أهمية الوفاء بالعهد والوعد في الإسلام
بشكل عام الوفاء بالوعد من الأخلاق الحميدة التي يجب على كل إنسان أن يتحلى بها.
ولكن يتساءل بعض الأشخاص عن أهمية الوفاء بالعهد والوعد في الإسلام بشكل خاص وذلك لكونه من الأمور التي حث عليها الله وأمر بها.
محتويات المقال
أهمية الوفاء بالعهد في الإسلام
العهد والوعد مشتركان في أن كلاهما إخبار بأمر ما جزم الإنسان أن يفعله، ويفترقان في أن العهد يزيد عن الوعد بالتوثيق الذي يقدمه صاحب العهد، بينما ما يخص أهمية الوفاء بالعهد والوعد في الإسلام فذلك على النحو التالي:
سبب لمحبة الله
- حيث قال الله تعالى: “فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين”، وهذه الآية الكريمة إثبات أن الله يحب المتقين الذين يوفون بعهدهم مواثيقهم حتى مع أعدائهم.
تكفير السئات
- تكفير للعديد من السيئات ودخول الجنة، حيث قال الله تعالى: “وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون”.
أساس بناء الثقة بين الناس
- أساس بناء الثقة بين الناس، وذلك لأن التعاون بين الأشخاص لا يتم إلا بمراعاة الوفاء، وعدم وجود الوفاء سبب لتنافر القلوب.
التقوى
- التقوى حيث قال الله تعالى: “والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون”، كما قال الله تعالى: “بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين”.
الإيمان
- الإيمان وذلك لقول الله تعالى: “وما لكم لا تؤمنوا بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين”، كما يوجد آيات كثيرة تنفي الإيمان عن الناقضين لعهدهم.
شاهد أيضا: خمسة احاديث تتناول شمائل مثل الصبر والحلم والعفو والوفاء بالعهد مكتوبة
الآثار الناتجة عن نقض العهد
قال الله تعالى: “فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به” فنتج عن نقض الميثاق ما يلي:
- جعل القلوب غليظة ولا يؤثر فيها أي مواعظ، ويعد ذلك الأمر من أصعب العقوبات التي يتعرض لها الفرد.
- طرد الفرد من رحمة الله.
- يبتلى الفرد بالتبديل والتغيير ويجعل للكلام الذي أراده الله معنى أخر غير ما أراده.
حالات يجوز فيها إخلاف الوعد
لم يأت نص محدد يجمع الاستثناءات التي يمكن فيها إخلاف الوعد، ولكن أجمع بعض العلماء ورجال الدين على أن إخلاف العهد والوعد من الممكن أن يكون في الحالات التالية:
- النسيان: الله عز وجل قد عفا عن النسيان في ترك فعل معين أو واجب حيث قال الله تعالى: “لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير”.
- الإكراه على إخلاف الوعد: الإكراه من الأمور التي تجيز إخلاف الوعد كمن منع من الوفاء أو حبس أو هدد بأمر ما فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه”.
- الوعد على فعل أمر محرم: من وعد شخص ما بأن يفعل له أمر محرم فإن الوفاء بهذا الوعد لا يجوز.
- حصول أمر طارئ مع صاحب الوعد: يوجد أعذار عديدة تمنع الإنسان من الوفاء بالوعد مثل المرض أو الوفاة وكل هذا يدخل في قول الله تعالى: “لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها”.
اقرأ أيضا: قصص عن الوفاء بالعهد
حالات لا يجوز فيها إخلاف الوعد
مما لا شك فيه أن إخلاف الوعد والعهد ليس من شيم المسلمين حيث قال الله تعالى: “كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون”، فالله يبغض عدم الوفاء بالوعود، ويوجد بعض الحالات التي لا يمكن للمسلم أن يتراجع فيها عن وعده ومنها:
التراجع عن الوعد في العقود المالية
- قال بعض العلماء أن الرضا أساس جميع العقود وأن ما تم بالرضا لا يمكن فسخه إلا بالرضا.
