قصة الأسد والثيران الثلاثة
قصة الأسد والثيران الثلاثة، في إحدى الأُمسيات الساهرة ومع هدوء الأجواء لحظة تربع القمر بأنواره اللؤلئية في كبد السماء، جاء الشيخ نعمان زائرًا لأسرة جحا، حيث بدأ حجا يُمتعهم بحكاياته وبدأ في قصة الأسد والثيران الثلاثة.
محتويات المقال
قصة الأسد والثيران الثلاثة
- بدأ حجا حكايته بصوته الهادئ ليعم الأجواء هدوءً ساحرًا فلم يكن يشجي الكون غير صوته البادئ حديثه في قصة الأسد والثيران الثلاثة.
- منذ المئات من السنين كان يعيش في الغابة أسد قوي باطش وكان يُسمى أبو فراس، وكان يعيش في نفس الغابة ثعلب ذكي ومخادع ويكنى بابن آوى.
- وفي نفس الغابة يعيش ثلاثة من الثيران أحدهم لونه أحمر والثاني أبيض والثالث لونه أسود.
اقرأ أيضا: قصة علاء الدين الحقيقية
أبي فراس وابن آوى
- وكان الأسد له رغبة في افتراس الثيران الثلاثة، لكنه لم يكن يستطيع أن ينقض عليهم وهم مجتمعون.
- فبث الأسد شكواه إلى وزيره الثعلب.
- وكان الثعلب ابن آوى ذكيًا جدًا وماكرًا، ولديه من الحِيل الكثير.
- غير أنه كان يعلم جيدًا طباع الحيوانات في الغابة.
- فرد الثعلب على الأسد قائلًا، سيدي الأسد إنك لن تستطيع أن تبلغ مرادك إلا إذا بدأ بينهم خلاف عظيم يفرق شملهم.
- فكر الأسد في حديث الثعلب جيدًا ورد عليه قائلًا، من المستحيل أن ينشأ بينهم خلاف لأنهم متحابين متعاطفين متآلفين.
- فرد الثعلب ابن آوى، يا سيدي لا بد من حيلة تجعلهم يتفرقون لتتمكن من افتراس كل ثور بمفرده، ولا يحاول صاحبيه أن يعترضان طريقك أو يدافعان عنه.
- لكن الأسد بدأ يسأل عن كيفية السبيل لهذه التفرقة.
- فطمأنه ابن آوى وطلب منه أن يترك له مهمة التفرقة بين الثيران الثلاثة.
- فقال له الأسد، لا أعرف كيف أشكرك أو بماذا أكافئك إذا تُوجت جهودك بالنجاح وظفرت أنا بالثيران الثلاثة.
خديعة الثعلب
- استغل الثعلب الفرصة ليستطيع تنفيذ الخطة التي قام بتدبيرها.
- فعندما رأى الثور ذو اللون الأبيض بعيدًا عن صاحبيه.
- ذهب إلى الثورين الأخرين مسرعًا، ألقى عليهم التحية والسلام وهو يبتسم إليهم.
- أخذ يقص على الثورين قصص طريفة عن أبو فراس الأسد، وأخبرهم بأن الأسد يشتاق لرؤيتهما ويود أن يأنس بلقائهما.
- فرح الثورين كثيرًا بشعور الأسد الجميل نحوهما، فقالا للثعلب، ونحن أكثر شوقًا إليه.
- فما الذي يمنع الأسد من الحضور هنا إلى مجلسنا.
- ونأنس به ونسلم عليه.
- قال لهما الثعلب، الذي يمنعه هو وجود ذلك الثور الأبيض معكما.
- تعجبا الثوران وبادرا بسؤاله متعجبين، تحدث يا أخي لماذا يكره الأسد صاحبنا الثور الأبيض وهو لا يختلف عنا في أي شيء.
- تظاهر الثعلب بالعجب ماذا تقولان، وهل هناك منطق تتحدثون به.
- ألم تعلما أن بقاء الثور الأبيض في هذه الغابة هو مصدر لكل نكبة وشر، وهو سبب كل الأذية المحيطة بنا والضُر.
- ازداد عجب الثوران مما سمعا في قصة الأسد والثيران الثلاثة، عن صاحبهما.
- وطلبا من الثعلب أن يفسر لهما تلك الألغاز التي يتحدث بها.
- واصل الثعلب حديثه وهو يشير إليهما، لوني ولونكما متقاربان مع لون الأسد.
- أما الثور الثالث فلونه يدل على أنه يبدو غريبًا عنا، كغرابته عنكما، فهل غاب هذا الثور عنكما من قبل.
