قصة فتح مكة
قصة فتح مكة من القصص العظيمة المليئة بالعبر والفرح للمسلمين؛ فهو نصرٌ عظيم، كان كرم من الله لنبيه، وللمسلمين، فقد تحررت مكة من الشرك بهذا الفتح، كما بيّن ضعف قريش و أزال الخوف من قلوب الناس تجاه قريش، فقد أعز الله به هذا الدين، وكان هذا الفتح سببًا لدخول الكثير في الإسلام.
محتويات المقال
قصة فتح مكة
ظل الرسول صلى الله عليه وسلم على نحو ثلاثة عشر عامًا ينشر دعوة الإسلام، ولم يؤمن به إلا القليل.
وتحمل صلى الله عليه وسلم الكثير من الابتلاءات في سبيل نصرة هذا الدين، واضطهاده الكفار وسببوا له الأذى ومن معه، حتى أذن لهم الله عز وجل بالهجرة.
وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم دولة تقوم على مبادئ الإسلام، وكان يخوض معارك كثيرة؛ بسبب عداوة قريش له.
حتى جاء صلح الحديبية، وكان ذلك في العام السادس من الهجرة.
وكان ينص هذا الصلح على أن تكون بينهما هدنة مدتها عشر سنوات، وإعطاء الحرية للقبائل أن تكون في حلف من تشاء، اختارت قبيلة خزاعة أن تكون في حلف الرسول صلى الله عليه وسلم.
أمّا قبيلة بكر فاختارت أن تكون في حلف قريش.
ولهذا حرضت قريش قبيلة بكر على قبيلة خزاعة، وشاركتهم في قتل رجال من خزاعة، وبهذا فهي نقضت عهدها مع النبي صلى الله عليه وسلم.
فأنشد عمر بن سالم الخزاعي شعرًا للنبي صلى الله عليه وسلم يشرح فيه خيانة قريش للعهد ونقض صلح الحديبية.
فقرر النبي صلى الله عليه وسلم محاربة قريش في السنة الثامنة من الهجرة، وقد بلغ جيش المسلمين نحو عشرة آلاف مقاتل، واستطاع النبي فتح مكة.
شاهد أيضا: قصة سليمان والهدهد للأطفال
كيف قسم النبي صلى الله عليه وسلم جيشه لفتح مكة
قام صلى الله عليه وسلم بتقسيم الجيش إلى أربعة فرق سنذكرها تاليًا:
- الفرقة الأولى، والتي كان قائدها هو خالد بن الوليد، وكانت من أقوى الفرق، حيث تم اختيارها لتدخل من جنوب مكة.
- أمّا الفرقة الثانية كانت بقيادة الزبير بن العوام، وهي أيضا من الفرق التي تحمل جيش قوي، وكانت مهمتها الدخول من شمال مكة.
- كذلك الفرقة الثالثة كانت بقيادة أبي عبيدة الجراح، وكان جيشها من الرجال المشاة.
- أيضا الفرقة الرابعة قائدها هو سعد بن عبادة، كما تعرف بفرقة الأنصار، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مصاحب لهذه الفرقة.
سبب فتح مكة
السبب وراء ذلك زيادة نفوذ وقوة المسلمين بعد صلح الحديبية؛ الأمر الذي أدى بقريش إلى نقض عهدها.
وذلك عندما حرضت قبيلة بكر على قتل قبيلة خزاعة التي تحالفت مع النبي صلى الله عليه وسلم.
فذهب عمر بن سالم الخزاعي وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بنقض قريش للصلح.
وأرادت قريش تجدد العهد مع النبي صلى الله عليه وسلم بإرسال أبا سفيان له.
ولكن لم يستجيب لهم، وقام بالاستعداد لمهاجمتهم، وأمر بكتمان الخبر عن قريش.
من الذي أخبر قريش بفتح مكة؟
الذي أخبر قريش بأن النبي صلى الله عليه وسلم سيفتح مكة هو حاطب بن أبي بلتعة، فعن علي رضي الله قال: “بَعَثَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَا والزُّبَيْرَ، والمِقْدَادَ بنَ الأسْوَدِ، قَالَ: انْطَلِقُوا حتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فإنَّ بهَا ظَعِينَةً، ومعهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ منها.
فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بنَا خَيْلُنَا حتَّى انْتَهَيْنَا إلى الرَّوْضَةِ، فَإِذَا نَحْنُ بالظَّعِينَةِ، فَقُلْنَا أخْرِجِي الكِتَابَ، فَقَالَتْ: ما مَعِي مِن كِتَابٍ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فأخْرَجَتْهُ مِن عِقَاصِهَا.
فأتَيْنَا به رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَإِذَا فيه مِن حَاطِبِ بنِ أبِي بَلْتَعَةَ إلى أُنَاسٍ مِنَ المُشْرِكِينَ مِن أهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ ببَعْضِ أمْرِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا حَاطِبُ ما هذا؟
قَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، لا تَعْجَلْ عَلَيَّ إنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا في قُرَيْشٍ، ولَمْ أكُنْ مِن أنْفُسِهَا، وكانَ مَن معكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ لهمْ قَرَابَاتٌ بمَكَّةَ يَحْمُونَ بهَا أهْلِيهِمْ وأَمْوَالَهُمْ.
