بحث حول الفلسفة الإسلامية
عند محاولة تقديم بحث حول الفلسفة الإسلامية والتحدث عنها بالمفهوم العام كبحث في الطبيعة وتصور كوني، لابد من الحديث أيضًا عن المدارس الأخرى تحت المسميات الأخرى.
ومن أهمها أصول الفقه وعلم الكلام وعلوم اللغة، وأهم ما سوف يواجه الباحث أن كل مدرسة من هذه المدارس قامت بتعريف الفلسفة وفق رؤيتها الخاصة.
محتويات المقال
الفلسفة الإسلامية
الإسلام لم يعرف الفلسفة إلا بعد اكتشاف العلوم اليونانية القديمة وترجمتها إلى العربية بعد فتح الأنصار.
وبذلك أصبحت الحكمة لفظ مرادف للفلسفة عند المفكرين المسلمين في العديد من كتاباتهم، وأصبح لها العديد من التعريفات على سبيل المثال:
- تعرف بأنها الفلسفة المستمدة من الشريعة والنصوص الإسلامية.
- كما تعرف بأنها الفلسفة التي تقدم تصور عن الإسلام ورؤيته حول الخلق والكون والحياة والخالق.
- التعريف الأكثر شيوعًا هو الذي يشمل التصورات الفلسفية التي تمت في إطار الحضارة الإسلامية والثقافة العربية الإسلامية تحت ظل الإمبراطورية الإسلامية.
- من دون الحاجة إلى أن تكون مرتبطة بالنصوص التشريعية والحقائق الدينية.
- في بعض الأحيان الفلسفة الإسلامية تقدم على أنها كل عمل فلسفي قام به الفلاسفة المسلمون.
شاهد أيضا: تعريف الفلسفة وتطورها
نشأة الفلسفة الإسلامية
البحث في المواضيع الفلسفية المتعلقة بالرؤية الشاملة للحياة وحقائقها بدأت مع بداية الحضارة الإسلامية، حيث أن:
- عرف المسلمين علم الكلام الذي يعد أساس الفلسفة الإسلامية في مرحلة مبكرة.
- حيث تم الاعتماد على استخدام الأساليب اللغوية والمنطقية المستمدة من “السنة النبوية والقرآن” لمواجهة المشككين في الإسلام.
- بعد ذلك تطور الفكر الفلسفي ووصل إلى قمته في القرن الـ 9 الهجري بعد أن اطلع المسلمين على الفلسفة اليونانية القديمة وترجمتها.
- ظهر جيل من الفلاسفة الذين اختلفوا في بحثهم ومناهجهم عن علماء الكلام، حيث انتقلوا من دراسة النصوص المكتوبة إلى إثبات بعض الحقائق عن طريق الأدلة العقلية.
- بلغت الأعمال الفلسفية قمتها عند ابن رشد في الأندلس حيث أنه تمسك بتحكيم العقل بناءً على التجارب والمشاهدات.
- وسبقه في ذلك الفارابي الذي أسس مدرسة فكرية مكتملة ومستمدة من أفكار أرسطو، والكندي الذي عرف بـ المعلم الأول.
عوامل نشأة الفلسفة الإسلامية
عوامل نشأة الفلسفة عديدة ومنها الخارجية والداخلية، ومن أبرز هذه العوامل ما يلي:
- الحروب الداخلية التي ساعدت على نشأة النقاشات المتعددة في مسائل الكون والعقائد والحياة.
- بالإضافة إلى ظهور أسئلة عديدة عن الإنسان وعلاقته بالكون.
- الفتوحات الإسلامية التي ساهمت في دخول العديد من الأشخاص في الإسلام، ونشأة العديد من المعتقدات والثقافات في عقول المسلمين.
- ترجمة بعض الكتب اليونانية، حيث أن اليونانيين أول من كتبوا في الفلسفة.
- الحاجة إلى الرد على بعض المعتقدات والتساؤلات التي ظهرت في هذه الفترة.
- الرد على المخالفين والدفاع عن الدين، حيث دخلت بعض الفلسفات من اليهود والمجوس والنصارى التي كانت في معتقداتهم القديمة، لذلك كانت الحاجة ملحة للرد عليهم وبيان الصواب.
- ظهور علم الكلام، حيث احتاج علماء الكلام إلى دراسة الفلسفة اليونانية للرد عليها بشكل مناسب وصحيح.
خصائص الفلسفة الإسلامية
الشك المنهجي
- ويعني التوقف عن إصدار حكم على أمر ما لحين ثبوت صحته من عدمه.
- كما أن الشك المنهجي يعد جزء من عملية التفكير ودور من أدوار الفلسفة الإسلامية العلمية.
- الشك المطلق مرفوض بشكل نهائي في الفلسفة الإسلامية لأنه قد يؤدي إلى الإلحاد.
الشمولية والنظرة الكلية
- الشمولية من أبرز خصائص الفلسفة الإسلامية حيث تقوم هذه الفلسفة على تناول المسائل بشكل شمولي.
