الثقة بالنفس في الإسلام
الثقة بالنفس في الإسلام، وماهيتها، وكيفية تطويرها داخل نفس المرء المسلم، تساؤلات عديدة قد لا تأتي على بالِ أحد إلا أنها غاية في الأهمية خاصة في هذا العالم الصعب.
وليس هناك فرق بين الثقة بالنفس والثقة بالله فكلاهما مرتبط بالآخر، وهذا ما سنوضحه عبر موقع مقال maqall.net في السطور القادمة.
محتويات المقال
الثقة بالنفس في الإسلام
- إن الثقة بالنفس تجعل الفرد قادرًا على القيام بكافة واجباته، ويستطيع مواجهة الحياة بكل ما فيها من صعوبات ومتاعب دون خوف.
- حيث أن منبع الثقة بالنفس يستمد من الله تعالى، أي أن هناك ارتباط بين الثقة بالنفس والثقة بالله تعالى.
- أيضا تكمن الثقة بالنفس عند التوجه إلى الله عز وجل بالدعاء، إذ أن الدعاء يزيد من ثقة المرء بنفسه عند يقينه بالاستجابة، وجاء في قوله تعالى:
- “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِيِ عَنَّي فَإِنَّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الْدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”.
- أي أن الله تعالى قريب من نفس المرء المسلم، وكلما زادت ثقة المرء بالله زاد اليقين بالله واجتمع له خير الدنيا والآخرة.
- كما أن الثقة بالنفس تساعد على التفكُّر والتدبُر في أمور الحياة بعقل وحكمة، ويمكن اتخاذ القرار المناسب الذي يعود بالنفع على الشخص.
- عندما يثق المرء في نفسه وهو في حالة من الضعف وقلة الحيلة خاصة وإذا كان في موضع ظلم وقهر، سيكون حقًا على الله تعالى أن ينصره ويثبته كما وعد الله عباده المظلومين.
- كذلك ثقة المرء بنفسه عند طلب الرزق والسعي نحو أسبابه التي يتكفلّها الله عز وجل، وبأن الله هو الرزاق القوي الذي لا يعجزه شيء.
- إن ثقة الشخص بنفسه أساسها الثقة بالله وبالتقرُّب إليه والتيقُّن التامّ باختياره لما يكون فيه الخير والصلاح لحياته، هكذا تكون الثقة بالنفس في الدين الإسلامي والتي تؤتي ثمارها في الحياة الدنيا والآخرة.
كما نقدم لكم من هنا: أقوال الإمام علي في الثقة بالنفس
كيف يزيد المرء المسلم من ثقته بنفسه
- يتم اكتساب الثقة بالنفس من خلال الخبرات والتجارب التي يعيشها الشخص، والتي تؤدي به إلى الثقة بنفسه في معاملاته وربما تصل به إلى الغرور.
- لذا فإن الدين الحنيف أوضح لنا الفرق بين الثقة بالنفس وبين الكِبر والغرور والعُجب، حيث أن الثقة بالنفس في الإسلام ترتبط بالثقة واليقين الكامل في الله تعالى.
- بينما الغرور مرض يُهلك صاحبه نتيجة إنكار فضل الله تعالى، أي أن الثقة بالنفس الزائدة عن الحد دون تحكم تصل بالشخص إلى هذا الأمر.
- ويستطيع المرء المسلم أن يزيد ثقته بنفسه من خلال صلته بالله تعالى، بالإضافة إلى مشاورته لمن ينصحه ويرشده.
- حيث أن التشاور مع الآخرين لا يُقلل من ثقة الشخص بنفسه، وإنما تزيده وتجعله أكثر قوة وحكمة.
- وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان يدعو الله تعالى بأن لا يكله لنفسه، ولو طرفة عين، فعن أبي بكرة قال:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوات المكروب اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت)، رواه أبو داود.
- كما جاء في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الْنَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى الله وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ”، وهذا يوضح حاجة المرء المسلم إلى ربه في كل وقت وحين لزيادة ثقته بنفسه من خلال الثقة بالله عز وجل.