- العقود يترتب على فسخها العديد من الأمور التي تضر المتعاقدين إن لم يتم فسخها بالتراضي وهذا الأمر لا يجوز في ديننا.
التراجع عن الوعد عند الهدنة في الحرب
- تنقسم الهدنة في الحروب إلى نوعين الهدنة المتعلقة بوقت معين والهدنة المطلقة.
- الهدنة المتعلقة بوقت معين تنتهي عند الوقت المتفق عليه بين الطرفين ولا يمكن لأحد الطرفين الإخلال بهذا العهد، لأن من نتائج الإخلال بهذا العهد وقوع أطراف مسالمة ملتزمة بالعهد في الضرر.
- الهدنة المطلقة لا تتعلق بوقت معين ولكن تقوم على بعض الشروط ومن يخالفها يعد ناقضًا للعهد.
آيات وأحاديث عن الوفاء بالوعد والعهد
يوجد العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تأمر بالوفاء بالعهد والوعد ومنها:
- قال الله تعالى: “ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً”.
- “وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون”.
- “وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسًا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصآكم به لعلكم تذكرون”.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عهدا ولا يشدن حتى يمضي أمره أو ينبذ إليهم على سواء”.
- “من كان له حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة”.
- “من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير”.
شاهد من هنا: كيف يكون الوفاء بالعهد
الوفاء خلق الكرام
الوفاء، تلك الفضيلة النبيلة التي تعد أحد أسمى الصفات الإنسانية، يجسد قيم الإخلاص والالتزام والصدق في العلاقات بين الأفراد. إنه خلق الكرام، أولئك الذين يحملون في قلوبهم مشاعر العطاء والالتزام بما وعدوا به، ويعتبرونه ركيزة أساسية في بناء الثقة والاحترام المتبادل.
الوفاء في معناه الأعمق هو التمسك بالوعود والعهود، سواء كانت هذه الوعود قد قطعت شفهيًا أو كتابيًا، أو كانت ضمنية في إطار العلاقات الإنسانية المختلفة. إنه القدرة على البقاء مخلصًا وصادقًا في كل الظروف، وعدم التخلي عن الأصدقاء أو الأحباء أو المبادئ حتى في أصعب الأوقات.
الوفاء يعزز الثقة بين الأفراد، فهو يتيح لهم الاعتماد على بعضهم البعض دون خوف من الخيانة أو التخلي.
عندما يكون الشخص وفيًا، يبني حوله شبكة من العلاقات المتينة والمستدامة، حيث يشعر الآخرون بالأمان والطمأنينة. هذه الثقة المتبادلة تعتبر أساسًا للعديد من العلاقات الإنسانية، سواء في الصداقة أو العمل أو الزواج.
علاوة على ذلك، يعكس الوفاء قوة أخلاقية عالية. الأفراد الأوفياء يظهرون نزاهة وقوة داخلية، حيث يلتزمون بمبادئهم وقيمهم حتى في وجه التحديات والمغريات. إنهم يظهرون شجاعة في مواجهة الصعاب والتمسك بما يؤمنون به، مما يجعلهم قدوة يحتذى بها في المجتمع.
الوفاء أيضًا يسهم في تعزيز الشعور بالانتماء والمشاركة الاجتماعية. في المجتمعات التي تقدّر الوفاء، يكون هناك ترابط أقوى وتعاون أكبر بين الأفراد. هذا الترابط يعزز التماسك الاجتماعي ويخلق بيئة يسودها الاحترام والتقدير المتبادل.
ولكن الوفاء ليس مجرد التزام خارجي، بل هو انعكاس لقيم داخلية عميقة تتجذر في النفس البشرية. يتطلب الوفاء الصدق مع الذات والآخرين، والقدرة على تحمل المسؤولية تجاه الوعود والعهود. إنه يحتاج إلى الالتزام والمثابرة، وقدرة على التضحية من أجل الخير العام.