- الفلسفة الإسلامية تتناول الوجود ككل والإنسان ككل، والوجود الإنساني بشكل عام، وعلاقة الإنسان بكل هذا.
- تعتمد هذه الفلسفة على الأصول النظرية التي تقوم عليها جميع المعتقدات الخاصة بالإسلام.
التسامح وسعة الصدر
- تهتم الفلسفة الإسلامية بإتاحة المجال للرأي والرأي الأخر.
- يهتم الفلاسفة المسلمين بإتاحة حرية الرأي لنفسه ولغيره.
موضوعها وسمو غايتها
- الفلسفة الإسلامية تقوم على البحث عن الوجود وماهيته وجوهره وعلله.
- تبحث بشكل خاص في وجود الله وصفاته ووحدانيته وتعمل على إثبات ذلك بالبرهان العقلي والدليل وليس بالعاطفة والجدل.
الفلسفة الإسلامية والدين
الجدير بالذكر أن الفلسفة الإسلامية لم تحضر مواضيعها حول الدين فقط، بل أن:
- كانت الفلسفة تحوي بين طياتها أيضًا فلسفة العلم والنواحي الغامضة في الدين مرورًا بمدرسة الصوفية والتزهد.
- يرى البعض أن الفلسفة الإسلامية كانت وسيلة لشرح الفلسفة اليونانية، وقد ساهم هذا الشرح في نشر أفكار أرسطو في الغرب.
- الفلسفة اليونانية اعتبرت أن استعمال التحليل المنطقي غير مثمر في فهم طبيعة الخالق وذلك على عكس الفلسفة الإسلامية التي استعملت التحليل المنطقي في فهم طبيعة الخالق واعتبروه ذروة التدين.
- كان الفلاسفة المسلمون متعمقين في الدين ولم تكن غايتهم اندثار الدين بل الوصول إلى ذروة فهم الدين، ولم يشككوا للحظة في وجود الله بل حاولوا بشتى الطرق إثبات وجوده.
اقرأ أيضا: مؤلفات الغزالي في الفلسفة
التناقض مع الفلسفة اليونانية
اختلف مفهوم الخالق عند المسلمين والديانات التوحيدية عن الفلاسفة، حيث أن:
- الخالق من وجهة نظر أرسطو وأفلاطون لم يكن على إطلاع بكل شيء في العالم ولم يظهر نفسه للبشر على مر التاريخ، كما أنه لم يخلق الكون.
- ويرون أن الخالق لن يحاسبهم عند الموت، ويرى أرسطو أن الدين فكرة لا ترتقي إلى مستوى الفلسفة.
- كما أن الفلسفة اليونانية القديمة انقسمت إلى مرحلتين، المرحلة الأولي “مرحلة ما قبل سقراط واتسمت برفضها للتحليلات التقليدية للظواهر الطبيعية”، والمرحلة الثانية “مرحلة سقراط وما بعده وتميزت باستعمال طريقة المناقشة والجدل في الوصول إلى تحليل وتعريف الأفكار الجديدة”.
- استفاد أرسطو كثيرًا من نظرية سقراط التي ترى أن “كل شيء غرضه مفيد لابد أن يكون نتيجة لفكرة تتسم بالذكاء”.
- وبالاعتماد على هذه النظرية استنتج أرسطو أن الحركة وإن كانت تبدو عملية غير متناهية فإن مصدرها الثبات.
- كما يرى أرسطو أن الكينونة الثابتة هي التي حولت الثبات إلى الحركة، وتعد هذه الكينونة الأولية انطباع أرسطو عن الخالق.
- لم يتعمق أرسطو بشكل كبير في غرض وكيفية نشأة الكون.
تولى الفلاسفة مسؤولية التأليف والترجمة والشرح والرد على القضايا والشبهات الفلسفية في ظل توسع الحضارة الإسلامية، ومن أشهر أعلام الفلسفة الإسلامية ما يلي:
الكندي
- يعد الكندي أول الفلاسفة المسلمين الذين حاولوا الاعتماد على المنطق في دراسة القرآن.
- كما أنه تأثر بشكل كبير بأفكار المعتزلة وكانت أفكاره موجهة بشكل أساسي ناحية الدين.
- وسعى إلى الوصول إلى الحقيقة عن طريق دراسة جميع الأديان مع أخذه بأفكار أرسطو.
الفارابي
- حاول الفارابي أن يضيق الفجوة بين الفلسفة التي تعد من معارف الخاصة وبين عامة الناس.
- كما طرح بعض الأفكار عن القضايا الفلسفية المتعلقة بالحياة اليومية للإنسان.
الرازي
- تعرض الرازي للكثير من الرفض بسبب أفكاره، حيث رفض إقحام الدين في المعرفة الإنسانية.
- ووصل الأمر إلى تكفيره بواسطة العديد من علماء الدين.
ابن سينا
- يطلق على ابن سينا لقب “الشيخ الرئيس”.
شاهد من هنا: تاريخ الفلسفة الإسلامية