ما هي شجرة الزَّقُّوم وما صفاتها؟
ما هي شجرة الزَّقُّوم وما صفاتها؟، لقد أرسل الله- عز وجل- النبيين مبشِّرين ومنذرين بين النَّاس، وأرسل معهم رسالة التوحيد والتشريعات التي ارتضاها لهم؛ ثمَّ جعل الإنسان مُخيَّراً في التصديق والدخول في الإسلام أو لا؛ فلم يُجبر الإنسان على الإيمان؛ ولكن أُعدَّ لمن يكفر عذابًا أليمًا وطعامًا مريرًا كشجرة الزَّقُّوم.
محتويات المقال
سُنَّة الله- عز وجل- في خلقه
خلق الله- عز وجل- الإنسان وجعله مُخيَّراً بين الإيمان والكفر، فقد قال- عز وجل- في محكم التنزيل: “فَمَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَليَكفُر”، [الكهف: 29]، حيث أوضح له الطريق ليبصر كلًّ من الصواب والخطأ، وهو المسؤول عن اختياره إمَّا جنَّة، وإمَّا نار وليعاذ بالله.
- فأوضح- عز وجل- من البداية أنَّ عاقبة من آمن ستكون الفوز بالنعيم في الدنيا وبالجنَّة في الآخرة؛ بينما من يكفر بما أنزل الله- عز وجل- فإنَّه سيقع في شرِّ أعماله يوم القيامة؛ يقول- عز وجل-: “فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ”، ]الحج: 56-57[.
- هذا وبيَّن الله- عز وجل- في كتابه العزيز، في مواضعٍ شتى، عاقبة الذين يكفرون ويستكبرون عن الإيمان بالله- تعالى- وما أنزله من تشريع، حيث جاء ذكر النَّار بأسمائها وصفاتها، كما جاء ذكر جانبٍ من ألوان العذاب فيها وليعاذ بالله.
اقرأ أيضًا من هنا: أين توجد شجرة الشيا وفوائدها
النَّار ودركاتها
قد أخبر الله- عز وجل- أنَّ النَّار عبارة عن دركاتٍ أو درجات، حيث تناسب كل درجة منها مجموعة من النَّاس ممَّن يصلون ويستحقون تلك الدرجة؛ وهذا يُعد من كمال عدل الله-عز وجل-، حيث ليس كلَّ النَّاس المعذَّبين على نفس القدر من العذاب، وإنَّما بما يقترفوه.
- يقول- عز وجل-: “وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ”،[المدَّثر: 27-30] وقال أيضاً: “وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ)،[الهُمزة: 5-9].
- وتم ذكر هذه الآيات وغيرها من أجل تبيان حال العذاب في النَّار وليعاذ بالله؛ وفي ذلك تخويفًا وترهيبًا للنَّاس من أنْ يكونوا من أهلها.
ما هي شجرة الزَّقُّوم؟
حتى نتعرف على ما هي شجرة الزَّقُّوم وما صفاتها التي ذكرها القرآن؟ من خلال الأسطر التالية يجب فهم الآيات الكريمة، حيث ورد:
1- أنواع العذاب التي يُعذِّب الكفار بها
- لقد فصّل الله– عز وجل- في القرآن الكريم بعض أنواع العذاب التي يُعذِّب الكفار بها، وجاء من ذلك العذاب أنَّهم سيأكلون من شجرةٍ تُسمَّى “الزَّقُّوم”، والتي هي شجرةٌ نبتت في أصل جهنَّم وليعاذ بالله، وجعل الله- عز وجل- ثمارها طعاماً لمن يدخلون النَّار.
- وقد وصف الله- عز وجل- هيئة ثمارها بقوله: “طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رؤوس الشَّيَاطِينِ”، [الصافات: 65].
- وقد ذكر الله- تعالى- هذا الوصف لأنَّ الإنسان يعتقد ويظن أنَّ الشيطان له شكلٌ قبيحٌ، وبالتالي سيُرسَّخ ذلك المعنى المُريع في ذهنه فيكره هذه الشجرة وثمارها، ويخشى أنْ يتعرَّض للأكل منها.
- هذا وقد جاء وصفٌ آخر للزَّقُّوم في السُنَّة النبوية، ومن ذلك ما جاء عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- أنَّه قال:
- (أنَّ رسولَ اللهِ- صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قرأ هذه الآيةَ: “اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون” قال رسولُ اللهِ- صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: ‹‹لو أنَّ قطرةً منَ الزَّقُّومِ قُطِرتْ في دارِ الدنيا لأفسدتْ على أهلِ الدنيا معايِشَهم، فكيفَ بمنْ يكونُ طعامُهُ››))، [رواه الترمذي: 2585].
