ما هو الصراط المستقيم؟
القرآن الكريم هو كتاب الله الخاتم الذي جاء للناس كافة حتى قيام الساعة، ولقد ورد لفظ الصراط المستقيم في القرآن ثمانٍ وثلاثين مرة، ولقد تعددت الآراء في معنى الصرط المستقيم.
وسنقوم في هذا المقال بالبحث عن الجواب الشافي للسؤال ما هو الصراط المستقيم في اللغة وفي الشرع.
محتويات المقال
ما هو الصراط المستقيم في اللغة؟
ويتلخص مفهوم الصراط المستقيم في اللغة العربية بما يلي:
- من المعروف أن السراط أو الصراط في اللغة العربية تعني السبيل أو الطريق.
- وهي تأتي من مادة صرط أو سرط، وقد قال ابن منظور مؤلف معجم لسان العرب (إن الزراط، والسراط، والصراط) جميعها لها نفس المعنى وهو الطريق.
- كما قال الزبيدي في تاج العروس (السراط أو الصراط المستقيم) تعني السبيل أو الطريق الواضحة الجلية.
- ومن هنا جاء قول الله عزّ وجل في سورة الفاتحة: (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ).
- أي أرشدنا إلى الطريق الصحيحة الواضحة.
- أما في كتاب التصاريف للمؤلف يحيى بن سلام، فإن الصراط له معنيين وذلك بحسب ورود الكلمة في سياق الآية:
- ففي الآية الكريمة (وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ توعِدون) فالصراط هنا تعني الطريق.
- أما معنى كلمة الصراط في الآية (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)، فهي هنا تعني الدين.
- وأما في كتاب المفردات عند الراغب الأصفهاني فإن كلمة الصراط أو السراط جاءت من كلمة سرط يسرط ويقصد بها الطعام.
- أي ابتلع الطعام بشكلٍ مباشر دون مضغه بصورةٍ جيدة.
- ومن هنا جاءت كلمة سراط أي الطريق الذي يبتلع سالكه ويبتلعه السالك.
- كما جاء في نفس الكتاب أن الصراط هو الطريق المستقيم.
- وجاء في كتاب الاعتقاد للمفيد (إن السراط بالمعنى الشرعي هو الدين وهو الشريعة الصحيحة).
- ومن هنا جاء تفسير الآية (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) أي أرشدنا إلى الدين الصحيح.
شاهد أيضًا: الله يرحمه ويجعل مثواه الجنة
المعنى الشرعي والقرآني للصراط المستقيم
ويتمثل المعنى القرآني لكلمة الصراط المستقيم بالأمور التالية:
- إن أدق فهم لكلمة الصراط المستقيم هو ما جاء في آخر سورة الفاتحة (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّين).
- يجب بعد ذلك أن نعلم من هم الذين أنعم الله عليهم.
- حيث تجيبنا على ذلك آية أخرى في كتاب الله وهي (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً)، وبالتالي فإن الذين أنعم الله عليهم هم:
- جميع الأنبياء من ذرية آدم وحتى قيام الساعة.
- جميع من آمن مع نبي الله نوح وصعد معه إلى السفينة.
- المؤمنون الذين آمنوا مع إبراهيم ويعقوب على نبينا وعليهم أفضل الصلاة والتسليم.
- جميع الذين ماتوا في سبيل رفع كلمة الله وتقبلهم الله في الشهداء.
- وجميع الصديقين الذين نالوا شرف مرتبة الصديقية.
- جميع المؤمنين من أمة النبي محمد عليه السلام الذين صدقوا في إيمانهم واجتباهم ربهم للسير على سنة النبي وسنة الخلفاء الراشدين من بعده.
كيف وصف الله تعالى الصراط في القرآن؟
لقد ورد في القرآن الكريم وصفين للصراط، فلقد وصفه الله بالصراط المستقيم، وبالصراط السوي، وسنقوم بالحديث عن هذين الوصفين:
- وصف الصراط بالمستقيم: وهو الوصف الذي جاء في أغلب الآيات التي ذُكر فيا الصراط.
- والتي تبلغ خمسٌ وأربعين آية ومنها الآية السادسة من فاتحة الكتاب (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ).
- والتي بينت أن هذا الصراط هو طريق الذين أنعم الله عليهم حيث بينا في الفقرة السابقة من هم الذين أنعم الله عليهم.
- كما ورد وصف الصراط بالمستقيم في آيات أخرى عديدة منها (يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، (إنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ).
- وصف الصراط بالسوي: ويظهر ذلك واضحًا في قول الله تعالى في سورة الملك (أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).
- فوصفَ الله تعالى الصراط بالسويّ، و معنى الصراط السوي بحسب ما جاء في تفسير الجلالين: الذي يمشي مقلوبًا على وجهه هو على هدى؟.
- أم الذي يمشي واقفًا سويا منتصبًا على الطريق المستقيم، والخبر من الجملة الثانية محذوف أشار إليه خبر الجملة الأولى.
- وهو أهدى، والمثل المضروب هو في المؤمن والكافر أيهما الذي يكون على الهدى.
وهناك آيات كثيرة وصفت الصراط هذا الوصف أي السوي، منها قوله الله تعالى: (وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ)، (فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً)، (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ).
اقرأ أيضًا: الجنة تحت أقدام الأمهات
الأمور التي تندرج تحت معنى الصراط المستقيم
يتلخص المقصد الأساسي من كلمة الصراط المستقيم بما يلي:
- الصراط المستقيم: وهو الطريق الذي أرشد جميع الأنبياء الناس إلى اتباعه كي يفوزوا بالجنة.
