ما كفارة عدم قضاء صيام رمضان
من المتفق عليه من قبل أهل العلم هو استحباب محاولة ومبادرة المسلم بقضاء أيام الصيام في شهر رمضان، التي لم يصمها.
لأن الصيام فرض واجب التنفيذ، يجب أن ينشغل به المسلم لأنه في ذمته وسوف يسأل عنه أمام الله، كثرت فتاوى وأقاويل أهل العلم على الإثم الواقع على من أخر قضاء صيام رمضان لشهر رمضان الذي يليه، وسوف نرى في هذا المقال بيان هذه المسألة.
محتويات المقال
كفّارة عدم قضاء صيام رمضان
جميع أهل العلم يقرون بضرورة قضاء الأيام التي لم يصومها المسلم في رمضان، لكن اختلف البعض حول الإثم الواقع على المسلم في حالة تأخيره للقضاء لوقت دخول رمضان جديد، وفيما يلي سنذكر أقول أهل العلم فيما يخص ذلك:
- الجمهور: يقر الجمهور من الفقهاء الحنابلة، والشافعية، والمالكية، بوجوب الفدية، مستدلين في كلامهم على أفعال بعض الصحابة.
- مثل أبي هريرة وعبد الله بن عباس- رضي الله عنهما، وهذه الفدية تكون عبارة عن إطعام مسكين عن كل يوم لم يصمه المسلم.
- مقدار هذه الفدية هو مُدًا من دقيق أو قمح، أو شعير، أو نصف صاع تمر.
- أما المُدّ فهو يكون: حوالي سبعمائة وخمسون غرامًا تقريبًا.
- ويكون هذا المُدّ غالبًا من قوت البلد الذي يختلف من زمن إلى زمن.
- فقوت البلد يساوي ملء حفنة، والحفنة تساوي رطلًا وثلث، أي تساوي ستمائة غرام تقريبًا.
- أما المُدّ النبوي فهو يكون بالحنطة في هذه الحالة يكون المسلم ملزم بالفدية مع القضاء.
- فإن أخرها أو قدمها، فيجزى على ذلك.
- روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه عندما فعل ذلك وأفطر أيامًا في شهر رمضان الكريم.
- فقد قام بإطعام المساكين في يوم واحد بعدد الأيام التي أفطرها.
- وذهبت بعض الآراء لجمهور الفقهاء بأنه لا يجوز تقديم الفدية نقدًا، بل يجب تقديمها أعيانًا.
للتعرف على المزيد: مقدار كفارة الصيام بالمال
- أبو حنيفة: ويذهب رأي أبو حنيفة إلى عدم الإلزام بالفدية، وأكد على كلامه بالاستدلال بأن الله أمر بالقضاء ولكنه لم يذكر أي أطعمه.
- وذلك في قول الله تعالى: (ومن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر) صدق الله العظيم.
- وبناءً على ذلك فقد قيل بإجازة إخراج قيمة الطعام أموالًا.
- فالهدف من إطعام المساكين هو سد احتياجاتهم، وهذا يتحقق بالإطعام أو بقيمته.
- حيث يتم تحديد قيمة الإطعام بالسعر المقدر إخراجه للفدية.
- يشار إلى بعض العلماء مثل ابن تيمية رحمه الله، بأنه اشترط في أنه يجوز إخراج قيمة الإطعام نقدًا.
- بحيث يحقق ذلك المصلحة للمساكين وقضاء احتياجاتهم.
- وإذا لم يتحقق مصلحة المسكين فيكون إخراج الكفارة طعامًا ليكون إبراء لذمة المسلم.
- حيث أن الإقرار بجواز إخراج قيمة الإطعام مالًا على الإطلاق.
- قد يستخدم الملزم بالكفارة هذه الإجازة بشكل خاطئ كأنه يخرج القيمة بثمن أنواع رديئة من الطعام.
ما هو قضاء الصيام وحكمه
- معنى القضاء لغويًا هو: الأداء والحُكم، أما في الإصلاح الشرعي: فهو يعني أن يفعل المسلم الأمر الواجب عليه بعد أن يكون فات وقته.
- وبناءً على ذلك فإن قضاء الصيام يكون قيام المسلم بصيام الأيام.
- التي لم يصمها في شهر رمضان المعظم بعد انقضائه.
