فليتك تحلو والحياة مريرة
فليتك تحلو والحياة مريرة، هناك بعض الآراء المختلفة حول قصيدة فليتك تحلو والحياة مريرة التي أثارت الجدل منذ بداية إصدارها، تعتبر من القصائد التي حققت نجاح هائل في انتشارها حول جميع البلدان.
وأثارت هذه الأبيات جدل شديد بين جميع الشعراء للاعتقاد بحرمية كلماتها ولكن لم يثبت صحة ذلك حتى الآن، ويتوافق عدد من الشعراء مع كلماتها ويجدون أنها أفضل وصفاً وتعبيراً من الشاعر.
محتويات المقال
فليتك تحلو والحياة مريرة
اختلفت الأقوال حول الكاتب الذي قام بكتابة الأبيات فليتك تحلو والحياة مريرة وقام بإلقائها على الناس، فكان الجميع يعتقد أنها السيدة رابعة العدوية هي من قامت بكتابة هذه الأبيات القصيدة.
- ولكن الأمر الصحيح غير ذلك فتنسب هذه الأبيات بكل صلة إلى الشاعر أبي فراس الحمداني فكانت جميع كلمات القصيدة معبرة كل التعبير عن المشاعر الكامنة داخل الإنسان، وكان موفقا في اختيار المعاني اللغوية لكل كلمة في القصيدة.
- إلا أنه تعرض للنقد الشديد حول جملة فليتك تحلو والحياة مريرة لأن هذه الكلمات كانت موجهة لأحد الأشخاص من البشر ويعتقد البعض بأنها تحتوي على بعض المفاهيم الغير مقبولة ديناً، وأن هذه الأبيات لا يصلح قوله إلا لله عز وجل لأنه العالم بكل شئ ويملك كل ما حولنا.
- أبدى أبن القيم رأيه في أبيات هذه القصيدة ووضح أنها تحتوي على تعبيرات رائعة وكلماتها قوية إلا أن أبي فراس لقد وقع في خطأ كبير أثناء توجيهه لهذه الكلمات لأحد الأشخاص، لأن أي إنسان لا يمكن أن يقدم لنفسه أي منفعة وكذلك أي ضرر إلا بعلم الله عز وجل.
اقرأ أيضا: قصيدة المتنبي على قدر أهل العزم تأتي العزائم
أبيات قصيدة فليتك تحلو والحياة مريرة
ونجد أنه من ضمن الأبيات المعروفة حول هذه القصيدة التي قام بكتابتها الشاعر أبو فراس الحمداني وهي كما يأتي:
“أمَا لِجَمِيلٍ عِنْدَكُنّ ثثَوَابُ** وَلا لِمُسِيء عِنْدَكُنّ مَتَابُ؟
لَقَد ضَلّ مَنْ تَحوِي هوَاهُ خَرِيدة ٌ** وقدْ ذلَّ منْ تقضي عليهِ كعابُ
ولكنني – والحمدُ للهِ – حازمٌ** أعزُّ إذا ذلتْ لهنَّ رقابُ
وَلا تَمْلِك الحَسْنَاء قَلْبيَ كُلّهُ **وإنْ شملتها رقة ٌ وشبابُ
وَأجرِي فلا أعطي الهوَى فضْلَ مقوَدي ** وَأهْفو وَلا يَخْفَى عَلَيّ صَوَابُ
إذا الخِلّ لَمْ يَهْجُرْكَ إلاّ مَلالَة ً** فليسَ لهُ إلا الفراقَ عتابُ
إذَا لَمْ أجِدْ مِنْ خُلّة ٍما أُرِيدُهُ ** فعندي لأخرى عزمة ٌ وركابُ
وَلَيْسَ فرَاقٌ ما استَطَعتُ، فإن يكُن **فراقٌ على حالٍ فليسَ إيابُ
صبورٌ ولوْ لمْ تبقَ مني بقية **ٌ قؤولٌ ولوْ أنَّ السيوفَ جوابُ
وَقورٌ وَأَحداثُ الزَمانِ تَنوشُني** وَلِلمَوتِ حَولي جيئَةٌ وَذَهابُ
