الخيرة فيما اختاره الله
الخيرة فيما اختاره الله، من الجمل التي يتساءل عن أصلها الكثيرون، هل تعد هذه الجملة قولًا مأثورًا أم لها مرجع سواء في القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية، ورغم أن المقولة لا غبار على صحتها وتأكيدها على التسليم بقضاء الله سبحانه.
إلا أنها لم ترد في القرآن الكريم أو الحديث الشريف نصًا، رغم وجود ما يؤكد المعنى، كما أن هذه المقولة قد يجدها المسلم ترتبط بالكثير من أموره الحياتية كالزواج أو العمل أو غيرها من الأمور المهمة.
محتويات المقال
الخيرة فيما اختاره الله
تعتبر المقولة صحيحة في المعنى، ويستدل على صحتها من خلال ما رواه مسلم، مما ذكره صهيب رضي الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن، أن أمره كله له خير.
وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.
شاهد أيضًا: بحث عن قصة سيدنا موسى عليه السلام مختصر جداً
الأدلة القرآنية على الخيرة فيما اختاره الله
هناك العديد من الآيات القرآنية العظيمة التي تدل على مقولة الخيرة فيما اختاره الله، من هذه الآيات ما يلي:
- (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) سورة القصص.
- تؤكد الآية الكريمة على قدرة الله سبحانه وتعالى فهو خالق الإنسان.
- وهو القادر على تحديد ما هو خير له.
- (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) سورة الأحزاب.
- يخبرنا الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أن الأمر لله وللرسول.
- ولا يجب معارضة ذلك لأنه لا يوجد خيار أفضل مما يراه الله سبحانه وتعالى والرسول الكريم.
الخيرة فيما اختاره الله والتواكل
لا تعني مقولة الخيرة فيما اختاره الله التواكل والتقاعس عن العمل، حيث أن المسلم يسلم كل أموره لله سبحانه وتعالى ولكن يجب عليه الحرص على ما يلي:
- المؤمن يتوكل على الله ويأخذ بالأسباب مع اليقين الكامل بأن كل ما يختاره الله هو الأفضل له.
- المؤمن لا يتواكل بحجة أن الله سيحدد له الطريق ويرزقه بالأنسب دون جهد.
- كل هذه المعتقدات تتعارض مع ما أمرنا به الله ورسوله.
- التوكل على الله والتسليم بحسن ما يحدده للإنسان يكسب المؤمن العديد من الصفات الجيدة.
- كالرضا والصبر والطمأنينة.
- أما التواكل فإنه يكسب المسلم الضعف والكسل والتقاعس عن العمل.
- إضافة إلى السلبية واللامبالاة وضعف الإرادة والعزيمة.
- وكلها من الصفات التي لا تليق بالإسلام والمسلمين.
اقرأ أيضًا: قصة سيدنا موسى عليه السلام مكتوبة
قصة عن قول الخيرة فيما اختاره الله
هناك العديد من القصص الدالة على تلك المقولة، والتي تحمل دلائل تؤكد أن الإنسان مهما أبصر من أمور، لن تصل إلى حد اليقين بكونها الأصلح له، من تلك القصص ما يلي:
- تحكي امرأة أنها اضطرت لترك بيتها وبلدتها والسفر مع زوجها لمكان ومنزل آخر بعيد.
- فما كان منها إلا أن ترضخ لظروف الزوج، والانتقال إلى المكان الجديد.
- ولكن أصابها اليأس والحزن وكادت تصل إلى الانهيار.
- ولولا أنها سلمت أمرها لله وحده وتوكلت عليه لما خرجت من حزنها.
- وأهداها الله إلى فكرة التعرف على جاراتها والاجتماع على تعلم تفسير وقراءة القرآن الكريم.
- ليصبح الأمر بمثابة الخلاص من كل ما ألم بروحها.
- بدأت في الارتباط بالبيت والبلدة وتبدلت أمورها إلى الأفضل.
- وأصبحت حياتها أفضل كثيرا في المكان الجديد وحلة عليها بركة الله.
- وكان اختيار الله لها هو الأفضل.
- ثم شاء القدر انتقالها مرة أخرى ولكنها لم تستسلم لأي مشاعر سلبية.
- وتوكلت على الله وتأكدت أن اختياره سبحانه وتعالى سيكون الأفضل لها، بإذن الله.
- يحكى أيضا أنه ذات يوم كان هناك ملك يقطع فاكهة ليأكلها.
