الخنساء ترثي أخاها صخر
الخنساء ترثي أخاها صخر، كانت الخنساء من أشهر النساء اللائي نظمن الشعر في العصر الجاهلي والإسلامي، حين فقدت أخوها صخر وكان الأقرب إلى قلبها كتبت قصيدة في رثائه، وفي مقالنا في البداية سوف نتعرف على الخنساء وقصيدتها ونشرحها بطريقة مبسطة.
من هي الخنساء؟
- الخنساء هي تماضر بنت عمرو بن الحارث من قبيلة مضر.
- لقبت بالخنساء لأن أنفها كان صغير الحجم ومرتفع من الأمام لتشبه الظباء.
- الخنساء شاعرة مخضرمة أي عاشت في الجاهلية ثم أسلمت.
- عندما توفي أخوها صخر في الجاهلية حزنت عليه كثيراً ونظمت الشعر في رثائه ولكن عندما أسلمت كانت تدفع أبنائها للخروج مع الرسول والاستشهاد في غزواته حتى نالت أمنيتها.
اقرأ أيضا: قصيدة: لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب
القصيدة الأولى في رثاء صخر
قذى بعينكِ أمْ بالعينِ عوَّار ** أمْ ذرَّفتْ إذْ خلتْ منْ أهلهَا الدَّار.
كانَّ عيني لذكراه إذَا خطرتْ ** فيضٌ يسيل علَى الخدَّينِ مدرار.
تبكي لصخرٍ هي العبرَى وَقدْ ولهتْ ** وَدونه منْ جديدِ التّربِ أستار.
تبكي خناسٌ فما تنفكّ مَا عمرتْ ** لَها عليهِ رنينٌ وَهيَ مفتارٌ.
تبكي خناسٌ علَى صخرٍ وحقَّ لهَا ** إذْ رابهَا الدَّهر إنَّ الدَّهرَ ضرَّار.
لاَ بدَّ منْ ميتةٍ في صرفهَا عبرٌ ** وَالدَّهر في صرفهِ حولٌ وَأطوار.
قدْ كانَ فيكمْ أبو عمرٍو يسودكم ** نعمَ المعمَّمَ للدَّاعينَ نصَّار.
صلب النَّحيزةِ وَهَّابٌ إذَا منعوا ** وَفي الحروبِ جريء الصَّدرِ مهصار.
يا صخر ورَّادَ ماءٍ قدْ تناذره ** أهل المواردِ مَا في وردِه عار.
مشَي السَّبنتي إلى هيجاءِ معضلةٍ ** له سلاحانِ أنيابٌ وَأظفار.
وَما عجولٌ علَى بوٍ تطيف بهِ ** لهَا حنيننانِ إعلانٌ وَإسرار.
ترتع مَا رتعتْ حتَّى إذا ادّكرتْ ** فإنَّنما هيَ إقبالٌ وَإدبار.
لاَ تسمن الدَّهرَ في أرضٍ وَإنْ رتعتْ ** فإنَّما هيَ تحنانٌ وَتسجار.
يوماً بأوجدَ منّي يومَ فارقني. ** صخرٌ وَللدَّهرِ إحلاءٌ وَإمرار.
وإنَّ صخراً لوالينَا وَسيّدنَا ** وإنَّ صخراً إذَا نشتو لنحَّار.
الجزء الثاني في رثاء صخر
وإنَّ صخراً لمقدامٌ إذَا ركبوا ** وإنَّ صخراً إذَا لعقّار.
صخراً لتأتمّ الهداة بهِ ** كأنَّه علمٌ في رأسهِ نار.
جلدٌ جميل المحيَّا كاملٌ ورعٌ ** وَللحروبِ غداةً الرَّوعِ مسعار.
حمّال ألويةٍ هبَّاط أوديةٍ ** شهَّاد أنديةٍ للجيشِ جرَّار.
فقلت لمَّا رأيت الدَّهرَ ليسَ له ** معاتبٌ وحده يسدي وَنيَّار.
