فضل سورة التغابن
فضل سورة التغابن عظيم فهي من سور المسبحات السبع لبداية آياتها بالفعل يسبح، كما تعد سورة التغابن من السور التي أختلف الفقهاء في الوقت الذي تم نزولها فيه على الرسول صلى الله عليه وسلم.
فالبعض يقول أنها سورة مدنية والبعض يعتبرها مكية، وفيما يلي سنعرض لكم فضل هذه السورة وفوائدها ومضمونها.
محتويات المقال
فضل سورة التغابن
تعتبر سورة التغابن من سور المسبحات السبع لأنها بدئت بالفعل يسبح للثناء والتمجيد لله تبارك وتعالى، وفيما يلي سنعرض لكم فضل سورة التغابن:
- تعد سورة التغابن من سور المسبحات السبع وهما الحديد والإسراء والجسر والجمعة والصف والأعلى والتغابن.
- وقد ذكر في فضل المسبحات السبع حديث شريف رواه العرباضُ بن سارية: “أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كانَ يقرأُ المسبِّحات قبلَ أنْ يَرقدَ.
- وقالَ: إنَّ فيهِنَّ آيَةً أفضلَ منْ ألفِ آية”.
- ويعتبر فضل سورة التغابن مثل فضل باقي سور القرآن الكريم فيها أجر وثواب وفضل كبير.
- حيث جاء في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ.
- والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ “ألم” حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ”.
شاهد أيضًا: فضل سورة الشمس
التعريف بسورة التغابن
حيث تعتبر سورة التغابن من السور التي يوجد إختلاف حولها، فهي تعتبر من السور المدنية لدى الفقهاء والسور المكية عند الضحاك.
بينما يعتبرها الكلبي سورة مكية ومدينة، في حين قال عبد الله بن عباس إن هذه السورة نزلت في مكة المكرمة بإستثناء أواخر آياتها فقد تم نزولها في المدينة المنورة.
وتم نزول سورة التغابن بعد سورة التحريم، وموضعها في الجزء الثامن والعشرون.
وفي الحزب السادس والخمسون ويبلغ عدد آياتها ثمانية عشر آية، وكلمة التغابن هي من أسماء يوم القيامة.
وتم تسمية سورة التغابن بهذا الاسم لأن كلمة التغابن وردت في السورة في قوله تعالى “يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ”.
سبب نزول سورة التغابن
ذكر المختصون بالتفسير الكثير من الأسباب التي أدت لنزول بعض الآيات من سورة التغابن، ومنها:
- قال ابن عباس رضي الله عنه أن سبب نزول آية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
- هو أن الرجل إذا أسلم وأراد الذهاب إلى الهجرة وترك أولاده وأهله، قالوا له: هل تريد الهجرة وتظل بدون أهل وأولاد، فالبعض منهم يرق قلبه ولا يهاجر.
- وفي آخر آيات سورة التغابن أمر الله سبحانه وتعالى الناس بأن يتقوه.
- فكانوا يقومون بتقواهم حق التقوى.
- حتى تتورم أرجلهم وتتقرح جباههم فأنزل الله سبحانه وتعالى (فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) للتخفيف عليهم.
اقرأ أيضًا: فضل سورة المطففين
موضوعات سورة التغابن
فضل سورة التغابن كبير كما ذكرنا سابقاً، كما تحتوي هذه السورة في مضمونها على العديد من الأحداث والمفاهيم، وهي:
- تبدأ سورة التغابن بالثناء والتسبيح لله سبحانه وتعالى مثل سور المسحات.
- تؤكد السورة على أن جميع المخلوقات في الأرض والسماء تسبح لله سبحانه وتعالى.
- وجاء الفعل مضارع “يسبح” ليدل على الاستمرارية.
- حيث قال الله تعالى “يُسبِّحُ للَّهِ ما في السَّمَاواتِ ومَا في الأَرضِ لهُ المُلْكُ ولهُ الحمْدُ وهُو علَى كلِّ شيْءٍ قدِيرٌ.
- ثم يتجه مضمون السورة إلى تحذير المشركين والكافرين من عدم التمادي في كفرهم وغيهم.
- ويشير في ذلك إلى العذاب الذي حل على الأمم السابقة بسبب كفرهم وطغيانهم وجعلهم عبره لغيرهم.
- فقد قال الله تعالى “أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.
- وبعد ذلك أكدت الآيات الكريمة على أن الله قادر على كل شيء.
- وما من شيء يصيب الإنسان إلا بإرادته سبحانه وتعالى.
- وذلك في قوله تعالى “ما أصابَ من مصيبَةٍ إلاَّ بإذْنِ اللَّهِ ومَن يؤمِن باللَّهِ يهْدِ قلبَهُ واللَّهُ بكُلِّ شيْءٍ عليمٌ”.
- ثم اتجهت الآيات إلى تحذير المؤمنين من الوقوع في فتنة الأولاد والأموال في الحياة الدنيا.
