قصة قوم عاد وكيف كان هلاكهم؟
“عاد” هم قوم سكنوا شبه الجزيرة العربية، وبالتحديد كانوا يقطنون بالأحقاف “أي الرمال المرتفعة”، وأرسل الله إليهم نبيه “هود” ليدعوهم لعبادة الله وحده ولكنهم استنكروا هذه الدعوة ورفضوها فأرسل الله عليهم عذابه ولم ينجُ منهم إلا هود ومن آمن معه، وفي هذا الموضوع سوف نقوم بسرد تفاصيل عديدة عن قوم عاد وكيف كان هلاكهم.
محتويات المقال
قوم عاد ونبي الله هود
كان لقوم عاد قوة بدنية كبيرة، وكانوا يمتازون أيضًا بطول قاماتهم، وزادهم الله من الخير والأموال والرزق حتى تكبروا وتجبروا في الأرض حيث ذكر بعض المؤرخين أنهم أول من عبدوا الأصنام بعد الطوفان الذي أصاب قوم سيدنا نوح “عليه السلام”، فأرسل الله إليهم نبيه هود ليدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر، وقال الله تعالى :” وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُون “.
ولكن قوم عاد اتهموا سيدنا هود بالكذب والسفه والجنون،ولكن بالرغم من تكذيب قوم عاد لسيدنا هود فقد استمر في دعوتهم إلى عبادة الله وحده وكانوا يقابلون هذه الدعوة بالرفض والاستنكار بحجة أنه لم يأتِ لهم بآية أو برهان أو معجزة تدل على نبوته ورسالته وأنهم لن يتركوا عبادة الأصنام، وقالوا أن دعوته تأذي آلهتهم لأنه يدعو إلى عبادة غيرهم، وأنه إذا أراد منهم أن يصدقوه فليأت إليهم ببرهان أو معجزة تثبت نبوته ورسالته.
قال الله تعالى :” قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ” صدق الله العظيم.
ازداد قوم عاد في تكبرهم وطغيانهم وكذبوا بآيات الله وبطشوا وتجبروا في الأرض، وأنكروا نعم الله عليهم وغرتهم قوة بنيانهم وأجسادهم.
قال الله تعالى :” فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ”.
ظل سيدنا هود يدعو قوم عاد إلى عبادة الله وترك عبادة الأصنام لسنوات عديدة، وما زادتهم تلك الدعوة إلا كفراً وطغياناً، فقال لهم سيدنا هود أنهم قد حل عليهم غضب الله بكفرهم به وعبادتهم لآلهةٍ أصنام لا تنفع ولا تضر فقد صنعوها ونحتوها بأيديهم وأسموها بأنفسهم، وحذرهم أن عذاب الله سيحل عليهم.
قال الله تعالى:” قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ “. صدق الله العظيم.
وسيعرفون وقتها أن دعوته هي الحق وأن الله هو الإله الواحد الأحد، وتبرأ منهم ومن أفعالهم وبطشهم وكفرهم بالله وإشراكهم به، ودعا الله أن ينصره عليهم ويظهر الحق، وقال الله تعالى:” قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ” صدق الله العظيم
شاهد أيضًا: قصة قوم يأجوج ومأجوج كاملة
كيف هلك قوم عاد
أوحى الله إلى سيدنا هود أنه قد استجاب لدعائه، وأنه سينزل العذاب بقوم عاد حتى يصبحوا كزبد البحر لا قيمة لهم.
قال الله تعالى:” فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ” صدق الله العظيم.
كان عذاب قوم عاد بالريح كما أخبرنا القرآن الكريم، حيث أمسك الله عز وجل عنهم المطر حتى أصبحت أرضهم جرداء جدباء، فهرعوا إلى آلهتهم يدعونهم من دون الله أن ينزلوا عليهم المطر وانتظروا الاستجابة، فأرسل الله عز وجل إليهم سحابة، فلما رأوها تقترب منهم ظنوا أنها المطر، وأن آلهتهم قد استجابت لهم وفرحوا واستبشروا كما جاء على لسانهم في القرآن الكريم:” فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا”.
ولكنها لم تكن سحابة ممطرة كما توقعوها وإنما هي عذاب الله قادم إليهم في صورة سحابة ممطرة.
قال الله تعالى:” فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ “. صدق الله العظيم
استمرت هذه الريح سبع ليالٍ وثمانية أيام لا تنقطع لحظة واحدة، وكانت ريحاً جافة عقيمة لا تحمل مطراً ولا تلقح زرعًا، باردة كالثلج جافة كالصحراء، وكان لها صوتًا مُخيفًا ومرعبًا، وصفها الله عز وجل في كتابه الكريم فقال :” تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا “، وقال عز وجل :” مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ “، فلقد خلفت هذه الريح خرابًا ودمارًا كبيرًا في أرض قوم عاد، حيث أهلكت الزرع والنسل وبادت جميع أشكال الحياة، فكانت تحمل الرجل في الهواء وتطرحه أرضًا حتى تفصل رأسه عن جسده.
قال الله تعالى:” فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ “، فلم يبقَ من قوم عاد أحد، فلقد أُبيدوا جميعًا وأصبحت منازلهم فارغة خاوية، ولقد عذبهم الله سبحانه وتعالى في الدنيا بالريح وتوعدهم بعذاب أليم في الآخرة.
قال الله عز وجل:” وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ “. صدق الله العظيم
شاهد أيضًا: قصة العذاب الذي وقع على قوم ثمود كاملة
الدروس المستفادة من قصة قوم عاد
· اللجوء إلى الله
اللجوء إلى الله عز وجل والتوكل عليه في جميع الأمور كما فعل سيدنا هود ” عليه السلام “، فلم تكن له طاقة أو قدرة على قوم عاد فقد كانوا أقوياء متجبرين في الأرض، فدعى الله عز وجل أن ينصره عليهم ويظهر الحق ويزهق الباطل.
الله لا يمهل الظالمين
إن الله عز وجل يُمهل الظالمين ولا يهملهم ويجعلهم يتمادون في ظلمهم، فيستدرجهم بذلك الظلم إلى هلاكهم ونهايتهم.
حكمة الله عز وجل
عندما يتأخر الله عز وجل في الاستجابة للدعاء لا يكون ذلك إلا لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى وحده، فربما يدعو الانسان لنفسه دعوة فيها شر له وهو لا يعلم.
الصبر
على نصر الله مهما طال وقت انتظاره، فاليسر لا يأتي إلا بعد العسر، والله تعالى يحب أن يتقرب إليه عباده المؤمنين بالدعاء واللجوء إليه في أزماتهم وأوقاتهم العصيبة، ويشكرونه ويحمدونه على نعمه وأفضاله وجميل عطائه، وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم:” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ “. صدق الله العظيم
شاهد أيضًا: معلومات عن قوم لوط
الاستغفار والتوبة
الاستغفار والتوبة إلى الله عز وجل من أهم الأسباب للحصول على الرزق الوفير والراحة والأمان، كما جاء في القرآن الكريم على لسان سيدنا هود “عليه السلام” مخاطباً قوم عاد :” وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ “. صدق الله العظيم
وكما جاء أيضًا في سورة نوح مخاطباً قومه:” فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا؛ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا؛ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا “. صدق الله العظيم
وفي نهاية الموضوع وبعد أن تعرفنا على قصة قوم عاد وكيف كان هلاكهم واستعرضنا الدروس المستفادة منها، عليكم فقط مشاركة هذا الموضوع في جميع وسائل التواصل الاجتماعي.