ما هي العلمانية وكيف نشأت
ما هي العلمانية وكيف نشأت؟ ما هي العلمانية سؤال يتكرر على السنة بعض الأشخاص خاصةً العلماء، فهي كلمة ذات تاريخ طويل ويختلف معناها من زمن إلى زمن آخر، فقد حاول المترجمين لهذه الكلمة إخفاء حقيقتها.
حتى تبقى في نطاق العلم ولا تصدم الحس العربي، والهدف الحقيقي لهذه الكلمة يبقى مختفياً وراء هذا اللفظ، فسوف نتحدث عن العلمانية وكيف نشأت ومشتقاتها، ولماذا يبقى هدفها مختفياً؟
محتويات المقال
ما هي العلمانية؟
- العلمانية هي ترجمة خاطئة لكلمة (secularism) في اللغة الإنجليزية أو (secularite) في اللغة الفرنسية.
- وهي لفظ ليس له صلة بلفظ “العلم” ولا حتى مشتقاته، حيث أن لفظ العلم باللغة الفرنسية والإنجليزية معناه (science).
- ويطلق على المذهب العلمي (scientism)، والترجمة الصحيحة لكلمة “اللادينية” أو “الدنيوية” هي (secularism).
- تقول دائرة المعارف البريطانية في مادة (secularism) بأنها هي الحركة الاجتماعية.
- التي تهدف إلى توجيه الناس بعدم الاهتمام بالأخرة بل الاهتمام بالدنيا فقط.
- كما يقول معجم إسكفورد ” أن الدين لا ينبغي أن يكون أساس الأخلاق والتربية.
- بينما التعبير الشائع لتفسير هذا اللفظ في الكتب الإسلامية هو “فصل الدين عن الدولة”.
- لكنه أيضًا لا يعطي التفسير الصحيح لكلمة العلمانية والذي ينطبق على الأفراد والذين من الممكن ألا يكون لهم صلة بالدولة.
- فإذا قيل “فصل الدين عن الحياة” لكن أدق وأفضل في التعبير والتعميم بالنسبة للأمة أو للفرد.
شاهد أيضًا: تعريف العلاقات العامة وأهميتها
كيف نشأت العلمانية؟
لقد ذكرنا سابقًا ما هي العلمانية؟ أما الأن فسوف نتحدث عن كيف نشأت العلمانية؟ والتي يمكن تلخيصها كالآتي:
الطغيان الكنسي:
- نشأت العلمانية في أوروبا نتيجة الصراع المرير بين رجال الدين والكنيسة وبين الجماهير الأوروبية.
- وذلك بسبب رجال الدين والذين تحولوا إلى محترفين سياسيين وطواغيت ومستبدين وذلك تحت ستار الدين.
- كما قال الراهب “جروم” أن نعيم القساوسة كان يزيد بترف الأغنياء المترفين والأمراء.
- إضافة إلى ذلك انحطاط أخلاق البابوات واستحوز عليهم حب المال والجشع، فكانوا يبيعون الوظائف والمناصب كالسلع.
- وقد يتم بيعها بالمزاد العلني، ويؤجرون أرض الجنة بالصكوك والوثائق وتذاكر الغفران.
- والنزاع الطويل مع الملوك والأباطرة على النفوذ والسلطة، وليس على الدين والأخلاق.
تحريف النصرانية:
- بسبب القاصمة التي كانت بها؛ نتج عن ذلك الانفصام بين الدين والحياة، فيعد ذلك جناية كبيرة من الكنيسة الغربية على الدين النصراني وعلى نفسها.
- فقامت الكنيسة بإعطاء الحق لنفسها فقط لفهم وتفسير الكتاب المقدس.
- وحظرت على الكهنوت أو أي عقل من الخارج أن يحاول تفسيره أو فهمه.
- لقد أوجدت الكنيسة بعض المعميات بالعقيدة النصرانية لا يمكن تصورها أو تصديقها.
- ومثال على ذلك العشاء الرباني، وهي قصة مستحدثة من الكتاب المقدس وقصتها:
- النصارى يشربون خمرًا ويأكلون في الفصح خبزًا ويطلق عليه العشاء الرباني، فقد ادعت الكنيسة بأن من يأكل هذا الخبز ويشرب هذه الخمرة.
- فأنه قد أدخل المسيح إلى جسده في لحمه ودمه، ففرضت الكنيسة ذلك الأمر على الناس ومنع المناقشة حول هذا الأمر، وإلا تعرضوا للحرمان والطرد.
الصراع بين العلم والكنيسة:
- وقفت الكنيسة ضد العلم وسيطرت على الفكر، وقامت بقتل العلماء وتشكيل محاكم التفتيش.
- مثل: “كوبر نيكوس” والذي قام بتأليف كتاب وحرمته الكنيسة، ويطلق على ذلك الكتاب ” حركات الأجرام السماوية”.
- كما تلقى “جراندو” عذابًا شديدَا حتى توفى؛ بسبب صنعه للتلسكوب.
- خلاصة القول: إن الدين الذي ثارت عليه أوروبا هو “الدين المحرف”، وهي مُلابسات أوروبية وليست إنسانية عالمية.
- فكان من المفترض على أوروبا أن تبحث عن الدين الصحيح حيث لا تصبح مجتمعًا لا دين له، ويسأل الناس عن ما هي العلمانية؟
شاهد أيضًا: الحقوق المدنية في مصر
اقرأ المزيد عن لفظ العلمانية
- عرفنا سابقاً أن العلمانية نشأت في أوروبا؛ بسبب الكنيسة التي كانت مسيطرة على الحياة الاجتماعية والسياسية لعدة قرون.
- وفي شئون الدولة بكل وظائفها بدايةً من ميدان التعليم العمومي، والصلاحيات الإدارية والسياسية.
