المفهوم بأنه مثل الحقيقة العلمية التي توضح وصف الشمس التي يغيب قرصها كاملًا وراء الأفق.

المنضبط

ورد على لسان علماء الفقه الإسلامي ذكر المنضبط والدليل السمعي ضمن وضعهم للتعريف الحرفي للسبب في الفقه الإسلامي، وهما:

  • المنضبط الظاهر: يعتبر الشيء الذي لا يختلف باختلاف الأشخاص الذين يعرفونه، فهو موحد في كل الأحوال.
  • قال العلماء بأن أفضل مثال عليه هو غياب قرص الشمس كاملًا خلف الأفق، والتي تعتبر من الحقائق الكونية أيضًا.

الدليل السمعي

  • فهو كل خطاب من الخطب الشرعية التي ورد ذكرها في القرآن الكريم أو تم ذكرها في الأحاديث النبوية.
  • مثال على ذلك قول الرسول – صلى الله عليه وسلم – “إذا غابت الشمس من ها هنا، وجاء الليل من ها هنا، فقد أفطر الصائم”.

مُعرّفًا لحكمٍ شرعي

ورد ذكر هذه الجملة في التعريف الحرفي للسبب في الفقه الإسلامي، وشرحها هو:

  • يعتبر هذا السبب هو العلامة التي نعرف بها الحكم الشرعي الذي نبحث عنه للالتزام به في حياتنا.
  • حيث إن ظهور هلال رمضان يكون سبب للبدء في القيام بالشعائر المختلفة المختصة بهذا الشهر، ذلك لأن وجود الهلال أصبح علامة على الحكم الشرعي المتعلق بهذا الشهر الكريم.

اقرأ أيضا: تعريف الشركات في الفقه الإسلامي وأحكامه

أنواع السبب حسب معناه

قام علماء الفقه الإسلامي بتقسيم السبب في الفقه وفقًا إلى الموضوع الذي يتناوله إلى قسمين يتمثلان في الآتي:

السبب الوقتي في الفقه

يعتبر هذا التعريف هو التعريف الأول الذي ذكره العلماء، وهو:

  • يعتبر سبب لا نعرف الحكمة وراء استخدامنا له لمعرفة حكم شرعي تكليفي ناتج عنه.
  • قال العلماء أنه مثل معرفتنا بأن الشمس تزول عن وسط السماء وبالتالي تعرفنا أنه يجب علينا القيام بصلاة الظهر.
  • فنجد بذلك أن الوصف الظاهر المنضبط يتمثل في رؤيتنا للشمس في منتصف السماء، أما بالنسبة للسبب الوقتي المتعلق بالحكم التكليفي هو معرفتنا أن ذلك الوقت هو الوقت المحدد للصلاة.
  • والدليل السمعي نجده في الآية الكريمة: “أقم الصلاة لدلوك الشمس”، وقال العلماء أن هذا السبب لا نعرف ما الحكمة وراء معرفتنا به لذلك أطلق عليه اسم وقتي.

السبب المعنوي في الفقه

هو ثاني تعريف للسبب في الفقه الإسلامي وفقًا لما ذكره علماء الفقه، ويتمثل تعريفه في الآتي:

  • هو السبب الذي نتمكن من معرفة ما الحكمة من وراء تعرفنا عليه والحكمة وراء استدلالنا على حكم شرعي تكليفي المتسبب عنه.
  • ذكر العلماء أيضًا مثالًا عليه هو الإسكار في الخمر، حيث يعتبر هذا الأمر وصف ظاهر، وبهذا الوصف تمكنا من معرفة السبب المعنوي للحكم التكليفي الشرعي والذي يتمثل في تحريم شرب الخمر تحريمًا مطلقًا.
  • والدليل السمعي على ذلك هو قول النبي الكريم “كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام”.

