حكم من خانت زوجها وتابت
الخيانة الزوجية من أعظم الكبائر والذنوب، وكل ذنب يترتب عليه العديد من العواقب، وقد تخف هذه العواقب بالتوبة؛ وسيكون حديثنا في هذا المقال عن حكم من خانت زوجها وتابت.
محتويات المقال
خيانة الزوجة لزوجها
- يظن بعض الناس أن الخيانة الزوجية محصورة في فعل فاحشة الزنا فقط، إلا أن مفهوم الخيانة الزوجية أوسع من ذلك.
- فنظر الزوجة لغير زوجها بشهوة يعد خيانة له، وخضوعها في القول مع غيره من الرجال يعد خيانة له.
- كما أن قبولها للكلمات المعسولة من الرجال والتبسط معهم يعد خيانة للزوج، وقد جاء هذا المعنى في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
- فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال “إنَّ اللَّهَ كَتَبَ علَى ابْنِ آدَمَ حَظَّه مِنَ الزِّنَا، أدْرَكَ ذلكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَر، وزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِق، والنَّفْس تَمَنَّى وتَشْتَهِي، والفَرْج يصَدِّق ذلكَ أوْ يكَذِّبه” صحيح البخاري.
- وتعد هذه الأفعال هي النوع الأول والأخف من أنواع الخيانة الزوجية، أما النوع الثاني والأشد هو الوقوع في الزنا.
- وفي هذه الحالة تكون الزوجة قد خانت زوجها بجسمها وبكل جوارحها ويكون إثمها عظيما مستحقا لإقامة الحد عليها.
اقرأ أيضا: هل خيانة الزوج لزوجته ظلم
حكم من خانت زوجها
- رتب الله عز وجل بعض العقوبات على من خانت زوجها، فمن خانت زوجها خيانة من النوع الأول وعلم بذلك يكون له الحق في طلاقها.
- أما من خانت زوجها خيانة عظمى بوقوعها في الفاحشة فقد رتب الله عز وجل على ذلك أحكام اللعان بين الزوجين.
- وهذه الأحكام توجب العذاب الشديد لمن تخون وتقع في الفاحشة وتنكر ذلك وتحلف كذبا عليه.
- وكذلك شدد العقاب على من يتهم زوجته بذلك بغير بينة ودليل ويحلف كذبا على أنها فعلت الفاحشة.
- وقد جاء الحد الواجب إقامته على من زنى في سورة النور، حيث قال الله عز وجل “الزَّانِيَة وَالزَّانِي فَاجْلِدوا كلَّ وَاحِدٍ مِّنْهمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخذْكم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كنتمْ تؤْمِنونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمؤْمِنِينَ” النور 2.
- إلا أن الجلد يعد عقوبة للزاني الذي لم يتزوج، أما الذي يزني وهو محصن أو متزوج ولديه طريق لسد شهوته فعقوبته أشد وهي الرجم.
- فعن جابر رضي الله عنه أن رجلاً من أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد.
- فقال إنه قد زنى فأعرض عنه فتنحى لشقه الذي أعرض فشهد على نفسه أربع شهادات فدعاه فقال هل بك جنون؟
- هل أحصنت؟ قال نعم فأمر به أن يرجم بالمصلى فلما أذلقته الحجارة جمز حتى أدرك بالحرة فقتل. (رواه البخاري).
- كما جاءت الآيات التي تبين حكم من اتهم زوجته بالزنا في نفس السورة حيث قال تعالى:
- “وَالَّذِينَ يَرْمونَ أَزْوَاجَهمْ وَلَمْ يَكن لَّهمْ شهَدَاء إِلَّا أَنفسهمْ فَشَهَادَة أَحَدِهِمْ أَرْبَع شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّه لَمِنَ الصَّادِقِينَ *
- وَالْخَامِسَة أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ *
- وَيَدْرَأ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّه لَمِنَ الْكَاذِبِينَ *
- وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ” النور 6-9.
حكم من خانت زوجها وتابت
- يختلف حكم من خانت زوجها وتابت خيانة بالنظر أو الكلام عن الخيانة بالزنا.
- فمن خانت بالنظر يمكنها تدارك الأمر والتوبة وسد باب الفتنة.