- فيجب على المسلم البالغ العاقل أن يعرف أن عدم القيام بالعبادات الواجبة عليه.
- وفوات وقتها ليس بالأمر السهل والهين، لما لها من إثم واقع عليه.
- مما لا شك فيه أن يترتب على فوات العبادات وعدم قضاءها ذنب وإثم إذا كان متعمدًا ذلك.
- وفواتها بدون أعذار فتظل في ذمته.
- واتفق العلماء جميعهم بأن قضاء تلك العبادات الفائتة على المسلم واجب قضاءها.
- سواء كان عدم القيام بها سهوًا أو عمدًا أو خطأ، أو بعذر أو بدون عذر.
شاهد أيضا: ما حكم عدم قضاء صيام أيام من رمضان للمرأة
حكم تأخير قضاء رمضان إلى رمضان الذي يليه
- أقر جمهور علماء الدين جميعهم إلى إلزام قضاء الصيام لمن لم يصم شهر رمضان قبل أن يأتي رمضان الذي يليه.
- حيث أكدوا على حكمهم بما جاء به البخاري عن أم المؤمنين السيدة عائشة – رضي الله عنها، حيث قالت “كان يكون على الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان”.
- فيعد من التهاون والتساهل الذي لا يحل أن يتم التأخير أو التباطؤ في قضاء العبادات الفائتة.
- إذا كان ذلك بعذر أو بدون عذر.
- ويجب العودة إلى الله والتوبة وطلب المغفرة والسماح من الله.
- ويشترط أن تزول معوقات الصيام كالمرض والسفر، ويكون للمكلف القدرة على القضاء.
- ففي حالة المرض في شهر رمضان الكريم واستمر إلى أن توفي المريض فلا قضاء عليه.
- لأنه مات قبل أن يكون قادرًا على القضاء.
- ولكن في حالة أنه أوصى أن يقام بالإطعام عنه، فلابد من تنفيذ وصيته وتكون من ثلث ماله.
- مع أنه أصبح غير ملزم بالإطعام.
- أما في حالة الشفاء من المرض وأصبح قادرًا على القضاء، ثم توفاه الله قبل أن يقضي ما عليه من صيام، فيجب أن يوصي بالإطعام.
- ويصبح القضاء واجبًا في ذمته، ولكنه عجز عن ذلك بتقصير منه أو سهوًا، في هذه الحالة يصبح للواجب بديل وهو الفدية.
- ومن جهة أخرى في حالة الشيخ كبير السن الذي لا يقوى على الصيام وجب القضاء عنه بالفدية أيضًا.
أشار علماء الدين إلى حالتين فقط يتم فيهما تأخير صيام شهر رمضان إلى رمضان الذي يليه، وسوف أوضحهما فيما يأتي.
- الحالة الأولى أن يكون تأخير الصيام بعذر قوي مثل المرض، فمن مرض في شهر رمضان واستمر المرض معه حتى رمضان الذي يليه.
- فلا يقع عليه إثم تأخير الصيام، ولكنه عليه القضاء فقط، وذلك لقول الله تعالى – (ومن كان مريضًا أو على سفر فعدةٌ من أيام أخر) صدق الله العظيم.
- وهو الحال نفسه فيمن كان سليمًا ولا يشكو من المرض، أو ظل مقيمًا بعد سفره وكان قد انقضى شهر رمضان إلى أن دخل شهر شعبان ثم مرض طول الشهر أو سافر فيه.
- فيجب عليه أن يقضي الأيام التي أفطرها فقط، حيث أن تأخره في الصيام إلى شعبان أمر يجوز في حالته فهو لم يكن يعلم بما سيحدث له.
- الحالة الثانية يكون في هذه الحالة التأخير بدون أعذار، مثل أنه يكون قادرًا على القضاء ولكنه تهاون وفرط في القضاء حتى حل عليه رمضان التالي.
- فأشار بيان علماء الفقه أنه يأثم على عدم القضاء ويلزم بالكفارة والفدية عليه كما أوضحنا سابقًا.
أمور تتعلق بقضاء صيام رمضان
توجد العديد من المسائل التي تتعلق بقضاء صيام شهر رمضان المبارك ونجد منها ما يأتي:
- التتابع في القضاء: وهو ما اتفق عليه مذاهب الأئمة الأربعة (الشافعي، والمالكي، وأبو حنيفة، وابن حنبل) عدم لزوم التتابع في قضاء الأيام التي لم تصام في شهر رمضان المبارك.
