خير خلف لخير سلف
خير خلف لخير سلف هي عبارة كثيراً ما تطرق آذاننا، ولكننا لا نعرف لمن تقال ومتى تقال، فتعد واحدة من العبارات المتداولة بكثرة في العديد من المناسبات المختلفة.
وتشير العبارة باختصار إلى أن اللاحقين من الأبناء يسيرون بخطى ثابتة وواثقة على نفس خطى السابقين له من الآباء والأجداد، وفي السطور القادمة سوف نتعرف بشيء من التفصيل على تفسير وتوضيح هذه المقولة.
محتويات المقال
خير خلف لخير سلف
أحيانا يقال “خير خلف” ليتم اختصار العبارة ويقصد بها نفس المعنى، وهي تعني أن الخلف الصالح هو الذي يكمل ما بدأه الآباء والأجداد من الخير، فيستحق حقاً أن يكون هو خير خلف.
المعنى الإصلاحي لمقوله خير الخلف لخير السلف
يسأل الكثيرين عن المعنى الإصلاحي المقصود بعبارة خير خلف لخير سلف، فكثيراً من علماء اللغة العربية تكلموا في ذلك، وهناك العديد من الآراء حول تفسير هذه العبارة، وجاؤوا كما يلي:
- تعد كلمة السلف أحد الكلمات التي تطلق على الجماعة، وهم من جاءوا في الأول.
- أما بالنسبة للمعنى الإصلاحي لكلمة الخلف.
- فهنا يقصد بها في العبارة الأشخاص الذين جاؤوا خلف الجماعة واقتفوا أثرهم.
- كما أن كلمة “السلف” في اللغة بمعنى السابق والمتقدم في الزمن، ويقابلها: “الخَلَف” بمعنى اللاحق والآتي بعدُهم.
- وهناك رأي اصطلاحي لبعض العلماء يقول بأن كلمة السلف هي تم إطلاقها على صحابة الرسول الكريم “صلى الله عليه وسلم”.
- وكذلك أطلقت على أهل القرون الثلاث، وهم من قام الرسول بتزكيتهم في حديثه الشريف حين قال عليه الصلاة والسلام: “خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ” رواه البخاري ومسلم.
- وأكثر ما يتميز به هذا السلف الصالح هو المنهج الخاص بهم في الاعتقاد.
- بالإضافة إلى العمل الذي يميزهم عمن سواهم.
- ومن تبعهم ونهج منهجهم السليم إلى يوم الدين، كما أن يطلق على من تبعهم اسم سلفي.
- أما بالنسبة لكلمة الخلف، فهي تطلق على هؤلاء الأشخاص الذين جاؤوا بعد السلف بشكل مطلق.
- ولكنهم قد خالفوهم في الاعتقاد ولم يتبعوا سنة السابقين والصالحين.
- وتعد هنا المخالفة أمر مذموم جملة وتفصيلاً.
- وذلك بالدليل الذي جاء في قوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {سورة مريم:59}.
حكم الدعاء بقول اللهم اجعلنا خير الخلف لخير السلف
هذا الدعاء كثيراً ما يدعو به الأئمة والمشايخ في خطبهم، ولكن هناك البعض قد تطرق إلى الدعاء بهذا قد يكون خطأ وذلك بحكم أن كلمة الخلف تعني المخالفة.
وهذا يحمل الذم ويعد أحد أنواع المدح المذموم، ومن هنا جاء الشك، ولكنه كان قول البعض مخالف لذلك، وهو كما يلي:
يقول الرأي المؤيد لعدم تحريم هذا الدعاء بأن كلمة الخلف محل الإشكال هنا لا يقصد بها إطلاقاً المعنى اللغوي. وإنما يقصد بها المعنى الاصطلاحي.
وهو الذي يدور في التأخر في الزمن أي اللاحق وبالتحديد الأجيال اللاحقة أو المتعاقبة.
والمتأخر لابد هنا أن يتبع أفضل ما كان يتبعه هذا السلف السابقون الصالحون.
حيث أن الخلف لا يكون مذموماً في مجمل الحالات إلا في حالة الانحراف عن هذا المنهج القويم.
اقرأ أيضًا: فضائل سورة يس والملك والرحمن والواقعة
ما لا نعلمه عن السلف الصالح وكيف نتبع سنتهم بإحسان
هناك الكثير من المعلومات التي نجهلها عن السلف الصالح، لذا في السطور التالية سوف نذكر بعض من أهم المعلومات حول السلف الصالح وكيف يمكننا إتباع سنتهم الصالحة حتى نكون خير خلف لخير سلف، ومن أبرز تلك المعلومات ما يلي:
- في البداية السلف الصالح هي هؤلاء القوم الصالحون الذين كانوا يعبدون الله تعالى على أكمل وجه.
- ويقصد بهم القوم المتقدمون وعكس ذلك في اللغة العربية هم المتأخّرون أي الذين قد جاؤوا بعدهم.
