تاريخ الفقه
تاريخ الفقه من أهم العلوم الإسلامية التي يجب الإلمام به، حيث أن فهم العقيدة وأحكامها، يساهم في إنشاء جيل مسلم قوي، عالم بأمور دينه ودنياه، والفقه يجمع بين الشريعة والأحكام وكافة المصادر التي جاء بها الإسلام، وأول مصدر من مصادر الفقه الإسلامي هو القرآن الكريم، فهو قديم منذ تاريخ البعثة النبوية.
محتويات المقال
تعريف الفقه
كلمة الفقه مأخوذة من المصدر (فَقَهَ)، وهي تعني العلم بالشيء، ولها 3 معاني لغوية، وهي كما يلي:
- الفهم مطلقًا: وذلك كما جاء في قوله تعالى: (قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ)، (سورة هود، الآية رقم 91)، ففي هذه الآية دلت كلمة نفقه على الفهم، أي إنهم لا يفقهون ولا يفهمون أي شيء على الإطلاق، وكذلك قوله تعالى: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ)، (سورة الإسراء، الآية رقم 44).
- الفهم الدقيق: وهو يعني الإدراك والمعرفة وذلك عندما يذكر لفظ فقه في آيات الذكر الحكيم.
- العلم بالشيء: فالعلم بالأمور والأشياء يجعل الإنسان فقيها بها، فإذا كنت ملم بالعلوم الشرعية على سبيل المثال وعلى إدراك وعلم بها فأنت بذلك فقهيًا.
أما عن تعريف الفقه في الاصطلاح: فالمقصود به العلم والإلمام بالأحكام الشرعية العميلة، التي يتم اكتسابها من الأدلة لتفصيلية الخاصة بها، والمقصود بالأحكام العملية هي كل ما يتعلق بأحكام وأفعال المكلفين سواء بالوجوب أو التحريم أو الإباحة، ويدخل فيها جميع أنواع وأحكام العبادات والمعاملات.
اقرأ أيضا: أنواع القياس في الفقه الإسلامي
تاريخ الفقه
أول مصدر من مصادر الفقه الإسلامي هو القرآن الكريم، الذي أنزله الله – سبحانه وتعالى – لهداية الناس، ومبينًا للأحكام الشرعية والقواعد الدينية، وتعتبر السنة النبوية هي ثان مصادر الفقه الإسلامي.
فقد جاءت السنة مؤكدة لكل ما جاء في القرآن الكريم، وموضحة للمبهم منه، ومفصلة للمجمل، كما إنه بيان وتوضيح لأي أحكام جديدة تطرأ على الأمة، فالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هما المصادر الأساسية للفقه الإسلامي.
وحتى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان المسلمون يأخذون أحكامهم من القرآن والسنة، وكان التابعين من الصحابة وتابعي التابعين، يقع على عاتقهم بيان هذه الأحكام لعامة المسلمين.
وعلى الرغم من أن علم الفقه لم يكن وليد العصر الحديث، فمنذ البعثة النبوية ونزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان ذلك بمثابة علما شرعيا وفقهيا بنزول القرآن الكريم، حيث إنه أول مصادر الفقه الإسلامي.
ولكن كان يتم دراسة الفقه بشكل عام ولم يتم إفراد مصنفات أو مجلدات له كعلم مستقل بذاته، ولكن كان يتم ذكر الفقه في الكتب الإسلامية، وكتب المذاهب المختلفة وغيرها الكثير.
وفي أوائل القرن الماضي زخرت المكتبة العربية بنوع جديد ولون مختلف من التأليف الفقهي، يقوم على دراسة تاريخ الفقه الإسلامي وكل ما يتعلق به سواء نشأته، أو أدواره، وكذلك المدارس المختلفة التي تبنت هذا النوع من العلم، وهو من العلوم المستحدثة التي ليس لها نظير عند المؤرخين.
تدوين الفقه
مع التوسعات إلى حدثت في رقعة الدولة الإسلامية بسبب الفتوحات في عهد التابعين وتابعي التابعين، ودخول الكثير من العجم وغير العرب في الإسلام، ظهرت العديد من المسائل الفقهية المستحدثة في العديد من الشئون الحياتية المختلفة.
فأصبح ميدان التشريع في اتساع مستمر، كما زادت الحاجة إلى الفقه وتدوين أحكامه وذلك في أواخر القرن الأول الهجري، وزاد تطورا ونضجًا في القرن الثاني الهجري حتى وصل إلى مرحلة الاكتمال بظهور بعض المذاهب الفقهية.
