كيفية كتابة الوصية الشرعية
تعد الوصية من الأمور التي ينبغي التذكير بكتابتها، حيث يوجد بكتابتها المصالح الدينية والدنيوية، ولأن العديد يتساهلون بها، فعند السؤال لأي شخص هل كتبت وصيتك؟ ينظر المرء نظرة تعجب واستغراب، لماذا تسأل هل أنا على فراش الموت حتى أكتب وصيتي؟
ولم يضع في الاعتبار ما يشاهده ويسمعه كل يوم من الموت الفجائي، وكم من ميت مرهون بدينه؟ وكم من أمانات لم تؤد إلى أصحابها؟ ويرجع سبب كل ذلك التساهل في كتابه الوصية.
محتويات المقال
تعريف الوصية الشرعية
الوصية في اللغة مأخوذة من وصيت الشيء إذا تم وصله، وتم تسميتها بذلك بسبب أن الموصي يأمر بالتصرف ببعض ماله بعد موته، وبالتالي يكون قد وصل من التصرف المسموح له في حياته ليستمر بعد مماته.
وتعريف الوصية اصطلاحًا فهي الأمر بالتصرف بجزء من المال بعد الموت، وتكون الوصية لجهة من الجهات التي لا يحق لها أن ترث من المال المتروك من قبل المتوفى.
وبالتالي تكون نوعًا من التبرع أو الهبة والتي يتم تنفيذها بعد موت الموصي، وتعد الوصية من الأمور المشروعة في الإسلام من خلال عدة شروط.
وقد جاء الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم لكل مسلم ومسلمة بكتابة الوصية، فلا ينام المسلم إلا ووصيته مكتوبة.
لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ثلاث ليال إلا ووصيته عند مكتوبه”، وبالتالي فلابد على كل مسلم أن يكون حريصًا على كتابة وصيته.
ويجب الانتباه إلى أن كتابة الوصية ليست فرضًا على المرضى أو كبار السن فقط، إنما يجب أن على كل مسلم أن يسارع في كتابتها، حتى ينفذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شاهد أيضًا: معلومات عن كيفية تقسيم الميراث حسب الشريعة الإسلامية
شروط الوصية الشرعية
هناك بعض الشروط يجب أن تتحقق عند كتابة الوصية الشرعية، وإذا ما خالفت الوصية شرطًا من تلك الشروط فلا تعد صحيحة، وهذه الشروط هي:
- أن تبلغ الوصية ثلث تركة الموصي، فلا يجوز أن تزيد عن الثلث.
- ألا تكون الوصية لوارث ممن جاء قدر نصيبه شرعًا بأمر الله تعالى، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث”.
- أن تكون الوصية بما لا يخالف شريعة الله تعالى، أما إذا جاء فيها ما يخالف شرع الله تعالى، فهي باطلة ولا يجب تنفيذها.
- أن يشهد الموصي على وصيته اثنين من الرجال.
حكم الوصية في الإسلام
لقد أجمع أهل العلم على أن الوصية من الأمور الجائزة شرعًا، ولكن للوصية الشرعية بعض الأحكام، والتي منها ما هو مستحب وما هو واجب وما هو مكروه أو محرم، وفيما يلي عرض توضيحي لكل تلك الأحكام على حده:
– الوصية الواجبة:
وتتم من خلال إنفاق جزء من المال بغرض قضاء ما عليه من حقوق، والحقوق نوعان ما يكون مع الله تعالى، مثل إخراج الزكاة التي لم يخرجها ودفع الكفارات.
والأخر ما يكون مع العباد، مثل أداء الأمانات ودفع الديون الواجبة عليه، فضلًا عن وجوب الوصية للأقرباء الفقراء الذين ليس لهم حق في الميراث، فقد قال تعالى:”كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف”.