- وفي أثناء ذلك تسبب في جرح لأصبعه، فاخبره وزيره أن الخيرة فيما اختاره الله.
- فما كان من الملك إلا أن ثار عليه وقاله له كيف يكون الخير وقد جرحت إصبعي ونزلت الدماء.
- أمر الملك بسجن الوزير عقابا له، ظنا منه استهزائه به.
- وذات يوم ذهب الملك ليصطاد ولكنه ضاع بعيدا عن قريته.
- ليصل لقوم يعبدون النار، وقد أمسكوا به ليكون قربان للنار.
- وفي وقت تجهيزهم له لاحظوا جرح إصبعه العميق.
- مما اعتبروه عيبا فيه وأنه لا يليق كقربان، واضطروا لتركه.
- جرح أصبعه الذي ظن أنه شر، كان المنقذ لحياته.
- وبعد عودته أمر بتحرير الوزير وأدرك مفهوم المقولة.
علاقة الزواج بقول الخيرة فيما اختاره الله
قد ترتبط المقولة بأمر الزواج، حيث يستخير الرجل والمرأة قبل الإقدام على اختيار شريك الحياة ثم يسلموا بما اختاره الله لهما، و ترتبط المقولة بأمور الزواج وفقا لما يلي:
- بعد إتمام الخطبة وارتياح الشريكان بعد استخارة كل منهما لله سبحانه وتعالى.
- وتيسير الله سبحانه وتعالى لأمورهم، يكون اختيار الله هو التوفيق والخير.
- قد يختلف الزوجان على أمر ما، وقد يصل الأمر حد الانفصال لكنه لا يكون الخيار الأفضل لهم.
- وفقا لقوله تعالى: (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) سورة النساء.
- قد يرى الإنسان الخير في أمر ما ولكن قد يكون باطن ذلك الأمر شر كثيرا.
- كظن الرجل أن كرهه لزوجته وانفصاله عنها هو الخير.
- ولكن لا يكون ذلك الصواب في كثير من الأحوال.
استجابة الدعاء
يحزن الكثيرون في حال تأخر استجابة الدعاء، ولكن لو سلم الإنسان أمره لله وأيقن أن اختيار الله له هو الأفضل والأصلح له ولشئون حياته لارتاحت نفسه كثيرا، حيث يجب عليه التأكد من التالي:
- لا ييأس المؤمن الحق من عطاء الله سبحانه وتعالى، فلعل اختيار الله بتأخير الإجابة.
- أو عدم تحقق الدعوة بما يتمناه الإنسان، هو في حد ذاته رحمة وعفو عن الإنسان.
- الله سبحانه وتعالى هو الأعلم بالأصلح للإنسان، حيث قد يدعو الإنسان دعاؤه بالخير وهو لا يدري ما يختبأ وراء هذا الدعاء، وقد تكون عدم الإجابة في ذاتها الخير.
قصة سيدنا موسى مع الخضر
ترتبط قصة سيدنا الخضر بالتسليم بالقدر وما خفى عن الإنسان، وأن اختيار الله سبحانه وتعالى للإنسان هو الأفضل.
واختلف العلماء على ما إذا كان الخضر نبي أم أنه أحد أولياء الله الصالحين، ولكن تحمل قصته عدة عبر نذكر منها التالي:
- أرسل الله سيدنا موسى إلى الخضر لطلب العلم.
- حيث أخبره الله أن هذا العبد الصالح رزقه الله علم ما لم يعلمه لموسى.
- أيقن سيدنا موسى أن علم الله لا حدود له، وأن البشر مهما وصل إليهم من علم فإنه يظل محدود.
- رغم أهمية التسليم بقضاء الله وقدره، والاعتراف بقدرته، وجب على المسلم رفض المنكر في إطار ما حدده الله له.
- ولكن يجب عليه الصبر على الابتلاء لعله يحمل له خيرا في باطنه.
- وأيضا وجوب التسليم برحمة الله الواسعة وأننا خلقه ولا نجد دونه وليا أو نصيرا.
شاهد من هنا: قصة سيدنا موسى عليه السلام كاملة بالعربية
الخيرة فيما اختاره الله ليست آية قرآنية، أو حديث نبوي شريف ولكنها عبارة ذات معنى مؤكد وحقيقي، يستدل على معناها من خلال آيات الذكر الحكيم.
ويجب على الإنسان التسليم بها عن يقين وقناعة، لترتاح روحه ويطمئن قلبه وينال رحمة ورضا الله سبحانه وتعالى، وأيضا لتستقيم أمور حياته.