الأطعمة التي أعدَّها الله لأصحاب النار
- ومن الأطعمة التي أعدَّها الله- عز وجل- أيضًا لأصحاب النَّار هو “الغِسْلِين”، وهو ما جاء في قوله: “فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ”، [الحاقَّة: 35-37].
- والغِسْلِين هو صديد أهل النَّار، كما أنَّه غاية في السوء والنَّتَن، وقد أعدَّه الله- عز وجل- لمن يضل عن سبيله، وكان من الزاهدين في الدنيا، فاستحقَّ عدم الهناء في الآخرة.
- ومن الأطعمة التي أعدَّها الله- عز وجل- أيضًا لأصحاب النَّار هو “الضريع”؛ يقول- عز وجل-: “لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ”، [الغاشية: 6-7].
- وهو طعامٌ لا فائدة من تناوله، حيث أنَّه لا يحقق الشبع من الجوع، ولا الطاقة والنفع من الضعف.
- ومن الأطعمة التي أعدَّها الله- عز وجل- أيضًا لأصحاب النَّار ما جاء في قول- عز وجل-: “إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا * وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا”، [المزمل: 12-13]، أي أنَّه طعامٌ صعب البلع والاستفادة منه.
- يقول ابن عباس- رضي الله عنهما- في تفسير هذه الآية: أنَّه طعامٌ يَنْشَب في الحلق؛ فلا هو يدخل ولا هو يخرج.
ما هو وصف شجرة الزَّقُّوم؟
يقول الله- عز وجل- في وصف شجرة الزَّقُّوم: “إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ”، ]الدخان: 43-46[، كما قال- عز وجل- في وصفها أيضًا: “طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ”، [الصافات: 65]؛ ويمكن تلخيص وصف هذه الشجرة في النقاط التالية:
- ما هي شجرة الزَّقُّوم وما صفاتها شجرة الزَّقُّوم شجرة تنبت جذورها في أعماق النَّار وليعاذ بالله.
- أغصانا تتفرَّع فيها، وعلى هذه الغصون غذاؤها الذي يكون من النَّار.
- طعم ثمارها مرٌ لا يتحمله من يأكل منها وليعاذ بالله، كما أن رائحته كريهة ونتنة.
- ما هي شجرة الزَّقُّوم وما صفاتها شكل ثمارها مليءٌ بالرعب، حيث شبَّهه الله- عز وجل- بأنَّه كرؤوس الشياطين.
- شجرة الزَّقُّوم طعامٌ يختص بأهل النَّار، فهم فيملئون منها بطونهم عندما لا يجدون ما يأكلونه من شدة الجوع، فتغلي بطونهم منها.
حال الكُفَّار في الآخرة
يمرُّ يوم القيامة على الكفار بشقِّ الأنفُس؛ كما أنَّهم يتقلَّبون فيه بالعديد من أشكال العذاب والهوان، ففيه تزداد الهموم والغموم، وهي لا تنقشع وليس لها فرجٌ قريبٌ؛ ومن تلك الهموم والغموم التي تلحق الكفار يوم القيامة، ما جاء في القرآن الكريم:
- ذلَّهم وهوانهم وسواد وجوههم، فقد قال- عز وجل-: “وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فأرجعنا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ”، [السجدة: 12].
- وقال أيضاً: “وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ”، [الزمر: 60].
- انقطاع العلاقات الرابطة بينهم وبين أهليهم وأصحابهم، فلا يرتبط بهم أحدٍ ولا يواسيهم، بل يتبرَّأوا من بعضهم البعض، يقول- عز وجل-: “إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ”، [البقرة: 166].
- تُحبط أعمالهم، أي تذهب ثوابها وأثرها، يقول- عز وجل-: “أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا”، [الكهف: 105].
- ييأسوا من رحمة الله، يقول- عز وجل-: “وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ”، [العنكبوت: 23].
- حرمانهم من النور يوم القيامة، وقُبوعهم في الظلام الشديد؛ وهذا عكس المؤمنين الذين يجعل الله- عز وجل- لهم نورًا يستأنسون به يوم القيامة؛ يقول- عز وجل-:
- “أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ”، ]النور: 40[.
في نهاية مقال ما هي شجرة الزقوم وما صفاتها، نكون بذلك قد أوضحنا التفاصيل والأدلة حول هذه الشجرة التي نسأل الله- عز وجل- أنْ يعيذنا منه؛ فنرجو أن يكون المقال قد أفادكم – وللمزيد من المواضيع، تابعونا!