المواطنة وحقوق الإنسان
المواطنة وحقوق الإنسان، يتداخل مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان لدرجة أنهما وجهان لعملة واحدة، نرى هذا التداخل عندما نعود إلى تاريخ الاهتمام في كلا المفهومين، الاهتمام بحقوق الإنسان هو الاهتمام بمكانة الفرد في مجتمعه، أي التركيز على جنسية الفرد وعضويته في كيان اجتماعي أكبر.
محتويات المقال
المواطنة وحقوق الإنسان
يحدث تقارب المواطنة مع حقوق الإنسان بأي مفهوم من مفاهيم المواطنة:
- إذا كانت الجنسية مفهومة قانونًا، فهي بمثابة عضوية قانونية داخل الدولة، يكتسب من خلالها الفرد وضعًا قانونيًا مرتبطًا بالجنسية ووثائق الهوية وغيرها من الاعتبارات.
- إذا كانت المواطنة مفهومة بهذا المعنى القانوني، فهي في إطار الحقوق، حيث لا يوجد وضع قانوني بدون حقوق مكتسبة.
- أقل هذه الحقوق هو الحصول على وثائق تؤكد الهوية القانونية للمواطن.
- إذا امتد مفهوم المواطنة إلى العضوية في المجتمع، وما يرتبط بها من مشاركة في السياسة، والمجالات الأخرى.
- حيث يتم تحديد عضوية المجتمع، من حيث الحقوق التي يحق للأفراد، والواجبات التي من المتوقع أن يقوموا بها.
- إذا فُهمت المواطنة على أنها أساس الدولة القومية، التي تشكل أكبر كيان يمتلك الأفراد إحساسًا بالانتماء إليه.
- فلا يمكن لهذه الدولة القومية أن تستمر في الوجود، إلا إذا كانت تحترم حقوق الإنسان لمواطنيها.
- أخيرًا، إذا عُرفت المواطنة على أنها طاقة انتماء تعمل على مشاركة الإنسان لنشاطًا في حياة مجتمعه / مجتمعها.
- فإن تلك الطاقة لا تشع ولا تثمر شيئًا، إذا لم تكن مصحوبة بحقوق مدنية للمواطنين.
- من يحرم من حقوقه، يفقد إحساسه بالانتماء إلى الدولة، ويصبح غير قادر على التجهيز لنفسه من أجل الوطن.
- وبهذه الطريقة يتضح أن المفهومين يؤديان إلى بعضهما البعض: لا توجد مواطنة بدون حقوق، ولا حقوق بدون جنسية.
اخترنا لك: أنواع انتهاكات حقوق الطفل
العلاقة بين المواطنة وحقوق الإنسان تاريخيًا
المواطنة وحقوق الإنسان، يمكن تتبع العلاقة بين المفهومين على مستوى تاريخي مختلف، حيث أنهما مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالفكر السياسي الليبرالي.
- دعت ثورات القرن الثامن عشر، أي الثورتان الفرنسية والأمريكية المؤرخة 1789م و1765م على التوالي، إلى المساواة بين البشر.
- تم التمسك بالاعتقاد بأن الناس يولدون متساوين، وأن لهم حقوقًا طبيعية منذ الولادة.
- بالإضافة إلى ذلك، دعت هذه الثورات إلى حرية المواطنين، وتمتعهم بحقوق متساوية في دولة وطنية موحدة.
- وعلى هذا الأساس جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م، الذي أكد على العدل، والمساواة في الحقوق.
- وبذلك تمكن الفكر الليبرالي من إيجاد صيغة لصلة قوية بين المواطنة، وحقوق الإنسان.
- إن توسيع حدود مفهوم حقوق الإنسان أدى إلى توسيع مفهوم المواطنة، حتى نتحدث الآن عن المواطنة الدولية.
- حيث يُنظر إليه على أنه مجموعة من المسلمات التي تنطبق على الأفراد من جميع الدول.
- يشير هذا المصطلح إلى استحقاق الجنسية، والحقوق المرتبطة بها في أي مكان في العالم.
- هذا هو الأساس لحماية حقوق المهاجرين واللاجئين، الذين يشكلون مجتمعات في بعض البلدان.
- الحقوق بهذا المعنى تمليها العقل وليس القرارات السياسية، حيثما يوجد أناس توجد حقوق مهما كانت الظروف.