أنواع السبب وفقًا لعلاقته بالمكلف

قام علماء الفقه والشريعة بتقسيم السبب في الفقه وفقًا إلى علاقته بالمكلف وقدرة المكلف على التأثير عليه من عدم قدرته إلى قسمين، ويتمثلان في الآتي:

سبب يقدر المكلف على التأثير عليه

  • ضمن الحديث عن مفهوم السبب في الفقه الإسلامي نجد أنه هناك سبب يقدر المكلف على التأثير عليه تأثيرًا واضحًا.
  • وقد ذكر العلماء مثال على ذلك وهو بيع رجل ما لدابته فأصبح البيع سبب لمشروعية انتقال الدابة المشتراة إلى المشتري، قالوا أيضًا أن قتل شخص ما عمدًا يكون سبب لوجوب القصاص.

سبب لا يقدر المكلف على التأثير عليه

  • وهناك أيضًا سبب لا يقدر المكلف على التأثير عليه، مثل غروب الشمس الذي يؤدي إلى فرض علينا تأدية صلاة المغرب.
  • أعطوا مثالًا آخر وهي المصاهرة التي تجبرنا على توزيع الميراث بين عائلتين مختلفتين، وآخر مثال هو موت شخص ما ونقل كل أملاكه إلى الورثة، كل هذه أسباب لا قدرة لنا على التأثير فيها.

شاهد من هنا: ملخص كتاب تنظيم النسل في الفقه الإسلامي

الفرق بين السبب والعلة

السبب والعلة هما مفاهيم قد تبدو متشابهة إلى حد ما، لكنهما يختلفان في الدلالة والاستخدام:

  • السبب (السببية):
    • السبب هو الظاهرة أو الحدث الذي يؤدي إلى حدوث شيء معين أو وقوع حالة معينة.
    • في العلم والفلسفة، يُعتبر السبب كونه ما يحدث قبل نتيجة معينة، ويعتبر مؤثرًا في حدوث هذه النتيجة.
    • على سبيل المثال، إذا كان الطقس باردًا، فإن السبب وراء ارتداء الشخص للمعطف هو البرودة.
  • العلة (السبب العلمي):
    • العلة هي السبب الأساسي أو السبب العميق وراء حدوث شيء معين.
    • تشير العلة إلى السبب الذي يفسر الظاهرة أو الحالة بشكل أعمق، ويركز على العلاقة السببية في المجموعات الواسعة من الظواهر.
    • على سبيل المثال، إذا كانت السببية وراء ارتداء الشخص للمعطف هو البرودة، فإن العلة العميقة هي حاجته إلى الحفاظ على درجة حرارة جسمه لتجنب الإصابة بالبرد أو المرض.

أسئلة شائعة حول مفهوم السبب

ما هو مفهوم السبب في الفقه الإسلامي؟

في الفقه الإسلامي، يُعرَّف السبب بأنه الحالة أو الشرط الذي يؤدي إلى إتمام أو إلزامية الحكم الشرعي في قضية معينة.

ما هي أنواع الأحكام الشرعية التي تعتمد على السبب؟

الأحكام الشرعية تنقسم عمومًا إلى أحكام تتبع السبب وأحكام تتبع النص، حيث يُعتبر السبب مُحدِّدًا في تطبيق الحكم في الأحكام التي تتبع السبب، مثل الحكم بالحلال والحرام والواجب والمستحب.

هل يمكن أن يختلف السبب من حكم إلى حكم؟

نعم، يمكن أن يختلف السبب من حكم إلى حكم حسب السياق الشرعي والظروف المحيطة بالقضية، فقد يكون السبب مُعتمَدًا على نص شرعي أو على العادة السائدة.

هل يُعتبر السبب مطلقًا في تطبيق الأحكام الشرعية؟

ليس دائمًا، ففي بعض الأحكام الشرعية يكون السبب مُعتمَدًا بشكل مطلق، بينما في حالات أخرى يُعتبر مشروطًا بناءً على النصوص الشرعية.

ما هو تأثير تغير السبب على الأحكام الشرعية؟

تغير السبب قد يؤدي إلى تغيير الحكم الشرعي، حيث يجب تحديث الأحكام بما يتوافق مع تغير الظروف والسياق الشرعي، وذلك بناءً على أصول الفقه ومنهجيته في استنباط الأحكام من المصادر الشرعية.

مقالات ذات صلة