- كما يجب عليها مراعاة حدود دينها في التعامل مع الرجال من غض للبصر وعدم خضوع بالقول والتزام الحجاب الشرعي.
- وأما من خانت زوجها بفعل الفاحشة فقد جاءت الآيات الكريمة كما ذكرنا ببيان حكمها.
- إلا أن حكم من خانت زوجها وتابت يختلف.
- حيث جاء بعد هذه الآيات استثناء لمن تاب في قوله تعالى “إِلَّا الَّذِينَ تَابوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَّحِيمٌ” النور 5.
- فحكم من تابت يختلف عن حكم من لم تتب، فالتوبة الصادقة تمحو ما قبلها والتوبة لا تنقطع إلا بطلوع الشمس من مغربها.
- حيث جاء عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
- “ولا تزال التَّوبة مقبولةً حتَّى تطلعَ الشَّمس منَ الغَربِ” البداية والنهاية لابن كثير.
- لذلك فالزوج يستحب له إمساك زوجته إن علم بصدق توبتها وإقلاعها عن هذا الذنب العظيم.
- وفي هذه الحالة يكون مأجورا على عفوه، مأجورا على ستره عليها، ومأجورا أيضا على إعانتها على التوبة.
كما أدعوك للتعرف على: علامات الخيانة الزوجية تظهر من خلال الجسد
شروط توبة من خانت زوجها وتابت
- للتوبة الصادقة عدة شروط يجب توافرها لتكون توبة الزوجة صحيحة ومقبولة عند الله تعالى.
- وقد جاء في ذلك قول الله تعالى في سورة النساء “إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلونَ السّوءَ بِجَهَالَةٍ ثمَّ يَتوبونَ مِن قَرِيبٍ فَأولَٰئِكَ يَتوب اللَّه عَلَيْهِمْ” النساء 17.
- فالتوبة من قريب أو المسارعة في التوبة تجعل التوبة أولى بالقبول كما أنها تجعل الإنسان مستعدا لموته بتوبته هذه.
- ومن أهم الشروط في التوبة من الزنا أن تكون الزوجة عازمة النية وصادقة فيها على عدم العودة إلى هذا الذنب.
- كما يجب أن تستحضر عظم هذا الجرم فتكون نادمة كل الندم على هذا الفعل مما يعينها على عدم العودة إليه.
- كما أن الزوجة يجب أن تعلم أنها قبل خيانة زوجها قد خانت الله عز وجل.
- فيؤدي ذلك إلى خوفها ورهبتها من الله عز وجل وعقابه.
- أيضا من المهم جدا أن تعلم ما هي المقدمات التي أدت بها إلى هذا الذنب فتتجنبها وتسد مداخلها كي لا تقع فيه مرة أخرى.
- أيضا يجب الحرص على أداء حقوق الزوج وطلب العفو منه فترد له مظلمته وتقوم بما قصرت به من حقوق.
كما يمكنكم الاطلاع على: حكم خيانة الزوج لزوجته بالهاتف ابن عثيمين
هل ينفسخ نكاح الزوجة إذا زنت؟
الزوجة إذا زنت فإن نجاحها مع زوجها لا ينفسخ، حيث قال ابن قدامة: “وَإِنْ زَنَتْ امْرَأَةُ رَجُلٍ، أَوْ زَنَى زَوْجُهَا، لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ”.
وعلى المرأة الزانية أن تتوب توبة صادقة ونصوحة وأن تندم على ما فعلت وتعمل عملًا صالحًا، وأن تستر نفسها ولا تخبر أحد بذنبها وخاصة زوجها، فالتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
طلب الطلاق بسبب الخيانة الزوجية
- طلب الطلاق بسبب الخيانة الزوجية أمر مباح ولا مانع فيه خاصة إذا أصبحت العشرة بينهما مستحيلة بسبب ما حدث.
- والأصل في طلب الطلاق وجود السبب، لأن في حالة وجود السبب يُكره طلب الطلاق، وفي حالة حدوث خيانة زوجية يكون ذلك سببًا مُقنعًا لطلب الطلاق.
هل المحادثات تعتبر خيانة
يقول الكثير من العلماء أن مجرد الحديث مع شخص أخر غير الزوج بدون سبب وخاصة كانت المحادثات بها كلمات لا ترضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإن الحديث يكون خيانة، فالخيانة ليس بممارسة الجماع فقط.