- بقوله تعالى “إنَّما أموَالكُمْ وأولادُكُمْ فتنَةٌ واللَّهُ عندَهُ أجْرٌ عظِيمٌ”.
- وفي نهاية السورة حثت الآيات على طاعة الله وتقوته والإنفاق للمحتاجين ومعاملتهم بإحسان.
- حيث قال الله تعالى “فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”.
المقصود بمعنى يوم التغابن
- تم تسمية يوم القيامة بالتغابن لما سيشهده ذلك اليوم من بغن أهل الجنة لأهل النار وذلك كما قال ابن عباس.
- وقال أيضاً الإمام القرطبي في تفسيره ليوم التغابن أنه تم تسمية يوم القيامة باسم يوم التغابن لأن في ذاك اليوم سيبغن أصحاب الجنة أهل النار.
- وذلك يعني أن أهل الجنة سكنوا الجنة وأهل النار سكنوا النار.
- وذلك على طريقة المبادلة، وبذلك يكونوا قد بدلوا الخير بالشر والجيد بالخبيث مما أوقع الغبن بينهم.
أسرار وفوائد سورة التغابن
بعدما تناولنا فضل سورة التغابن سنتناول الكثير من الموضوعات التي وردت في آيات سورة التغابن مع توضيح الفائده منها، وفيما يلي سنقدم لكم فوائد سورة التغابن:
- يسبح لله جميع المخلوقات في السماوات والأرض.
- فهو الوحيد الذي يستحق الثناء والحمد لأنه هو الخالق وحده.
- كما تناولت الآيات أصناف مختلفة من الناس، حيث يوجد الكافر والمؤمن.
- وما سيحدث بينهم من تغابن يوم القيامة.
- حذرت الكافرين بالله والذين ينكرون رسالة الرسول محمد صل الله عليه وسلم.
- ودعتهم إلى التفكير فيما سبقهم من الأمم وما حل عليهم من عذاب عندما كفروا بالرسل.
- تبين أن الله قادر على كل شيء وبيده ملكوت كل شيء وحده وأن كل ما يحل على الإنسان يكون وفق قضاء الله وقدره سبحانه وتعالى.
- كما تناولت السورة أسباب النجاة من عذاب الآخرة، وذلك عن طريق الإيمان بالله وحده لا شريك له.
- والتصديق برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم، إلى جانب الإيمان بالبعث.
- كما أشارت السورة إلى أنه من آمن بالله ورسوله وكتابه الكريم كفر الله عنه سيئاته ومن كفر ذلك فجزائه النار.
- وأوضحت الآيات مدى تثبيت الله سبحانه وتعالى للمؤمنين.
- بالرغم من كم الأذى الذي لاقوه من الكفار وذلك بسبب توكلهم على الله تعالى وإيمانهم به.
- وفي الآيات تحذير وإنذار للمنافقين والكفار بما سيلقوه من عذاب في الآخرة.
- ويحث الله تعالى في سورة التغابن الناس على الإنفاق في سبيل الله.
- بينت آخر الآيات أعداء الإنسان الذين سيجدهم في حياته وحثته على طاعة الله والتقرب منه بالعبادات حتى يسلم من شرهم.
شاهد من هنا: هل يجوز قراءة سورة البقرة متقطعة في اليوم
مقاصد سورة التغابن
سورة التغابن، وهي سورة مدنية، تحمل في طياتها عدة مقاصد وأهداف رئيسية، ومن أبرزها:
- التأكيد على توحيد الله وقدرته: السورة تبدأ بالثناء على الله وذكر دلائل قدرته في خلق السماوات والأرض، وتدعو الناس للتفكر في آيات الله وتوحيده.
- التحذير من الكفر والشرك: السورة تتضمن تذكيرًا بأحوال المكذبين بالله وعاقبتهم في الدنيا والآخرة. تهدف إلى تحذير الناس من عواقب الكفر والشرك بالله.
- التذكير بيوم القيامة والتغابن: تسمى السورة بـ “التغابن” لأن الله تعالى يذكر فيها أن يوم القيامة هو يوم يظهر فيه الغبن الحقيقي، حيث يظهر تفاوت الناس بين أهل الإيمان الذين يربحون والجنة، وأهل الكفر الذين يخسرون.
- التوجيه للأعمال الصالحة والاستعداد للآخرة: تدعو السورة المؤمنين إلى الاستعداد ليوم الحساب من خلال العمل الصالح والتقوى والإخلاص في العبادة.
- بيان دور الدنيا والابتلاءات: تشير السورة إلى أن الحياة الدنيا مليئة بالابتلاءات، سواء في المال أو الأولاد، وتوجه المسلمين إلى كيفية التعامل مع هذه الابتلاءات بالصبر والشكر.