- حيث أنهم لم يستدلوا على ما ينص بتتابع أيام القضاء وذلك لقول الله تعالى (فعدة من أيام أخر).
- ومن ناحية أخرى فإن التتابع مستحب حيث يصبح أشبه بالأداء، وأكثر احتياطًا حتى يظل متذكرًا الأيام التي صامها والأيام التي أفطرها ولأنه لا يعلم ما سوف يحدث معه.
- ولكن صوم التتابع يتميز بأنه أسرع في قضاء الأيام المكلف بها، وإبراء ذمته، ويسقط ما عليه من واجب.
- التباطؤ في القضاء: اتفق علماء الدين وأئمة المذاهب الأربعة، على جواز التأخير في قضاء الأيام التي فطرها المسلم في شهر رمضان.
- وأنه يجوز عدم التسارع في قضاء الصيام، وأن المسلم يستطيع الصيام في أي وقت من السنة ولكن لابد أن يقوم بالقضاء قبل أن يأتي رمضان الذي يليه.
- ولكن من جهة أخرى يكون التسارع في قضاء الصيام أفضل وذلك امتثالًا لقول الله تعالى – (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض).
- وتكون المسارعة في القضاء تؤدي إلى المسارعة في إبراء الذمة أمام الله والإسراع في إسقاط واجب قضاء الصيام.
- ومن الجدير بالذكر أنه من الأفضل طبعًا أداء واجبات العبادات في وقتها كما أمرنا الله، والله أعلم بأحوال عباده فهو رحمن ورحيم عز وجل.
نرشح لك أيضا: هل يجوز صيام القضاء قبل رمضان بيوم؟
متى يجوز الإفطار في رمضان؟
الإفطار في رمضان يكون للمريض الذي إذا صام تضرر أو للحامل والمرضعة التي إذا صامت تضررت أو تتضرر جنينها، ويكون ذلك بأمر من الطبيب، والإفطار أيضا يكون للمسافر.
عند الإفطار يستوجب على المسلم قضاء اليوم الذي فطره بعد رمضان إذا استطاع ذلك، وإن لم يستطيع فيجب إخراج كفارة الصيام.
والدليل على ذلك ما جاء في القرآن الكريم: “أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”.
الفرق بين كفارة الصيام وقضاء الصيام
- قضاء الصيام يعني إذا أفطر شخص يوم في رمضان عليه صيام هذا اليوم بعد انتهاء الشهر.
- أما كفارة الصيام معناها أنه إذا أفطر شخص يومًا في رمضان بسبب ذنب كالجماع مثلًا، أي لا بعذر حقيقي كالمرض، فإنه يُطعم مسكين عن هذا اليوم.
مقدار فدية الصيام
مقدار فدية الصيام للشخص الذي لا يستطيع الصوم بسبب مقنع هو إطعام مسكين عن كل يوم، وجاء ذلك في قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ).
أسئلة شائعة حول كفارة صيام رمضان
س1: ما هي أسباب قضاء صيام رمضان؟
ج1: الأسباب الشائعة لقضاء صيام رمضان تشمل السفر، والمرض، والحمل والرضاعة، والحيض والنفاس، وأي أسباب أخرى تمنع الصيام بشكل مشروع.
س2: كيف يجب قضاء أيام الصيام المفقودة؟
ج2: يجب على الشخص قضاء أيام الصيام التي أفطرها بسبب العذر في وقت لاحق بعد انتهاء شهر رمضان، بمجرد أن تتوفر الظروف الملائمة للصيام.
س3: هل يجب على الشخص دفع مال إضافي إلى الفقراء والمحتاجين بسبب قضاء الصيام؟
ج3: لا، قضاء الصيام في حالات العذر لا يتطلب دفع مال إضافي، بل يكفي فقط قضاء الأيام المفقودة في وقت لاحق.
س4: هل يمكن ترك قضاء أيام الصيام حتى العام القادم؟
ج4: يُفضل قضاء الأيام المفقودة في أسرع وقت ممكن بعد انتهاء شهر رمضان، ولكن إذا كان هناك عذر مشروع يمنع القضاء، فيمكن تأجيل القضاء إلى العام القادم.