لقدْ نعى ابن نهيكٍ لي أخاَ ثقةٍ ** كانتْ ترجَّم عنه قبل أخبار.
فبتّ ساهرةً للنَّجمِ أرقبه. ** حتَّى أتَى دونَ غورِ النَّجمِ أستار.
لمْ تره جارهٌ يمشِي بساحتهَا ** لريبةٍ حينَ يخلِي بيته الجار.
ولا تراه وما في البيتِ يأكله. ** لكنَّه بارزٌ بالصَّحنِ مهمار.
ومطعم القومِ شحماً عندَ مسبغهمْ ** وَفي الجدوبِ كريم الجدِّ ميسار.
قدْ كانَ خالصتي منْ كلِّ ذي نسبٍ ** فقدْ أصيبَ فما للعيشِ أوطار.
مثلَ الرّدينيِّ لمْ تنفذْ شبيبته ** كأنَّه تحتَ طيِّ البردِ أسوار.
جهم المحيَّا تضيء اللَّيل صورته. ** آباؤه منْ طوالِ السَّمكِ أحرار.
مورَّث المجدِ ميمونٌ نقيبته. ** ضخم الدَّسيعةِ في العزَّاءِ مغوار.
فرعٌ لفرعٍ كريمٍ غيرِ مؤتشبٍ ** جلد المريرةِ عندَ الجمعِ فخَّار.
في جوفِ لحدٍ مقيمٌ قدْ تضمَّنه. ** في رمسهِ مقمطرَّاتٌ وَأحجار.
طلق اليدينِ لفعلِ الخيرِ ذو فجرٍ ** ضخم الدَّسيعةِ بالخيراتِ أمَّار.
ليبكهِ مقترٌ أفنى حربيته. ** دهرٌ وَحالفه بؤسٌ وَإقتار.
ورفقةٌ حارَ حاديهمْ بمهلكةٍ ** كأنَّ ظلمتَها في الطّخيةِ القار.
لا يمنع القومَ إنْ سألوه خلعته ** وَلاَ يجاوزه باللَّيلِ مرَّار.
الجزء الثالث في رثاء صخر
أعَينِ ألا فَابْكي لِصَخْرٍ بدَرّةٍ ** إذا الخيل منْ طولِ الوجيفِ اقشعرَّتِ.
إذا زجروهَا فِي الصَّريخِ وَطابقتْ ** طِباقَ كِلابٍ في الهِراشِ وهَرّتِ.
شددتَّ عصابَ الحربِ إذ هيَ مانعٌ ** فألْقَتْ برِجْلَيها مَرِيّاً فَدَرّتِ.
وَكانتْ إذا مَا رامهَا قبل حالبٌ ** تَقَتْه بإيزاغٍ دَماً واقمَطَرّتِ.
وَكانَ أبو حسَّان صخرٌ أصابهَا ** فأرغثهَا بالرّمحِ حتَّى أقرَّتِ.
كَراهِيَةٌ والصّبر منكَ سَجيّةٌ ** إذا ما رَحى الحرْبِ العَوَانِ استَدَرّتِ.
أقاموا جنابْى رأسهَا وَترافدوا ** على صَعْبِها يَوْمَ الوَغي فاسبطَرَّتِ.
عَوَانٌ ضَروسٌ ما ينادى وَليدها ** تلقَّح بالمرَّانِ حتَى استمرَّتِ.
حَلَفْتَ على أهْلِ اللّواءِ لَيوضَعَنْ ** فما أحْنَثَتْكَ الخَيْل حتّى أبَرّتِ.
وخَيْلٌ تنادي لا هَوَادَة بَينَها ** مَرَرْتَ لها دونَ السَّوَامِ ومرّتِ.
كانَّ مدلاً منْ أسودِ تبالةٍ ** يكون لها حَيث استَدارَتْ وكَرّتِ.