- التحذير من الشح والبخل: السورة تحث على الإنفاق في سبيل الله وتوضح أن من يوق شح نفسه هو الفائز الحقيقي في الدنيا والآخرة.
تسمية سورة التغابن
- تم تسمية السورة بـ “التغابن” نسبة إلى الآية التاسعة منها، والتي تقول: “يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ”.
- كلمة “التغابن” تعني الغبن، أي الخسارة، والمقصود بها يوم القيامة حيث يتبين للناس الفائزون والخاسرون. يُظهر الله تعالى في هذا اليوم الغبن الحقيقي، إذ يربح أهل الإيمان بالفوز بالجنة، ويخسر أهل الكفر والنفاق بدخول النار.
مناسبة سورة التغابن لما قبلها
سورة التغابن تأتي بعد سورة المنافقون، وهناك ترابط بينهما من حيث الموضوعات والأفكار:
- التحذير من الكفر والنفاق: في سورة المنافقون يتم الحديث عن صفات المنافقين وخداعهم، بينما في سورة التغابن يستمر التحذير من الكفر والشرك ويذكر العاقبة الأليمة لمن يكفر بالله.
- التأكيد على الآخرة: كلتا السورتين تتحدثان عن مصير الناس في الآخرة. في سورة المنافقون يتم تذكير المنافقين بمصيرهم، وفي سورة التغابن يتم توضيح مصير المؤمنين والكافرين يوم القيامة، وهو يوم التغابن.
- الدعوة إلى العمل الصالح: كل من السورتين تدعوان المسلمين إلى التوبة والعمل الصالح، ففي سورة المنافقون يُطلب من المؤمنين أن يتجنبوا صفات المنافقين، وفي سورة التغابن يُحث المسلمون على التوكل على الله والعمل من أجل الفوز بالجنة.
الدروس المستفادة من سورة التغابن
من خلال التأمل في آيات سورة التغابن، يمكن استخراج العديد من الدروس المفيدة للمسلم في حياته اليومية:
- التفكر في آيات الله في الكون: السورة تدعو إلى التأمل في خلق الله للسماوات والأرض وما فيهم من آيات تؤكد على عظمة الخالق وتوجيه القلوب للتوحيد.
- اليقين بالآخرة: الدرس الأساسي هو التذكير بيوم القيامة والتغابن الذي سيكون فيه الحساب والجزاء. يجب أن يستعد الإنسان لذلك اليوم من خلال الأعمال الصالحة.
- الصبر على الابتلاءات: الحياة مليئة بالابتلاءات مثل المال والأولاد، وعلى المؤمن أن يصبر عليها ويستعين بالله ويشكر على نعمه.
- التحذير من الغفلة: السورة تحذر من الغفلة عن ذكر الله والعمل للآخرة، لأن العاقبة السيئة ستكون للكافرين والمكذبين.
- التحذير من الشح والبخل: دعوة واضحة للإنفاق في سبيل الله والتذكير بأن التمسك الزائد بالمال قد يؤدي إلى الفشل في الدنيا والآخرة.
- التوكل على الله: السورة تعلمنا أهمية التوكل على الله في كل أمور الحياة، وأن الله كافٍ لمن يتوكل عليه حق التوكل.
وقفات تربوية من سورة التغابن
- التربية على التفكر: السورة تدعو المؤمنين للتفكر في خلق السماوات والأرض واستخلاص العبر من قدرة الله وعظمته، مما يربط القلب بالعقيدة الصحيحة.
- التربية على الصبر والتعامل مع الابتلاءات: عندما يُذكر أن المال والأولاد فتنة، فهذا يعلم المسلم ضرورة الصبر عند الشدائد، وتقدير نعم الله بشكل صحيح.
- التربية على التوازن بين الدنيا والآخرة: السورة تربّي المؤمنين على ضرورة الموازنة بين الاهتمام بالدنيا والاستعداد للآخرة. فهي تحذر من الغرق في زينة الدنيا والتعلق بالمال والأولاد على حساب الآخرة.
- التربية على الإنفاق والبذل: تعلم السورة المسلم أن الإنفاق في سبيل الله طريق للفلاح، وأن الشح والبخل من الصفات التي تعوق تقدم الإنسان في طريق الخير.
- التربية على التوكل: السورة توجه المسلم إلى التوكل الصادق على الله والاعتماد عليه في كل الأمور، مع العمل بالأسباب، مما يعزز في النفس الثقة بالله والطمأنينة.
- التربية على الاستعداد ليوم الحساب: من خلال ذكر يوم التغابن، السورة تؤكد على ضرورة الاستعداد ليوم القيامة بالأعمال الصالحة والتوبة الدائمة، فكل إنسان سيحاسب على ما قدم.
آيات من سورة التغابن
- بسم الله الرحمن الرحيم: يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ فَمِنكُمۡ كَافِرٞ وَمِنكُم مُّؤۡمِنٞۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ
- خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبۡلُ فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمۡرِهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