- فاللون الأبيض يكشف الغابة ليلًا ونهارًا للأعين الناظرة، كما أنه يعرض الغابة للغارات من الصيادين.
- لكن اللون الأحمر والأسود لا يستطيع الصيادون رؤيته من بين الأشجار المتشابكة والكثيفة.
- تسلل الرعب والفزع إلى قلبي الثورين مما قاله الثعلب.
- وقد كانوا يحسبونه صادقًا في التحذير والنُصح.
- سألوا الثعلب متلهفين، بماذا تنصحنا أن نفعل.
- بدأ الثعلب ينبش بأظافره في الأرض قائلًا لهم، اتركوا أمره للأسد ليقضي في أمره ويخلصكما من شره وأذيته.
- ردا عليه الثوران قائلين، إذا فلك ما تريد أنت وصاحبك الأسد.
الثعلب مع الثور الأبيض
أولا
- بعد أن استطاع الثعلب خداع الثورين الأحمر والأسود في قصة الأسد والثيران الثلاثة، تركهم وذهب مُسرعًا لصاحبهم الأبيض ليتحدث معه.
- بدأه بالتحية والسلام ووجه لا يخلو من الابتسام.
- تعجب الثور الأبيض من هذه الزيارة، حيث تحدث معه الثعلب في شتى الأمور والشئون، حتى جعل الثور الأبيض يرتاح إلى الحديث معه ويأنس بصحبته.
- ولم يتركه الثعلب دون أن يتطرق في الحديث عن صاحبيه، وبدأ يحذره من الثقة إليهم، وأنه قد كشف من مكرهم وكيدهم ما يجعلهم غير مؤهلين للثقة.
- كان يشعر الثور بأن الثعلب يتحدث بالألغاز فلم يفهم ما يعنيه جيدًا.
- وقال للثعلب لا يمكن لي أن أصدق ما تقول فقد عشت معهما كثيرًا وهما أليفين ولم أعهد المكر أو الغدر فيهما، فلماذا يكون قولك هذا.
- فقال له الثعلب ابن آوى، لم يدفعني لهذا القول إلا محبتي لك، ولا أستطيع أن أخفي عنك ما قد عرفته من مكر صاحبيك.
- فمن حسن حظك أني كنت قريبًا منهما وسمعت حديثهما وما دار بينهما، دون أن يراني أحد منهما.
- ولقد أطلعت على ما يضمرانه لك من الشر، وعلى ما نويا على فعله لك من أذيةٍ وضُر.
- فاغتم الثور الأبيض، وأعتمت روحه وسأل الثعلب ما الذي قد عرفته من سرهما.
ثانيا
- تظاهر الثعلب بالتألم وقطب جبينه ثم قال للثور الأبيض، لقد سمعتهما يتحدثان عنك بمكر ولؤم وحقدٍ وغدر.
- وقد كان لهما حديثًا طويلًا في شأنك ولم أسمع منه غير القليل، وما سمعته كافٍ ليكون دلالة على الكيد الذي في قلبيهما نحوك.
- كذلك انخدع الثور بما سمعه من أقوال الثعلب، وصدق الحديث الخبيث الذي أخبره به.
- فطلب منه الثور الأبيض أن يحدثه بما سمع بأكمله وبمنتهى الصدق.
- انشرح الثعلب من نتيجة مكره وتدبيره في نفس الثور الأبيض وقال له، سمعت حديث الثور الأحمر لصاحبه الأسود قائلًا له، إن الثور الأبيض أكول كما تعرف.
- فهو يأكل وحده أضعاف ما نأكل نحن الاثنين، فإذا بقي معنا أكثر من ذلك.
- فسيأكل كل ما يوجد في الغابة من أطيب الثمار ولذائذ الأشجار.
- وسنبقي أنا وأنت جوعى نبحث عن أيُ شيء نأكله ولن نجد.
- فسائل الثور الأسود صاحبه الأحمر، ماذا علينا أن نصنع وكيف يمكن التخلص منه.
- هل عندك رأي يعالج هذه المشكلة.
- فأجابه الثور الأحمر، إن الحل سهلٌ ويسير نلتقي في صباح الغد عنده ونقوم بالهجوم عليه وهو نائم قبل أن يستيقظ.
- فنفترسه ونرتاح من شره، وتخلو لنا الغابة بما طاب منها ولذ، ولا يزاحمنا عليها من أحد.