كما أدعوك للتعرف على: شرح قصيدة البردة للبوصيري
الجزء الرابع في رثاء صخر
يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مَسكوبِ ** كلؤلؤٍ جالَ في الأشماطِ مَثقوبِ.
انّي تذكَّرته واللَّيل معتكرٌ ** ففِي فؤاديَ صدعٌ غير مشعوبِ.
نِعْمَ الفتى كان للأضْيافِ إذْ نَزَلوا ** وسائِلٍ حَلّ بَعدَ النّوْمِ مَحْروبِ.
كمْ منْ منادٍ دعا وَ اللَّيل مكتنعٌ. ** نفَّستَ عنه حبالَ الموتِ مكروبِ.
وَمنْ أسيرٍ بلاَ شكرٍ جزاكَ بهِ ** بِِساعِدَيْهِ كلومٌ غَير تَجليبِ.
فَكَكْتَه ومَقالٍ قلْتَه حَسَنٍ ** بعدَ المَقالَةِ لمْ يؤبَنْ بتَكْذيبِ.
الجزء الخامس في رثاء صخر
أعينيّ جودا ولا تجمدا ** ألا تبكيانِ لصخرِ النَّدى؟
تبكيانِ الجريءَ الجميلَ ** ألا تبكيانِ الفَتى السيّدا؟
إذا القوْم مَدّوا بأيديهِمِ ** إلى المَجدِ مدّ إلَيهِ يَدا.
فنالَ الذي فوْقَ أيديهِمِ ** من المجدِ ثمّ مضَى مصْعِدا.
يكَلّفه القَوْمَ ما عالهمْ ** وإنْ كانَ أصغرَهم موْلِدا.
طَويلَ النِّجادِ رَفيعَ العِمادِ ** قد سادَ عَشيرَتَه أَمرَدا.
تَرى المجدَ يهوي إلَى بيتهِ ** يَرى أفضلَ الكسبِ أنْ يحمدَا.
وَإنَ ذكرَ المجد الفتية ** تَأزّرَ بالمَجدِ ثمّ ارْتَدَى.
الجزء السادس في رثاء صخر
ألا يـــــا صــخـــــر إن أبــكـــيــت عينــي ** فـــقـــد أضــحــكــتــني زمنــا طــويــــــلا
دفــعــت بــك الخــطوب وأنــــت حــــــيٌ ** فــــمــن ذا يد فــــع الخــــطـــب الجـــليلا
إذا قــــبــــح البـــــكاء عـــلى قــــتــيـــل ** رأيــــــت بـــــكاء ك الحـــــسن الجميـــلا
يــــــذكرني طـــلوع الــشمــس صـــخـرا ** وأذ كــره لــكــل غـــــروب شــــمــــــــس
فــــلولا كــــثــــرة الــبــاكــيــن حــــولي ** عــــــلى إخـــــوانهم لــقــتــلــت نــفْـسي
ولــكــن لا أزال أرى عــــــــجــــــــــولا ** ونــــــــائحة تــنــوح لــيــوم نــــــحْـــسِ
هــــمـــا كــــلــــتاهـــما تـــبــكي أخــاها ** عــــــشــيــة رزئـــــه أو غــــب أمــــــس
ومـــــا يــبــكــيــن مــثــل أخي ولــكــن ** أســــلي الــنــفـــس عــــنــه بـــالـتأسـي
فــقـــد ودعــــــت يـــوم فــراق صخـــر ** أبــــي حســــان لــــذاتـــــــي وأنســـــــي
فـــــيا لهْـــــفي عـــــليه ولهـــف أمـّـــي ** أيـــُصْبــــحُ فــــي الضــريح وفيه يُـمسي
قـــــذىً بعــــينيــــــك أم بالعـيــن عـُوّارُ ** أم أقــفــرتْ إذ خــــــلتْ من أهلها الدار
كـــأن عـــيـني لذكــــــــراه إذا خــــطرت ** فــــيـــضٌ يـــسيل على الخدّين مـدرار