- وينجوا من عذاب الله يوم القيامة.
- الصراط المستقيم: وهو سبيل الحق والتوحيد والهداية، هو الطريق الذي أمر الله أنبياءه أن يتبعوه ويثبتوا عليه مهما كلفهم ذلك من ثمن.
- حتى لو كان الثمن هو بذل النفس والروح في سبيل ذلك.
- كما أنه من معاني الصراط المستقيم هو السير على الطريق القويم.
- طريق النبي عليه السلام والخلفاء الراشدين من بعده وطريق السلف الصالح.
- حيث سماهم الله في قرآنه صراط الذين أنعم عليهم، أما الذين حادوا عن هذا الطريق فهم المغضوب عليهم والضالين.
- ومن معاني الصراط المستقيم: أنه الطريق الذي ينصبه ربنا عزّ وجل فوق نار جهنم في موقف مشهود من مواقف يوم القيامة، حيث يعبر الناس عليه إلى الجنة.
أوصاف الصراط المستقيم
لقد ورد في السنة النبوية المطهرة بعض أوصاف الصراط الذي هو أحد محطات يوم القيامة، ومن هذه الأوصاف:
- الصراط هو جسرٌ طويل تم رفعه فوق جهنم، وهو أحد من السيف وأدق من الشعرة، له حافتان يتقومان يتسببان في وقوع الناس فوق بعضهم إذا ما أرادوا أن يعبروا عليه.
- الصراط المستقيم هو جسرٌ زلق بصورة ٍكبيرة لا تستطيع الأقدام أن تثبت عليه.
- كما ورد في الأحاديث النبوية أن فيه خطاطيف تخطف الناس من فوقه وتلقيهم في جهنم.
- يوجد على الصراط أشواك وحسكات ضخمة يعلق الناس بها فترميهم في جهنم إلا ما شاء الله.
- لقد ورد في الأحاديث النبوية أن هناك من يعبر على الصراط بطرفة العين وهم النبيون عليه السلام ومن يعبر معهم.
- ومنهم من يعبر كالبرق، ومنهم من يعبر كالريح المرسلة، ومنهم من يعبر كالطير.
- منهم من يعبر كالخيل المسومة الكريمة، ومنهم من يعبر جري، ومنهم من يمشي.
- ومنهم من يحبو حبوًا لا يستطيع المشي، كل إنسانٍ على حسب أعماله.
- فالمؤمنون الصادقون ذوي القلوب السليمة يجتازون الصراط بسرعة البرق والريح.
- أما الكفار والمنافقون فيسقطون من على الصراط في جهنم ليصلوا إلى قعرها خالدين فيها أبدًا.
- المسلمون المذنبون يسقطون من على الصراط تتخاطفهم خطاطيفها كلٌ على حسب ذنوبه.
- حيث يبقون في جهنم ما شاء الله أن يبقوا، ثم يخرجوا منها بعد أن يقضوا ما عليهم من ذنوب.
- ومنهم من يخرج من جهنم بشفاعة الشافعين وهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في أمته.
- الشهداء في أهليهم، الصديقون، الموتى من أطفال المسلمين، حفظة القرآن في أبويهم إلى آخر تلك الأصناف.
شاهد من هنا: تفسير آية (إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون)
تفسير (الصراط المستقيم) في سورة الفاتحة
الصراط المستقيم هو مفهوم رئيسي في سورة الفاتحة، وهي السورة التي تُعتبر من أهم سور القرآن الكريم لأنها تُقرأ في كل صلاة. هنا تفسير الصراط المستقيم:
- تعريف الصراط المستقيم:
- الصراط: يعني الطريق أو السبيل. في السياق القرآني، الصراط يشير إلى الطريق الذي يوصل إلى الحق والهدى.
- المستقيم: يعني أنه ليس فيه انحراف أو اعوجاج. بالتالي، الصراط المستقيم هو الطريق المستقيم والموصل إلى رضا الله ومرضاته.
- الآية في سياق السورة:
- في سورة الفاتحة، الآية الكريمة: “اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ” (سورة الفاتحة، الآية 6) تعبر عن دعاء المؤمنين لله تعالى بأن يهديهم إلى الطريق الصحيح. هذا الطريق هو الطريق الذي يسلكه المؤمنون الذين ينالون رضا الله ويبتعدون عن الطريق الذي يبعدهم عنه.
- الصراط المستقيم في السياق الإسلامي:
- في التفسير الإسلامي التقليدي، الصراط المستقيم يرتبط بالتزام المؤمن بالشريعة الإسلامية والقيام بالأعمال التي ترضي الله، مثل الصلوات، الزكوات، والصيام، والإحسان إلى الناس.
- الصراط المستقيم والآية الكريمة:
- من خلال الآية الكريمة، المؤمنون يطلبون من الله أن يهديهم إلى الصراط المستقيم ويثبتهم عليه، ويتجنبون الطرق المنحرفة والضالة.
- أهمية الصراط المستقيم:
- يشير الصراط المستقيم إلى التمسك بالإسلام واتباع تعاليمه بشكل صحيح. هذا الطلب في سورة الفاتحة يُعتبر أساسياً في حياة المؤمن لأنه يعكس رغبتهم في الحصول على هداية الله والحفاظ عليها.