- فراقت الفكرة للثور الأسود وحيا عليها صاحبه الثور الأحمر.
- صدق الثور الأبيض في صاحبيه هذه الوشاية الكاذبة، وشعر بالرعب الشديد، وظهر على وجهه الغضب.
- وسأل الثعلب المشورة، فأجابه قائلًا من حُسن الحظ أن سيدي الأسد معجب بأخلاقك الطيبة وصفاتك النبيلة.
- وقد حدثني كثيرًا عن حبه لك دونًا عن صاحبيك وشوقه الشديد لرؤيتك، ورغبته في أن يجتمع بك ويأنس بحديثك.
- وأنا أرى من الرأي ألا تعود لصاحبيك، بل اذهب لعرين الأسد واحتمي به منهما ومن أذاهما.
الفريسة الأولى
- بعدما نجح الثعلب في خداع الثلاثة في قصة الأسد والثيران الثلاثة، ذهب مُسرعًا إلى الأسد ليُخبره بكل ما دار من حديثٍ وحوار.
- انشرح الأسد من نجاح مكر وزيره، وقام بشكره على ذكائه وبراعته وحسن حيلته.
- جاء وقت الأصيل وهو الموعد المتفق عليه للقاء الثور والأسد كما حدده الثعلب.
- فذهب الثور لعرين الأسد وهو مطمئن، حتى يشكره على الحماية التي سيقدمها له ضد أخويه.
- عندما رأى الأسد الثور قابله بالترحاب والفرح بحضوره، وقد كان الأسد ينتظر هذه الفرصة الثمينة على أحر من الجمر، فلم يُضيعها.
- وقام بالوثب هاجمًا على الثور، دون مقاومة منه فقد كان مطمئنًا له ويعتقد أن هذه هي تحيته، فانقض عليه الأسد بقوة فقضى عليه والتهمة بشراسة.
كما يمكنكم التعرف على: قصة سيدنا يوسف للاطفال
مع الثور الأحمر
أولا
- مرت أيام قليلة على التهام الأسد للثور الأبيض، بعدها ذهب الثعلب إلى المكان الذي يكون فيه الثورين الآخرين.
- فتحين الفرصة عندما رأى الثور الأحمر بمفرده، فأقبل عليه بالتحية والأشواق والمزيد من العناق.
- ظلا يتحدثان ويتحاوران حتى زرع في قلب الثور الأحمر الثقة تجاهه.
- وبادره هامسًا وبصوت يكاد لا يسمع، هل أخبرك بما سمعته الأمس من العجب والذي لن يطاوعني قلبي على الكتمان، وأنت الصديق والأخ الكريم.
- فطلب منه الثور بتودد ورجاء أن يحدثه بما سمع.
- فتظاهر الثعلب بالحزن والخوف وقال له، أنني كنت حتى الأمس يتملكني الإعجاب بك أنت والثور الأسود.
- فكنت دائمًا أراكما في صفاء ومحبة.
- فكنتما خير مثال للوفاء والإخاء ولكن تبين لي أن ظني لم يكن صادقًا.
- امتلأ وجه الثور بالغضب بعد سماعه ذلك الكلام، وهو يظن أن الثعلب حدثه بالصدق.
- وأقسم الثور على الثعلب ألا يكتم عنه ما علم وما اطلع عليه من سر وخبر.
ثانيا
- حدثه الثعلب قائلًا له، إن من حسن الحظ أن التقيت بالثور الأسود منذ بضع ساعات، وقد حدثني بما يكنه في نفسه من مكر وغدر.
- فزاد خوف الثور وفزعه وضاق صدره من حديث الثعلب وسأله أن يفسر له أكثر.
- فطلب منه الثور أن يوضح له أكثر، فتردد الثعلب قبل أن يحدثه بتودد ويقول له، ما أقوله لك اليوم هو بسبب حبي الشديد لك.
- وقد دفعني إخلاصي لأن أفشي لك سر ما قد عرفت من أمر هذا المنافق الكبير الذي يظهر لك بلسانه عكس ما يخفيه في قلبه.
- عندما التقيت بصاحبك منذ عدة ساعات وسألته عنك، لم يجبني ومع تكراري السؤال يزداد امتناعه عن الجواب.
- فتعجبت من ذلك الصمت الذي يحيطه وقد بدأ الشك يسري في قلبي تجاهه.
- وعندما سألته لماذا يحقد عليك كل هذا الحقد، لم يعيرني اهتمام وتردد كثيرًا، فعلمت أنه يحمل في قلبه لك شرًا وينوي على أن يذيقك ضُرًا.