إلى أي مدى يتفق الدستور مع حقوق الإنسان؟
في ضوء هذه الخلفية نقدم هذا العدد من المجلة، الذي يناقش حقوق الإنسان في عدد من المقالات التي تتناول إشكاليات المواطنة وحقوق الإنسان من زوايا مختلفة.
- ولعل السؤال الأكثر إلحاحًا هو: إلى أي مدى يتوافق دستورنا المصري، مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان؟
- يحتوي هذا العدد على مقال يتناول هذه النقطة، ويؤكد من خلال تحليل نص دستورنا، ونصوص الاتفاقيات الدولية مدى تحقيق هذا الانسجام.
- ينص الدستور المصري بوضوح على المبادئ التي تحمي هوية الفرد وحقوقه، مثل الحرية والعدالة والمساواة، تنظم الدساتير حقوق المواطنين وتحميها.
- بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتوافق الدساتير بدورها مع متطلبات المواطنة العالمية.
- وقد ثبت ذلك من خلال الانسجام بين القوانين والدساتير المحلية من جهة والاتفاقيات الدولية من جهة أخرى.
- المزيد من الأدلة على هذا الانسجام تأتي من التدابير المتخذة في كل مجتمع لحماية حقوق الإنسان أو للتأكيد على إنسانية البشر، بغض النظر عن انتماءهم الديني أو العرقي أو اللغوي أو الإقليمي.
- وفي هذا الصدد، تقدم إحدى المقالات تحليلاً لإعلان الأخوة الإنسانية الذي أصدره الأزهر والكنيسة المصرية، وهو اتفاق يعكس الإرادة المدنية للمؤسسات الدينية الكبرى.
- إنني أشير بعبارة “الإرادة المدنية” إلى استعداد هذه المؤسسات لتجاوز التفسيرات الدينية الصارمة، والانفتاح على منظور دولي يؤكد إنسانية الإنسان أينما كان.
- علاوة على ذلك، مما لا شك فيه أن هذه الإرادة قوة رئيسية في مكافحة التطرف.
تابع أيضًا :انتهاك حقوق الطفل وحقه في الحياة وحمايتهم من الاستغلال عالميًا
التوازن القانوني بين الحقوق والواجبات والاستحقاقات والمسؤوليات
المواطنة وحقوق الإنسان، كما أنه ليس هناك أي شك في أن النهج القانوني لمسألة حقوق الإنسان فيما يتعلق بالمواطنة يطرح مشكلة مهمة في القضية قيد النظر.
- المشكلة تكمن في التوازن القانوني بين الحقوق والواجبات، والاستحقاقات، والمسؤوليات.
- تحتوي هذه المشكلة على مقالتين تتناولان هذه المشكلة، الأول يبحث في الأبعاد القانونية للمواطنة.
- معتبرا أن المواطنة هي في الأساس حق قانوني، يشرح طبيعة العلاقة بين المواطنة والحقوق.
- تناولت المادة الثانية العلاقة بين ممارسة الحقوق والمسؤوليات، من خلال النظر في بعض أحكام المحكمة الدستورية المصرية.
- هذه العلاقة بين الحق والمسؤولية هي محور الخلاف في مسألة حقوق الإنسان.
- كذلك، الحق ليس سوى حق في ضوء الواجب، وإذا تم إنكار الحقوق من قبل سلطة تنفيذية، فإن القانون يعيدها إلى المتضررين من الحرمان.
- في حالة إهمال الواجب أو إضعافه، يعيده القانون، كفرع، أثيرت قضية أخرى تتعلق بمدى الالتزام المنضبط في أداء الواجب مقابل ممارسة الحقوق.
- يجب ألا يكون هذا الالتزام راجعا إلى الخضوع لسيادة القانون، ولكن يجب أن ينبع أيضًا من ضمير الأفراد.
- المحرك الداخلي أقوى وأكثر متانة من الإلحامات الخارجية، وبالتالي يجب أن يكون القوة الدافعة الرئيسية في أداء الواجب.
التعليم والحقوق المدنية والمواطنة
المواطنة وحقوق الإنسان، يحتل التعليم مكانة عالية بين القضايا المتعلقة بالحقوق المدنية والمواطنة، من خلال العملية التعليمية، تغرس ثقافة المواطنة، وتزدهر ثقافة حقوق الإنسان.
