كيف عالج الإسلام قضية الرق
الدين الإسلام جاء ليدعو للمساواة بين جميع البشر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم”، حيث قام الإسلام بحصر منابع الرق على أسر الحروب وأبناء العبيد.
بعد ذلك حث على تحرير العبيد تدريجياً حتى تم القضاء على الرق نهائياً، وذلك وفقاً لقوله تعالى (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ)، هكذا دعا الله تعالى إلى عتق وتحرير العبيد، وفي هذا المقال سنذكر كيف عالج الإسلام قضية الرق.
محتويات المقال
الرق
- انتشرت العبودية والرق قبل مجيء الإسلام، فكانت الدول في المعارك تستعبد الأسرى وتسترقهم، حينها لم يكن سائغاً أن يحرم الإسلام الرق والعبودية.
- بعد ذلك، جاء الإسلام بمنظومة من الأفعال، حيث قامت الدولة الإسلامية وأتباع الدولة الإسلامية بها بشكل منظم، وبفضل ذلك بدأت تتلاشى ظاهرة الرق.
- فلقد حث الإسلام على المساواة والعدل بين البشر جميعاً، لا يكون هناك تفاضل بين البشر إلا على أساس تقوى الله والخوف منه.
- لا يكون هناك تفاضل أبداً على أساس اللون أو الجنس أو العرق، كما قيل عن النبي صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس، ألا إن ربكم عز وجل واحد، ألا وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ألا لا فضل لأسود على أحمر إلا بالتقوى، ألا قد بلغت؟ قالوا: نعم، قال: ليبلغ الشاهد الغائب).
- من ثم جاءت الكَفارات التي شرع بها الله سبحانه وتعالى وجعل منها تحرير العبيد للتكفير عن الذنوب، وشرع عدة وسائل أخرى ليضمن القضاء على ظاهرة الرق تماماً.
اقرأ أيضا: كيف عالج الإسلام أزمة الفقر
كيف عالج الإسلام قضية الرق
- لم يمنع الإسلام الرق مرة واحدة، فقد قدم أكثر الحلول الإيجابية لعلاج هذه المشكلة ولضمان عدم حدوث أي زعزعه في هذا المجتمع، لأن الاعتماد الأساسي في هذه الفترة اقتصر على العبيد في كافة الأمور والشئون الحياتية لهم.
- حيث كانت بداية الأمر عن طريق نشر المفاهيم في المجتمع بالنهي عن قول لفظ عبدي أو أمتي، جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال رسول الله صلى الله علية وسلم “لا يقولن أحدكم عبدي أو أمتي، كلكم عبيد الله ونسائكم إماء الله، ولكن ليقول غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي”.
- كيف أصبحت هناك مساواة بين العبد والسيد، وكيف أصبحت بعد الإسلام أمراً عادياً، بسبب الدعوة إلى السواسية بين البشر جميعاً والتي كانت أمراً مرفوضاً بتاتاً من قبل، وكان ذلك بفضل التعاليم الدينية والأحاديث التي أكد عليها القران الكريم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
- وحثنا النبي الكريم فقال صلى الله علية وسلم “يا أيها الناس، ألا إن ربكم عز وجل واحد، ألا وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ألا لا فضل لأسود على أحمر إلا بالتقوى، ألا قد بلغت؟ قالوا: نعم، قال: ليبلغ الشاهد الغائب” (صححه الألباني بسندٍ صحيحٍ عن جابر بن عبد الله).
- ساوى الإسلام بين الحر والعبد في عقوبة القصاص والقتل إن كان ذلك ما فعله سيده، حيث قال الرسول صلى الله علية وسلم “من قتل عبدهُ قتلناه ومن جدّع عبدهُ جدعناه ومن أخصى عبدهُ أخصيناه”.
- وبذلك أوجد الإسلام للرقيق مكانة اجتماعية لم تعطيها لهم أي من الديانات الأخرى، حيث جرم من يقذف مملوكه إن كان بريئاً، فعن أبي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم “من قذف مملوكه بريئاً مما قال أقيم عليه الحد يوم القيامة؛ إلا أن يكون كما قال”.