وَألْحَظُ أحْوَالَ الزّمَانِ بِمُقْلَة ٍ** بها الصدقُ صدقٌ والكذابُ كذابُ
بِمَنْ يَثِقُ الإنْسَانُ فِيمَا يَنُوبُهُ **وَمِنْ أينَ للحُرّ الكَرِيمِ صِحَابُ؟
وَقَدْ صَارَ هَذَا النّاسُ إلاّ أقَلَّهُمْ **ذئاباً على أجسادهنَّ ثيابُ
تغابيتُ عنْ قومي فظنوا غباوة ً **بِمَفْرِقِ أغْبَانَا حَصى ً وَتُرَابُ
وَلَوْ عَرَفُوني حَقّ مَعْرِفَتي بهِم **إذاً عَلِمُوا أني شَهِدْتُ وَغَابُوا
وَمَا كُلّ فَعّالٍ يُجَازَى بِفِعْلِهِ ** ولا كلِّ قوالٍ لديَّ يجابُ
وَرُبَّ كَلامٍ مَرَّ فَوقَ مَسامِعي ** كَما طَنَّ في لَوحِ الهَجيرِ ذُبابُ
باقي أبيات فليتك تحلو والحياة مريرة
إلى الله أشْكُو أنّنَا بِمَنَازِلٍ **تحكمُ في آسادهنَّ كلابُ
تَمُرّ اللّيَالي لَيْسَ للنّفْعِ مَوْضِعٌ** لديَّولا للمعتفينَ جنابُ
وَلا شُدّ لي سَرْجٌ عَلى ظَهْرِ سَابحٍ** ولا ضُرِبَتْ لي بِالعَرَاءِ قِبَابُ
ولا برقتْ لي في اللقاءِ قواطعٌ ** وَلا لَمَعَتْ لي في الحُرُوبِ حِرَابُ
ستذكرُ أيامي ” نميرٌ” و” عامرٌ” و” كعبٌ ” على علاتها و” كلابُ ” ** أنا الجارُ لا زادي بطيءٌ عليهمُ
وَلا دُونَ مَالي لِلْحَوَادِثِ بَابُ ** وَلا أطْلُبُ العَوْرَاءَ مِنْهُمْ أُصِيبُهَا
وَلا عَوْرَتي للطّالِبِينَ تُصَابُ **وَأسْطُو وَحُبّي ثَابِتٌ في صُدورِهِمْ
وَأحلم عَنْ جهّالِهِمْ وَأهَابُ ** بَني عَمّنا ما يَصْنعُ السّيف في الوَغى
إذا فلَّ منه مضربٌ وذباب ؟ **بَني عَمِّنا لا تنكِروا الحَقَّ إِنَّنا شِدادٌ عَلى غَيرِ الهَوانِ صِلاب بَني عَمّنَا نَحْن السّوَاعِد والظُبَى** ويوشكُ يوماً أنْ يكونَ ضرابُ
وَإِنَّ رِجالاً ما اِبنَكم كَاِبنِ أختِهِم ** حَرِيّونَ أَن يقضى لَهُم وَيهابوا
فَعَنْ أيّ عذْرٍ إنْ دعوا وَدعِيتمُ أبَيْتُمْ، بَني أعمَامِنا، وأجَابُوا؟ **وَمَا أدّعي، ما يَعْلَمُ الله غَيْرَهُ
رحابُ ” عليٍّ ” للعفاة ِ رحابُ **وأفعالهُ للراغبين َ كريمة ٌ وأموالهُ للطالبينَ نهابُ
ولكنْ نبا منه بكفي صارمٌ **وأظلمُ في عينيَّ منهُ شهابُ
وَأبطَأ عَنّي، وَالمَنَايَا سَرِيعة ٌ** وَلِلْمَوْتِ ظفْرٌ قَدْ أطَلّ وَنَاب
فَإِن لَم يَكن ودٌّ قَديمٌ نَعُدُهُ **وَلا نَسَبٌ بَينَ الرِجالِ قراب
فأَحْوَطَ لِلإسْلامِ أنْ لا يضِيعَني **ولي عنه فيهِ حوطة ٌ ومناب
ولكنني راضٍ على كل حالة ٍ **ليعلمَ أيُّ الحالتينِ سرابُ
و ما زلتُ أرضى بالقليلِ محبة ً **لديهِ وما دونَ الكثيرِ حجابُ
وَأطلُبُ إبْقَاءً عَلى الوُدّ أرْضَهُ** وذكرى منى ً في غيرها وطلابُ
كذاكَ الوِداد المحض لا يرْتَجى لَهُ** ثوابٌ ولا يخشى عليهِ عقاب
وَقد كنتُ أخشَى الهجرَ والشملُ جامعٌ **وفي كلِّ يومٍ لقية ٌ وخطابُ