- إن ثقة المرء بنفسه تزيد بالتوكل على الله وطلب النصر والتأييد منه عز وجل، والدعاء بالسداد والتوفيق في كل أمر.
- أن يبحث الشخص في داخله عن جوانب القوة ويجتهد في تنميتها وجوانب الضعف ويقوم بمعالجتها.
- أيضا البحث عن أساليب تعزيز الثقة بالنفس سواء بقراءة كتب تساعد على تحسين الثقة بالنفس أو من خلال ترديد كلمات تبعث الثقة بالنفس.
- يضع المرء المسلم هدف في حياته يسعى لتحقيقه بكل جَدّ واجتهاد، حتى وإن لم يُوفق فيه عليه أن يثق بأن هناك مرات قادمة سوف ينجح في تحقيقه.
- ألَّا يضع تجارب الآخرين الفاشلة أمام عينه حتى لا ينشغل بالإحباطات والمعاناة التي حدثت ويترك نفسه فريسة للضعف وقلة الحيلة التي تؤثر على الثقة بالنفس.
- ينبغي مصاحبة أشخاص لديهم قدر كبير من الثقة بالنفس في تحقيق طموحاتهم، حيث أن قصص نجاح الآخرين تزيد من ثقة المرء بنفسه وتكون مُلهمة في أن يحقق هو الآخر هدفه.
ومن هنا يمكنكم التعرف على: ما هي أخلاق الإسلام
منهج النبوة في تعزيز الثقة بالنفس
إن الحديث عن الثقة بالنفس في الإسلام لا يكتمل دون أن نتطرق إلى منهج النبوة في دعم الثقة وتعزيزها في نفس المسلم.
فهناك العديد من العوامل التي تؤثر على ثقة الشخص بنفسه يمكن أن نستلهمها من السنة النبوية المطهرة نذكر منها الآتي:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي زر رضي الله عنه حين عيَّر رجلًا بأمه: “إنَّك امرؤ فيك جاهلية”.
- أي أن فيك خصلة من الجاهلية ذميمة لا تصح، فذلك أذى يؤثر على نفس المرء عندما يقوم بمعايرة أخيه المسلم بشيء مما يقلل الثقة بنفسه.
- حثّنا الرسول صلى الله عليه وسلم على فهم طاقاتنا وتوظيفها بالشكل الصحيح واللائق، والذي يفيد في دعم الثقة بالنفس من أجل التوصل إلى تحقيق الأهداف المرجوة.
- القيام بمدح النفس ولكن بضوابط دون كِبر وغرور، فجاء في قوله تعالى: “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذَينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ الله يُزَكَّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُون فَتِيلًا”.
- أي أن تزكية النفس منهي عنها لأنها رياء وعُجب عدا أن يتحدث المرء عن نعم الله عليه.
- أيضا من المنهج النبوي في دعم الثقة بالنفس النهي عن تحقيرها وتوبيخها، فجاء في حديث رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
- “لا يقولن أحدكم خبثت نفسي، ولكن ليقل: لقست نفسي، أي غثت أو ضاقت”، ففي هذا نهي عن أن يقوم الشخص بتحقير ذاته والتقليل منها.
واقرأ أيضا في هذا الموضوع: إيجابية عبارات التفاؤل والثقة بالله
حكم الثقة بالنفس في الإسلام
- الثقة في النفس والشعور بالرضا عن الذات أمر يحث عليه الشرع ولا يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي، كما أن هذا الفعل يعتبر حسن الظن العبد بربه وهو ما يدعو إليه الدين الإسلامي والرسول صلى الله عليه وسلم.
- وقد حثنا الشرع على الانخراط في الحياة وتفريغ الطاقة التي بداخلها في تعميل الأرض بكل رضا وشجاعة وبالتوكل على الله تعالى، كما يجب أن يكون قرار الإنسان من أم رأسه؛ فلا يغيره آراء البعض وتصرفاتهم.
دليل على الثقة بالنفس
- روى أبو هرير رضي الله عنه عن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أنه قال: (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ).
- فيجب أن يصق العبد بكل شيء وفره له الله عز وجل كإمكانيات لإعمار الأرض، وهذه الثقة لا يوجد تعارض بينها وبين الدين الإسلامي.