تكفير الذنوب بعتق الرقاب
جعل الإسلام تكفير بعض الذنوب والإيمان بعتق الرقاب، حيث كان ذلك حلاً لقضية الرقيق وللحد منها، سنسرد فيما يلي تفصيل ذلك:
- جاء في الإسلام كفارة للمسلم الذي ظاهر زوجته بأن يعتق رقبة، كما قال الله تعالى: (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالو فتحرير رقبةً من قبل أن يتماسا).
- جاء في الإسلام كفارة من يقتل نفساً عن طريق الخطأ بأن يعتق رقبة، قال الله تعالى: (ومن قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبةٍ مؤمنةٍ).
- جاء في الإسلام إحدى كفارات اليمين أن يعتق صاحبها رقبة في سبيل الله، وورد ذلك في القرآن الكريم في قول الله تعالى: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ).
- ووضع الإسلام كفارة من وقع على زوجته في نهار رمضان أن يعتق رقبة لوجه الله، فذكر في حديث أن صاحبياً جاء لرسول الله يشكو له الذنب الذي وقع فيه في نهار رمضان وهو وطؤه لزوجته.
- فسأله النبي إن كان في مقدوره أن يعتق رقبة لكن الرجل كان لا يملك شيئاً فكافأه رسول الله بغير ذلك كفارةً لذنبه، ونستنتج من ذلك أن الحدث دلّ على أن هذا الذنب يُكفر عنه بعتق رقبةً إن وجدت.
كما يمكنكم التعرف على: كيف عالج الإسلام الآفات الصحية بالتفصيل
تضييق مصادر الاسترقاق
في إطار البحث عن كيف عالج الإسلام قضية الرق وجدنا أنه قد:
- حرم الإسلام جميع الوسائل التي تخرج بالرقيق عن الصفة الإنسانية، حيث حصر جميع منابع الرق وضيق مصادره، كما أوجد الطرق والوسائل التي تضيق الخناق على جميع مصادر ومنابع الرق حتى تنتهي تلك الظاهرة تماماً.
- البيع، كان من طرق الرق الشائعة قبل الإسلام، حيث كان يبيع الشخص صاحب الدين أحد أبناءه أو من يُعيل ليأخذ ثمنه عوضاً عن الدين الذي عجز عن سداد قيمته.
- المقامرة، كانت أحد طرق الرق أيضاً، حيث يُؤخذ الخاسر في لعب القمار هو أو أحد أبناءه ليكون عبداً ذليلاً للفائز.
- وكان هناك السطو والنهب واسترقاق واستعباد القوي للضعيف بقصد بيعهم في أسواق النخاسة، ومنها الغارات والحروب والمعارك.
- حرم الإسلام جميع الطرق السابقة وترك الاسترقاق القائم على الأسر في الغارات والحروب والمعارك، حيث جاء في الحديث القدسيّ: يقول الله تعالى: (ثلاثةٌ أنا خَصمُهم في القيامةِ ومَن كُنْتُ خَصمَه أخصِمُه:
- رجُلٌ أعطى بي ثمَّ غدَر ورجُلٌ باع عرا فأكَل ثمنَه ورجُلٌ استأجَر أجيرًا فاستوفى منه ولَمْ يُوفِّه أجرَه)، فكان السبيل الوحيد للرق هي المعارك والحروب والغارات.
حقوق العبيد في الإسلام
عند التعرف على كيف عالج الإسلام قضية الرق وجدنا أنه قد أوضح الإسلام حقوق العبيد، حيث ورد أنه:
- يجب على السيد المسلم المحافظة على حياة عبده، فليس من حقه أن يقتل عبده أو أن يقطع شيئاً من أعضائه.
- ليس من حق السيد إجبار عبده الكافر أن يُسلم، لأنه لا إكراه في الدين.
- لا يجوز للسيد أن يجبر عبده على طلاق أو يجوزه بمن لا يريدها.
- لا يجوز للسيد أن ينهى عبده عن طاعة الله أو أن يأمره بمعصية الله.
- لا يجوز للسيد أن يُحمل عبده أو أمته فوق طاقتهم بقيامهم بأعمال شاقة.
- إذا مرض العبد أو عجز عن العمل لسبب ما على سيده أن ينفق عليه، ويجب عليه أن ينفق على عبده الصغير، ويتحمل نفقات دفنه.
كما يمكنكم الاطلاع على: العبودية في الإسلام وأنواعها