- وعند محاورتي ومداورتي له علمت أنه قد عزم على أن يتخلص منك، لتكون له الغابة بلا شريك ويرمح بها آنى يشاء.
- سألته وما هي الحيلة التي ستلجأ إليه، فأخبرني بأنه يوجد مكان لا يبعد عن الغابة قد سمع فيه صوت الكركدن أقوى حيوان في هذه الغابة.
- وأنه عازم على أن يذهب إليه في الصباح الباكر ويخبره بأنه سيسهل عليه الوصول إليك والظفر بك.
- حتى تخلو له الغابة، حينها غضب الثور الأحمر مما يسمع وسأل الثعلب المشورة.
- فأخبره الثعلب بأن الأسد يحبه ويحميه ويدافع كما أخبر الثور الأبيض من ذي قبل.
- فشكر الثور الأحمر الثعلب على صدق محبته وما أظهره له من الإخلاص.
الثعلب مع الثور الأسود
- ذهب الثعلب إلى الثور الأسود مسرعًا، وهو يتظاهر بالمودة، وبعد التحية والسلام ونقل الحديث والكلام، وتبادل الابتسام.
- وبعدما اطمأن إليه الثور، بادره بالسؤال عن الثور الأحمر وكيف يرى ما في قلبه تجاهه.
- فأخبره الثور واثقًا بعدما ارتسمت على ملامحه أمارات التعجب، إنه لمن بدائع الزمن أن أجتمع بمثله، فهو نعم الصديق وأوفي رفيق.
- لم يمهله الثعلب حتى يكمل حديثه فقاطعه قائلًا له وعلى وجهه ابتسامة إنك أطهر قلبًا وأكبر نفسًا وما رأيت طيلة حياتي مثلك.
- فمن واجبي تجاهك أن أخبرك ما خفي عليك وأُعلمك ما علمت من بواطن الأمر.
- فثار الثور في نفسه وطلب منه أن يخبره بما يعلم، فقال له الثعلب إنك أحسنت به الظن وإني قد كنت مع الثور منذ وقت بسيط.
- وعندما سألته عنك لم يجبني فتعجبت من سكوته وسألته متوددًا عما يجعل في قلبه كل ذلك الحقد.
- فلم يتردد في إخباري بما أثار في نفسي الخوف والفزع، ولأني أحبك سأخبرك بما نوى.
- فامتلأ قلب الثور الأسود بالغيظ وأقسم على الثعلب أن يعجل في إخباره ويستفيض في الحديث، وأنه قد ضاق ذرعًا من التلميح.
- فأخبره الثعلب بأن الثور الأحمر قد ضاق صدرًا بصحبتك لأنك أناني وتأكل كل ما تقع عليه عينيك وأخبرني بأنه اهتدى لطريقة تخلصه منك.
- حيث سيذهب في صباح الغد إلى الكركدن يغريه بقتلك، لتصفو له الغابة وحده بما فيها.
- فثار الثور الأسود وسأل الثعلب المشورة، فأخبره بأن يحتمي إلى الأسد وحدد له موعد مع الأسد في عرينه بعد ساعة واحدة.
في عرين الأسد
- كان الجميع يستمع بإمعان لما يقصه جحا في قصة الأسد والثيران الثلاثة، فأكمل الحديث قائلًا.
- كان الأسد ذو حظٍ عظيم فلم يكد يرى الثور الأسود حتى انقض عليه وافترسه، وبدأ يلتهم من لحمه ويتلذذ بمذاقه.
- وبعد هلاك الثورين الأبيض والأسود أصبح الثور الأحمر ضعيفًا مهزومًا لا يمكنه المقاومة بعدما نشأ بينهم الخلاف وتمكنت منهم الفُرقة.
- فذهب الأسد إليه وعندما رأى الثور الأحمر أظافر الأسد متجهة نحوه لتفترسه.
- علم بأنه أكل صاحبيه وصاح في الأسد باكيًا لقد أكلتني يوم أكلك للثور الأبيض، ولم يحاول أن يقاومه.
- ندمًا منه على تصديق وشاية الثعلب المخادع الذي استطاع بالحيلة أن يُفرق بينهم ويجعلهم فريسة سهلة للأسد.
كما يمكنكم الاطلاع على: قصة أليس في بلاد العجائب
وبذلك نكون قد انتهينا عبر موقع مقال maqall.net من تقديم قصة الأسد والثيران الثلاثة والثعلب المخادع ونتمنى لكم قراءة ممتعة ومفيدة.