فكيفَ وفيما بيننا ملكُ قيصرٍ** وَللبَحْرِ حَوْلي زَخْرَة ٌ وَعُبَابُ
أمنْ بعدِ بذلِ النفسِ فيما تريدهُ **أثَاب بِمرّ العَتْبِ حِينَ أثَاب؟
فَلَيْتَكَ تَحْلو، وَالحَيَاة مَرِيرَة ٌ**وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالأَنَامُ غِضَاب
وَلَيْتَ الّذي بَيْني وَبَيْنَكَ عَامِرٌ** وبيني وبينَ العالمينَ خراب
إذا صَحَّ منك الودّ فالكل هَيِّن** وكل الذي فَوقَ الترابِ ترابِ”
من هو أبو فراس الحمداني
- يعتبر الشاعر والكاتب العظيم أبو فراس الحمداني هو صاحب قصيدة فليتك تحلو والحياة مريرة فنجد أنه من ضمن أمراء العرب حيث ولد في الشام.
- واشتهر بقوته وشجاعته واتجه إلى مجال كتابة الأشعار منذ صغره.
- وساعدته على ذلك بلاغته الشديدة والمعرفة الأدبية الهائلة التي يمتلكها.
- يطلق عليه الحارث بن سعيد بن حمدان وكان مقر ولادته في مدينة الموصل المتواجدة في الشام وذلك في عام 320 من الهجرة.
- وانتقل بعد ذلك للعيش داخل بلاد حلب مع والدته فقد فقد والده وهو في صغر سنه وكان عمره حين ذاك ثلاث سنوات فقط.
- تعين والياً ومسئولاً عن بلدة منبج وذلك لبسالته الشديدة وشجاعته القتالية.
- وقاموا الرومانيين باحتجاز أكثر من مرة في سجونهم.
- وكانت مناسبة وكتابة هذه القصيدة أنه حبس في شجون الرومانيون لفترة طويلة.
- وجه الشاعر هذه القصيدة إلى ابن عمه الذي كان يطلق عليه حين ذاك بأنه سيف الدولة والحامي للبلاد.
- وجاءت جميع كلمات القصيدة مدحاً له حتى يتمكن من تحرير أبي فراس.
- ولكنه واجه هذا الأمر بكل إهمال ولم يعزم على تحريره مسرعاً.
- قام بكتابة العديد من الدواوين وهو داخل السجون وجميعها عبرت عن مشاعر الإنسان الصادقة والكامنة في كل نفس.
شاهد أيضا: قصيدة المتنبي على قدر أهل العزم تأتي العزائم
صفات أبي فراس الحمداني
اتسم أبو فراس الحمداني بمجموعة من الصفات الطيبة التي جعلته ذات مكانة مرموقة بين جميع الناس عن غيره، مما أدى إلى تربس الأعداء له بشدة والحقد عليه.
واتسم بعزة النفس وقدرته الفائقة على تجنب المعاصي والجري وراء الشهوات الدنيوية، ومن ضمن باقي الصفات التي اتسم بها ما يأتي:
- اتصف بالصبر الشديد وكان أكثر الناس دفاعاً على هذه الصفة ويودوا أن يتحلى بها كل مسلم و إنسان على وجه الأرض.
- لكي يتمكن من معايشة الحياة بصعابها الشديدة.
- كان مضيافاً لجميع للأشخاص ويمتلئ منزله بالكرم الشديد.
- وشجاعاً يدافع عن حق الجميع ويحب مشاركة جميع الأشخاص في آرائهم حتى يطبق نظام الشورى بين الناس.
- اتصف بالعزم والصبر أمام الصعاب والشدائد.
- وأكبر دليل على ذلك صبره أمام ظلمات السجون لفترات طويلة دون أن يفقد الأمل في الحرية وإنارة حياته مرة أخرى.