- كجزء من هذا الوعي يأتي المقال الخاص بالتربية على المواطنة، الذي يعلم أيضًا قبول الاختلاف.
- هذه قضية تربوية مهمة أثارت جدلاً عالميًا ومحليًا.
- يجب ألا يكون التعليم موجهًا نحو الإدراك وتكوين المهارات فحسب، بل يجب أن يوفر أيضًا بناء العقل على المستويات العقلية، والنفسية، والعاطفية.
- إلى جانب الأسرة ومؤسسات الاتصال الجماهيري، يتجه التعليم في العديد من البلدان نحو تشكيل نظام من القيم الاجتماعية التي تدور حول الإيمان بالاختلاف.
- من أهم هذه القيم التي تعزز الإيمان بالاختلاف هي المواطنة.
- وقد يؤدي ذلك إلى تعزيز قيم الاحترام والتسامح، والثقة، والتعاطف.
- يمكن أن يؤدي دعم هذا النوع من التعليم إلى خلق ثقافة الروح المدنية، التي هي أساس التفاعل البشري.
ننصح بقراءة: ما هي أهم مقومات المواطنة والعوامل التي تحدد المواطنة؟
توسع مفهوم حقوق الإنسان
- يتوسع مفهوم حقوق الإنسان يومًا بعد يوم، بمساعدة الخطاب العالمي، والإقليمي المتزايد حول حقوق الإنسان والمواطنة.
- وقد دفع هذا حدود حقوق الإنسان لتتجاوز الحقوق الملموسة إلى الحقوق الأكثر تجريدية، مثل الحق في الكرامة والعيش الآمن والمشاركة.
- يحتوي هذا العدد من المجلة على مقالتين تتناول نوعين من الحقوق المعنوية.
- تتناول المادة الأولى الحق في احترام الخصوصية الاجتماعية، والثقافية.
- هذا حق متأصل مستمد من استقلال الإنسان وحريته في اختيار أسلوب حياة لا يجب على الآخرين التدخل فيه بأي شكل من الأشكال.
استكمالا لمفهوم حقوق الإنسان
- كما تنص معظم الدساتير ووثائق الحقوق المدنية على هذا الحق.
- إن الاهتمام بمثل هذا الحق في مجتمع مثل مجتمعنا له أهمية قصوى، حيث تسمح ثقافة الناس بالتدخل في الخصوصية.
- يجب بذل الجهود لتنحية هذه الثقافة واستبدالها باحترام الخصوصية، حيث لا يسمح بانتهاكها تحت أي ظرف من الظروف.
- يناقش المقال الثاني الحق في مواجهة الفكر المتطرف.
- وهذا موضوع يستحق التأمل والتأييد، لأن المجتمعات الحديثة لا تعاني فقط من فقدان الخصوصية.
- ولكن أيضا من انتهاك أمنها واستقرارها من قبل المتطرفين، بما يترتب على ذلك من عنف وإرهاب.
- الحق في مكافحة التطرف يندرج ضمن الحق في مواجهة الإرهاب.
- ولا شك أن الوعي بهذا الحق ونشره عبر الضمير الجماعي للأمة يحشد المجتمع ضد التطرف، والإرهاب ويحميه من مظاهر عدم الاستقرار وانعدام الأمن.
- أخيرًا، ينبغي إعطاء الجهود المحلية لحماية حقوق الإنسان المجال المناسب.
- لذلك تتناول إحدى المقالات دور المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر.
- المجلس نموذج للمنظمات المعنية بحماية حقوق المواطنة.
- إن الانتباه إلى مثل هذه المنظمات المحلية هو مؤشر على أن هذا لا يتعلق فقط بوجود نصوص دستورية وقانونية أو وثائق دولية.
- ولكن، أولاً وقبل كل شيء، يتعلق بالممارسات الفعلية، التي بدونها لا تصبح الحقوق أو المواطنة حقيقة.
قد يهمك: حقوق المرأة والطفل في الإسلام
في نهاية المقالة المواطنة وحقوق الإنسان، بمقالاتها المتنوعة وزوايا رؤيتها، نأمل أن يخدم هذا العدد الهدف العام لهذه الدورية التي تروج للخطاب الثقافي، والأكاديمي والسياسي حول الحقوق المدنية، للمزيد من المواضيع، زوروا موقع مقال!