- ومن الجدير بالذكر أن سلف المسلمون الصالحون كانوا قد عاشوا في تلك القرون الثلاث الأولى من بداية الدعوة الإسلامية.
- وهم من صحابة رسول الله والتابعين لهم بإحسان، والدليل على هذا ما رواه الإمام البخاري في حديثه عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
- حين قال: (خيرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثُمَّ الذين يَلُونَهُمْ، ثمَّ الذين يَلُونَهُمْ، قال عِمْرانُ: فلَا أَدْرِي أذَكَرَ بعدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثلاثاً، ثُمَّ إنَّ بعدَكُمْ قوماً يشْهَدُونَ ولَا يُسْتَشْهَدُونَ، ويخونونَ ولَا يُؤْتَمَنُونَ، وينذُرونَ ولَا يُوَفُّونَ، ويَظْهَرُ فيهم السِّمَنُ).
- بناءا عليه فإن الفترة التي عاش بها هؤلاء القوم الصالحون من سلف المسلمون قد عاشوا حتى 300 عام.
- بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم امتدوا لحوالي 5 أجيال أو أكثر من المسلمون.
- وهم من الصحابة رضي الله عنهم جميعاً وكذلك الصالحين والتابعين وأتباع التابعين.
- وكذلك تبع الأتباع وأيضاً تبع الأتباع.
- ويعود السبب في قيام الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بمدح المدة التي عاشها هؤلاء السلف بقوله خير القرون إلى أنهم قد عاشوا بإتباع منهج النبوة القويم.
- بالإضافة إلى ابتعادهم كل البعد عن الانحرافات والبدع، حتى صلح اعتقادهم وسلوكهم.
- فكان أغلب رجال ونساء ذلك العصر صالحين ويعد أيضاً القلة القليلة فقط هم الفاسدون.
تابع ما لا نعلمه عن السلف الصالح وكيف نتبع سنتهم بإحسان
- وفي زمننا هذا قد انقلبت الآية حيث أن الكثيرين قد وقعوا في البدع والانحراف وانغمسوا في لذة الشهوات الزائفة.
- حتى كثر الفساد والشر وزاد غضب الله على الناس حتى نعود ثانية إلى منهج سلفنا الصالح.
- ونبتعد عن الانحرافات ولا نمتزج مع من يغضبون الله بدعوى المدنية والتطور.
شاهد أيضًا: أسرار سورة الحديد الروحانية
نظرة على مجتمع السلف الصالح للاستفادة منه
قد يظن البعض أن جميع الناس في مجتمع السلف الصالح كانوا على أعلى درجة للإنسانية، وجميعهم كان في أسمى مقام للبشر بعد النبي، والحقيقة أنهم لم يكونوا ملائكة لا يخطئون بل إنهم بشر، ومن أبرز ما يميز مجتمع السلف الصالح ما يلي:
- يعيشون على الأرض، فعلى الرغم من ذلك هم بشر يصيبوا أو يخطئوا وأحياناً تدفعهم فطرتهم لفعل ما نفعله من أمور عادية وغير محرمة.
- الخلف الصالح كانوا يعلمون أنّ التديّن هو التزكيةً المثالية للفطرة.
- ولا يمكن التمرّد عليها بأي حال من الأحوال.
- من الملاحظ أنهم كانوا مثالنا يمشون في الأسواق، كما أنهم يأكلون الطعام.
- وكذلك نجد أنهم متفاوتون في العقل والإيمان والقوّة، والنشاط.
- وأحياناً يصيبهم الغضب والفرح، والحزن.
- من الممكن أن يقع أي من الصحابة في الخطأ، فكما ذكرنا أنهم بشر قد يصيب ويخطئ.
- ولكن الغالب في هذا المجتمع هو الصلاح والخوف من الله عز وجل في كافة الأمور.
- وكان قد حدث وقد ارتكب أحد الرجال في مجتمع الصحابة خطأ.
- وهو في المدينة المنورة وذلك عندما قام بالعش.
- فهنا قال له الرسول صلى الله عليه وسلم “من غشنا فليس منا”.
- وهناك أيضاً الرجل الآخر الذي قامت زوجته بشكوته إلى رسول الله لفواته أداء صلاة الفجر نتيجة للنوم.
- وعندما سأله الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن هذا الأمر.
- قال الرجل له (فإنّا أهل بيتٍ قد عرف لنا ذاك لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس).
- فقال له النبي: (فإذا استيقظتَ فصلِّ).
شاهد من هنا: فضل سورة الشرح في تيسير الأمور
وفي الختام وبعد أن استعرضنا معكم خير خلف لخير سلف، يمكننا القول أن هذه العبارة كثيراً ما تقال في معظم المناسبات، وذلك هدف المدح، فيكون الهدف منها هو توضيح أن الابن يستكمل الإنجازات والنجاحات والأعمال الصالحة لما قد بدأوا الأب والجد.