تــبـكي خـُـناسٌ عـلى صخر وحق ّ لهــــا ** إذ رابــــها الــــدهر إن الــدهر ضـــرّار
لا بــــد مــــن ميــتــة في صرفها عـــبـر ** والدهــــر فــي صرفه حـــــول وأطوار
يـــا صخـــر ورّاد مـــاء قــــد تـــــوارده ** أهــــل الموارد مـــا في ورده عــــــار
وإنّ صخـــــــرا لحامينا وســـيـــــــــــدنا ** وإن صخــــرا إذا نـــشـــتــــــو لــنحّار
وإنّ صخـــــرا لتـــــأتم الهــــداة بـــــــه ** كـــــأنه عـــــلــــــم في رأســـه نــــــار
لــــــم تــــلفه جـارةٌ يمشي بطاحتهــــــا ** لريــبــــة حــيـــن يخلي بـيته الـجــــار
مــثــل الردينيّ لم تـنـفـد شـبـيــــبــتــــه ** كــأنـــه تحت طــي البــرد أســـــــــوارُ
طـــلق الــيـديـــن بفعل الخير معتمــــــدٌ ** ضخــــــم الدسيعة بالخيـرات أمّـــــــار
حـــمال ألــــويةٍ ، هبـــّاط أود يــــــــــــةٍ ** شهـّــــادُ أنـديةٍ ، للجيش جــــــــــــرّار
الخنساء وأخواها
ألا لا أرى في النَّاسِ مثلَ معاويهْ.
إذا طَرَقَتْ إحْدَى اللّيالي بِداهِيَهْ بداهِيَة.
ٍ يَصْغَى الكِلابُ حَسيسَها؟
وتخرُجُ منْ سِرّ النّجيّ عَلانِيَهْ.
ألا لا أرى كالفارسِ الوردِ فارساً إذا ما عَلَتْهُ جُرْأة ٌ.
وعَلانِيَهْ وكانَ لِزازَ الحَرْبِ؟
عندَ شُبوبِها إذا شمَّرتْ عنْ ساقها
وهي ذاكية وقوَّادُ خيلٍ نحو أُخرى كأنها سَعالٍ.
وعِقْبانٌ عَلَيْها زَبانِيَهْ بُلينا وما تبلى تعارٌ.
وما ترى على حدثِ الأيام.
إلاَّ كماهيهْ فأقسَمْتُ لا يَنفَكّ دمعي.
وعَوْلَتي عليكَ بحزنٍ ما دعا اللهَ داعيهْ بلينا.
وما تبلى تعار وما ترى على حدث الأيام إلّا كما هيه.
وتجيب الأم:
” بأحسن حال، ما كان منذ اشتكى خيراً منه اليوم، ولا نزال بخير ما رأينا سواده فينا.
فقال صخر:
أرى أمَّ صخرٍ ما تجفُّ دموعُها.
وملَّتْ سُليمى مَضْجعي ومكاني.
فأّيُّ امرئٍ ساوى بأمٍ حليلةً.
فلا عاشَ إِلا في شقاً وهوانِ.
فلمّا طال عليه البلاء قالوا له:
أجارتنا إنّ الخطـوب تنوب على النّاس.
كل المُخطئين تصيب.
فإن تسأليني هل صبرت فإنّني صبور على ريب الزّمان.
صليب كأنّي وقد أدنوا إليّ شفارهم من الصّفحتين؟
ركوب جارتنا لست الغداة بظاعن.
ولكن مقيم ما أقام عسيب.
كما يمكنكم الاطلاع على: قصيدة المتنبي على قدر أهل العزم تأتي العزائم
في نهاية عرضنا لقصائد رثاء الخنساء لأخيها صخر عرفنا كم كانت صادقة في حبها لأخيها وكم توجعت في قصائد رثائه، وقد يرى البعض أنها قد بالغت في وصف مشاعرها، لكننا نتمنى ألا يعيش أي شخص مرارة فقد الأحباء.