– الوصية المستحبة:
ويتم فيها التوصية من قبل الموصي بصرف جزء من المال الخاص به بعد وفاته في سبيل الخير والإحسان، حتى يكون هذا المال بمثابة صدقة جارية له، ويصل ثوابه إليه بعد وفاته، ومن تلك الأمثلة الإنفاق على الأيتام أو بناء المساجد.
– الوصية المكروهة:
وهذه الوصية التي تتم في حال ما كان ورثة الميت فقراء وبحاجة إلى مال الميراث، وقد نهى عنها الرسول الكريم.
فقد جاء في حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه عن التصدق بنصف ماله، فقال:” الثلث يا سعد، والثلث كثير، إنك أن تذر ذريتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس”.
– الوصية المحرمة:
وقد أجمع أهل العلم على أن الوصية الشرعية تكون محرمةً في حالتين، الحالة الأولى عندما يزيد مال الوصية عن الثلث.
وهذا ما ذكر في حديث سعد حيث حدد الرسول الكريم الثلث وقال بأن الثلث كثير، والحالة الثانية عند الوصية لأحد الورثة، وهذا ما جاء في قول رسول الله:”إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصيةَ لوارث”.
النص الشرعي للوصية
(هذا ما أوصى به فلان بن فلان، وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه.
وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الساعة لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور.
أوصي أولادي وأهلي وأقاربي وجميع المسلمين بتقوى الله عز وجل.
وأوصيهم بما وصى به إبراهيم بنيه ويعقوب:
“ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون”، وأوصي بتسديد ما على من دين إن كان عليه دين.
وإن أراد أن يقول: وأن يخرج من مالي ثلثه لفلان أو صدقة جارية.
وأولادي القصر يكون وليهم فلان، يحفظ لهم حقهم من التركة حتى يبلغوا.
ثم يوصي بما أراد من وصايا دينية واجتماعية، وأن يكون غسله وتجهيزه.
وما يتبع ذلك على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يختم ذلك بالدعاء لنفسه بالمغفرة والرحمة ودخول الجنان.)
الوصية من الأمور المستحبة
والوصية ليست من الأمور الواجبة، بل هي من الأمور المستحبة إذا أحب أن يوصي بشيء.
فقد ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين، إلا ووصيته مكتوبة عنده”.
أما إذا كانت عليه ديون أو حقوق ليس عليها وثائق تثبتها لأهلها.
فلابد عليه أن يوصي بها، حتى لا تضيع حقوق الناس.
كما أنه من الضروري أن يشهد على وصيته شاهدين عدلين.
وأن يقوم بتحرير الوصية من يوثق بتحريره من أهل العلم.
حتى يعتمد عليها فلا ينبغي أن يكتفي بخطه فقط، لأنه قد يشتبه على المسؤولين، وقد لا يتيسر من يعرفه من الثقات.
شاهد أيضًا: جدول تقسيم الميراث في الإسلام
من فوائد الوصية
- الأجر العظيم لمن كتبها جزاء طاعته لله ورسوله، قال تعالى “ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا”.
- قطع النزاعات المحتملة، وإنهاء الخلافات التي قد تحدث بين ورثته من بعده.
- الأجر العظيم فيما يوصي به من النصائح والمواعظ لما يرجى من الانتفاع بها.
- إبراء ذمته من المخالفات الشرعية والحقوق المالية وغيرها.
شروط الموصي به
من أهم الشروط الخاصة بالموصي به ما يلي:
- أن يكون قابلًا للتمليك بعد موت الموصي.
- ألا يكون معدومًا.
- أن تكون الوصية بمال، فلا تصح أن تكون بالميتة، لأنها ليست بمال.
- أن يكون المال متقومًا في حق المتعاقدين، فلا يصح أن تكون الوصية بالخمر مثلًا عند المسلمين.
شاهد أيضًا: طريقة كتابة صيغة الوصية القانونية
وفي النهاية نكون قد بينا كل ما يخص كتابة الوصية من شروطها وأركانها، وطريقة كتابتها، حتى يسهل على الجميع تنفيذ أوامر الرسول، حيث أكد على كتابة الوصية.