شعر أبي فراس الحمدانيّ
لم يعتمد أبو فراس على نوع واحد من الشعر بل اتسم شعره بالتنوع والتميز، فقد قام بالكتابة في مجال الرثاء وابدى ما لديه من خبرة وتفوق في هذا المجال.
وكانت كل كلماته معبرة لا يملك أي مبالغة في التعبير ويستشهد بالمواقف الحياتية حتى تكون كلماته أكثر واقعية.
- كان يحب أن يقدم بعض الحكم للقارئ حتى لا يسأم من مشاكل الحياة ويخفف على الجميع آلامهم.
- أيضا لم يكتفي أبو فراس بالرثاء فقط بل عزم على كتابة الغزل العفيف المليء بالمشاعر الرقيقة والعذبة التي توضح حرارة المشاعر الجياشة لكل محب.
- أيضا قد تنوع في كتابة الغزل وأحب أن يكون أسلوبه منفرد عن ما سبقه في كتابة الغزل من عصره.
- استخدم العديد من أسلوب الوقف على ذكرى الأحداث وهي ما تعرف بـ الأطلال في الشعر لوصف مشاعره بكل صدق.
- وقدم العديد من التشبيهات لكي تكون المعاني أكثر وضوحاً وثرباً من القارئ.
أسلوب أبي فراس في كتابة الشعر
- عزم على كتابة نوع من الشعر يسمى شعر الفخر ويعبره فيه عن إجلاله وتعظيمه لوطنه ومكانته بين الناس التي حصل عليها.
- وكان يفتخر كل الفخر بأهله وعشيرته بأكملها وينسب لهم الفضل عما فيه من نعيم.
- لم يضيع وقتاً من حياته إلا واستغله في كتابة بعض القصائد الغنائية العذبة.
- وخير دليل على ذلك ما قدمه من شعر الروميات أثناء فترة حبسه في سجون الرومانيون.
- امتلأت أبياته في ذلك الوقت بالحزن الشديد الذي كان يسوده ويملأ حياته بسبب ما رأه من ظلم في هذه السجون.
- فتحولت حياته من جندي محارب في أرض المعارك إلى سجين في ظلمات السجن لا يعرف معنى للحرية.
- أيضا ظل يحكي أبو فراس عن حياته مع والدته وكيف كانت له أماً وأباً في نفس الوقت.
- بسبب حرمانه من والده منذ صغره وأنه في أشد الحنين إليها وإلى الأيام معها، فهو يشعر بدونها بكل المشاعر الأليمة.
- كما جاءت مجموعة من أبياته تعبر عن مدى حزنه وخذلانه في سيف البلاد الذي حاول الاستنجاد بمساعدته أكثر من مرة.
- ولكنه لم يستجب له مسرعاً لإنقاذ حياته ومنحه الحرية.
- فلقد تأخر عليه أبن عمه الذي كان يحكم البلاد حين ذاك ولم يعزم على دفع الفدية له مقابل منحه للحرية خروجه من معتقلات الروم.
- فاتجهت أغلب أبياته الشعرية المدونة في شعر الروميات معبرة عن تلك الأحداث التي تعرض لها أثناء فترة حكم الروم حتى خروجه من السجن.
وفاة أبي فراس الحمداني
- لقد توفي أبو فراس في عام 356 من هجرة الرسول.
- وقضى طوال حياته داخل السجون الرومانية.
- ولم يبقى سوى عام واحد على قيد الحياة بعد حصوله على الحرية وفقد حياته.
- كما عاش طوال حياته في الحروب والقتال ومحاربة أعداء البلاد بكل شجاعة دون الخوف منهم.
- أيضا بدأ بمحاربته منذ صغره وبرع في القتال فمات وهو محارباً داخل أرض المعركة.
شاهد أيضا: قصيدة مصطفى الجزار: كفكف دموعك وانسحب يا عنترة
وفي نهاية المقال بعد أن تعرفنا على قصيدة فليتك تحلو والحياة مريرة التي وجهها إلى سيف البلاد مستنجداً به وهو داخل أسوار السجون حتى يقوم بتحريره من ظلمات السجون.
ويتمكن من مواجهة الروم ومحاربتهم بكل قوة لكي تتخلص البلاد منهم نهائياً ولكنه لم يستجب له مسرعاً فقضى معظم حياته داخل السجون.