- فالعلماني بهذا المعنى لا ينتمي إلى الشأن الكهنوتي بل إلى الشأن المدني، فهو مستقل عن الدين.
- فمازالت العلمانية تقترب من هذا المعنى في الغرب أو تبتعد عنه قليلاً، فلا تعير الدولة للدين مكانة خاصة ولا تناصبه العداء.
- والدين المقصود هنا هو النصرانية بجميع كنائسها، فلا يضعونه ضمن الترتيبات العلمانية.
- لأنه دين لا يختص بالشأن العام، بل هو دين يخاطب الروح، ولعل العالم الغربي استفاد من الفصل بين الحياة العامة والدين ولم يخسر إلا القليل.
- فتطورت العلمانية وأصبحت أسوء، فظلت تفصل الدين عن الحياة العامة والخاصة والقيم الأخلاقية والسياسية والدينية.
- حتى يتم نزع القداسة تماماً عن العالم كما يقول دكتور عبد الوهاب المسيري.
- فإذا كان الأمر انتهى إلى هذا الحد في الغرب مسقط الرأس العلمانية، فيعد هذا أكثر قبحًا بالنسبة إلى الدول الإسلامية.
- بسبب قيام أحد المتشبعين بالقيم الغربية بالتنكر للإسلام والثوابت والتراث، فهؤلاء لم يكتفوا بتبني العلمانية بالمفهوم الأصلي.
- بل فضلوا العلمانية العدوانية التي لا تنادي بإقصاء الدين وتهميشه عن الحياة العامة فقط بل تطالب بإحالته أيضًا إلى المتحف.
- وتبطيل فعاليته وتضيق الخناق على شعائره وقيمه وشعائره ومظاهره وأخلاقه.
مشتقات العلمانية في البلاد الإسلامية
ما هي العلمانية ومشتقاتها في البلاد الإسلامية:
فإذا كان “شاه إيران” و”أتاتورك” و”سوهارتو” أعلنوا تبنيهم للنظام العلماني، فإن غيرهم لم يمتلكوا هذه الجرأة لتبني العلمانية، فقاموا هؤلاء بفرض العلمانية قهرًا على الناس ولكن أطلقوا عليها أسماء أخرى؛ لكي لا تستفز أو تفزع المسلمين، ولذلك ظهرت هذه المصطلحات:
- مصطلح الليبراليين: وأطلق هذا المصطلح في دول الخليج ومصر وهو يشير إلى المعنى الثاني للعلمانية، فكثير منهم قبل انهيار الشيوعية العلمانية من “اليساريين التقدميين الاشتراكيين”.
- الجمهوريين والديمقراطيين: يطلقون الجزائريين على أنفسهم هذه المصطلحات، فالغريب أنهم يعادون الديمقراطية التي نادوا بها، فإنهم لا يقبلون بنتائج الانتخابات إذا كانت لصالح غيرهم، ولا تتسع الساحة إلا لنفسهم فقط.
- الجمهورية: أما الجمهورية يقصدون بها مبادئ الدولة الفرنسية، والتي تقمم باستبعاد الدين عن الحياة الاجتماعية والسياسية، بينما على المستوى الثقافي فقد ظهر مصطلح “الحداثة” وذلك منذ مدة على النطاق العربي، فهو لا يعني أي شيء أخر غير تعريف ما هي العلمانية؟ وأكثر معانيها الشديدة والعدوانية.
فالحداثيون يرفضون الأصالة؛ بسبب انتمائها للدين الإسلامي، فلا يقرئون في شعرهم النثري ومسرحهم وقصصهم سوى دلالات الرفض للمعاني العقيدية والفضيلة، وذلك بمقابل احتضان المنحى والذي يطلق عليه “التنويري” المنفلت من كل الأقياد الدينية، أو الضوابط الأخلاقية.
مشتقات العلمانية في عالمنا
ما هي العلمانية في عالمنا ومدى تأثيرها علينا؟
- هناك أوجه متعددة لعملة واحدة، ولكن هذا ليس من شأنه أن ينطلي علينا، فقد علمتنا أصولنا أن العبرة تكون بالمقاصد والمعاني ليس بالمباني ولا الألفاظ.
- ولذلك يجب الحرص على استخدام هذه المفردات المختلفة والحذر منها؛ فهي مجرد تمويه لتمرير المشاريع العلمانية.
- من خلال بوابات الإعلام والثقافة والسياسة، وجميعها تصدر من قاموس واحد رافضة للمرجعية الإسلامية.
- متسللة خلال الشهوات والشبهات مثل: قضية المرأة ودعوى الإبداع وقضية المرأة.
- يجب أن نذكر أيضًا أن أخطر ما في الأمر هو نجاح العلمانية بمشتقاتها وذلك في استمالة بعض علماء الدين.
- لإضفائهم الشرعية على أطروحاتها وذلك بدعم الحرية التي جاء بها الإسلام، وتعظيم الدين للإبداع وتبرئة الإسلام من الفساد السياسي.
- فقد بدء ذلك الأمر مع على عبد الرازق وذلك منذ عام 1925م، ولكنه مازال ممتدًا مع أمثلة القرآنيين والبعض من علماء السلطان.
شاهد أيضًا: العلوم السياسية وقضايا المجتمع
ختامًا نكون قد وفينا كل ما تحتاج إليه وهو تعريف ما هي العلمانية؟ وكيف نشأت وأخطارها على المجتمع وما قامت به من فساد وتقسيم المجتمعات وفصل الدين عن الحياة.
لكن هناك بشائر بتراجع العلمانية، فبدأت العلمانية تتقهقر ببطء في قلعتها الأصلية وهي “تركيا”، فبدأت ترجع إلى رشدها والنطق بالحق وكشف الزيف.