المذاهب الفقهية
ظهرت المذاهب الفقهية بعد اتساع الدولة الإسلامية ودخول الكثير في الإسلام، وظهور الكثير من المسائل المستحدثة، والتي كانت بحاجة إلى بيان شرعي في كافة أحكامها، وهما 4 مذاهب، كما يلي:
المذهب الحنفي
- وهو مذهب الأمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت، وهو أحد تابعي التابعين، ولد عام 50 هجريًا، وعاصر كل من الدولة الأموية والدولة العباسية، وهو من أئمة أهل الرأي.
- وكان يعتمد بشكل كلي في أصول مذهبه على كل من القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس، وكذلك الاستحسان بين أمر وآخر، توفى الأمام أبي حنيفة سنة 150 هجريًا.
المذهب المالكي
- صاحب هذا المذهب هو الأمام أنس بن مالك، وكان يلقب بأمام دار الهجرة وفقيه المدينة، واعتمد في أصول المذهب الخاص به على الكتاب، والسنة، والقياس، والإجماع، والاستحسان، وعمل أهل السنة، وسد الذرائع، ومن أهم مصنفات أنس بن مالك الموطأ.
المذهب الشافعي
- وصاحبه هو الأمام محمد بن إدريس الشافعي، ولد بغزة عام 150 هجريا وهو نفس العام الذي توفى فيه الإمام أبي حنيفة، رحل مع والدته إلى مكة من أجل العلم، ثم رحل إلى المدينة المنورة، وتلقى تعليمه على يد الأمام مالك، ويعتبر الأمام الشافعي أول من كتب في أصول الفقه، ومن أشهر مؤلفاته الرسالة.
المذهب الحنبلي
- صاحب هذا المذهب هو الأمام أحمد بن حنبل الشيباني، وهو واحد من أشهر علماء الفقه والعلماء المحدثين، وكان يتنقل مرتحلا بين البلدان من بغداد إلى الكوفة والبصرة ومن ثم الشام والكثير غيرهم لطلب العلم، وتلقى تعليمه على يد الأمام الشافعي عليهما رحمة الله.
كما أدعوك للتعرف على: مصادر القواعد الفقهية
نشأة علم تاريخ الفقه
أما عن تاريخ الفقه الإسلامي في المصادر العربية كعلم مستقل بذاته، فكان عام 1918م في كتاب (الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي)، لصاحبه محمد الحسن الحجوي الثعالبي، والذي تم نشره في بداية الأمر على صورة مقالات سنة 1918م، ثم تم تجميعه لعمل كتاب منه.
وتبعه مباشرة كتاب (تاريخ التشريع الإسلامي) للشيخ محمد الخضري، والذي تم إصداره عام 1920م.
وتوالت بعد ذلك الكثير من الكتب التي تتحدث عن الفقه الإسلامي مثل: (خلاصة تاريخ التشريع الإسلامي) للشيخ عبد الوهاب خلاف، والعديد من المحاضرات الفقهية في تاريخ الفقه الإسلامي والمنسوبة إلى محمد يوسف موسى، وكتاب (المدخل لدراسة الفقه الإسلامي) لصاحبه محمد مصطفى شلبي.
ثم توالت المؤلفات الكثيرة بين المعاصرين حتى صار الفقه الإسلامي أحد المواد الأساسية التي يتم تدريسها في المدارس والجامعات وكليات الشريعة والقانون، فزادت المؤلفات واستقرت الموضوعات والمناهج الفقهية.
بداية الفقه الإسلامي عند المستشرقون الغربيون
اهتم المستشرقون منذ وقت طويل بدراسة كل ما يتعلق بالفقه الإسلامي من نشأة وتطور، وتم تدوين العديد من الكتابات الكثيرة جدا في الفقه الإسلامي، كانت بمثابة اللبنة الأولى للتأسيس لهذا العلم:
- ومن أوائل المستشرقين الذين عنوا بالفقه الإسلامي المستشرق الألماني (إدوارد سخاو) في البحث الذي أصدره عام 1870م في فيينا تحت عنوان (أقدم تاريخ للفقه الإسلامي).
- وكذلك المستشرق جولد تسهير وهو من المجر حيث قام بتأليف ثلاثة بحوث وهي: أهل الظاهر، وبحث عن العقيدة والشريعة في الدين الإسلامي، وكذلك بحث آخر عن مادة فقه في دائرة المعارف والعلوم الإسلامية.
- وظهرت العديد من الكتب الأخرى في الفقه الإسلامي عند المستشرقين الغربيين ومنها كتاب (مخطط تاريخ تطور الشرع الإسلامي) للمستشرق ألويس شبرنجر.
- وكتاب (التطور المبكر للمحدمدية) لمارجليوث، ومحاضرات عديدة عن الفقه الإسلامي لجوزيف شاخت والتي نشرت عام 1935م في مجلة المشرق.
كما يمكنكم الاطلاع على: أهم كتب الفقه المالكي