فأحْبَبْت إذْ فَاتَنِي ذلكَ مِنَ النَّسَبِ فيهم، أنْ أتَّخِذَ عِنْدَهمْ يَدًا يَحْمونَ بهَا قَرَابَتِي.
وما فَعَلْت كفْرًا ولَا ارْتِدَادًا، ولَا رِضًا بالكفْرِ بَعْدَ الإسْلَامِ، فَقَالَ رَسول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلَّمَ: لقَدْ صَدَقَكمْ، كما قَالَ عمَر: يا رَسولَ اللَّهِ دَعْنِي أضْرِبْ عنقَ هذا المنَافِقِ.
قَالَ: إنَّه قدْ شَهِدَ بَدْرًا، وما يدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أنْ يَكونَ قَدِ اطَّلَعَ علَى أهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلوا ما شِئْتمْ فقَدْ غَفَرْت لَكمْ”.
أسباب قلة القتلى في فتح مكة
هناك ثلاثة أمور كانت سبب في قلة القتلى في يوم فتح مكة هي:
- سرية النبي في القدوم إلى مكة؛ مما أثار الرعب في قلوب أهل مكة.
- الأمر الذي أضعف عزيمتهم على القتال، فلم يقاتل منهم إلا القليل.
- حرمة مكان القتال وهو الحرم المكي؛ الأمر الذي جعل المسلمين حريصين على عدم القتال كلما أمكن لهم ذلك.
- فقد أمرهم الرسول بأن لا يقاتلوا إلا من قتلهم، فعن عَمْرِو بْنِ شعَيْبٍ.
- عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: “لَمَّا فتِحَتْ مَكَّة عَلَى رَسولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- قَالَ: كُفُّوا السِّلَاحَ، إِلَّا خُزَاعَةَ عَنْ بَنِي بَكْرٍ. فَأَذِنَ لَهُمْ، حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ.
- ثُمَّ قَالَ: كُفُّوا السِّلَاحَ، فَلَقِيَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ رَجُلًا مِنْ بَنِي بَكْرٍ، مِنْ غَدٍ.
- بِالْمزْدَلِفَةِ، فَقَتَلَه، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ، وَرَأَيْته وَهوَ مسْنِد ظَهْرَه إِلَى الْكَعْبَةِ.
- قَالَ: إِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللهِ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، أَوْ قَتَلَ بِذحولِ” رواه أحمد.
- رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم بالناس، فقد أعطى الأمان لهم.
- فعن أبي داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ :” مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سفْيَانَ فَهوَ آمِن.
- وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَه فَهوَ آمِن، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهوَ آمِن”.
- قَالَ: فَتَفَرَّقَ النَّاس إِلَى دورِهِمْ وَإِلَى الْمَسْجِدِ)، وحسنه الألباني في “صحيح سنن أبي داود”
اقرأ أيضا: قصة الأرنب والسلحفاة
فوائد فتح مكة
بعد أن سردنا أحداث قصة فتح مكة، سنتحدث عن بعض الفوائد التي جنيت جراء ذلك فيما يلي:
- طهارة مكة من الشرك، وتحطيم كل الأصنام التي كانت بها، وعلو كلمة التوحيد عليها.
- انهزام قريش ضعف من مكانته، وأصبح الناس لا يهابون الدخول في الإسلام.
- والذي كان يمنعهم عنه سيف قريش.
- فعن عمرو بن سلمة : “أن العرب كانت تَلَوَّمُ – تنتظر – بإسلامها الفتح.
- يقولون انظروا فإن ظهر عليهم فهو نبي صادق.
- فلما جاءتنا وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم “. رواه البخاري.
- أصبح المسلمون هم المشرفون على بيت الله وخدمته.
- فزاد ذلك من مكانتهم، وكان لهم شرفًا وعزة.
أهمية فتح مكة
- فرحة المسلمين بدخول بيت الله والطواف به بعد أن حرمهم المشركون من ذلك.
- زاد ذلك من إيمان المسلمين؛ لتحقق وعد الله لهم.
- فقد قال الله سبحانه وتعالى:{ لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسولَه الرّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخلنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّه آمِنِينَ محَلِّقِينَ رءوسَكمْ.
- وَمقَصِّرِينَ لَا تَخَافونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَموا فَجَعَلَ مِن دونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا } ( الفتح: 27).
- وقد أظهر فتح مكة موقف عظيم للنبي صلى الله عليه وسلم، فهو لم يفسد في الأرض بل عفا عنهم.
- فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لهم:” ما ترون أني فاعل بكم؟
- قالوا: خيراً، أخ كريم، وابن أخ كريم.
- فقال: أقول كما قال أخي يوسف: { قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } (يوسف:92)، اذهبوا فأنتم الطلقاء ) رواه البيهقي.
- كان سبب لدخول الكثير في دين الله.
- حيث قال الله تعالى:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}،(النصر: 1: 3).
شاهد من هنا: قصة اليسع عليه السلام للأطفال
وبهذا نكون قد وضحنا قصة فتح مكة، وسبب هذا الفتح، ورحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالمشركين، وكيف كانت فرحة المسلمين بهذا النصر الأعظم.
حيث أنه شرف لهم دخول الحرم المكي، وتجريده من الكفر والعصيان، وجعل كلمة الله هي العليا فيه، كما وضحنا فوائد فتح مكة.